استنتاجات الموجز:
تلويح تركي بعملية عسكرية واسعة في شمال سوريا عقب تصاعد الهجمات على إدلب والقوات التركية وسط غموض كبير حول نتائج اللقاءات التركية الروسية
اقالات "أردوغان" الجديدة لمسؤولين في البنك المركزي تهوي بسعر الليرة وتعمق الأزمة الاقتصادية
عادت تركيا لتلوح بالقيام بعملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، وسط تصعيد كبير تشهده مناطق شرق نهر الفرات وغربه، إضافة لتصاعد هجمات روسيا والنظام السوري على إدلب وهجمات الوحدات الكردية على القوات التركية، في ظل غموض حول نتائج اللقاءات التركية الروسية المتواصلة على أعلى مستويات. ولا يعرف على وجه التحديد ما إن كانت التطورات المتلاحقة في شمال سوريا تأتي في إطار حراك سوف يقود إلى اتفاق جديد بين البلدين قد يشمل تغيير خريطة السيطرة في المنطقة، أم أنها نُذر بتصعيد خطير قد يقود إلى مواجهة جديدة بينهما إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية والاتصالات المكثفة المتواصلة بين الجانبين.
وتعقيبًا على ما يحدث، أكّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان" أنّ صبر بلاده قد نفذ تجاه هجمات الوحدات الكردية شمال سوريا، مهددًا بتحرك عسكري ضد هؤلاء من غير تحديد مناطق العملية العسكرية المرتقبة. كما أجرى وزير الدفاع التركي لقاء مع رئيس هيئة الأركان وقادة القوات الثلاث وكبار قادة الجيش. وتزامن التهديد التركي مع سقوط عدد من القذائف الصاروخية على قضاء "قارقاميش" التابع لولاية غازي عنتاب، إضافةً لمقتل جنود أتراك وتفجير سيارة مفخخة بمدينة عفرين أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، إذ اتهمت تركيا تنظيم "ب ي د" بتنفيذ تلك الهجمات انطلاقًا من "تل رفعت" وعين العرب/كوباني.
وفي الأثناء، تضغط روسيا عسكريًا وسياسيًا على تركيا من أجل تنفيذ تفاهمات سوتشي وسحب قوات المعارضة السورية خلف الطريق الدولي "أم 4" وفتح الطريق بشكل كامل. بالمقابل، تضغط تركيا على روسيا من أجل عدم معارضة أي مخططات للقيام بعملية عسكرية جديدة لطرد الوحدات الكردية من مناطق "تل رفعت" وعين العرب وغيرها، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام تكهنات حول ما إن كانت مقايضات سياسية ربما تفتح الباب أمام تغيير خريطة السيطرة بما يخدم أهداف ومصالح الطرفين في هذه المرحلة.
بموازاة ذلك، احتضنت أنقرة أول اجتماع بين وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ووزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة، أمير خان متقي، وجرى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتقديم المساعدات التركية إلى أفغانستان، وسبل مساهمة تركيا في إعادة الإعمار، والتطوير الاقتصادي، وتظهر الزيارة رغبة "طالبان" لإقامة علاقات متينة مع تركيا.
إلى ذلك، تعمل تركيا على استعمال خبرتها الدبلوماسية لإتمام صفقات بيع الطائرات بدون طيار، حتى لا تُصنف أنقرة أنها تحركاتها موجهة ضد دول أخرى، إذ لم ترد تركيا على طلب المغرب وإثيوبيا على طلبات الشراء، في ظل عدم وجود تأكيدات رسمية للطلبات ولا ردود تركية قطعية معلنة، وذلك بسبب التناقضات الكبيرة التي تحيط بالمعادلة القائمة والتي تتأرجح بين الرغبة التركية في توسيع مبيعات الصناعات الدفاعية وتحقيق مكاسب اقتصادية ونفوذ استراتيجي مع دول هامة كمصر التي تشهد توتر دبلوماسي مع إثيوبيا، والجزائر التي تشهد توتر غير مسبوق مع المغرب وبين الرغبة في عدم حصول نتائج عكسية وخسارة دول أخرى.
وفي شأنٍ آخر، أجرت تركيا ولبنان مباحثات حول مساهمة الأولى في إعادة إعمار مرفأ بيروت وتشغيل سكة الحديد، والتعاون في مجال النقل، لا سيما ما يتعلق منها بنقل البضائع بالشاحنات اللبنانية والتركية بحرًا من خلال الخط البحري القائم بين مرفئي طرابلس وتاشوجو في تركيا.
وفي سياق منفصل، أجرى "أردوغان" مباحثات مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، خلال زيارتها إلى إسطنبول، حول تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وأكدت الأخيرة على مواصلة الاتحاد الأوروبي دعم تركيا في ملف مكافحة الهجرة غير النظامية، فيما أعرب "أردوغان" عن أمله في علاقات جيدة مع الحكومة الألمانية الجديدة، على غرار العلاقات الناجحة مع "حكومة ميركل".
في غضون ذلك، بدأ "أردوغان" جولة إفريقية تشمل (أنغولا ونيجيريا وجمهورية توغو)، ومن المنتظر أن يلتقي "أردوغان" نظيره الأنغولي، جواو لورنسو، ويناقش الجانبان سبل تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، ورفع حجم التبادل التجاري إلى 500 مليون دولار. وفي نيجيريا، سيعقد "أردوغان" لقاء مع نظيره، محمد بخاري، إلى جانب مشاركته في اجتماع منتدى الأعمال التركي النيجيري، ومن المقرر توقيع 3 اتفاقيات في مجالات متعددة، كما سيلتقي "أردوغان" بنظيره "فور اسوزيمنا جناسينجبي"، ليناقش الجانبان سبل تعزيز التبادل التجاري الذي بلغ 150 مليون دولار.
قضائيًا، قررت النيابة العامة في تركيا فتح تحقيق جاد بخصوص مزاعم ادعتها أحزاب المعارضة التركية حول احتمالية حدوث عمليات اغتيال سياسية في البلاد قبيل الانتخابات عام 2023، وذلك عقب إثارة زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كمال أوغلو، جدلًا عامًا في تركيا بتصريحات أبدى تخوفه فيها من احتمالية عودة الجرائم السياسية التي نشطت في البلاد سابقًا، وذلك بالتزامن مع تصريحات مشابهة لـ"كوراي آيدن" نائب رئيسة "حزب الجيد" الذي زعم أنّه من الممكن حدوث اغتيالات سياسية بالبلاد، فيما برر رئيس "حزب الديمقراطية والتقدم"، علي باباجان، القلق الذي أبداه "كليجدار أوغلو". بالمقابل، ردت الحكومة على هذه الادعاءات، واتهم رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، "كيلجدار أوغلو" بمحاولة إثارة مناخ من الخوف في البلاد.
اقتصاديًا، تعرضت قيمة الليرة التركية إلى انهيار تاريخي جديد عقب إقالة "أردوغان" ثلاثة أعضاء في لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، وهما نائبا رئيس البنك، سميح تومان، وأوجور نامق، إلى جانب عضو لجنة السياسة النقدية، عبدالله يافاش، عقب ساعات من لقاء جمعه مع رئيسه "شهاب أوغلو، وجرى تعيين "طه جاكماق" نائبًا لرئيس البنك و"يوسف تونا" عضوًا بلجنة السياسة النقدية، وهو ما سيؤدي إلى تعميق الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وعقب هذه التطورات، تلقت الليرة التركية ضربة جديدة هوت فيها إلى أدنى سعر قياسي جديد لها حيث وصل سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي إلى 9.2، لتقترب خسائر العملة المحلية منذ بداية العام الحالي من 20٪.
وفي السياق، تضرب موجة غير مسبوقة من الغلاء في الأسعار كافة القطاعات الحيوية وهو ما زاد من المتاعب الاقتصادية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط وفرض تحديات كبيرة على الحكومة التي تحاول السيطرة على الأسعار، وتقليل الآثار السلبية على المواطنين في محاولة لسحب "ورقة الاقتصاد" من يد المعارضة التي تسعى لاستغلالها، حيث يجمع محللون على أن الاقتصاد واللاجئين ستكونان أخطر ورقتين بيد المعارضة بالانتخابات المقبلة التي توصف بـ"الحاسمة" وتسعى فيها المعارضة لإنهاء حكم حزب "العدالة والتنمية" المتواصل منذ نحو 19 عامًا.
عسكريًا، تستعد منظومة صائدة الطائرات المسيرة "فدائي"، التي جرى تطويرها على يد شركات الصناعات الدفاعية التركية، لإجراء مناورتها الأولى خلال أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بعدما جرى تطوير المنظومة لتكون وسيلة فعالة في وقف الهجمات "الكاميكازية" للطائرات المسيرة.
أمنيًا، شنت قوات الأمن التركية عملية أمنية موسعة ضد تنظيم "د هـ ك ب –ج" (يسارية متطرفة) في 16 ولاية، وذلك بعدما أصدرت النيابة العامة أمر توقيف بحق 126 مشتبهًا من التنظيم اليساري، وتم توقيف 54 منهم، كما قبضت الاستخبارات التركية على 8 أشخاص، بينهم عميلان لإيران، خلال محاولتهم تهريب عسكري إيراني سابق إلى بلاده عبر ولاية "وان" شرقي تركيا، كما استسلم 4 عناصر من تنظيم "بي كي كي" إلى قوات الأمن، بفضل جهود الإقناع.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا