استنتاجات الموجز:
"دوائر الموت" تحبس أنفاس الأحزاب في المغرب وقانون انتخابي جديد لتحجيم "العدالة والتنمية" بزعم ضمان التعددية
ما زال الغموض يكتنف المشهد السياسي بتونس بعد تصريحات "سعيّد" و"الاعتداءات الأمنية" التي أحدثت زلزالًا بين الأوساط الحزبية
ترقبٌ جزائريٌ حذر لتنفيذ مخرجات الاجتماعات الدبلوماسية وسط مخاوف من عدم التزام دول الجوار و"لعمامرة" بجولة إقليمية لتدعيم هذا المسار
في ظل تغير لافت في القواعد الانتخابية عن محطتي 2015 (البلدية) و2016 (البرلمانية)، يستعد المغرب لإجراء انتخابات بعد إقرار نظام انتخابي جديد من شأنه أن يفرز خريطة سياسية وتحالفات جديدة. وعلى مدى أشهر، شهدت البلاد سجالًا وصل إلى ساحة المحكمة الدستورية لتدخل تعديلات الفصل 84 من القانون التنظيمي الانتخابي حيز التنفيذ، ويتم إلغاء العتبة المحددة بثلاثة في المائة، واعتماد قاسم انتخابي جديد في توزيع المقاعد يقوم على احتساب عدد المسجلين في القوائم الانتخابية، عوضًا عن المشاركين بالفعل في العملية الانتخابية.
وتعليقًا على "اعتماد قاسم انتخابي جديد"، رأى رئيس اللجنة الداخلية للبرلمان، هشام المهاجري، أنه يضمن "تحقق التعددية، وفرصة التنافس لجميع الأحزاب"، لافتًا إلى أن القاسم الانتخابي الأول "غير ديمقراطي، لأنه متغير ومتأثر بالعتبة والأصوات الملغاة". بالمقابل، اعتبر رئيس كتلة "العدالة والتنمية" في البرلمان، مصطفى الإبراهيمي، أن " القاسم الانتخابي الجديد يخالف مقتضيات الدستور ويؤدي إلى ‘بلقنة’ المشهد السياسي"، مؤكدًا أن التعديل "يخالف الاتفاقيات الدولية". هذا، بينما يمر الحزب بمرحلة من الضغوط الخارجية والداخلية، أثرت على حظوظه بتصدره المشهد السياسي بعد الخسائر التي أضرت به في الانتخابات التشريعية الجزئية، ولسياسته الحزبية الداخلية، وطريقة قيادته للائتلاف الحكومي.
ومع بدء العد التنازلي، تمر الدوائر الانتخابية بسباق وصل تصنيفها بـ"خانة دوائر الموت"، بالنظر إلى طبيعة المرشحين المتنافسين ورهانات قيادات الأحزاب، في حين أن ستة دوائر انتخابية من أصل 92 دائرة، والتي تشمل دائرة "الرباط المحيط"، و"دائرة العريش"، تشكل ساحة لـ"معركة سياسية"، حيث يعتمد المرشحون على ثقلهم السياسي بوصفهم أمناء عموم للأحزاب ووزراء سابقين وقيادات، لا سيما رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وأمين العام حزب "التقدم والاشتراكية"، محمد نبيل بن عبد الله. وفي الوقت الذي يسود فيه الترقب، يشير الواقع السياسي الذي يعززه وضع اقتصادي واجتماعي ضاغط، إلى استمرار الأسباب التي تحث الناخبين على العزوف عن المشاركة.
دبلوماسيًا، التقى وزير الخارجية، ناصر بوريطة، رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، في زيارة إلى الرباط لمناقشة الأوضاع الليبية. واعتبر "بوريطه" أن “الأزمة في ليبيا لن تُحل بالمؤتمرات والتدخلات الخارجية، بل من خلال الممارسات الانتخابية التي يتفق عليها الليبيون"، مشددًا على الحفاظ على مواعيد إجراء الانتخابات، ومضيفًا أن مسؤولية المجتمع الدولي إعادة الاستقرار إلى ليبيا.
أمنيًا، تعرض عدد من أعضاء ومناضلي حزب "العدالة والتنمية" للتعنيف والسرقة والتحرش خلال قيامهم بالحملة الانتخابية، فيما طالب الحزب السلطات الأمنية بفتح تحقيق في الهجوم.
في الشأن التونسي، تشهد البلاد حالةً من التوتر بسبب غموض المشهد السياسي وامتناع رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، عن تقديم خارطة طريق للمرحلة المقبلة؛ حيث أعلن الأخير أن "الحل يأتي من الدستور، ولا مجال للعودة إلى الوراء". وخلال الاحتفال بالذكرى الـ65 لإنشاء جهاز الحرس الوطني، تعهد "سعيّد" بالتصدي لما وصفها "محاولات تسلل" للأجهزة الأمنية لـ"خدمة مصالح جهات معينة"، مثنيًا على جهود الجهاز في محاربة الإرهاب. كما اتهم "سعيّد" البرلمان بالفساد، متحدثًا عن فضائح أخلاقية داخل الطبقة السياسية، إضافةً إلى ابتزاز رجال أعمال أجانب لمنحهم الجنسية التونسية مقابل 100 ألف دينار، بينما أثارت تصريحاته عاصفة من الجدل بين الأوساط السياسية.
في السياق، امتزج الغموض بالغضب بعد الاعتداءات الأمنية على صحفيين ونشطاء، خلال وقفة احتجاجية للمطالبة بكشف "حقيقة الاغتيالات السياسة عام 2013"، ما زاد من مخاوف الاعتداء على الحريات، حيث توالت الإدانات من نقابة الصحفيين والأحزاب. من جهته، طالب الاتحاد العام التونسي للشغل بـ"فتح تحقيق والكشف عن المتورّطين"، معتبرًا أنّ "التضييق على ممارسة الحقوق الأساسية والدستورية لا يمكن القبول به"، وجدد "تمسّكه بضرورة كشف الحقيقة بخصوص ملفّ الاغتيالات وتقديم المتورطين للمحاكمة".
في السياق أيضًا، بدا لافتًا حجم الخلافات التي تفجرت مؤخرًا؛ حيث أكدت "حركة النهضة” تحملها المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع إلى جانب الأطراف التي حكمت معهم، وذلك بحسب حجمها في المشاركة في الحكم وإدارة البلاد، مؤكدةً استعدادها للتقييم الموضوعي وإجراء مراجعات بما يحقق التجديد في الرؤية والبرامج وفتح الآفاق أمام الشباب لتطوير الحركة.
من ناحيته، اعتبر الأمين العام للاتحاد التونسي الشغل، نور الدين الطبوبي، أن "الاتحاد لن يتأسف على ما قبل 25 يوليو، لكنه لن يعطي صكًا على بياض لأيٍّ كان"، مضيفًا أن "مضامين بيانات الاتحاد السابقة واضحة، وأن الصراع في إطار رؤية داخلية لن يسمح بالتدخل الخارجي".
على الصعيد الدبلوماسي، التقى وزير الخارجية، عثمان الجرندي، سفير الولايات المتحدة بتونس، دونالد بلوم، حيث ناقش الطرفان حالة البلاد، فيما دافع الأول عن قرارات "سعيّد" الاستثنائية، ووضعها "في إطار الدستور وتصحيح المسار الديمقراطي وحفاظًا على ديمومة الدولة ومؤسساتها".
قضائيًا، لم تصدر المحكمة الإدارية قراراتها بشأن الطعون التي أثارها النواب ضد قرارات "سعيًد" بخصوص الحالة الاستثنائية لإبطالها، فيما يواصل النواب التوافد إلى مقر المحكمة، معتبرين أن القضاء هو الفيصل في احتكار "سعيّد" للسلطات وتجاوزه للصلاحيات.
جزائريًا، باشرت الحكومة العمل على التسوية لاسترجاع الأموال المنهوبة في حقبة "بوتفليقة"، عازمةً على مواصلة مكافحة الفساد، لاسيما من خلال "إصلاح قانون الوقاية من ومكافحة الفساد وتشديد عقوبته”. كما عززت الحكومة الجهاز لتسيير الأملاك المحجوزة، مع إدراج أحكام خاصة لتسيير الشركات محل المتابعات القضائية”، فيما سيتم “اعتماد تسوية تضمن استرداد الأملاك المختلسة”، و“مراجعة الإطار التشريعي بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".
إداريًا، أجرى رئيس الجمهورية،عبد المجيد تبون، حركة تغييرات في السلك الدبلوماسي، شملت تغيير 71 سفيرًا وقنصلًا، أبرزها تعيين رئيس الحكومة السابق، عبد العزيز جراد، سفيرًا لدى السويد، ورئيس البرلمان السابق، سليمان شنين، سفيرًا لدى ليبيا، ووزير العدل السابق، بلقاسم زغماتي، سفيرًا لدى التشيك، فيما يعد تعيين "جراد" و"شنين" أمرًا غير مسبوق في السياسة و"دحرجة سياسية".
في الشأن الدبلوماسي، بدأ وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، جولة أفريقية تشمل كلًا من النيجر وموريتانيا والكونغو ومصر، تستهدف حشد الدعم لإسناد مخرجات اجتماع الجزائر لدول جوار ليبيا، والسعي لضمان التأييد لإلغاء قرار منح "إسرائيل" صفة مراقب داخل منظمة الاتحاد الأفريقي، وترتيبات القمة العربية في الجزائر. ففي هذا الإطار، بدأ "لعمامرة" جولته من النيجر ملتقيًا رئيسها، محمد بازوم، لبحث مدى مساهمته في تنفيذ مخرجات اجتماع دول جوار ليبيا، وحثه على منع نشاط المرتزقة وشبكات تهريب السلاح، وتفعيل اللجان العسكرية والأمنية.
في خبر أمني، أعلنت السلطات اعتقال 27 ناشطًا من حركة "الماك"، ووجّهت لهم تهم الانتماء إلى منظمة إرهابية، والمساس بالوحدة الوطنية والإخلال بالنظام العام والتحريض على التجمهر، كما تمكنت من العثور على لواحق لألبسة عسكرية وأسلحة بيضاء وأختام مزورة ورايات للمنظمة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا