استنتاجات الموجز:
النظام يفرض سيطرته الأمنية والعسكرية على درعا وسط استسلام المعارضة ومخاوف من عمليات انتقام تُحضر لها قوات النظام
تصعيد قوات النظام وروسيا قصفهما على إدلب مؤشر واضح على استياء روسي من تركيا، ونيّة النظام وحلفائه التعامل عسكريًّا مع الملف الأكثر تعقيدًا شمال غرب سوريا
أخيرًا، تمكنت روسيا من فرض تسوية في "درعا البلد"، جنوب سوريا، توصلت إليها مع لجنة التفاوض الممثلة لأهالي درعا والنظام السوري، وضعت من خلالها حدًّا للعمليات العسكرية وجنبت درعا تصعيدًا عسكريًّا كبيرًا كانت قوات النظام السوري والمجموعات الإيرانية قد مهدا له بالحديد والنار، الأمر الذي أعاد الهدوء إلى أحياء درعا البلد، حيث يجري العمل على تنفيذ بنود الاتفاق، مع بدء تسليم السلاح الخفيف والمتوسط وتسوية أوضاع المطلوبين لقوات النظام.
وكان قد خيّم الهدوء على أحياء "درعا البلد" مع بدء انسحاب قوات النظام السوري من محيط المناطق المحاصرة، ونشر نقاطه الأمنية في درعا البلد، وتطبيق البند الأول من بنود اتفاق التسوية وخريطة الحلّ الروسيّة، الذي ينص على تسوية أوضاع مئات الشبّان المطلوبين للنظام في المنطقة مع عدم اعتقال أي شخص منهم، وإعفاء الأشخاص الذين خرجوا من "درعا البلد" إلى الشمال السوري مع سلاحهم، وسحب السلاح بشكل كامل من المجموعات، بما فيها المجموعات التي تعمل مع أجهزة الأمن التابعة للنظام وغيرها من القوات الرديفة، إضافة لنشر تسع نقاط عسكرية وأمنيّة ورفع علم النظام على جميع الأبنية الحكومية في أحياء درعا البلد والجامع العمري، ومنع التظاهرات والحراك المدني بشكل تام. وبرغم العمل على تطبيق الاتفاق في درعا البلد، إلّا أنّه لم يتم التعامل مع منطقتي طريق "السد" ومخيم اللاجئين الفلسطينيين، وهناك تخوف من منع النظام عودة من لا يملك سند تمليك كعقاب قد يفرضه على عائلات المخيم التي لم تقف معه.
وقُبيل البدء بتنفيذ الاتفاق شهدت درعا البلد والمنطقة المحاصرة قصفًا عنيفًا بمختلف أنواع الأسلحة من قبل قوات النظام والمجموعات الإيرانية، حيث حاولت قوات النظام التقدم باتجاه الأحياء المحاصرة، بالتزامن مع تمهيد ناري مكثف، تسبب بتدمير جزء كبير من أحياء درعا والجامع العمري، وسقوط جرحى من المدنيين، وسط تحليق متواصل لطيران الاستطلاع في سماء المنطقة. كما شهدت درعا عمليات أمنية واغتيالات عديدة كان أبرزها مقتل عدد من الشباب جراء استهدافهم من قبل عناصر المخابرات الجوية بريف درعا الأوسط، كما قُتل سبعة عناصر وأصيب ثلاثة آخرون من قوات النظام جراء استهداف سيارة عسكرية في بدرعا.
في غضون ذلك، وعلى غرار فرض التسوية بالقوة في درعا، يعمل فرع الأمن العسكري باستخبارات النظام على فرض تسوية أخرى بريف دمشق الغربي، حيث أصدر الفرع قرارات وتعليمات لأعضاء لجنة المصالحة، تقضي بفرض إجراء تسوية أمنية جديدة على أبناء بلدة "كناكر"، بعد شهرين على طرح مشروع التسوية في البلدة، التي تنص على إلزام المنشقين عن قوات النظام والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية، بمراجعة الفرقة الحزبية بالمنطقة، باستثناء الشبان الذين لديهم دعاوى قضائية فردية أو جنائية.
بموازاة ذلك، وبعدما فرغ النظام من الجنوب السوري وأنهى حالة التوتر والتصعيد العسكري، يبدو أنّ محافظة إدلب بشمال غرب سوريا ستكون ميدان صراع جديد، على إثر تصعيد قوات النظام والمقاتلات الروسية وتيرة قصفها على مناطق متفرقة بالمحافظة لاسيما بلدات ريف إدلب الجنوبي موقعة العديد من الضحايا المدنيين، ومتسببة بحركة نزوح كثيفة من المنطقة. بالمقابل، قصفت فصائل المعارضة السورية المسلحة مواقع لقوات النظام في معسكر "جورين" ومدينة "معرة النعمان" وناحية "سلمى" شمال غربي البلاد.
إلى ذلك، عزز الجيش التركي نقاطه وقواعده العسكرية المنتشرة جنوبي غرب إدلب، وشرق اللاذقية الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة"، وذلك عقب تزايد وتيرة الهجمات والتصعيد من قبل روسيا وقوات النظام واستهداف منطقة جبل الزاوية بشكلٍ مكثف، بالإضافة لاستهداف مدينتي إدلب وأريحا المأهولتين بالسكان.
من جهة أخرى، أوضح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره "الإسرائيلي"، يئير لابيد، أنّه يتوجب على تركيا استكمال تنفيذ الاتفاقات بين "أردوغان" و"بوتين" بشأن إدلب في ما يتعلق بفصل "الإرهابين". وأكد "لافروف" تمسك موسكو بضمان "أمن إسرائيل"، محذرًا من تحويل أراضي سوريا إلى "ساحة لتصفية الحسابات بين دول أخرى".
في خضم ذلك، اتجهت فصائل المعارضة السورية في شمال البلاد إلى عقد تحالفات جديدة، بعد فشل تجربة "الجيش الوطني السوري"، حيث تمّ الإعلان عن تجمع جديد تحت عنوان "الجبهة السورية للتحرير"، الذي يضمّ عدة فصائل من "الجيش الوطني السوري"، وهي: فرقة المعتصم، "فرقة الحمزة"، "الفرقة "20، لواء "صقور الشمال"، فرقة السلطان سليمان شاه. ويترأس التشكيل الجديد قائد "فرقة المعتصم"، معتصم عباس، ونائبه قائد "فرقة الحمزة"، سيف أبو بكر، وسينشط التشكيل الجديد المؤلف من 15 ألف مقاتل بريف حلب الشمالي.
في غضون ذلك، وبالتزامن مع قصف مدفعي من الجيش التركي على مواقع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في عفرين بريف حلب، وقعت اشتباكات عنيفة بين "الجيش الوطني السوري" المعارض، و"قسد" جراء محاولة تسلل عناصر "الأخير باتجاه مواقع "الجيش الوطني" بعفرين. وكان قصف من "قسد" قد تسبب بمقتل وجرح جنود من الجيش التركي في جرابلس شمالي حلب، حيث تشهد خطوط التماس بين الطرفين توترًا مستمرًا وقصفًا متبادلًا ومحاولات تسلل.
من جانب آخر، قال "المجلس الوطني الكردي" المعارض في بيان، إن هيئة الرئاسة في المجلس في سوريا عقدت اجتماعًا مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي، جوي هود، ومسؤولين عن الملف السوري، مُشيرًا إلى أنّ "هود" أكد على التزام واشنطن بالحل السياسي للأزمة السورية وفق القرار 2254 ودعم المفاوضات بين المجلس وأحزاب "الوحدة الوطنية الكردية"، والعمل على معالجة العقبات التي تقف أمامها. توازيًّا، زار وفد من دائرة الشؤون القنصلية والقانون المدني في السويد برئاسة السفير، فرديريك فلورن، مقر دائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" الكردية، حيث بحث الطرفان الوضع بشكل عام في سوريا وخاصة في شمال شرقي سوريا، إضافةً إلى مسار العملية السياسية، مؤكدين على ضرورة حل الأزمة السورية وفق القرارات الدولية وخاصة القرار 2254 بمشاركة كل مكونات الشعب السوري.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا