استنتاجات الموجز:
لا نجاح يرجى من مؤتمر استقرار ليبيا في ظل الغياب الروسي التركي الذي قد يفسر على أنه مقاطعة أو عدم دعم لأجندة المؤتمر
"الدبيبة" و"حفتر" يتنابذان فوق الطاولة ويرتبان المشهد تحتها وسط التقاء رغبة الطرفين على الاستمرار في المشهد بعيدًا عن إجراء الانتخابات
اختُتمت أعمال "مؤتمر استقرار ليبيا" الذي عقد في طرابلس، والذي سعت فيه وزارة الخارجية الليبية لحشد الدعم الدولي لما أطلقت عليه مساري الاستقرار في ليبيا؛ الأول المتعلق بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد وفق ما خلصت إليه لجنة "5+5" من سحب تدريجي ومتوازي للمرتزقة، فيما يتعلق المسار الثاني بدعم إجراء العملية الانتخابية في موعدها. ورغم الزخم الذي صاحب المؤتمر واستقبال 30 وفدًا من الدول المشاركة، إلا أن مستوى التمثيل الدبلوماسي أثار بعض التساؤلات حول جدية الأطراف المشاركة، ومدى نجاح المؤتمر قبل أن يبدأ حتى.
في هذا الإطار، يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تشارك إلا بالسفير الأمريكي والقائم بالأعمال لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية، في الوقت الذي ينظر فيه إلى مشاركة كل من روسيا وتركيا، الأطراف الأساسية في ما يتعلق بسحب المرتزقة، على أنه شبه مقاطعة. وفي دلالة واضحة على عدم نجاح المؤتمر، لم يتفق الحضور على البيان الختامي، فيما غادرت بعض الوفود أثناء المداولات حول البيان الختامي مثل قطر والسعودية.
وهذا ما يفتح المجال حول الكثير من التساؤلات المتعقلة بنجاح المؤتمر وحول أداء الحكومة عموما؛ ففي الوقت الذي انعقد فيه هذا المؤتمر شهدت الأزمة الحكومية تفاقمًا جديدًا وتصعيدًا، من قبل الوزراء والوكلاء المقاطعين عن المنطقة الشرقية المعروفة تاريخية باسم "برقة". فمن جانبه، قام وكيل وزارة الداخلية للشؤون الفنية، فرج قعيم، بإيقاف الملاحة الجوية على الرحلات الداخلية ليقطع بذلك المسارات الجوية بين المنطقة الشرقية والغربية.
في السياق نفسه، خرج رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، مستعرضًا المشكلة المتفاقمة مع الوزراء المقاطعين، كما طلب من "قعيم" أن "يلزم حدوده وأن يتوقف عن التدخل في اختصاصة غيره". وأضاف "الدبيبة" في حديثه المطول أن دعوة تهميش المنطقة الشرقية تعتبر دعوة لا أساس لها من الصحة، مشيرًا إلى نسب الوزراء ومخصصات الميزانية التي خصصت للمنطقة الشرقية، ومؤكدًا أن الخلاف الحاصل اليوم هو مشكل سياسي ولا علاقة له بالجهويات والأقاليم.
بالمقابل، يرى مراقبون أن الخلاف الحاصل بين الوزراء وقيادات الحكومة اليوم تعبير عن انفضاض الشراكة بين رئيس الحكومة وبين "حفتر"، الذي رشح له غالب الوزراء المقاطعين بعد سحب الثقة من الحكومة ومسيرة إفشال وعرقلة آدائها.
في الوقت ذاته، سربت صحيفة "أفريكان إنتجلنس" أنباءً عن مفاوضات تجري في البوابة الخلفية بين "الدبيبة" و"حفتر". وقالت الصحيفة في تقرير لها إن المفاوضات تجري في أبوظبي بين مبعوث عن "الدبيبة" وأحد أبناء "حفتر"، مشيرةً إلى أن هناك اتفاقًا يجري بين الطرفين في حال فشل إجراء الانتخابات في موعدها. ويشير هذا إلى كون الخلاف الحومي الحاصل لا يعدو أن يكون توترًا بين كل من "الدبيبة" و"حفتر"، وأن الأول لم يخضع بالشكل الكافي لطلبات الجنرال خصوصًا ما يتعلق بصرف ستة مليارات لقواته الوهمية من الناحية القانونية. وذلك لأن هذه الأموال، التي تقدر بمليار دولار أمريكي، ستفتح المجال للحركة المريحة أمام "حفتر" في الانتخابات القادمة لشراء الأصوات وإدراة حملته الانتخابية.
على صعيد العملية الانتخابية وموعد إجرائها، خرج رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، في مؤتمر صحفي يؤكد استلامه القوانين المتعلقة بالانتخابات المزمع عقدها في الـ24 كانون الأول/ ديسمبر القادم. وقال "السايح" إن وظيفة المفوضية تنفيذ التشريعات وليس واجبًا بالنسبة للمفوضية التحقق من صحة الإجراءات والنظر في الطعونات، بل إن هذا واجب منوط بالقضاء والمحاكم. ويشير هذا الكلام لاعتماده رأي البرلمان بالمخالفة للاتفاق السياسي، الذي ينص على أن التشريع يتم بالتشاور بين مجلسي النواب والدولة. لكن "السايح" أكد انحيازه لمجلس النواب بالقول إنه لا ينظر لمجلس النواب كطرف من الأطراف، بل ينظر إليه كسلطة تشريعية واجبه تنفيذ تشريعاتها وقوانينها.
في هذا السياق، يشار إلى أن مجلس النواب سنّ قانونًا قبل ذلك يتعلق بالانتخابات النيابية، ينص على أن مجلس النواب سيعلن عن موعد الانتخابات النيابية بعد 30 يومًا من إجراء الانتخابات الرئاسية، ما يؤكد تدبير مجلس النواب لإفشال عملية الانتخابات ورغبة الأعضاء في الاستمرار في المشهد. وقد تواطأ رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات مع هذا التحايل بالقول إن انتخابات مجلس النواب ستتم تزامنًا مع انتخابات الرئاسة في جولتها الثانية، ما يشي بحالة لا قانونية لرئيس المفوضية؛ فلو سلمنا جدلًا بصحة القوانين الصادرة عن مجلس النواب، فلا يحق قانونًا للمفوضية تفسير القوانين أو تعديلها أو تحويرها، فهي لا تعدو عن كونها جهة تنفيذية.
في سياق الانتخابات أيضًا، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن ليبيا اقتربت من إجراء انتخابات عالية المخاطر، بعد أن أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أنها ستفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر، وتوزيع بطاقات التصويت هذا الأسبوع. وأضافت الصحيفة أن هناك عددًا من اللاعبين يحاولون إفساد العملية الانتخابية، إما لأنهم يمارسون السلطة أو لأنهم خائفون من أثر الانتخابات على البلاد، خاصةً وأن كل الأطراف المتنازعة تعتمد على المرتزقة وتعيش حالة هشة من وقف إطلاق النار. كما أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة والقوى الأجنبية الأخرى تضع ضغوطًا على الطبقة السياسية الليبية، لدعم الانتخابات في الـ24 كانون الأول/ ديسمبر القادم، وأنهم يقولون إن "البلاد لن تتعافى أبدًا من الإدارات غير الشرعية".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا