استنتاجات الموجز:
تغير كبير بالخارطة السياسية المغربية بعد الانتخابات إذ باتت "أحزاب الإدارة" تتصدر المشهد السياسي مقابل تراجع "العدالة والتنمية"
رفضٌ سياسي عارم بتونس لـ"بالون اختبار" تغيير النظام وعدم تعيين رئيس حكومة يزيد من "الثقب الأسود" الذي يزيد من هشاشة الاقتصاد ويُنذر بانفجار اجتماعي
الأحزاب السياسية بالجزائر تتراجع عن مقاطعة الانتخابات وتعيد تموضعها في المشهد السياسي
بعد عشر سنوات من اعتماد دستور 2011، شهد المغرب ثالث عملية انتخابية منذ حراك "20 فبراير"، حيث أُجريت انتخابات مجلس النواب والانتخابات البلدية وتجديد مجلس المستشارين في يوم واحد، بدلًا من إجرائها على مرحلتين. وقد أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية عن فوز "التجمع الوطني للأحرار" بالمرتبة الأولى بحصوله على 102 مقعدًا من أصل 395 مقعدًا بالبرلمان، بينما تلقى "حزب العدالة والتنمية"، الذي قاد الحكومة لدورتين، هزيمة كبيرة إذ حل ثامنًا بـ12 مقعدًا نزولًا من 125 مقعدًا في البرلمان السابق.
وفي تطورٍ مثير،أدت هزيمة "العدالة والتنمية" إلى استقالة جماعية لأمانته العامة، التي اعتبرت أن "نتيجة الانتخابات غير مفهومة وغير منطقية، ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية للبلاد"، بعدما واجه الحزب أزمات داخلية عدّة خاصةً بعد مصادقة حكومة "العثماني"، رئيس الحزب، على مشروع القنب الهندي، إضافةً إلى عوامل تتعلق بتغيير قانون الانتخابات وتدخل السلطة والمال الانتخابي. كما لا يخفي ذلك حقيقة حصول تصويت عقابي ضد الحزب جراء القرارات الحكومية التي مست وضع الشرائح الاجتماعية المتعاطفة معه.
بدوره، كلّف العاهل المغربي، الملك محمد السادس، رئيس "حزب التجمع الوطني للأحرار"، عزيز أخنوش، بتشكيل الحكومة بناءً على الدستور. يذكر أن الحكومة المقبلة تضم الأحزاب القريبة من السلطة: "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" و"الحركة الشعبية" و"الاتحاد الدستوري"، (أي ما يسمى أحزاب الإدارة)، كما تسيطر هذه الأحزاب على مجلس المستشارين. بالمقابل، تراجعت أحزاب "الكتلة" و"اليسار" و"العدالة والتنمية" إلى مواقع المعارضة، خاصةً في ظل تلاشي الفروق بين أحزاب الكتلة وأحزاب الإدارة. أما المجالس البلدية، فقد آلت رئاستها أيضًا إلى حزبَي "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة"، كما آلت بعض المجالس، لا سيما في الجنوب المغربي، إلى "حزب الاستقلال"، بينما لن تترأس الأحزاب الأخرى إلا عددًا ضئيلًا من المجالس الصغيرة.
في الأثناء، التقى "أخنوش" أمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، وأعلن تلقيه"إشارات إيجابية" وعرضًا بالمشاركة في الحكومة، مؤكدًا استمرار الحوار لبناء تصور مشترك، وعدم وضع "خطوط حمراء" بخصوص التحالفات، ومبرزًا أهمية احترام برنامجه الانتخابي وتوجهاته الكبرى.
في سياقٍ متصل، ورغم أن بعض الأحزاب دعت الى مقاطعة الانتخابات، خاصة "حزب الاستقلال"، بوصفها أداة لإضفاء الشرعية على ما أسمته "ممارسات السلطة الفعلية"، فقد كان تأثيرها محدودًا؛ حيث أعلنت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة وصلت إلى 50.18%، بينما تخطت 60% في المناطق الجنوبية، بينما بدأت بعض الأحزاب تقديم الطعون لدى المحكمة الدستورية والتبليغ عن التجاوزات الانتخابية.
دبلوماسيًا، دخلت العلاقات بين الرباط والاتحاد الأوروبي مرحلة من التأزم بسبب الحكم المرتقب للمحكمة الأوروبية، حول قانونية اتفاقية الصيد البحري والتبادل التجاري التي تشمل منتجات الصحراء، بعدما تقدمت "جبهة البوليساريو" بدعوى لبطلان الاتفاقية، لما تعتبره استغلال المغرب غير الشرعي لثروات المنطقة.
أمنيًا، أعلنت السلطات تفكيكها خلية موالية لـ"تنظيم الدولة” مكونة من ثلاثة أفراد بينهم قيادي جنوب شرقي البلاد، تنشط في التجنيد والاستقطاب في صفوف أتباع التيارات الدينية التقليدية. وقد تمكنت السلطات من حجز معدات معلوماتية وذاكرتي تخزين وهواتف محمولة وملابس شبه عسكرية، إضافةً إلى مخطوطات عديدة تحرض للعمليات الإرهابية.
في الشأن التونسي، ما زالت البلاد تعيش فراغًا حكوميًا لأكثر من 40 يومًا، بينما تنتظر الأوساط الداخلية والخارجية أن يعيين رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، رئيسًا للحكومة، في حين عبّر "سعيد" عن استغرابه للمطالب المتكررة بتشكيل الحكومة، معتبرًا أن "إدارات الدولة تعمل بشكل اعتيادي". بالمقابل، أكدت الأوساط السياسية أن غياب البرنامج الحكومي يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي، محذّرةً من توسّع ما وصفته بـ"الثقب الأسود" الذي "قد يزيد من هشاشة الاقتصاد وينفر المستثمرين، ويؤدي إلى انفجار اجتماعي".
وتتزامن هذه التطورات مع إعلان مستشار "سعيّد"، وليد الحجام، "بالون الاختبار" بشأن إمكانية تعليق العمل بالدستور وتغيير النظام السياسي عبر استفتاء، ما شكّل صدمة وسيلًا من المواقف الرافضة حتى بين المدافعين عن "قرارات "سعيّد" أبرزها حزب "التيار الديمقراطي"، بينما عبّر اتحاد الشغل عن ضرورة التغيير بشكل واضح بعد إجراء إصلاحات وانتخابات تشريعية مبكرة.
من جهتهم، أبدى عدد من النواب عن استعدادهم للاستقالة من البرلمان، أبرزهم نواب "الحزب الدستوري الحر"، في حين عبرت "حركة النهضة" عن رفضها "الدفع نحو خيارات تنتهك قواعد الدستور". جاء ذلك بعدما أجرى رئيس الحركة، راشد الغنوشي، تعديلًا على تركيبة المكتب التنفيذي للحزب بتقليص عدد الأعضاء من 40 إلى 19 عضوًا، مع إدخال تحويرات في بعض المهام تنفيذًا لمخرجات الحوار لمجلس الشورى.
على الصعيد الدبلوماسي، وخلال استقباله وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، أكد "سعيّد" أن التدابير الاستثنائية تندرج في إطار الدستور، خلافًا لما يتم ترويجه. من جانبه، أعرب "ديندياس" عن "تمسّك بلاده بعلاقات الصداقة التي تجمع البلدين، وعن استعداد بلاده لمواصلة مساعدت تونس ودعمها في المحافل الإقليمية والدولية". يشار إلى أن زيارة "ديندياس" تتزامن مع زيارة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ضمن مساعٍ أوروبية لتجاوز الأزمة التي تعيشها البلاد.
أما في الشأن الجزائري، فقد قدم رئيس الحكومة، أيمن بن عبد الرحمن، مخطط عمل أمام أعضاء الغرفة الأولى للبرلمان لنيل الثقة، مؤكدًا أن حكومته عازمة على تفعيل مخطط لبناء “جزائر جديدة”، ومتعهدًا بـ”إصلاح النظام المصرفي، ورفع مستوى مساهمته في تنمية الاقتصاد لاستقطاب الكتلة النقدية المتداولة، وامتصاص السوق الموازية للعملة الصعبة”، بالتوازي مع مساعي الحكومة لمكافحة البطالة وخلق الوظائف.
في شأن سياسي متصل، وبعد ترقب لمواقف الأحزاب المقاطعة للمسار الانتخابي بشأن مشاركتها في الانتخابات المحلية المقبلة المقررة في الـ27 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، خاصةً حزبي "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، في ظل متغيرات سياسية، برّرت "جبهة القوى الاشتراكية" مشاركتها بأنها "قرار استراتيجي فرضته دواعي الحفاظ على الوحدة الوطنية"، إضافةً إلى مشاركة "حزب العمال اليساري" لاعتبارات تكتيكية تجاه منظومة الحكم والسلطة القائمة".
في شأن دبلوماسي، نفى مبعوث الجزائر الخاص إلى دول المغرب العربي والصحراء الغربية، عمار بلاني، الأخبار حول طلب الجزائر من الإمارات قيادة وساطة لتطبيع العلاقات مع المغرب، موضحًا أن "الإشاعات تقف وراءها شبكات تسيرها جهات مغربية معروفة".
على الجانب الأمني، أصدرت المحكمة الجزائية حكمًا بالحبس ثمانية أشهر في حق صاحب المقطع المعروف باسم “ريفا”، والذي يدعو فيه إلى “إزالة منطقة القبائل من خريطة الجزائر”، وذلك لإدانته بتهمة التحريض على الكراهية، فيما أعلنت القوات الأمنية توقيف 16 من حركة انفصالية مشتبه في تورطهم بحرائق الغابات.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا