استنتاجات الموجز:
المنظومة الأمنية تفشل في بسط الأمن في البلاد ... عصابات نهب واشتباكات مسلحة في العاصمة تنذر بوضع أمني كارثي
مطالبات بحل لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام "المثيرة للجدل" بعد تكرر الانتقادات وشبهات الفساد
ارتفاع تدريجي لسعر الصرف وحزمة إجراءات اقتصادية تنفذها الحكومة لوقف التضخم لكن دون جدوى
اندلعت في الخرطوم، الأربعاء، اشتباكات بين قوات حكومية وحركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام، ما أسفر عن إصابة عنصريْن تابعين للحركات المسلحة. وهذه أول حادثة اشتباك تشهدها الخرطوم بين قوات حكومية ومنتسبي الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2020. وفي وقت لاحق، أعلنت الشرطة السودانية في بيان أن قوة مشتركة تحركت لإخلاء مجمع سكني، من أفراد ينتمون للتك لحركات، حيث تعرضت القوة لإطلاق نار بكثافة من داخل المجمع. وأضاف البيان أن القوة المشتركة استطاعت السيطرة على الموقف وإخلاء المجمع، ونتج عن ذلك إصابة فردين من أفراد الحركات المسلحة بإصابات متفاوتة، دون تحديد درجة الإصابة أو الجهة التي يتبعان لها.
بدورها، أقرت وزارة الداخلية خطة أمنية لمواجهة حالات الانفلات المتزايدة في العديد من أحياء العاصمة، فيما عقَدَتْ رئاسة الشرطة اجتماعًا استثنائيًا لهيئة القيادة، بحضور رؤساء الهيئات ومديرو الإدارات العامة والمتخصصة، إضافةً لوزير الداخلية ومدير عام قوات الشرطة ونائبه، لمناقشة الأوضاع الأمنية والجنائية بالبلاد. واستعرض الاجتماع "الخطة الأمنية لتطهير العاصمة من كل أوجه الانفلات الأمني ومظاهره، والتي بدأت تثير الرهبة والخوف في نفوس المواطنين وتشكل تهديدًا أمنيًا".
يذكر أنه تفشت خلال الأسابيع الأخيرة اعتداءات عنيفة تمارسها عصابات تستخدم أسلحة بيضاء، في مواجهة مواطنين بالطرقات العامة وتطال في أحيان كثيرة أحياء طرفية بالخرطوم، تنامت على إثرها دعوات وسط المواطنين لاقتناء أسلحة لحماية الأنفس والممتلكات، فيما تعالت الأصوات الناقدة لغياب الشرطة المناط بها حفظ الأمن. وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقاطع فيديو، تظهر تشكيلًا عصابيًا يهاجمون المارة والسيارات بغرض النهب، ما اضطر مواطنين لإطلاق النار على عناصرها التي تسلحت بالأسلحة البيضاء.
في شأن أمني آخر، قالت وزارة الداخلية إن شحنة الأسلحة التي وصلت على متن الخطوط الجوية الإثيوبية ليس بها مخالفة قانونية، ودخلت بموجب تصديق رسمي وإنه يجري تخليصها لتسليمها إلى صاحبها. هذا، فيما أثارت لجنة التفكيك وإزالة التمكين جدلًا كبيرًا بإعلانها ضبط شحنة أسلحة على متن الخطوط الإثيوبية، وشكّكت في أنها تتبع الأمن الشعبي، ويترافق إدخالها مع حالة الانفلات الأمني التي تشهدها مناطق واسعة في الخرطوم.
واتضح لاحقًا أن الشحنة تخص أحد تجار الأسلحة المعروفين ولديه رخصة سارية المفعول صادرة من الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية، وأن الخطوط الإثيوبية كانت تحتجزها منذ عام 2019، ما حدا بصاحبها لتحريك إجراءات قانونية في مواجهة الشركة الإثيوبية الناقلة. من جانبها، اعترضت لاحقًا نيابة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة على قرار سلطات الجمارك بالإفراج عن الشحنة وتسليمها لصاحبها.
في السياق، تثير "لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام السابق"، التي تعنى بإزالة الواجهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للنظام السابق، جدلًا كبيرًا لكونها متهمة بالجمع بين سلطات النيابة والقضاء، وتتحرك من منطلقات سياسية طبقًا لاعتراف قادتها. وعاد الجدل بشأن اللجنة بعد تسريبات كشفت عنها المخابرات العامة، تتعلق بتورط موظفين وضباط شرطة منتدبين للعمل باللجنة في شبهات ابتزاز وفساد، وهي شبهات تقرّ اللجنة ببعضها وتعزو بعضها الآخر إلى حملات عدائية.
وبناءً على تهم الولاء للنظام السابق، استردّت اللجنة منذ تشكيلها في كانون الأول/ ديسمبر 2019، عشرات الشركات والعقارات، وفصلت الآلاف من موظفي الدولة. من جهته، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي وزعيم "حركة العدل والمساواة السودانية"، جبريل إبراهيم، إن جمع سلطات النيابة والشرطة والقضاء والاستئناف والأمن في يد لجنة التفكيك "سلطة مطلقة تقود إلى فساد مطلق". وأكد أن "إبراهيم" الطريقة التي تعمل بها اللجنة "مدعاة للفساد"، كما أن قانونها غير موفق في حكومة جاءت عبر ثورة ترفع شعار العدالة.
في شأن غير ذي صلة، ركزت جلسة طارئة لمجلس الأمن والدفاع على قضايا النزاعات الحدودية واستضافة مجموعة من الأفغان بالبلاد لفترة معلومة، واطمأن المجلس على الوثائق والخطط المعتمدة والداعمة لخارطة السودان السياسية، والتي تؤكد سلامة الموقف القانوني من النزاعات. يذكر أن للسودان نزاعًا حدوديًا مع مصر حول مثلث حلايب على شاطئ البحر الأحمر، فضلا عن خلاف حدودي مع إثيوبيا حول أراضي الفشقة التي استعاد الجيش السوداني حوالي 90% منها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وأكد وزير الدفاع أن المجلس استمع أيضًا إلى تنوير حول الأنشطة الضارة في الحدود الشمالية الغربية مع ليبيا فى منطقة المثلث، من تجارة للمخدرات والبشر وتهريب السلع والسيارات والأسلحة بجانب الهجرة غير الشرعية. وأضاف الوزير أن المجلس ناقش موضوع استضافة مجموعة محدودة من الجنسيات الأفغانية لفترة معلومة، مستعرضًا كافة الجوانب المتعلقة باستضافتهم.
في الملف المائي، سجلت المناسيب الحرجة لنهر النيل في كل من الخرطوم وشندي انخفاضًا طفيفًا، مع توقعات بتوالي انخفاض المناسيب حتى الخميس القادم، بينما لا يزال نهر الدندر يتجاوز منسوب الفيضان. وطبقًا للبيان اليومي للجنة الفيضان التابعة لوزارة الري والموارد المائية، فإن المناسيب الحرجة للنيل بالخرطوم سجلت 17.18 مترًا وهو أقل من أعلى منسوب سجل العام الماضي "17.66 متر" بـ48 سنتمتر.
وتشغل زارة الري السدود كمصدات فيضانات في محاولة لتجنب فيضانات مدمرة، خلال ذروة فيضان للنيل متوقعة في أيلول/ سبتمبر الحالي كما حدث العام الماضي. وأكدت اللجنة استقرار مستوى المياه في جميع القطاعات، لكنها حذّرت المواطنين على كل ضفاف نهر النيل ودعتهم لأخذ الاحتياطات اللازمة. في سياق متصل، قطعت السيول الطريق القومي الرابط بين الخرطوم وبورتسودان حيث موانئ البلاد على البحر الأحمر، وذلك ما بين مدينتي عطبرة وهيا.
على الصعيد السياسي، حظى حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، باستقبال جماهيري حاشد في أول زيارة له إلى ولاية جنوب دارفور بعد تسلمه مهام منصبه رسميًا، حيث تعهد بالبدء في تنفيذ حزمة من الأولويات خلال المرحلة المقبلة. وأكد "مناوي" خلال مخاطبه اللقاء الجماهيري أن أولويات حكومة الإقليم تتمثل في تنفيذ اتفاق السلام، خاصةً البروتوكول الإنساني المتعلق بعودة النازحين واللاجئين وتغطية احتياجاتهم، بجانب الملف الأمني الذي يأتي في المرتبة الثانية، علاوةً على جمع السلاح.
في هذا السياق، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، إن الوضع الهش في دارفور يتطلب نشر القوات المشتركة بأسرع وقت، معلنًا تفعيل لجنة وقف إطلاق النار الدائم، بينما تقول الحكومة إنها تعتزم نشر قوة عسكرية لحماية المدنيين في الإقليم، تُشكَّل من القوات النظامية ومقاتلي تنظيمات الجبهة الثورية بعد إعادة دمجهم في الجيش، لكن الخطوة تواجه حزمة من العثرات. يذكر أن بعض مناطق دارفور شهدت مؤخرًا أعمال عنف قبلي، فيما قُتل طالب خلال احتجاجات تطورت إلى حرق مقار حكومية بزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور.
في سياق متصل، بدأت عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية لدمج مقاتلي الحركة الشعبية-شمال بقيادة "مالك عقار" في الجيش السوداني، وتسريح من لا يستوفي شروط الدمج. ووقعت الحركة ضمن تنظيمات الجبهة الثورية في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2020 اتفاق سلام مع حكومة السودان، وهو اتفاق يضم بنودًا عديدة منها مشاركة قادة الشعبية في السُّلطة.
عسكريًا، أنهى رئيس هيئة أركان الجيش محادثات مع رئيس أركان القوات المسلحة القطرية في الدوحة الأسبوع الماضي، جرى خلالها بحث تعزيز العلاقات الثنائية بين الجيشين، فيما قالت تقارير صحفية إن الجيشين السوداني والقطري سيجريان تدريبات عسكرية مشتركة قريبًا.
داخليًا، أصدر رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قرارًا بتحديد مطلوبات تنفيذ التعداد السكان والمساكن السادس والتعداد الزراعي الشامل 2021 – 2024. يشار إلى أن أجرى السودان آخر تعداد سكاني عام 2008، فيما لم ينفذ التعداد الذي كان مقررًا في 2018 لعدم توفر الموارد اللازمة.
طبيًا، وصلت أول دفعة من لقاحات فيروس "كورونا" اشترتها الحكومة السودانية بلغت 158 ألف جرعة من "جونسون آند جونسون". واشترت حكومة السودان اللقاح عبر تمويل تلقته من البنك الدولي للتصدي للجائحة بحوالي 100 مليون دولار، وتكفلت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" بإيصال الشحنات إلى السودان.
اقتصاديًا، أجرى السودان وغينيا محادثات حول تطوير حجم التبادل التجاري والتنموي بين البلدين، فيما قال وزير المالية، جبريل إبراهيم: "نحن الآن نمضي وفق استراتيجية قومية قامت على إصلاحات اقتصادية كبيرة وقوية تنحو تجاه تنمية واستقرار".
على الصعيد الاقتصادي الداخلي، كشف "حمدوك" أن حكومته أوقفت طباعة النقود منذ شباط/ فبراير الماضي، متوقعًا أن يسهم ذلك في خفض التضخم بنهاية العام الحالي. وفي أوائل العام الجاري قالت الحكومة إنها تعمل على خفض التضخم في حدود 95%، لكن معدل التغير السنوي للسلع والخدمات ظل في ازدياد مستمر. هذا، فيما سجل معدل التضخم في تموز/ يوليو الماضي رقمًا قياسيًا حيث بلغ 422%.
بدوره، أعلن "حمدوك" عن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية قريبًا، منها إنشاء البورصات كبورصة الذهب وبورصة الصمغ العربي والتي ستسهم في القضاء على التهريب. هذا، بينما بلغ سعر صرف الرسمي للدولار 447 جنيهًا للشراء و450 جنيهًا للبيع.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا