استنتاجات الموجز:
الإدارة الأمريكية تواصل جهودها الدبلوماسية لتعزيز "الثقة" بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية في ظل شعور الأخيرة باستياء كبير
تصاعد الفعل المقاوم في الضفة الغربية يُربك حسابات الاحتلال الأمنية وسط توقعات بمزيدٍ من أعمال المقاومة الفردية
سيصل المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط، هادي عمرو، البلاد قريبًا لإجراء محادثات مع مسؤولين "إسرائيليين" وفلسطينيين بشأن دفع المسار السياسي. وستتركز محادثات "عمرو" على "إعادة بناء الثقة"، في حين أشار مسؤولون فلسطينيون إلى أن التوقعات "شديدة التواضع“، بينما ستركز المحادثات على "تعزيز التعاون في عدد من القضايا الاقتصادية والحياتية"، في ظل عدم وجود أرضية لإعادة إطلاق المسار السياسي في هذه المرحلة.
ولفت أحد المسؤولين الفلسطينيين إلى أن رئيس السلطة، محمود عباس، "غير راضٍ عن نتائج الجهود الأمريكية“، بينما رفض البيت الأبيض طلبًا من "عباس" لعقد اجتماع مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهو ما "أسهم في قرار عباس بعدم السفر إلى نيويورك"، و"الاكتفاء بإرسال خطاب مسجل بالفيديو“. يذكر أنه من غير المعتاد أن يرفض رئيس أمريكي طلب عقد لقاء مع الفلسطينيين، فيما أكد "بايدن" في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه يدعم حل الدولتين لكنه أقر بـ"أننا بعيدون جدًا عن هذا الهدف في هذه اللحظة".
بدوره، حذّر "عباس" في خطابه للأمم المتحدة من أن تصرفات ”إسرائيل“ ستؤدي إلى "حل الدولة الواحدة"، وأعطى ”إسرائيل“ مهلة لمدة عام لإنهاء احتلالها للضفة الغربية، وبعد ذلك سينظر الفلسطينيون في سحب اعترافهم بـ"إسرائيل" على خطوط 1967.
على الجانب الآخر، من المتوقع أن يقوم وفد قيادي رفيع من حركة "حماس" بزيارة إلى القاهرة، لبحث عدة ملفات تتوسط فيها مصر، أبرزها إعمار غزة والتهدئة وصفقة التبادل الجديدة للأسرى إضافةً إلى علاقة الحركة بالقاهرة، وذلك بعد الكشف عن زيارة قام بها وفد "إسرائيلي" للعاصمة المصرية.
في الشأن ذاته، ذكرت مصادر محلية أن رئيس "حماس" في غزة، يحيى السنوار، سيترأس الوفد الذي يغادر القطاع، على أن يتم الالتقاء برئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في القاهرة. بالمقابل، لا تزال الجهود الرامية لإنجاز صفقة تبادل أسرى جديدة بين "حماس" و“إسرائيل“ تراوح مكانها، بسبب رفض الأخيرة شروط "حماس"، وأبرزها إطلاق سراح أسرى من ذوي المحكوميات العالية. وفي هذا السياق، كان رئيس وزراء الاحتلال، نفتالي بينيت، قال إن "حماس" تطالب بالإفراج عن المئات من الأسرى بصفقة التبادل، مشددًا على أنه يعارض مثل هذه الخطوة كما عارضها سابقًا.
ميدانيًا، استشهد تسعة فلسطينيين، بينهم طفل، وأصيب 17 آخرون برصاص قوات الاحتلال، في حوادث منفصلة في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة. وكان لافتًا استشهاد خمسة فلسطينيين، فجر الأحد الماضي، وجميعهم أسرى محررون وبعضهم لم يمض على خروجه من سجون الاحتلال سوى بضعة أسابيع، ليؤكد استعصاء الأسرى الفلسطينيين على سياسة الردع "الإسرائيلية" التي تقوم على افتراض أن حبس الفلسطيني وتعريضه للتعذيب والعزل سيمنعه من الانخراط في المقاومة مرة أخرى.
بالمقابل، اعترف جيش الاحتلال بإصابتين خطيرتين بين صفوف وحداته المختارة، في الاشتباك المسلح الذي جرى في بلدة "برقين" غرب جنين، بينما استشهد الفلسطيني "أسامة ياسر صبح"، كما اعتقل اثنان أُعلن عن استشهاد أحدهما لاحقًا، وهو "يوسف صبح". أما في بلدة "بدو"، فقد استشهد بها ثلاثة شبان ينتمون إلى حركة "حماس"، أحدهم "أحمد زهران" وهو مطارد من قبل الاحتلال منذ أسابيع، حيث يتهمه بتشكيل خلايا للحركة في الضفة.
من جهتها، قالت شرطة الاحتلال إن جنديين من ”حرس الحدود“ أصيبا بجروح، في اشتباكات مع فلسطينيين بالقرب من قبر يوسف في نابلس شمال الضفة الغربية، حين قامت قوات الاحتلال بتأمين اقتحام نحو 500 يهودي إلى القبر. وبعد أيام من استشهاد خمسة شبان فلسطينيين، استُشهد شاب آخر وأُصيب آخرون في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، خلال اقتحامها بلدة برقين جنوب غرب جنين. كما استشهدت فتاة فلسطينية برصاص الاحتلال قرب المسجد الأقصى في القدس المحتلة، واستشهد فلسطيني آخر في قطاع غزة. وهو ما دفع ”الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية“ لإصدار بيان، قالت فيه إن قياد "الغرفة المشتركة“ تتابع تطورات الأحداث المتلاحقة على امتداد فلسطين، ومحاولة قيادة العدو فرض وقائع على الأرض بتصعيد جرائمه. وحذر البيان الاحتلال بأن ”الجريمة النكراء الأخيرة المتمثلة في إعدام الشهيد محمد عمار على السياج الفاصل شرق البريج هي تجاوزٌ لكل الخطوط الحمراء“، معتبرًا أن ”تغوّل العدو على أبناء شعبنا الآمنين بهذا الشكل الخطير سيستدعي ردودًا قاسيةً من نوعٍ خاص".
من جانبهم، روج قيادات عسكرية ومعلقون "إسرائيليون" أن الكشف عن خلايا وبنى تنظيمية عسكرية لـ"حماس" في رام الله وجنين يعتبر دليلًا على أن الحركة معنية بإشعال الضفة الغربية. واعتبر محللون صهاينة أن نجاح "حماس" في تشكيل بنى عسكرية في منطقتين من مناطق الضفة الغربية متباعدتين نسبيًا، وهما منطقتا جنين ورام الله، أمر غير عادي، لا سيما في ظل مواصلة كل من الجيش وجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" استراتيجية "جز العشب"، وضمن ذلك تلقى "إسرائيل" أحيانًا مساعدة من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.
يأتى ذلك بينما حذر قادة الأوقاف الإسلامية في القدس من فرض واقع جديد على المسجد الأقصى، يصبح فيه مكان صلاة مشتركًا مع اليهود، وذلك في أعقاب الإجراءات "الإسرائيلية" العنيفة وإفراغ الحرم القدسي من المصلين المسلمين، لإتاحة اقتحامه من مئات المستوطنين اليهود. كما حذرت ”القائمة المشتركة" للأحزاب العربية في "إسرائيل" من تغيير ”الوضع القائم“، واعتبرت الأقصى خطًا أحمر.
وكانت سلطات الاحتلال ضاعفت خلال الأسابيع الأخيرة عدد الزوار اليهود للمسجد الأقصى، وسمحت بمعدل ألف مستوطن، أدى قسم كبير منهم صلوات تلمودية ورفع بعضهم العلم "الإسرائيلي". ونصب الاحتلال الحواجز على الطرقات المؤدية للمسجد الأقصى، وفرض إجراءات مشددة وتفتيش استفزازي والتدقيق في هويات الوافدين إلى الأقصى وعرقلة وصولهم. وأقام الأمن حاجزًا على مداخل مدينة القدس، ومنع حافلات ركاب من الجليل والمثلث من دخولها، وأجبرها على العودة.
بالمقابل، قررت المحكمة العليا في القدس الغربية، استجابةً لطلب حكومة الاحتلال، تأجيل تنفيذ قرارها إخلاء وتهجير أهالي قرية الخان الأحمر الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة القدس المحتلة، لستة أشهر إضافية.
محليا، التقى رئيس الوزراء، محمد اشتية، بالمسؤولين ووجهاء العشائر في الخليل، بعد شكاوى متصاعدة من مسؤولين في المدينة حول إهمال السلطة لها، وتهديدات بمنع مسؤولي السلطة من دخول المدينة، التي تتميز بقوة الاقتصاد فيها وسيطرة العشائر وكثرة السلاح في أيدي التنظيمات والعائلات وجماعات خارج القانون. وكان "اشتية" التقى في الخليل مديري الأجهزة الأمنية لمناقشة سلسلة من المطالبات بتحسين الوضع الأمني، وبسط سيادة القانون والنظام العام في المحافظة التي تعاني من فلتان أمني وزيادة ملحوظة في استخدام السلاح خارج إطاره. كما قررت حكومة "اشتية" تأجيل الانتخابات المحلية المتعلقة بقطاع غزة، بدلًا من إجرائها في نهاية العام الجاري، إلى آذار/ مارس المقبل، لإفساح المجال للحوار بشأن إجرائها هناك.
إلى ذلك، جاءت خطوة النظام العسكري الحاكم في السودان، بوضع يده على أموال وأصول تتبع لحركة "حماس" على أراضيه، ضمن حلقة من حلقات الضغط التي بدأت فصولها منذ العام الماضي، حينما شدد النظام من قبضته وسلطته الأمنية على الطلاب الفلسطينيين المقيمين في السودان، والتي طالت أيضًا قيادات محسوبة على "حماس" جرى اعتقال بعضهم وترحيل آخرين. وخلال هذه الفترة تعرضت الحركة لسلسلة مضايقات من قِبل السلطات في السودان، شملت اعتقال وترحيل وسحب الإقامات والجنسيات من رموزها.
وكشف مصدر قيادي في الحركة أن ما يتم تداوله حول الأرصدة التي تم الاستيلاء عليها والتي تتبع الحركة هو عارٍ عن الصحة، موضحًا: "ما جرى هو وضع يد الدولة على مشاريع الإسكان التي كان يديرها مستثمرون فلسطينيون أو النازحون السوريون، والتي قام نظام الرئيس البشير بمنحها كامتيازات لأبناء الجالية الفلسطينية، كتوفير الأرض بشكل مجاني لإقامة هذه المشاريع، كبناء أبراج سكنية ومصانع للمواد الغذائية والزراعية، بما يخدم الدولة ويوفر فرص عمل لأبناء السودان والطلبة الفلسطينيين والسوريين."
وبعد إعلان السودان مصادرة هذه الأصول، دعت السلطة الفلسطينية الخرطوم إلى تسليم الأصول المصادرة إليها، لكن "حماس" التي نفت وجود استثمارات لها في السودان، اتهمت السلطة بـ"الصيد في الماء العكر".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا