استنتاجات الموجز:
امتعاض في أوساط السلطة الفلسطينية من المقاربة الأمريكية للتعامل مع القضية الفلسطينية وذلك لتركيزها على "التهدئة" في غزة واجراء "إصلاحات" داخلية
تحذيرات من اندلاع تصعيد عسكري بسبب عقوبات الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين واستفزازات المستوطنين في "باب العامود"
تعمدت مصادر سياسية محسوبة على السلطة الفلسطينية في رام الله نشر مضامين المحادثات الدبلوماسية التي دارت مع المبعوث الأمريكي، هادي عمرو، في إشارة إلى امتعاض السلطة من طريقة تعاطي الإدارة الأمريكية مع الشأن السياسي الفلسطيني، إذ باتت السلطة مقتنعةً أن كل ما يهم الإدارة الأميركية وكذلك مصر، هو منع التصعيد في غزة، دون وجود أي خطة في الأفق للضفة الغربية. واتهم مسؤول فلسطيني الإدارة الأميركية الحالية بتبني الموقف "الإسرائيلي" لجهة أنه لا جدوى من الحديث حول تسوية سياسية في هذا الوقت، موضحًا أنه بسبب ذلك، فإن الجهد الأساسي موجه لتحقيق الهدوء في القطاع مقابل إعادة الإعمار وتقديم تسهيلات إنسانية واقتصادية ومدنية تشمل الضفة.
يأتي ذلك في وقت يحاول رئيس السلطة محمود عباس التهرب فيه من الضغوط الأمريكية لتشكيل حكومة متوافق عليها فلسطينيًا من خلال اشتراط موافقة حماس على "شروط الرباعية" والالتزام بما تمليه الاتفاقات السياسية مع الاحتلال. وتشارك الإدارة الأمريكية مع السلطات المصرية في بذل جهد مشترك لتشكيل حكومة قادرة على إدارة شؤون قطاع غزة، بما يسمح بإرساء تهدئة طويلة هناك، وإطلاق عملية إعمار. وترى المقاطعة في رام الله أنه ليس من قبيل المصادفة أو "العبث" أن يهاتف الرئيس السيسي، الرئيس عباس، خلال زيارة هادي عمرو للمنطقة، ويحدثه عن المصالحة وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة. وكان السيسي اتصل بعباس، وأبلغه بأن مصر تولي أهمية كبيرة لتوحيد البيت الفلسطيني، وأنها ستواصل تحركاتها وجهودها من أجل عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، والمباشرة في عملية إعادة الإعمار. وتوجد محاولات جديدة الآن لإحياء مسار المصالحة. ويعزز ذلك قناعة لدى رام الله أن الإدارة الأميركية تركز معظم جهودها على القطاع الآن. وقال مسؤول فلسطيني، إنه عندما أثار الرئيس عباس قضية إعادة فتح القنصلية الأميركية خلال اللقاء مع عمرو، رد الأخير أن الأمر يتعلق بمكتب "بنيت".
من جهتها شددت مصر على التزامها بـ "تسريع عملية إعادة إعمار غزة"، من خلال إنشاء ثلاث مدن سكنية جديدة في غزة، وتبني مخططات لتطوير شوارع ومفترقات رئيسية في القطاع، ومشاريع أخرى سيتم إدخال المواد اللازمة لها عبر معبر رفح. ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة "البدء بمشاريع دولة قطر الشقيقة، بقيمة 50 مليون دولار"، كما أفاد موسى أبو مرزوق القيادي البارز في حركة "حماس". الذي أوضح أن تلك المشاريع ستتولى إعادة إعمار المباني (من غير الأبراج) بمجموع ألف وحدة سكنية، إلى جانب مبانٍ مُتضررة بشكل بالغ. ولفت إلى أن مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة بفعل الحرب ستتم بدءاً من العام القادم.
في وقت أعلن المبعوث القطري السفير، محمد العمادي، بدء صرف المنحة القطرية لقطاع غزة، مؤكدًا أن المساعدات النقدية ستقدم إلى 95 ألف عائلة "من الأسر المستورة والمتعففة في محافظات القطاع، بواقع 100 دولار لكل عائلة".
يأتى ذلك في وقت أطلق الكنيست "الإسرائيلي"، لوبي جديد لـ"تعزيز ودعم اتفاقيات إبراهام"، وذلك بحضور صهر ومستشار الرئيس الأميركي السابق، جاريد كوشنير، وزوجته، إيفانكا ترامب، على أن يرأس اللوبي "أوفير أكونيس" من حزب "الليكود" و"روت فسرمان" من تكتل "أزرق ــ أبيض".
وبالتزامن مع هذا الحراك السياسي، تختمر في الحالة الفلسطينية عوامل تصعيد قد تؤدي لتفجر المشهد واندلاع جولات تصعيد عنيفة، حيث تصاعدت الدعوات الفلسطينية لمواجهة قرار محكمة الاحتلال السماح للمستوطنين بأداء صلوات تلمودية داخل المسجد الأقصى، في وقت حذّرت حركة "حماس"، العدو، من أن عدم تراجعه عن هذا القرار، يعني تفجيرًا للوضع من جديد.
كما لوّح الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، زياد النخالة، باستعداد حركته لدخول حرب للدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأعقب ذلك إعلان الجناح العسكري لـ"الجهاد"، النفير العام في صفوف مقاتليه، توازيًا مع إيصال رسائل تحذير إلى الوسطاء المصريّين. وجاء هذا الإعلان فيما تُواصل إدارة السجون رفضها التراجع عن خطواتها العقابية بحقّ أسرى الحركة، والتي كانت شدّدتها إثر محاولة ستّة أسرى التحرّر من سجن جلبوع في أيلول الماضي، وهو ما ردّ عليه معتقلو "الجهاد" بإعلان جملة من المطالب، بالتزامن مع بدء 250 منهم إضرابًا عن الطعام. كما قالت حركتا "حماس"، والجهاد الإسلامي، إن مساس "إسرائيل" بالأسرى (الفلسطينيين) داخل سجونها "يقود المنطقة نحو انفجار واسع". جاء ذلك خلال لقاء جمع وفدًا من "الجهاد الإسلامي بقيادة النخالة، وآخر من "حماس" بقيادة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري.
في الوقت الذي تزداد فيه الاعتداءات على المسجد الأقصى من خلال الاقتحامات اليومية للمسجد، ومع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن التراثية الإسلامية في المدينة، حذر نشطاء مقدسيون من عمليات اعتداء المستوطنين وبحماية الشرطة الإسرائيلية على منطقة باب العامود في القدس المحتلة. إذ إن ما يحدث في باب العامود كل مساء وتحديدًا خلال الأيام الأخيرة، ليس شغبًا أو مناوشات طبيعية مصدرها شبيبة المستوطنين، حيث يبدو أن هناك من أعطى الضوء الأخضر لفتية المستوطنين بالعربدة في المكان كل مساء. فيما شنّت قوات الاحتلال حملة مداهمات وتفتيشات في مناطق مختلفة بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، اعتقل خلالها عدد من الفلسطينيين، فيما نفّذ ملثمون عملية إطلاق نار باتجاه قوة للاحتلال عند حاجز زعترة العسكري القريب من نابلس.
وفي سياق متصل، تخطط حكومة الاحتلال للدفع بخطة لبناء آلاف الوحدات السكنية في القدس ضمن خطة أوسع تستهدف إحداث تغيير شامل وكبير على (الخريطة الجيوسياسية) للمنطقة، وبما يمنع مستقبلًا أي إمكانية لحل يشمل تقسيم المدينة. وتمثل الخطة قبرًا نهائيًا لحل الدولتين، من خلال استهداف البناء في مستوطنات مثل "جفعات همتوس" وهو حي يهودي استيطاني أقيم على أرض بلدة "بيت صفافا" شرقي القدس، والمنطقة" ""E1 التي تمثل عدة مستوطنات أقيمت على أحياء فلسطينية منها "العيزرية" و"أبو ديس" و"عناتا" و"حزما" و"عطروت" و"بسغات زئيف"، شمال شرقي القدس، وجميعها مناطق تقع خارج المنطقة المسماة "منطقة الخط الأخضر". وتمضي "إسرائيل" بهذه المخططات الكبيرة في ظل امتناع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن الضغط على الحكومة الحالية خشية أزمة سياسية.
على صعيد آخر بدأ المستوطنون حربهم السنوية التقليدية على موسم الزيتون مع بدء عملية القطاف في الضفة الغربية، وشنوا العديد من الهجمات على مزارعين فلسطينيين في شمال وجنوب الضفة، بهدف تعطيل العملية التي تعد بالنسبة للكثيرين مهمة لجني الأرباح. ويخوض المستوطنون سنويًا ما يعرف بحرب الزيتون، حيث بات اعتداء تقليديًا لا بد منه في ظل تنامي قوتهم، وتشكيلهم مجموعات شبابية إرهابية، وقلة حيلة الفلسطينيين في القرى القريبة من المستوطنات.
الى ذلك، كشف تقرير لـ"ديوان الرقابة المالية والإدارية" في السلطة الفلسطينية لعام 2020، صدر أخيرًا، عن مخالفات مالية وإدارية في عدد من مؤسسات السلطة، علمًا أن ديوان الرقابة المالية والإدارية وبعدما أثار التقرير ردوداً واسعة، قام بتعطيل رابط التقرير على موقعه الإلكتروني. وأكد التقرير وجود خروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز"، الذي خصصته الحكومة لتوزيع مساعدات على الفئات التي تضررت في المرحلة الأولى من انتشار فيروس كورونا، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأشرفت عليه وزارة العمل، فيما كان هناك خلل في عدم وضع معايير بشأن أعداد المستفيدين من الصندوق من الأسرة الواحدة.
في شأن آخر، أظهر التقرير تحفظ ديوان الرقابة المالية والإدارية حول امتثال وزارة المالية لمعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام – الأساس النقدي (Basis Cash-IPSAS) في الحسابات الختامية للعامين 2016 و2017، حيث لم تقم وزارة المالية بالإفصاح عن بعض الاتفاقيات المهمة وذات الأثر الجوهري في اتخاذ القرارات من قبل مستخدمي البيانات المالية والتي تعد ضرورة لعرض البيانات المالية بعدالة من النواحي الجوهرية كافة. كما كشف التقرير أن "الهيئة لم تقم بإعادة الفائض من موازناتها السنوية للأعوام (2010 -2018)، والذي تزيد قيمته عن (13.5) مليون شيقل لحساب الخزينة العامة، خلافاً لأحكام المادة (53) من قانون الموازنة العامة رقم (7) لسنة 1998، بشأن تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية".