استنتاجات الموجز:
جولة ثانية من المباحثات التركية المصرية تفتح الباب أمام خطوة إجراء لقاءات أرفع خلال الفترة المقبلة وتسريع خطوة تبادل السفراء
مشاركة رئيس الشؤون الدينية في افتتاح المقرات الرسمية بالدولة يثير غضب المعارضة التركية التي تعتبرها تهديدًا لعلمانية الدولة
احتضنت العاصمة التركية أنقرة الجولة الثانية من المباحثات الاستكشافية بين تركيا ومصر، حيث مثّل تركيا في المباحثات نائب وزير الخارجية السفير، سادات أونال، فيما مثل مصر نظيره المصري، حمدي لوزا، وجرى بحث إمكانية إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين خلال يومين من اللقاءات، التي تناولت في اليوم الأول القضايا الثنائية وفي اليوم الثاني القضايا الإقليمية. جاء ذلك بعد أسابيع من جولة أولى استضافتها القاهرة، وسط تفاؤل في تحقيق تقدم قد يفضي إلى عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين وتبادل السفراء قريبًا، وهو ما أكدته التصريحات الجادة لمسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين.
في الشأن ذاته، تهدف “المباحثات الاستكشافية” بدرجة أساسية إلى قياس مدى وجود أرضية للتوافق بين البلدين، للانتقال إلى المرحلة المقبلة من تطبيع العلاقات، في ظل تأكيد الجانبين على وجود الإرادة السياسية للقيام بذلك. ويتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة، في حال استمرار الأجواء الإيجابية، خطوات أخرى قد تكون على شكل لقاء بين وزيري خارجية البلدين والإعلان عن تبادل السفراء بين القاهرة وأنقرة.
من جهتها، أعربت تركيا عن رفضها المطلق لما ورد من ادعاءات ضدها في قرارات اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية، مشددةً على أن مواصلة بعض دول الجامعة اتهاماتها المعتادة ضد تركيا "أمر لا قيمة له لدى الشعوب العربية الصديقة والشقيقة". كما بينت تركيا أن تلك الدول التي تكيل الاتهامات لتركيا تفعل ذلك من أجل التغطية على "طموحاتها وأجندتها الخاصة"، مؤكدةً أن الإصرار على هذه المواقف (الصادرة عن الجامعة العربية) التي لا تفيد أحدًا، لا يتماشى مع الخطوات الإيجابية التي تم الإقدام عليها بالمنطقة في الآونة الأخيرة.
على صعيد خارجي منفصل، قدمت تركيا مقترحًا لتشغيل مطار كابل وذلك عبر تسليم الأمن الداخلي للمطار لشركة أمنية ذات مصداقية دولية، من أجل إعادة النشاط إلى المطار، مطالبةً بضمانات من حركة "طالبان" لتأمين المطار من الخارج. هذا، فيما يستمر التنسيق بين تركيا وقطر والولايات المتحدة لإدارة المطار تزامنًا مع وجود 19 من الفنيين الأتراك في كابل، يجرون محادثات مع الجانب القطري بشأن المطار، كما تجري تركيا محادثات مع "طالبان".
في الملف السوري، تزايدت وتيرة الهجمات والتصعيد من قبل روسيا وقوات النظام واستهداف منطقة جبل الزاوية بشكلٍ مكثف، إضافةً لاستهداف مدينتي إدلب وأريحا المأهولتين بالسكان، ما دفع تركيا لتعزيز قواتها ونقاطها وقواعدها العسكرية المنتشرة جنوبي غرب محافظة إدلب، وشرق محافظة اللاذقية الواقعة ضمن بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة". ولهذا الغرض، أرسلت تركيا خلال الأيام الماضية أكثر من ستة أرتال عسكرية عبر معبر كفلوسين العسكري الحدودي، فيما ضمت تلك التعزيزات مدافع ميدانية وعربات مصفحة (ناقلات جنود)، إلى خمس قواعد عسكرية تابعة للجيش التركي، ثلاث منها في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، واثنتان شرق محافظة اللاذقية.
داخليًا، فجّرت مشاركة رئيس الشؤون الدينية في تركيا، علي إرباش، للرئيس، رجب طيب أردوغان، الدعاء خلال احتفالات افتتاح المقرات والمؤسسات في الدولة، موجةً من الجدل في الشارع التركي؛ حيث هاجمت المعارضة العلمانية هذه الخطوة، معتبرةً أن نفوذ وتدخل رئيس الشؤون الدينية في كافة مناحي الدولة قد وصل إلى درجة غير مسبوقة “تهدد علمانية الدولة”، وبشكل يخالف “الدستور العلماني” لتركيا، لا سيما وأن ذلك ترافق مع تكرار المشهد نفسه في تخريج دفعات جديدة من الجيش التركي بتلاوة القرآن والأدعية من قبل "إرباش".
في هذا الإطار، ومن خلال عشرات المقالات في صحف ومواقع إخبارية مختلفة وعشرات آلاف المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، رأى “مدافعون عن علمانية الدولة” أن ما حصل “تجاوز غير مسبوق”، فيما كتب البعض تعقيبًا على افتتاح العام القضائي بالقرآن والدعاء: “لقد قرأت الفاتحة على القضاء وعلى العلمانية أيضًا".
في سياق منفصل، تسود حالة من القلق بين اللاجئين السوريين تزامنًا مع انطلاق بعض الحملات لإعادة أعداد منهم إلى داخل المناطق المحررة، حيث أرسلت بلديات تركية عدة رسائل نصية إلى سوريين تعلن فيها استعدادها لنقلهم إلى الحدود على نفقتها، ومنح مبالغ مالية للأسر التي تقرر العودة. وتعتبر هذه الخطوة تمهيدًا لخطوات قادمة ستعمل الحكومة على تنفيذها لتفادي حالة الاحتقان في الشارع التركي، ولتفويت الفرصة على أحزاب المعارضة التي ستستخدم ورقة اللاجئين في دعايتها الانتخابية المقبلة.
كما ناقش المجلس التنفيذي لـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم إعادة السوريين في المدن الكبرى إلى المدن المسجلين فيها، وإرسال المهاجرين الذين لا يحملون إقامة أو بطاقة حماية مؤقتة إلى مخيمات في المناطق الحدودية، فضلًا عن إيقاف كل معاملات التسجيل الجديدة للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة "الكملك" في المدن الكبرى، وتطبيق عقوبات على أماكن العمل التابعة لطالبي اللجوء الذين يعملون دون إذن، أو ليس لديهم ترخيص.
اقتصاديًا، تشير التقارير الاقتصادية التركية التي انتشرت خلال الأسبوع الأخير إلى بداية تعافي الاقتصاد، في ظل ما يعانيه بسبب جائحة "كورونا"، حيث تصدر الاقتصاد التركي مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي، واحتلت تركيا المرتبة الثانية بعد بريطانيا بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأكثر نموًا خلال الربع الثاني من عام 2021، بنسبة نمو بلغت 21.7%. كما احتلت تركيا المركز الثالث في عدد شركات المقاولات الدولية بمجموع 40 شركة، بعد كل من الصين (78 شركة) والولايات المتحدة (41 شركة)، وقد اعتمد تقييم هذه الشركات على الإيرادات التي حصلت عليها من أعمالها بالخارج خلال العام السابق. كما حققت صادرات تركيا 121 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، في حين تتطلع البلاد إلى بلوغ 210 مليارات دولار مع نهاية العام الحالي.
أمنيًا، فرضت السلطات التركية حظرًا للتجول في أجزاء من ولاية ماردين جنوب البلاد على الحدود مع سوريا، بعد يوم من إصابة شرطي تركي في اشتباكات مع عناصر من "حزب العمال الكردستاني"، وأطلقت عملية أمنية واسعة ضد مسلحي التنظيم. كما ألقت السلطات التركية القبض على أربعة أشخاص تسللوا عبر الحدود السورية إلى تركيا، تبيّن أنّ أحدهم ينتمي إلى تنظيم "داعش"، وأنه مطلوب للجهات الأمنية بالنشرة الحمراء، فيما ألقت القبض على 13 أجنبيًا في أنقرة، اتهمتهم السلطات القضائية بالانتماء إلى التنظيم أيضًا.
عسكريًا، تستعد قوات خاصة من تركيا وباكستان وأذربيجان لإجراء مناورات "الأشقاء الثلاثة 2021" العسكرية المشتركة في العاصمة باكو. وتعتبر المناورات المشتركة الأولى من نوعها للقوات الخاصة من البلدان الثلاثة، وتهدف إلى تحسين تفاعل القوات الخاصة للبلدان الصديقة والشريكة أثناء العمليات القتالية، والتحضير للعمليات في السلم وأوقات الحرب، وتبادل المعلومات والخبرات.
عسكريًا أيضًا، اختتمت وحدات المهام الخاصة في الجيشين التركي والأذربيجاني مناورات عسكرية في مدينة "لاتشين"، الواقعة في إقليم "قره باغ" المحرر، ونفذت الوحدات تدريبات متنوعة مثل أساليب الاستكشاف ونصب الكمائن في المناطق الوعرة، والتسلل، وتحديد المجموعات التخريبية والقضاء عليها.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا