استنتاجات الموجز:
"سعيّد" مصمم على عدم التحاور مع أحد واضعًا تونس في مرحلة خطرة اقتصاديًا أمام ضغوط المانحين الذين يربطون تواصل التعاون الاقتصادي بتنفيذ إجراءات عودة الديمقراطية
"تبون" يضمن سيطرته على القوانين خاصةً "القانون الانتخابي" في موافقة أغلبية البرلمان
"تضخم الأغلبية" و"تشتت المعارضة" تُضعفان العمل الرقابي على الحكومة وسط أزمة معيشية في المغرب
لا زالت الأوضاع في تونس قائمة تحت وطأة "التدابير الاستثنائية" التي تبعتها قرارات مُنح بموجبها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، سلطات تنفيذية وتشريعية، بينما تزايدت المخاوف من ذهابه نحو إجراء استفتاء لتعديل الدستور وتغيير نظام الحكم والقانون الانتخابي بـ"وسائل غير دستورية". بالمقابل، يصطدم الحوار الذي طرحه "سعيد" للخروج من الأزمة برفض الأحزاب والمنظمات داخليًا، ومواقف الدبلوماسية الأمريكية والاتحاد الأوروبي خارجيًا. ففي حين طالب الجميع بـ"حوار شامل" يجمع مكونات البلاد، دعى "سعيّد" إلى حوار مع ما وصفها بـ"اللجان الثورية من الشباب، والشعب عبر المنصات الإلكترونية".
في السياق ذاته، طلب "سعيّد" من وزارة الاتصال إحداث "منصات للتواصل الافتراضي، لتمكين الشباب خصوصًا، وفئات الشعب عمومًا من المشاركة في الحوار وعرض مقترحاتهم وتصوراتهم، مؤكدًا أن "الحوار سيكون نوعًا جديدًا من الاستفتاء"، ومفسرًا آلية عمل المنصات بـ"استمارة" لجمع المقترحات المتعلقة بالنظام السياسي والدستور والنظام الانتخابي، ثم المرور إلى "الاستفتاء التقليدي بالاستناد لدستور 2014". كما صرح الرئيس بأنه لا حوار مع ما "الخلايا السرطانية"، عتبرًا أن "من وضع بلاده في الخارج لا يمكن أن يكون ممثلًا للشعب".
وقد أثار إعلانه هذا حفيظة الأوساط السياسية؛ حيث اعتبر أمين العام للاتحاد العام للشغل، نور الدين الطبوبي، أن "رسم مستقبل البلاد لا يمكن أن يتم بمعزل عن الاتحاد، ولا أحد بإمكانه تجاوز المنظمة النقابية"، مؤكدًا أن حل الأزمة لا يكون عبر الإقصاء"، وأضاف أن الاتحاد "لن يقبل بخيار اللجان الشعبية"، كما حذر من "العودة لنظام الحكم الفردي". بدوره، صرح القيادي في "حركة النهضة"، عبد اللطيف المكي، أن "دستور 2014 لا يسمح بإجراء استفتاء في ظل تجميد عمل البرلمان، ولم يكرس الاستفتاء المباشر، بل يفرض تدخّل البرلمان بالموافقة على النص التشريعي أو التعديل الدستوري، داعيًا إلى "وقف اختطاف الدولة وإعادة المؤسسات".
دبلوماسيًا، وصلت رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، إلى السعودية لمناقشة إمكانية تقديم الدعم المادي وإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية، بعد تخفيض مؤسسة "موديز" تصنيف بلادها، ما يعني عدم التمكن من الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية. كما تشارك "بودن" في قمة "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" في الرياض، التي تناقش تحديات التحول في الطاقة وتحقيق التوازن في الصناعات كثيفة الكربون والفرص الاستثمارية الجديدة في الاقتصاد الأخضر.
في الأثناء، صوّت البرلمان الأوروبي على مشروع قرار حول الأوضاع في تونس، بما فيها استئناف العمل لمؤسسات الدولة بالأغلبية بعد حصوله على 534 صوتًا من أصل 685، ما أثار حفيظة "سعيّد" حيث طالب بعدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام السيادة، رافضًا التداول في شأن بلاده في جلسات وبرلمانات أجنبية وتوجيه انتقادات وحلول.
أمنيًا، أطلقت السلطات الجزائرية سراح رئيس حزب قلب تونس، نبيل القروي، وشقيقه النائب، غازي القروي، حيث يحاكمان بتهمة اجتياز الحدود خلسة، مشيرةً إلى أنها تواصل التحقيق معهما في حالة سراح، إضافةً إلى إطلاق سراح متهمين آخرين ساعدوهما في دخول الجزائر.
في الشأن الجزائري، صادق البرلمان على القوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال فترة الفراغ النيابي وملحق تعديلاتها دون مناقشة، بما فيها البنود التي اشتكت الأحزاب من عدم وضوحها، على غرار المادة 184، التي تسمح بإقصاء المرشحين لمجرد الشبهة أو لوجود تقارير أمنية ضدهم، دون إثباتات أو أحكام قضائية. كما صادق البرلمان على قانون العقوبات المتعلق بتجريم الدعوة لتغيير النظام السياسي خارج الدستور، وتصنف "كل محاولة للوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية بفعل إرهابي"، إضافةً إلى قانون حماية المعلومات والوثائق الإدارية.
بموازاة ذلك، وفي افتتاح السنة القضائية لمقر المحكمة العليا، أكد "تبون" إصراره على الفصل بين النشاط السياسي والانتخابات، وبين المال السياسي واستبعاد فعلي للمال الفاسد، بعد فترة هيمن فيها الكارتل المالي على الانتخابات، كما وصف عددًا من المرشحين الذين تم إقصاؤهم بأنهم ينتمون إلى الكارتل المالي وعددهم أكثر من 750 شخصًا.
في شأن دبلوماسي، أشرفت السلطات على اجتماع وفد من الحكومة المالية بقيادة وزير المصالحة الوطنية، إسماعيل واغي، وعدد من قادة حركات الأزواد، بعدما قادت الجزائر الاجتماعات مغلقة بين الطرفين لمناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة، على خلفية تزايد التوترات ونشاط الجماعات المسلحة؛ حيث جرى الاتفاق على تثبيت العمل باتفاق السلام الموقع في الجزائر عام 2015. وأعلن التحالف "تمسكه بالاستمرار في تطبيق تدابيره، وتثمين الدور الجزائري في متابعة الاتفاق، والسعي لتوفير كافة الشروط لتنفيذ توافقي للاتفاق لصالح جميع سكان مالي."
أمنيًا، أكد مبعوث الجزائر الخاص المكلف بمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، عمار بلاني، موقف الجزائر بمقاطعة أي مائدة مستديرة تنظم حول الصحراء الغربية، معلنًا أن "الانتهاك الصارخ" للمغرب لاتفاق وقف إطلاق النار “والضم غير القانوني للمنطقة العازلة في الكركرات، يضع المنطقة في حالة حرب وأمام حالة خطر تصعيد حقيقي”، ومؤكدًا أن “بلاده لم تلتزم أبدًا بأن تكون جزءًا مما يسمى بالمائدة المستديرة".
في الشأن المغربي، وبينما شرع الوزراء في عرض برنامجهم الحكومي، يتجه البرلمان للمصادقة عليه، نتيجة "تضخم الأغلبية" وتشتت المعارضة وعدم وجود تنسيق بينها، ما دام معظمها يشهد مشكلات داخلية، فضلًا عن تضارب توجهاتها الأيديولوجية.
من جهتها، سجلت هيئات المجتمع المدني ملاحظات حول تشكيل الحكومة وبرنامجها الوزاري، من ناحية ارتفاع عدد الوزراء ومن انتماء سياسي إلى ستة وزراء، كونه لا يساعد على تفعيل محاسبة الحكومة، كما أن تعيين وزراء "تكنوقراط" يزيد من ضبابية المشهد السياسي، ويدفع لفقدان الثقة في الكوادر السياسية.
اقتصاديًا، بدأت شعارات الحكومة تصطدم سريًعا بالواقع؛ فقد ندد عدد من المواطنين بـ"الارتفاع الصاروخي" لأسعار المحروقات، بينما تعهد "حزب الاستقلال" بالعمل على تسقيف أسعار المحروقات. ويتزامن ذلك مع الزيادات التي شهدتها المواد الغذائية الأساسية، فضلًا عن ارتفاع فواتير الماء والكهرباء. في هذا الإطار، طالب البعض بالتزام الحكومة بتسقيف الأسعار، علمًا أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، من أكبر المستثمرين في القطاع.
أمنيًا، أشرف مسؤولون عسكريون أمريكيون ومغاربة على إطلاق دورة تدريبية عسكرية على تقنيات الإنزال السريع من برج يبلغ ارتفاعه 50 قدمًا، كاشفين عن منشأة تدريبية للقوات البحرية المغربية بمساعدة فريق الكتيبة الأولى للإنشاءات للبحرية الأمريكية. من جانبه، اعتبر رئيس مكتب التعاون الأمني بالسفارة الأمريكية في الرباط، تيريمورا شامل، أن "المشروع يعتبر مثالًا للعلاقة بين القوات المسلحة الأمريكية والمغربية”، مضيفًا أنه "يعمل باستمرار من أجل التدريب والاستعداد لتهديدات الممكنة للاستقرار الجهوي".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا