استنتاجات الموجز:
انقسام سياسي سينسحب على أجهزة الدولة خاصة مجلسي السيادة والوزراء، قد يفضي لحل الحكومة وتعيين حكومة كفاءات وإقصاء المتسببين في الصراع
التهديد باستمرار إغلاق الشرق يعقّد الأمور على المركز الذي يعيش حراكًا سياسيًا يعكس عمق الخلاف بين المكونين الحاكمين
الأحداث الأمنية في الخرطوم نتاج غياب سلطة الأمن وتعطيل أهم أذرعه
أثار إطلاق أكثر من 20 كيانًا سياسيًا وحزبيًا وحركة مسلحة، منشقة عن قوى"الحرية والتغيير" ومن خارجها، ما سُمي بـميثاق"التوافق الوطني لتوسيع الحاضنة السياسية للثورة "، الجدل في سياق التوتر الراهن بين المكونين المدني والعسكري في قيادة المرحلة الانتقالية، حيث يطالب الميثاق بالعودة إلى منصة التأسيس لتحالف"قوى الحرية والتغيير" الذي قاد الثورة وأطاح بحكم الرئيس المعزول، عمر البشير. وكان من أبرز القوى الداعية للعودة لمنصة التأسيس؛ حركة"العدل والمساواة" بقيادة وزير المالية، جبريل ابراهيم، وحركة "تحرير السودان" بزعامة حاكم إقليم دارفور"مني أركو مناوي"، والتكتل الجديد الذي شكله مؤخرًا مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، مبارك أردول، وحزب"البعث" السوداني بقيادة يحيى الحسين ومحمد وداعة، ورئيس مسار الوسط، التوم هجو، ومسار الشمال، محمد سيد أحمد سر الختم.
في التفاصيل وخلال مؤتمر إطلاق الميثاق، هاجم كل من "جبريل" و"مناوي" لجنة "تفكيك نظام 30 يونيو/حزيران 1989"التي تحظى بدعم شعبي ملفت، إذ شدد "مناوي" على ضرورة مراجعة كل ما صدر عن اللجنة، من فصل عن الخدمة أو مصادرة للممتلكات، داعيًا لعدم إعطائها صلاحيات الشرطة والقضاء، وألا تمارس السياسة". من جهته، رفض"جبريل" فصل الموظفين عن الخدمة بسبب انتماءاتهم السياسية، ومصادرة أموال الناس بالباطل، والتشهير بهم قبل إكمال كل فرص التقاضي".
وفي ردود الأفعال المحلية حول المؤتمر، اتّهم"تجمع المهنيين السودانيين"من يقفون وراء المؤتمر بأنهم يهدفون لإثارة "أزمة قانونية ودستورية" بشأن من يمثل قوى "الحرية والتغيير" التي تبدو غير آبهة لتحركات مجموعة "الميثاق الوطني"، رغم الاتهامات لقادتها بالعمل مع العسكر لتنفيذ انقلاب أبيض يغير الحاضنة السياسية. بدوره، أكّد رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بأنهم لن يقبلوا سيطرة 4 أحزاب فقط على السلطة.
من جهة أخرى، لا تزال أصداء أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن زيارة المبعوث الأمريكي إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، قد سلطت الضوء على التزام واشنطن الثابت باستمرار الانتقال السياسي في السودان، مشيرةً إلى أن دعم واشنطن للخرطوم مربوط بالتزامها النظام الانتقالي المتفق عليه في الإعلان الدستوري لعام 2019، وباتفاقية جوبا للسلام. بدوره، تعهد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، خلال اجتماع دولي رفيع بالأمم المتحدة دعم الانتقال المدني بالسودان، انطلاقًا من إصلاح مؤسسات الدولة وعلى رأسها القطاع الأمني والعسكري.
بالتوازي مع ذلك، يتواصل التصعيد بين المكون العسكري والمدني في مجلس السيادة بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية على خلفية الإعلان عن إحباط محاولة انقلاب الأسبوع الماضي، ففيما تعهد فيه رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بمنع أي محاولات لإعاقة مسار العملية الانتقالية، دعا مجلس الوزراء السوداني إلى عقد اجتماع عاجل مشترك مع مجلس السيادة لمناقشة قضايا الوضع الراهن.
هذا وقد انعكس التصعيد حراكًا في الشارع السوداني، حيث انطلقت مظاهرات عدة في الخرطوم دعمًا لمدنيّة الدولة واستكمال مؤسسات السلطة الانتقالية، واندلعت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين تم اعتقال عدد منهم. كما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق متظاهرين تجمعوا في محيط القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، في إطار احتجاجات دعت إليها قوى الحرية والتغيير، في حين خرجت مظاهرات في "كسلا"، و"بورتسودان" و"القضارف"(شرق) و"دارفور"(غرب) و"عطبرة"(شمال)، ونشر ناشطون صورًا ومقاطع فيديو لمظاهرات متفرقة في مدن وبلدات أخرى.
وفي ملف أزمة شرق السودان، أكد مجلس الوزراء السوداني أن قضية شرق البلاد عادلة وذات أولوية قومية قصوى، وأن حلها سياسي بالأساس، فيما أعلن مقرر"المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة"، أبو آمنة سيدي، أنها سلمت عضو مجلس السيادة السوداني، الفريق شمس الدين كباشي، رسالة مكتوبة ردًا على النقاط التي تم التفاوض عليها بين الجانبين أثناء زيارة الوفد الحكومي لـ"بورتسودان" لحل أزمة إغلاق المجلس الطريق القومي والموانئ والمطارات أو ما ما بات يعرف بإغلاق"شرق السودان".
وكان المجلس قد أعلن أن شرق السودان لن يكون موردًا اقتصاديًا تعتمد عليه ما وصفها بـ"حكومة الأحزاب المجهرية الصغيرة"، مشيرًا إلى أن إغلاق الشرق سيستمر إلى حين إلغاء ما سماه "مسار الشرق المزيف"، وحل الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط، ومجلس سيادي يمثل الأقاليم الستة بعدالة. وأوضح المجلس أن الإغلاق لا يشمل شحنات الأدوية وسيارات الإسعاف والمنظمات وحركة المواصلات، في رد على تحذيرات مجلس الوزراء السوداني من نفاد المخزون الدوائي وانعدام سلع إستراتيجية بالبلاد، في ظل استمرار إغلاق الموانئ بالبحر الأحمر (شرق)، والطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان.
هذا ومنذ 17 سبتمبر/ أيلول الماضي يغلق "المجلس الأعلى لنظارات البجا" كل الموانئ على البحر الأحمر والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان. وعوضا عن مسار الشرق المضمن في اتفاقية جوبا للسلام، يطالب المجلس بإقامة مؤتمر قومي لقضايا الشرق ينتج عنه إقرار مشاريع تنموية فيه.
في الشأن الأمني، اشتبكت قوات حكومية مشتركة في ضاحية"جبرة"(جنوب الخرطوم) مع عناصر من تنظيم "داعش" اثناء مداهمتها موقعين بالمنطقة، حيث أسفرت العملية عن مقتل 4 عناصر "إرهابية"والقبض على 4 آخرين. وكان جهاز المخابرات العامة قد أوقف 8 عناصر "إرهلبية" أجنبية خلال مداهمة لموقعين في"أم درمان" ، كما أعلن عن مقتل 5 عناصر "إرهابية" وتوقيف 11 آخرين أثناء مداهمتهم في مقرات سكنية في العاصمة الخرطوم.
اقتصادياً،كشف بنك السودان المركزي عن تخصيص أكثر من 10 ملايين دولار لعمليات الاستيراد من أصل 60 مليون دولار تمثل المبلغ الكلي لمزاد النقد الأجنبي الثالث عشر، في حين حافظ سعر الصرف للعملة المحلية في السودان مقابل الدولار على استقراره لنحو ثلاثة أشهر في حدود 450 جنيهًا بالأسواق غير الرسمية.