استنتاجات الموجز:
بصورة دراماتيكية، عمّان تسارع الخطى للانفتاح والتشبيك الكامل مع دمشق بعد أخذها الضوء الأخضر الأمريكي تحت عنوان: كثير من الطموح الاقتصادي وقليل من الانسجام السياسي
العلاقة بين الحركة الإسلامية وصانع القرار تتجه صوب تفاهمات وهدوء خلال الفترة المقبلة عنوانها قانوني الانتخاب والأحزاب
على نحو دراماتيكي سريع، تنامت الاستعدادات الأردنية السورية لعودة سلسلة في العلاقات على شكل زيارات واتصالات على مستويات عليا اختصرت الكثير من عقد السياسة، أملًا في انتعاشة اقتصادية تنقذ الواقع المتردي في المملكة، لكن وسط مخاوف من حالة التسرع غير المحسوبة بشكل وتوقيت الانفتاح الذي أخذ الضوء الأخضر الأمريكي، إلى جانب استمرار الحساسية الشعبية وأسئلتها عن مصير أعوام تم فيها الضخ بكون النظام السوري مجرمًا فتك بشعبه وما يزال.
في هذا الإطار، اعتبر الإسلاميون وحدهم الانفتاح مضرًا بعلاقة الشعبين نظرًا لاستمرار حالة الإجرام بحق السوريين، لكن لغة المصالح الاقتصادية المأمولة وحدها هي التي أصبحت تحدد البوصلة الأردنية بعيدًا عن كل الاعتبارات بما فيها الأخلاقية .
وقد أثار التفاعل الحاصل بهذه السرعة كثيرًا من الأسئلة، عن الجدوى الفعلية للمصالح التي يُنتظر أن تتحصل قريبًا على الأرض. ولعل اللافت في نمط التسارع بالعلاقة هو شكل ووقت ومدة الزيارات التي قام بها قائد الجيش السوري، علي أيوب، ومن قبله وزراء مكثوا أيامًا عدة في عمّان، بحثوا مسائل عديدة عالقة وخاضوا في نقاشات مستفيضة، انتهت على الأرجح بترتيبات أدهشت جميع الأطراف وسبّبت مفاجأة في الانفتاح قد تكون متسارعة أو متسرعة بالنسبة للمراقبين السياسيين. بالمقابل، برزت أسئلة عميقة عن مصير المخاوف الأمنية التي كانت حاضرة بقوة، وعن سبب تلاشيها المفاجئ بعد عشر سنوات من التشديد.
في سياق آخر، انشغلت نخب أردنية وحزبية بتناول حديث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في الأمم المتحدة عن حل الدولتين، وسط إجماع على أن ما جاء في خطابه لن يتعدى اللغة الإنشائية دون تطبيق فعلي أو خطة على الأرض، وهو ما استوعبته أنظمة دول الطوق ومنها صانع القرار في الأردن. وقد كان حديث النخب واضحًا بضرورة الحذر من تلك التصريحات وعدم الاستعجال في تلقفها، إلى جانب الحذر من المطالب الأمريكية الأخرى المتمثلة في دور أردني ومصري، بإطفاء حرائق أي تصعيد محتمل في الأراضي المحتلة، والدفع صوب تثبيت هدنة طويلة مدعومة ببرامج إنعاش اقتصادية.
في إطار العلاقة مع "إسرائيل"، ورغم الزيارات السرية المتبادلة بين أركان الدولة العبرية للقصر الملكي، ولغة التطمينات، إلا أن ذلك لم يمنع من توجيه الأردن مذكرة احتجاج إلى تل أبيب طالب فيها بـ”الكف عن انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى". فقد أدان بيان وزارة الخارجية دخول المتطرفين للحرم القدسي الشريف بأعداد كبيرة وبحماية الشرطة "الإسرائيلية"، فيما كشفت قناة “i24” العبرية أن وزير خارجية الاحتلال، يائير لبيد، التقى سرًا في عمّان الشهر الماضي، العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني. وذكرت القناة أنه تم خلال اللقاء بحث ومناقشة الوضع حول المسجد الأقصى والتوترات والعلاقات السياسية بين الطرفين، وسبل المساهمة في التهدئة في الأراضي المحتلة بناء على التوصية الأمريكية.
بالمقابل، شارك مئات الأردنيين في وقفة احتجاجية بالعاصمة عمّان للدعوة إلى إسقاط اتفاقية الغاز مع الاحتلال، بمناسبة مرور خمسة أعوام على توقيعها؛ حيث تجمع المحتجون قرب مبنى وزارة الطاقة بدعوة من “الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني” (شعبية حزبية نقابية)، تحت شعار “لا للاتفاقية، ولا لجعل الأردن بوابة العدو لتصدير الغاز والكهرباء".
محليًا، بدأت أوساط سياسية تتحدث عن المخرج النهائي لتوصيات اللجنة الملكية للإصلاح، والتي كان لافتًا فيها قبول الإسلاميين بمخرجاتها حتى الآن. لكن المثير بالقصة هو حالة التناغم والتوافق (حتى الآن) بين صانع القرار والحركة الإسلامية (جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي)، والتي اتضحت بالتوافق بين الطرفين على كثير من المخرجات الخاصة بقانوني الانتخاب والأحزاب.
في التفاصيل، كتم الإسلاميون مشاعرهم الشخصية بكفاءة تنظيمية طيلة نقاشات وإضافات وتوصيات جلسات اللجنة؛ حيث شاركوا في عملية احتواء لكل التناقضات بصورة أعجبت حتى خصومهم. كما توفرت مساحة مشتركة مع رئيس اللجنة، سمير الرفاعي، لمغادرة الاستعصاء والتأزيم، فيما تشير أغلب التقديرات السياسية إلى أن التيار الإسلامي جمع عدة مكاسب، وقد يكون من الأطراف الأكثر كسبًا عند الاشتباك مع الانتخابات المقبلة.
في السياق أيضًا، يسود انطباع قوي بأن الإسلاميين في طريقهم للاندماج والشراكة، لكنه انطباع متعجل قليلًا؛ فالمواجهة قديمة وقد تكون متكلسة وصلبة ولها مبررات ومسوغات قوية، بين أولويات الحركة الإسلامية وبين أصحاب الرأي المرتاب داخلها من خطط التيار المحافظ المتربص بهم على الدوام.
لكن اللافت أن صانع القرار ضغط هذه المرة على أصابع التيار المحافظ الذي فشل في تسويق هندسة الانتخابات البرلمانية، وأخفق في كثير من المحطات مثل ملف نقابة المعلمين، وبالتالي سمح بتمرير ما يرضِي الإسلاميين بحده الأدنى المقبول من الطرفين، أملًا في تسويق مخرجات إصلاحية سيقوم الملك بترويجها أمريكيًا، على أنها نجاح في الاقتراب أكثر من مفهوم المشاركة السياسة.
صحيًا، انشغل الأردنيون بإعلان الديوان الملكي الأردني إصابة ولي العهد، الأمير الحسين، بفيروس "كورونا"، مشيرًا إلى أن حالته الصحية “جيدة جدًا”، فيما سيخضع الملك والملكة لحجز منزلي احترازي لمدة خمسة أيام. وكان الانشغال منصبًا على سبب الإصابة في ظل أخذ ولي العهد المطاعيم الأكثر فعالية مع باقي أفراد الأسرة الحاكمة، مع سؤال مدى انتقال العدوى للملك والملكة وباقي أفراد العائلة، وكذا المسؤولين الذين التقاهم الأمير، فضلًا عن سؤال فاعلية اللقاحات التي تلقاها الأردنيون بعد إصابة ولي العهد.
محليًا أيضًا، أطلق نشطاء وسمًا رافضًا لإقامة "مهرجان جرش" بدعوى تنافيه مع التعليمات المتبعة للوقاية من "كورونا"، والتي أعلنت عنها الحكومة وتشددت فيها بصورة كبيرة. وتصدر وسم "مهرجان جرش لا يمثلني" منصات التواصل؛ حيث عجت التغريدات باستهجان واستغراب التصرف الحكومي في مواجهة تشددها الكبير بإجراءات السلامة على المساجد.
قضائيًا، قضت محكمة أمن الدولة بحبس المتهم الرئيس في قضية الفساد المعروفة إعلاميا بـ”مصنع السجائر”، عوني مطيع، 20 عامًا، بينما أثارت القضية جدلًا واسعًا، وجرى على إثرها توقيف 54 متهمًا، أبرزهم المتورط الرئيس "مطيع"، الذي سلمته تركيا إلى الأردن بعد القبض عليه في الـ18 كانون الأول/ ديسمبر 2018. وتتعلق القضية بإنتاج وتهريب سجائر بطرق غير قانونية إلى السوق الأردنية، والتهرب من دفع ضرائب بمبالغ مالية ضخمة مع تورط موظفين كبار بالدولة.
اقتصاديًا، أظهرت نتائج دراسة بعنوان "تقييم الأثر الاقتصادي لكوفيد- 19 على الشركات المملوكة للنساء في الأردن"، أن 74% ممن سُرّحوا من أعمالهم خلال الجائحة من النساء. ولفتت الدراسة إلى أن انخفاض الطلب ومحدودية ساعات العمل والأسواق والإغلاقات التي رافقت الجائحة، دفعت نحو 50% من الشركات التي تملكها نساء لتخفيض أسعار منتجاتها، حتى تتمكن من المنافسة، فيما اضطرت نحو 30% منها إلى تقليص عدد موظفيها.
في سياق أمني وعسكري، رفعت وزارة الداخلية شرط أخذ الموافقة الأمنية للأردنيين الراغبين في زيارة سوريا، وأن بإمكان المسافرين التوجه مباشرة للسفر دون ذلك، في تطور لافت في شكل العلاقة والنظرة الأمنية للحالة السورية. من جهة أخرى، صرح مصدر عسكري أن المنطقة العسكرية الشمالية وبالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات أحبطت محاولة تسلل وتهريب كمية من المخدرات، على الحدود مع سوريا.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا