استنتاجات الموجز:
الدبلوماسية الأردنية تسارع الزمن للظفر بحصة تزويد لبنان بالكهرباء والغاز عبر سوريا وسط ترقب وانتظار الموافقة خلال زيارة الملك الثانية لواشنطن
عمّان مضطرة لترطيب العلاقة مع الأحزاب الشيعية العراقية المحسوبة على إيران أملًا في تسهيل انسياب البضائع الأردنية للسوق العراقية دون إعاقة
على نحو لافت، تتحرك الدبلوماسية الأردنية للاستفادة قدر الإمكان من الترتيبات الأمريكية التي تسعى لتزويد لبنان بالطاقة، سعيًا من واشنطن لإيجاد محيط عربي متداخل أكثر بالحالة اللبنانية، منعًا لإنتاج فراغ يمكن أن يستفيد منه "حزب الله" أو حلفاء إيران بالمنطقة، ممن بدأوا التحرك بالفعل لإشباع الحاجة اللبنانية من الطاقة عبر السفن الإيرانية.
في هذا السياق، تسعى عمّان إلى التخفيف من اشتراطات قانون قيصر، عبر الحصول على استثناء خاص للأردن تحت مبررات لها علاقة بالحدود والاحتياجات الإنسانية ونوايا الإدارة الأمريكية، حتى يتمكن من تزويد لبنان بالغاز المصري وخط الكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. والرهان هنا واضح وهو تمكن الدولة من الحصول على استثناء خاص، لتتجول فرق فنية بمنتجات لوجستية وشاحنات نقل لصيانة خطوط إمداد الكهرباء عبر الأراضي السورية، ما يعني لاحقًا الاستثمار في بروتوكولات تجارية تعيد استئناف تصدير المنتجات إلى السوق السورية.
بالتوازي مع الحراك صوب لبنان، كان التحرك على المسار العراقي بارزًا أيضًا؛ حيث تلقى رئيس مجلس النواب الأردني، عبد المنعم العودات، الضوء الأخضر لتلطيف الرسائل مع طهران ومكوناتها الولائية في العراق. وفي هذا الإطار، عقد "العودات" ووفد برلماني زار العراق اجتماعًا برفقة كتلة وقادة "عصائب الحق" العراقية المحسوبة تمامًا على النظام الإيراني، وهي اللقاءات التي كانت محرمة سياسيًا في السابق. وما تريده عمّان هو محاولة فتح السوق العراقية أمام الأردن، وهي تدرك تمامًا أن قطع التواصل مع المكون الشيعي في العراق سيعيق كل المحاولات.
بالمقابل، تتواتر المخاوف الأردنية الأمنية من مستجدات الحالة الأمنية جنوب سوريا، وتحديدًا اقتراب المجموعات المسلحة المحسوبة على إيران و"حزب الله" من الحدود الشمالية بعد المستجدات الأخيرة في درعا. ومع دخول وحدات من جيش النظام رفقة الشرطة العسكرية الروسية إلى بلدة المزيريب الاستراتيجية، قرب الحدود السورية الأردنية مع الجولان المحتل، تصبح المخاوف عنصرًا رأسيًا وأمنيًا هامًا في عمّان؛ فبلدة المزيريب تكتنز أهمية استراتيجية بالغة لجهة إشرافها على منطقة حوض اليرموك المحاذية للأراضي الفلسطينية والجولان السوري، وقربها من الحدود الأردنية أيضًا.
في سياق محلي لافت، بلغ اهتمام الأردنيين بملف أسرى سجن جلبوع مستوى كبيرًا؛ حيث تابع الأردنيون كل صغيرة وكبيرة لها علاقة بملف الأسرى. وهو ملف لم يكن الرأي العام الأردني يظهر تجاهه بالعادة حجم الاهتمام اللازم، وأصبح الأسرى الستة نجومًا بالنسبة للشعب الأردني بمختلف مكوناته، حيث صدرت عشرات البيانات من أحزاب وسطية وإسلامية ويسارية تسلط الضوء على معاناة الأسرى.
من جهة أخرى، نفى مسؤولون أردنيون التقديرات "الإسرائيلية" التي أشارت إلى أن بعض الأسرى الفارين من سجن "جلبوع" عبروا الحدود إلى الأردن. كما كان لافتًا أن صحيفة "إسرائيل اليوم" نقلت عن مسؤولين في المخابرات وقوات الأمن الأردنية تأكيدهم، أن أيًّا من الأسرى الفارين لم يعبر الحدود. من جانبه، قال مصدر رفيع في المؤسسة العسكرية الأردنية إنه "إذا عبر الأسرى أو بعضهم الحدود إلى المملكة، فستتصرف السلطات كما يقتضي القانون في الأردن". وقال مصدر رفيع في جهاز الأمن الأردني للصحيفة إن "إسرائيل طلبت من السلطات الأردنية المساعدة، مشيرًا إلى أنه ورغم الحساسية، فإن الأردن لن يكون مدينة ملجأ للأسرى الذين فروا من السجن، بغض النظر عن هويتهم أو ظرفهم".
في مسار التسوية وحل الدولتين، أكد عاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني، أهمية البناء على مواقف الولايات المتحدة "الإيجابية" والاهتمام الدولي، لإعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين". جاء ذلك خلال لقاء الملك عددًا من ممثلي المنظمات اليهودية في نيويورك، حيث يحل الملك في واشنطن في زيارة هي الثانية في غضون أقل من شهرين.
محليًا، أسدلت سلطات القضاء الأردنية الستار بصفة قطعية عن مواجهة "ملف الفتنة" الشهير؛ حيث قررت محكمة التمييز العليا وهي أعلى محكمة في الجهاز القضائي المصادقة بالإجماع على قرارات الإدانة الصادرة بحق المتهميْن: رئيس الديوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، وصهر العائلة المالكة، الشريف حسن بن زيد. وعمليًا، حُسمت المسالة قضائيًا بصورة نهائية ولم يتبق أمام المتهمين وأبرزهم "عوض الله" إلا ترقب احتمالات "العفو الملكي الخاص"، وهو خيار لا يبدو مطروحًا بأي صيغة الآن على الأقل، وإن كان بعض المراقبين يربطون بينه وبين رسالة شهيرة للملك أشارت فيها إلى أن المملكة ستتعامل مع الملف، بما تمليه الاعتبارات المصلحية العليا للدولة.
في الأثناء، اختفت تمامًا عن رادار الإعلام المحلي على الأقل أخبار وأنباء "الأمير حمزة"، الذي اتهمته الحكومة علنًا بطموحات تناهض الحكم وتخالف الدستور، وباستثناء ما قالته مؤخرًا "الملكة نور الحسين" عن احتجاز قسري غامض لنجلها الأمير، لا يوجد أي معلومات واضحة أو رسمية.
في ملف الإصلاح ومخرجات اللجنة الملكية المرتقبة، لا يعلم أحد بصورة محددة كيفية وآلية نقل التوصيات، التي يمكن أن تصدر لاحقًا عن اللجنة إلى سلطة البرلمان ومجلس النواب الحالي، الذي يعاني من التشكيك في قدراته ومن تجاهله على أكثر من صعيد. ويفترض أن تتكفل بها الحكومة بمسألة الانتقال بالتوصيات بعد إقرارها، لكن حتى الآن لم تعلن كيفية التعامل مع هذا الاستحقاق المهم. وعليه، يبدو أن التنسيق والتشاور بين رئيس البرلمان والحكومة ورئيس اللجنة الملكية أصبح محطة اضطرارية، للانتقال لما بعد الخطوة اللاحقة بخصوص الإعلان عن التوصيات واعتمادها ووضعها في مسودة كاملة ورفعها للملك.
لكن قبل ذلك يتعين التفكير في كيفية تمرير التوصيات داخل مجلس النواب الذي يترقب قدومها، بعد استثناء أي من أعضائه من عضويتها، ما يعني عمليًا أنه لا ضمانات بأن يمرر النواب ما تقترحه اللجنة كاملًا، حيث يُتوقع له المشاغبة والمناكفة لكنه سيمرر التوصيات في نهاية المطاف.
في سياق موازٍ، عبّر "حزب جبهة العمل الإسلامي" عن أسفه لما تضمنه قانون البلديات والإدارة المحلية الذي أقره البرلمان من بنود، يرى أنها تمثل تراجعًا عن المسار الإصلاحي. وقال الحزب إن ما جرى من تعديلات على القانون يكرس تغول وزارة البلديات على المجالس المنتخبة، عبر منح الوزير صلاحيات واسعة تتعلق بتعيين أعضاء في المجلس البلدي ومجالس المحافظات.
محليًا أيضًا، ومع بدء انطلاق العام الدراسي، أثارت صورة تداولها مواطنون لخريطة في منهاج الجغرافيا للصف العاشر جدلًا واسعًا في الشارع الأردني، كونها لم تدرج اسم فلسطين ضمن مجموعة الدول التي تحد الأردن من الجهات الأربع. وعرضت الخريطة أسماء السعودية والعراق وسوريا ولبنان، ولم تذكر اسم فلسطين التي تمتد على طول الحدود الغربية مع الأردن.
اقتصاديًا، أعلن الأردن أنه جرى الاتفاق مع الجانب العراقي على بدء دخول الشاحنات الأردنية إلى الأراضي العراقية، تزامنًا مع توريد النفط من العراق إلى الاردن. بالتوازي، أعلن الأردن عن إمكانية حصول سوريا على سلعتي الغاز والكهرباء "وليس مردودًا ماليًا"، مقابل تسهيل مشروع استجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر أراضيها.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا