استنتاجات الموجز:
ملف التحقيق بانفجار بيروت سيكون عنوان تجاذب طائفي وسياسي حتى لو تم تنحية بيطار، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وضغط المجتمع الدولي باتجاه استكمال التحقيق
أحداث الطيونة مؤشر خطير على مدى انتشار السلاح وإمكانية تفلت الوضع الأمني "الهش" بالأساس
زيارة "نولاند" عقب زيارة "عبد اللهيان" ودعم الجيش تأكيد واضح على حرب النفوذ بين واشنطن وطهران
عاد ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ليتصدر واجهة الأحداث في لبنان، ويلقي بظلاله وآثاره على الوضع الأمني "الهش"، وعلى عمل الحكومة الوليدة التي لا تزال تتلمس سبل الدعم الدولي، وليدخل لبنان من بوابته في تجاذب وصراع طائفي وسياسي في الداخل ومع المجتمع الدولي.
في التفاصيل، قُتل 7 أشخاص وأصيب نحو33 بينهم ثلاثة عناصر من حركة "أمل" خلال تظاهرة دعا إليها الثنائي الشيعي أمام قصر العدل للمطالبة بإقالة المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، طارق بيطار، حيث اختلفت الروايات حول وقوع هذه الإصابات، وكيف ابتدأت الاشتباكات في منطقة "الطيونة" شرق بيروت، على خط التماس التاريخي بين "الشياح" و"عين الرمانة"، والتي استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
فمن جهته، خرج الجيش بروايتين في بيانين منفصلين، مشيرًا في الأول إلى أن المتظاهرين تعرضوا لرشقات نارية في"الطيونة – بدارو"، لافتًا في الثاني إلى وقوع إشكال وتبادل لإطلاق النار، وأنه أوقف 9 أشخاص بينهم سوري، في حين اتهم الثنائي الشيعي عناصر من "القوات اللبنانية" بالقيام بعمليات قنص مباشرة للمتظاهرين.
وجاءت هذه الأحداث الميدانية، بعد تحشيد سياسي وحزبي متبادل في استخدام "الشارع مقابل الشارع" بين الثنائي الشيعي من جهة، ومن جهة أخرى "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وأهالي ضحايا الانفجار، والتيار الحر الذي يشكل له ملف التحقيق حرجًا كبيرًا على الساحة المسيحية.
وقد انصبت جهود الثنائي الشيعي وتيار "المردة" على ضرورة إقالة "البيطار" لا سيما بعد إصداره مذكرة توقيف غيابية بحق وزير المالية الأسبق، علي حسن خليل،(حركة أمل)، ورفض محكمة التمييز طلبات التنحي المقدمة من "خليل" والنائبين "غازي زعيتر"، "نهاد المشنوق"، للمرة الثانية، حيث علق وزراء الثنائي الشيعي وتيار "المردة" حضورهم جلسات مجلس الوزراء حتى تحقيق مطلبهم، في حين أعلم مجلس النواب وزارة الداخلية بأنه سيباشر السير بالإجراءات اللازمة أمام "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" بما يتعلق بانفجار المرفأ.
وكان أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، قد شنّ هجومًا عنيفًا على البيطار مطالبًا بإقالته فورًا لتسييسه مسار التحقيق، وسعيه وفق قناعة الحزب إلى اتهامه بالتفجير، في حين انعكس ملف التحقيق انقسامًا بين المرجعيات الطائفية، ففيما يتطابق موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مع الثنائي الشيعي، ترى دار الفتوى أن هناك ضرورة لرفع الحصانات عن جميع الذين كانوا في سدّة المسؤولية، رئاسيةً كانت أو وزارية أو نيابيّة أو إداريّة أو أمنيّة، في مقابل موقف متصلب من "بكركي" التي ترى وجوب حماية "البيطار"، وتنظر إلى توسيع نطاق المسؤوليات عن الانفجار أنها تطال في عمقه موقع الرئاسة الأولى.
هذا وفيما رفض وزير الداخلية، بسام المولوي، مجدّدًا إعطاء الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام، عباس إبراهيم، تزامنًا مع رفض المجلس الأعلى للدفاع إعطاء الإذن بملاحقة مدير عام أمن الدولة، طوني صليبا، يستمر رئيسا الجمهورية والحكومة عبر وزير العدل، هنري خوري، في البحث عن مخارج للأزمة، بما يراعي مبدأ فصل السلطات واختصاص مجلس القضاء الأعلى.
بالمقابل، أكدت مواقف دولية الاتحاد الأوروبي والخارجية الأمريكية عدة على ضرورة استكمال التحقيقات وحماية قضاة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، بينما دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن يكون القضاء اللبناني قادراً على التحقيق بطريقة مستقلة ومحايدة.
على صعيد آخر، بحث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع ملك الأردن، عبدالله الثاني، في العاصمة عمّان، تسريع خطوات مشروع استجرار الغاز والكهرباء المصري الأردني، في حين أنهت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية -الآسيوية، فيكتوريا نولاند، زيارتها الاستطلاعية إلى بيروت، حيث بحثت ملفات الترسيم والتفاوض مع صندوق النقد وتحقيقات المرفأ. وأكدت "نولاند" استعداد بلادها للعمل مع المجتمع الدولي والصناديق المالية لدعم لبنان، إضافة لتخصيص دعم إضافي للجيش بقيمة 67 مليون دولار، منتقدة بالمقابل"ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة" بوصفها إياه بـ"الفرقعة الإعلامية".
وفي ملف الترسيم، أبلغ رئيس الجمهورية، ميشال عون،"نولاند" برغبة لبنان في العودة إلى المفاوضات غير المباشرة مع "إسرائيل"، وذلك في الوقت الذي كشفت فيه معلومات عن اتفاق لبناني داخلي بين رئيسي الجمهورية والحكومة على العودة إلى الخط 23 أو ما يعرف بـ"اتفاق الإطار" في مفاوضات الترسيم. كما أفادت المعلومات بأن عدم التمديد لرئيس الوفد العسكري التقني، العميد الركن بسام ياسين، مقدمة لإعادة تشكيل الوفد المفاوض وتحويله إلى وفد ديبلوماسي – سياسي – مدني.
على صعيد آخر، تكرست المحاصصة بأبهى صورها في التعيينات الجديدة، حيث سيطر "التيار الوطني الحر" على بقية أعضاء المجلس الدستوري، بتعيين القاضي ألبرت سرحان والمحامية ميراي نجم، كما هيأ لإعادة سيطرته على مجلس القضاء الأعلى بتعيين 4 قضاة كأعضاء في المجلس، أما الثنائي الشيعي فقد خرجت بنصيبه رئاسة الجامعة اللبنانية عبر تعيين الدكتور "بسام بدران" رئيسًا لها، في حين حاز ميقاتي تعيين القاضي "محمد المصري" كمدير عام لوزارة العدل.
في الشأن الانتخابي، طالب البطريرك الماروني، بشارة الراعي، بالمراقبة الدولية والأممية على العملية الانتخابية، وبتعديل القانون القائم ومشاركة المغتربين. وجاء ذلك في أعقاب اتفاق اللجان النيابية المشتركة على تقريب موعد الانتخابات إلى 27 مارس/ آذار، وتأييدها إجراء انتخابات المغتربين بمن فيهم "حزب الله" وحركة"أمل" اللذلان كان يعارضان اقتراع الاغتراب. وفي هذا الصدد، كشفت معلومات أن الرياض تعمل عبر سفيرها في بيروت، وليد البخاري، وبشكل حثيث مع حزب "القوات اللبنانية" على تأليف لوائح لخوض الانتخابات مع شخصيات من المجتمع المدني في عدد من المناطق، بالتوازي مع عقد السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيّا، لقاءات دائمة مع شخصيّات مسيحية مُستقلّة وحزبية. بالمقابل، أعطى "حزب الله"تعليماته لماكينته الانتخابية في بيروت بالتركيز على العمل الخدماتي.
في الشأن الاقتصادي، توقّع "ميقاتي" الوصول إلى تقدّم في التفاوض مع صندوق النقد الدولي خلال 3 أسابيع، في حين بحث الوزير، وليد فياض، وللمرة الثانية في أقلّ من أسبوع، مع السفيرة الأمريكية، دوروثي شيّا، ملف استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان، وإمكانية تسريع تأمين التمويل اللازم.
ويأتي ذلك، بعد إعلان "فياض" عودة الشبكة الكهربائية إلى عملها الطبيعي بمنحة من احتياطات الجيش من الغاز بلغت 6000 كيلوليتر، وذلك إثر انقطاعها بشكل كامل في جميع المناطق جراء توقف معملي دير عمار والزهراني بسب نفاد "الغاز أويل".
من جانب آخر، عاين"فياض" آثار الحريق الكبير الذي اندلع في أحد خزانات منشآت النفط في "الزهراني"(جنوب لبنان).
وفي شؤون اقتصادية أخرى، وبرعاية مصرية وقعت "شركة المقاولين العرب"مع مرفأ طرابلس مشروع استكمال البنى التحتية في المرفأ بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية قيمته 87 مليون دولار. بدوره، أكد وزير الأشغال والنقل، علي حميّة، أن أولويته هي التواصل مع سوريا لحلّ مسألة الترانزيت، بينما أعلن وزير الزراعة، عباس الحاج حسن، عن فتح الأردن أبوابه للمنتوجات اللبنانية، اعتبارًا من منتصف الشهر الجاري.
في شؤون أمنية متفرقة، كشف رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، نفتالي بينيت، أن جهاز "الموساد" نفذ عملية أمنية في قرية "النبي شيت" في البقاع للحصول على معلومات حول مساعد الطيار المفقود إبان الحرب الأهلية "رون أراد". من جهة أخرى، عثرت دورية من أمن الدولة على نحو 20 طنًا من نيترات الأمونيوم داخل مستودع في"حوش الحريمة"(البقاع)، في حين أكّدت نتيجة التحاليل المخبرية لنيترات الأمونيوم التي عُثر عليها الأسبوع الماضي في"عرسال"، أنها أسمدة زراعية ولا تحتوي على أي مركبات كيميائية تدخل في صنع المتفجرات.