استنتاجات الموجز:
شرق السودان يفجر أزمة جديدة وسط تضامن ومباركة كيانات قبيلة وإقليمية مطالبة بحل الحكومة وتكوين مجلس عسكري وأطراف أخرى تستغل الأزمة
تعاظم الدور التركي سياسيًا واقتصاديًا بعد زيارة "البرهان" وبدء عودة شراكة تركية قد تكون أقوى من سابقتها في عهد "البشير"
استمرار إغلاق شريان الحياة شرق السودان قد يسبب مخاطر كبيرة بارتفاع الأسعار وقلة السلع الأساسية
منذ يوم الجمعة الماضي أغلق أنصار "الناظر ترك"، الذي يقود المجلس الأعلى لنظارات البجا، الطريق القومي على امتداد ولايات الشرق، ما عزل العاصمة الخرطوم عن موانئ بورتسودان وسواكن. وتطوّر عزل الشرق عن بقية أرجاء البلاد يوم الأحد إلى إغلاق مطار بورتسودان وميناء بشائر لتصدير النفط، وفرع بنك السودان المركزي ببورتسودان. كما أشعل "مسار شرق السودان" في اتفاقية السلام الأوضاع في الإقليم، وهو ما يضع الحكومة الانتقالية بين خيارين أحلاهما مر؛ إما إلغاء المسار وإثارة حفيظة أصحابه، وإما التمسك به واستمرار إغلاق الإقليم الذي يضم موانئ البلاد على البحر الأحمر.
ولفهم حجم الورطة التي تسبب فيها مسار الشرق، تبدو قبائل الهدندوة كمن يتزعم معارضة المسار، في حين تقف قبائل البني عامر كمؤيدة للمسار، الذي وقعه منتمون لها بجوبا في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2020. ويرى الهدندوة أن مسار الشرق بمثابة ناسخ لاتفاقية سلام شرق السودان، الموقعة في أسمرا عام 2006 بين الحكومة السودانية ومؤتمر البجا.
بالمقابل، يرى معارضو مسار الشرق أن المسار يمهد لاستقرار مكونات أجنبية بالبلاد ومشاركتها في حكمها، فيما يتهم الأمين السياسي للمجلس الأعلى لنظارات البجا، سيد علي أبو آمنة، بعض أطراف التفاوض حينها بالارتهان لأجندة دولة مجاورة تريد التخلص من مجموعات معارضة لها داخل السودان، ودولة خليجية لديها أطماع في موانئ السودان على البحر الأحمر.
كما طالب "عبد الله أوبشار"، أحد قادة المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة شرق السودان، بحل الحكومة السودانية وتعيين حكومة كفاءات، داعيًا الجيش إلى ما وصفه بتصحيح مسار الثورة، وذلك وسط إغلاق موانئ رئيسية بمدينة بورتسودان الاستراتيجية، احتجاجًا على ما يصفه المجلس بتهميش مناطقهم. وحذر "أوبشار" الحكومة من تعيين ولاة شرق السودان، متعهدًا بتعيين والٍ من جانب المجلس إذا قامت الحكومة بذلك.
ويحتج المجلس على مسار الشرق المتضمَن في اتفاق السلام الموقع في جوبا بين الخرطوم وحركات مسلحة متمردة، حيث يشتكي من تهميش مناطق الشرق، ويطالب بإلغاء المسار وإقامة مؤتمر قومي لقضايا الشرق، ينتج عنه إقرار مشاريع تنموية به.
في سياق متصل، قدّر نقابيون في شركات إنتاج ونقل خام النفط الخسائر نتيجة الاحتجاجات المتكررة بحقول البترول بـ62 ألف برميل، بلغت تكلفتها الإجمالية 3.5 مليون دولار، وحذروا من مغبة إغلاق ميناء بشائر لتصدير النفط جراء الاحتجاجات شرق البلاد. وكشفت كتلة اللجان التسييرية لنقابات العاملين بشركات إنتاج ونقل خام النفط عن خطورة إغلاق الخط الناقل، الذي تحتاج عمليات تشغيله إلى أسابيع وعمل استثنائي لعودة العمل به، بجانب الخسائر المترتبة على الأجهزة والمعدات. وتابعت الكتلة: "قطاع النفط حساس يتطلب من الأجهزة التنفيذية أن تكون على قدر المسؤولية".
في تطورات ملف "سد النهضة"، عبّرت إثيوبيا والسودان ومصر عن تطلعها لاستئناف المفاوضات، رغم أن كل الأطراف ردت على بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بالتمسك بمواقفها المعلنة من الأزمة. وكان مجلس الأمن تبنى بالإجماع بيانًا رئاسيًا دعا فيه لاستئناف المفاوضات حول "السد"، وذلك للتوصل إلى "اتفاق ملزم ومقبول بشأن ملء وتشغيل السد".
من جهتها، قالت الرئاسة المصرية إن بيان مجلس الأمن، بما يحمله من طبيعة إلزامية، يمثل دفعة مهمة للجهود المبذولة لإنجاح المسار الأفريقي التفاوضي. وفي أديس أبابا، قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، إن بلاده ترحب باستئناف المفاوضات لكن وفق مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لموارد مياه النيل.
في سياق ذي صلة، أعلنت الحكومة السودانية ترحيبها بمبادرة تقدمت بها تركيا لتجاوز الأزمة العسكرية السياسية بين السودان وإثيوبيا. وأصدرت وزارة الخارجية السودانية “تقريرًا للرأي العام” تلته وزيرة الخارجية، مريم الصادق المهدي، جاء فيه: “نعمل على تقوية العلاقات التاريخية مع تركيا، وتوسيع آفاق التعاون ورحب السودان بوساطة تركيا لإيجاد حل لأزمة الحدود بين السودان وإثيوبيا".
محليًا، قال الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني، عبد الجليل عبد الرحيم، إن الفيضانات الأخيرة تسببت في وفاة أكثر من 84 شخصًا وأدت إلى تضرر آلاف المنازل وأكثر من 100 مرفق عام، فيما تضرر 80 ألف شخص جراء الفيضانات في محلية جودة على الحدود مع جنوب السودان. بدوره، دعا رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، المؤسسات الحكومية والشعبية والمنظمات إلى التدخل الإنساني، لمعالجة أوضاع المتضررين من السيول والفيضانات في ولاية النيل الأبيض جنوب البلاد.
في الشأن الطبي، أعلن وزير الصحة، عمر النجيب، عن انتهاء أزمة الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة، متعهدًا بعدم تكرار شح الدواء مرة أخرى بعد أن اعتبرت الدولة توفيره أولوية. يذكر أن السودان عاني في السنوات الأخيرة من شح كبير في الأدوية خاصة المنقذة للحياة، الأمر الذي ضاعف أسعارها بصورة أكبر من الدخل الشهري لمعظم السودانيين.
على الصعيد السياسي، قال الرئيس المناوب للجنة التفكيك، محمد الفكي سليمان، إن فترة الانتقال أصبحت مهددة بسبب تزايد نشاط أنصار نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، داعيًا إلى وضع حد لهذه التحركات. هذا، فيما قام "حمدوك" بزيارة إلى مقر قيادة الدعم السريع، وقال إن إصلاح القطاع العسكري يُعد مدخلًا لحل بقية القضايا بما في ذلك بناء الدولة المدنية وتكوين الجيش الموحد. وأضاف "حمدوك" أن قوات الدعم السريع "بتحملها جزء كبير من المسؤولية تجاه الوطن وممتلكاته تستحق التقدير، خاصة المساهمة في منع حدوث النزاعات وحماية المواطنين في المناطق الحدودية".
من جانبهم، ظل ناشطون يضغطون في اتجاه دمج قوات الدعم السريع، بغرض إنهاء حالة تعدد الجيوش في البلاد ووضع حد لتفلتات عناصرها تجاه المدنيين. بالمقابل، يشار إلى أن نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عبّر مرارًا عن رفضه لأي اتجاه لدمج قواته في الجيش. واعتبر "حميدتي" زيارة "حمدوك" بمثابة تجسيد "واضح وصريح لمعاني ومضامين الشراكة بين طرفي الوثيقة الدستورية عسكريين ومدنيين"، متعهدًا بأن تعمل قوات الدعم السريع على حفظ أمن واستقرار البلاد، والحرص على تحقيق الانتقال المتمثل في تحقيق السلام وبناء دولة المواطنة وصولًا إلى الانتخابات.
اقتصاديًا، وصل إلى العاصمة الخرطوم وفد كويتي لبحث تخفيف ديون بلادهم على السودان، في إطار مبادرة إعفاء ديون البلدان الفقيرة "الهيبك". وعقد وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، والمدير الإقليمي للدول العربية بالصندوق الكويتي للتنمية، عبد الله خليل المصيبيح، اجتماعًا لمتابعة الاتفاق على الكيفية التي ستسهم بها الكويت في تخفيف مديونية البلاد وفقًا لمبادرة "الهيبك".
اقتصاديًا أيضًا، يبدأ وفد من رجال الأعمال وكبريات الشركات البولندية زيارة إلى السودان في تشرين الأول/ أكتوبر القادم لبحث فرص الاستثمار. وفي هذاا لإطار، يقود القطاع الخاص مساع حثيثة لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية.
إلى ذلك، بلغ سعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الجنيه في البنوك 451 جنيهًا للشراء و448 جنيهًا للبيع، بينما بلغ في السوق السوداء 450 جنيهًا للدولار.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا