استنتاجات الموجز:
تبعات أمنية مقلقة لـ"إسرائيل" من هروب الأسرى، وسط تخوف من مصير مستوطنات الضفة الغربية
تقديرات "إسرائيلية" بشأن الحراك السياسي الإقليمي
تقييم "إسرائيلي" لتنامي المحور الإيراني في المنطقة
انشغلت الساحة السياسية والأمنية "الإسرائيلية" هذا الأسبوع بجملة أحداث ميدانية عاجلة، تصدرتها عملية هروب الأسرى من سجن جلبوع وتبعاتها الخطيرة، مرورًا بالمخاوف "الإسرائيلية" المتوقعة من مصير "قاسي" لمستوطنات الضفة الغربية يشبه نظيرتها في غزة، وصولًا إلى التعرف على طبيعة التحركات السياسية الجارية في المنطقة بين تل أبيب وعدد من العواصم، وانتهاءً بالحديث عن تطورات الملف الإيراني وفق القراءة "الإسرائيلية".
في التفاصيل، أضافت عملية الأسرى الستة في سجن جلبوع إخفاقًا إلى سلسلة الإخفاقات الأمنية الأخيرة التي شهدتها الساحة "الإسرائيلية"، فضلًا عن كونها تمهد الطريق نحو تصعيد أمني عسكري متوقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث دفعت الضربات الأمنية المتلاحقة التي تلقتها دولة الاحتلال إلى صدور توقعات "إسرائيلية" بأن تكون الأيام المقبلة متوترة للغاية.
في هذا السياق، يزداد القلق "الإسرائيلي" إذ يمكن للأحداث الأخيرة في الضفة وسجن جلبوع أن تنعكس عما قد تشهده غزة. وإذا كان الهجوم على حدود غزة الشرقية تجاه قوات الاحتلال، والذي أودى بحياة جندي، ثم الهرب من سجن جلبوع قدما سلسلة من الإخفاقات، فهي بالنسبة للفلسطينيين سلسلة من الأحداث الرمزية ذات الأهمية الوطنية.
وتنطلق الرؤية “الإسرائيلية” لهذه التطورات من أنها حوادث غير عادية، سواءً إطلاق النار من مسافة صفر على الجندي في غزة، أو هروب الأسرى من السجن، رغم أن العمليات الأمنية التي سيقوم بها الجيش في جنين ومحاولة اعتقال النشطاء فيها قد تثير ردة فعل أخرى في الضفة، لكن الاحتمال الأكبر لحدوث ارتفاع في درجات الحرارة يقع على الحدود الجنوبية، حيث الاحتجاجات قرب السياج والبالونات الحارقة وربما إطلاق صواريخ، لتخفيف الضغط عن المقاومة في الضفة.
صحيحٌ أن الضفة تعيش استقرارًا أمنيًا في السنوات الأخيرة، لكن توقع حدوث تصعيد كبير يشكّل مصدر قلق "إسرائيلي"، وإن كان لا يُنظر إليه في المؤسسة العسكرية على أن نسبته عالية. لكن يبقى فقط استثناء يتعلق بمدينة جنين، حيث يتوقع الجيش أن يعمل فيها خلال الأيام المقبلة، خاصةً وأن المدينة في الأشهر الأخيرة باتت عصية على السيطرة، فقد تحولت إلى بؤرة ساخنة وكل عملية اعتقال لمطلوب فيها تعني ليلةً من المعركة مع مسلحين محليين.
في الوقت ذاته، تتزايد الانتقادات “الإسرائيلية” للحكومة الحالية بزعم أنها لا تهتم بالعشرات من التجمعات الاستيطانية في الضفة، رغم أن الفلسطينيين يبنون حولها مباني تساهم في "خنقها"، مع أنه عندما أعلن "شارون" أن "قيمة نتساريم هي ذاتها قيمة تل أبيب"، كان يعلم سبب ذكره على وجه التحديد لمستوطنة نتساريم التي كانت تقع في وسط قطاع غزة، باعتبار أنها شكلت رمزًا للاستيطان اليهودي في غزة.
وتأخذ هذه الانتقادات مستويات حادة بالتحذير من ضياع المنطقة "ج" في الضفة الغربية، بزعم أن الفلسطينيين يواصلون السيطرة عليها، من خلال إقامة المباني وشق الطرق، ما يدفع عددًا من قادة المستوطنين للتحذير والصراخ حول نهاية قادمة للوجود "الإسرائيلي" في هذه المنطقة خلال سنوات قليلة، تزامنًا مع إحباط في أوساط المستوطنين من رئيس الحكومة، نفتالي بينيت؛ لأنه رغم كل شعاراته السياسية، لكنه فعليًا تخلى عن هذه المنطقة، ما شكل للمستوطنين خيبة أمل لا تخطئها العين.
كما تزعم محافل المستوطنين أن المنطقة "ج" باتت مبنية فعلًا بمبان فلسطينية، رغم نداءات مجلس التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية-يشع، للسيطرة على منطقة "ج"، بزعم أن المشاريع البنائية الفلسطينية في الضفة تخنق بشكل منهجي التجمعات والشرايين “الإسرائيلية”، وإذا لم يحدث ذلك، فإن قيمة المستوطنات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية سيكون بذات قيمة مستوطنات قطاع غزة، التي تم إخلاؤها لاحقًا، وواجهت مصيرها "المأساوي" وحدها.
إقليميًا، ومنذ توقف المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية” أواسط 2014، ساد جمود شبه كامل في علاقاتهما، واقتصرت اتصالاتهما على التعاون الأمني والاقتصادي، وبقي الملف السياسي مجمدًا. لكن بصورة لافتة، وبعد أن تولت الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة مهامها ورغم يمينيتها الصرفة وتشكيلتها غير المنسجمة، لكنها بدأت حراكًا سياسيًا مكثفًا، وتحديدًا باتجاه الفلسطينيين الذين عاشوا جمودًا سياسيًا امتد لأكثر من سبع سنوات. وأخذ الحراك "الإسرائيلي" أشكالًا عدة أهمها اللقاء الذي عقده وزير الأمن، بيني غانتس، مع رئيس السلطة، محمود عباس، كما أجرى الرئيس "الإسرائيلي"، هرتسوغ، اتصالًا هاتفيًا مع "عباس"، بينما تواصلت الاتصالات الأمنية بين ضباط الجانبين.
وبموازاة اللقاءات الفلسطينية “الإسرائيلية”، نشطت الآلة الدبلوماسية في تل أبيب بصورة لافتة نحو الإقليم العربي المجاور؛ حيث سعت "إسرائيل" مباشرةً لترميم العلاقة مع جارتها الشرقية، الأردن، بعد توترها خلال عهد "نتنياهو"، والقطيعة التي سادت علاقته مع الملك عبد الله. وبدأت الاتصالات الأردنية “الإسرائيلية” باتصال بين "عبد الله" و"هرتسوغ"، مرورًا إلى زيارة خاطفة قام بها "غانتس" إلى قصر الملك، وانتهاءً باجتماع سري بين "بينيت" والملك في عمّان. وأسفرت تلك اللقاءات عن تجديد العلاقات وتوقيع اتفاقيات تجارية، وتأكيد "إسرائيلي" (تحتاجه عمّان) على الدور التاريخي للأردن في الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة.
وبجانب الأردن، زاد "دفء" العلاقات “الإسرائيلية” المصرية، سواءً بالزيارات المكوكية التي يجريها ضباط المخابرات “الإسرائيلية” إلى القاهرة، ولقاء نظرائهم هناك، لترتيب ملف غزة والتوصل إلى تهدئة مع "حماس"، وإبرام صفقة تبادل أسرى معها، وصولًا إلى عقد قمة رئاسية ستجري في الأيام القادمة بين "بينيت" والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، وعلانية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة جدًا.
إقليميًا أيضًا، وعلى صعيد العلاقة مع إيران، تزايدت الاتهامات “الإسرائيلية” لطهران بأن كل أحداث المنطقة مرتبطة بها، في سوريا والعراق واليمن ولبنان وغزة، وأنها تتخذ إجراءات ميدانية ومستعدة لدفع ثمن باهظ لتحقيق رؤيتها، ولديها نظرة استراتيجية طويلة المدى تمتد 30-40 عامًا قادمة.
في هذا الإطار، تعتقد "إسرائيل" أن المواجهة مع إيران ليست فقط حول القضية النووية، بل للتصدي لخطط المواجهة التي تعدها، ليس فقط على أراضيها، ولكن في ساحات أخرى، ولذلك تقوم ببناء قوة بالوكالة هناك بقدرات عسكرية، وتجهيزها بأفضل معدات صناعتها، سعيًا منها لإنتاج حلقة تقترب من "إسرائيل" في بعض الأماكن لديها القدرة على إعطاء أوامر مباشرة، وفي بعضها الآخر لديها عناصر محلية.
من جهتهم، يشكو "الإسرائيليون" مما يصفونه "تكاثر" الفروع الإيرانية لأنها تشكل تحديًا أمام الأمن "الإسرائيلي" في مواجهة العديد من الساحات المحيطة؛ فالمحور الإيراني آخذ في التوسع ولديه تطلع استراتيجي طويل الأمد، ويواصل اتباع استراتيجيته، ما يطرح سؤالًا حول بقاء "إسرائيل" وحدها في هذه المعركة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا