استنتاجات الموجز:
مباحثات تركية أمريكية رفيعة سبقت قمة "أردوغان" - "بايدن" التي سترسم مستقبل العلاقات حتى نهاية فترة الأخير
التصريحات الحادة بين تركيا والصين تنذر بجولة جديدة من التصعيد بين البلدين خلال الفترة المقبلة
تصويت "الشعب الجمهوري" بـ"لا" على مذكرة الرئاسة حول العمليات العسكرية يعدّ رضوخًا لكسب أصوات الأكراد واليساريين في الانتخابات المقبلة
بذل الجانبان التركي والأمريكي على المستويين السياسي والعسكري جهودًا مكثفة خلال الأسبوع الماضي، للتحضير للقمة التي جمعت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره الأمريكي، جو بايدن، على هامش قمة مجموعة الـ20 الاقتصادية، والتي يعتقد أنها ستكون حاسمة في التوصل لحل نهائي لأزمة طائرات "F-35"، والتي قد ترسم مستقبل العلاقات التركية الأمريكية إلى نهاية فترة "بايدن".
في التفاصيل، استمر لقاء الرئيسين في روما لمدة ساعة وعشر دقائق، وتم الاتفاق على توسيع مجالات التعاون وإدارة النزاعات بشكل فاعل. وبحث الرئيسان المسار السياسي في سوريا وإيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان والمستجدات في ليبيا والأوضاع شرقي المتوسط، إضافةً للجهود الدبلوماسية لإرساء الاستقرار جنوبي منطقة القوقاز. بدوره، أعرب "بايدن" عن رغبته في الحفاظ على علاقات بناءة مع تركيا، مؤكدًا على أهمية التعاون الدفاعي بين البلدين وأهمية تركيا كبلد عضو في حلف "الناتو"، لكنه أعرب عن قلقه من امتلاك تركيا لمنظومة الدفاع الروسية "إس-400".
يذكر أنه سبق اللقاء تحضيرات من قبل متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، حيث تناولا العلاقات الثنائية وملف طائرات "إف-35" و"إف-16" وتغير المناخ وملفات إقليمية منها أفغانستان وسوريا وليبيا وقره باغ (أذربيجان) واليونان وشرق البحر المتوسط. في السياق أيضًا، بحث وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، مع نظيره الأمريكي، لويد جيمس أوستن، هاتفيًا، قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية. وأوضح بيان وزارة الدفاع التركية أن اتصال "أكار" و"أوستن" ركز على خطوات وضع أجندة إيجابية قبل اللقاء المخطط بين رئيسي البلدين. كما أجرى وفد من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون| مباحثات في أنقرة، لمناقشة الخلافات الناشئة عن استبعاد تركيا من برنامج المقاتلة "F-35".
على صعيد خارجي منفصل، عادت التصريحات الحادة بين تركيا والصين إلى الواجهة مجددًا بعد أكثر من عام من التهدئة التي سادت الخلافات بينهما، والتي تركزت حول ملفي سوريا والإيغور، وهو ما يثير المخاوف من جولة جديدة من التصعيد خلال المرحلة المقبلة التي ترغب فيها أنقرة في التهدئة على كافة الجبهات. من جهتها، عادت تركيا لتصدر المواقف الدولية المنددة بانتهاكات الصين ضد أقلية الإيغور المسلمة في إقليم تركستان الشرقية، ووقّعت على بيان إلى جانب 42 دولة يندد بالانتهاكات الصينية واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد تلك الأقلية. بالمقابل عبرت 62 دولة بينها 14 دولة عربية عن دعم موقف الصين، في بيان ضغطت بكين لإصداره ردًا على البيان الأول.
ولم تمض أيام قليلة حتى تفجرت مشادة كلامية حادة بين ممثليْ تركيا والصين في مجلس الأمن الدولي، على هامش جلسة كانت مخصصة لمناقشة آخر تطورات القضية السورية، واتهم ممثل الصين، قنغ شوانغ، تركيا بأنها تحتل أجزاء من شمال شرق سوريا بشكل غير قانوني، بينما رد ممثل تركيا الدائم في مجلس الأمن، فريدون سينيرلي أوغلو، بأن “تركيا لن تتعلم من أولئك الذين ينتهكون القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني"، في إشارة لانتهاكات الصين لأقلية الإيغور.
خارجيًا أيضًا، نجح سفراء الدول الـ10 في نزع فتيل التوتر مع أنقرة بإصدارهم بيانًا، أبدوا فيه احترام بلادهم لاتفاقية فيينا القاضية بعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، وهو ما اعتُبر تراجعًا عن بيان سابق بإدانة استمرار اعتقال رجل أعمال تركي منذ سنوات، ما أدى ذلك لإعلان الرئيس أردوغان السفراء المذكورين أشخاصًا غير مرغوب بهم في تركيا.
في الملف السوري، بات التصعيد سمة أساسية في تصريحات المسؤولين الأتراك الذين كرروا تهديدهم بشن عمل عسكري شمال سوريا، بهدف السيطرة على مدن وبلدات استراتيجية على رأسها تل رفعت وعين عيسى شمال وشمال شرقي البلاد. فقد هدد كل من وزير الدفاع، خلوصي أكار، ووزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، بالرد على “اعتداءات بي كى كى/ ي ب ك”، واتخاذ “ما يلزم” بخطوات أكثر جدية لمواجهة هذا الوضع.
ميدانيًا، تزامنت التهديدات التركية بإرسال مزيد من الأرتال العسكرية إلى منطقة خفض التصعيد في إدلب، كما أدخل الجيش التركي رتلًا عسكريًا ضخمًا يضم أكثر من 100 آلية عسكرية ثقيلة، وتوجه في معظمه إلى النقطة صفر في منطقة جبل الزاوية على خطوط التماس مع قوات النظام السوري جنوبي إدلب، حيث تتوارد أنباء عن نية الجيش التركي إنشاء قاعدة عسكرية في منطقة مهمة في جبل الزاوية، ضمن ترتيبات جديدة يعمل عليها في المنطقة.
في شؤؤون داخلية متفرقة، أصدر الرئيس "أردوغان" قرارًا بتجميد أصول 13 شخصًا وكيانًا معظمهم سوريون بتهمة "دعم وتمويل الإرهاب"، لتكون المرة الثانية التي تجمد خلالها تركيا أموالًا لسوريين مستثمرين على أراضيها. هذا، بينما لا تزال قضية "الموز" تتفاعل في تركيا؛ إذ كان آخر فصولها إعلان الإدارة العامة للهجرة عن نيّتها ترحيل سبعة سوريين، ألقت القبض عليهم على خلفية منشورات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ قالت إنّه "تحريضي استفزازي". وعلى إثرها تصدّر "هاشتاغ" "#سوريلي"، الذي أطقله ناشطون أتراك على موقع "تويتر"، حيث تطرّقت التغريدات إلى قضية "الموز" والفيديوهات التي نُشرت.
من جانبها، استغلّت بعض أحزاب المعارضة التركية الحادثة؛ فقدّم "حزب النصر"، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ، شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام ضدّ شاب سوري بشأن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر أنّها "تستهدف الأمة التركية والعلم التركي".
دبلوماسيًا، أجرى الرئيس التركي لقاءات مع نظرائه الإندونيسي، جوكو ويدودو، ورئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على هامش قمة مجموعة العشرين في روما.
داخليًا، احتفلت تركيا بعيد تأسيس الجمهورية الـ98، وكان العنوان الرئيسي في هذه الفعالية زيارة المسؤولين الأتراك لضريح مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك. هذا، فيما صوت البرلمان التركي على مذكرة تمديد مهام القوات التركية في سوريا والعراق لمدة عامين. وجرى تمرير المذكرة بدعم نواب "حزب العدالة والتنمية" وشريكه بالحكم "حزب الحركة القومية" (تحالف الجمهور). كما صوت بدعم المذكرة "الحزب الجيد" برئاسة "ميرال أكشينار" المنضوي تحت تحالف المعارضة (تحالف الأمة).
بالمقابل، صوت "حزب الشعوب الديمقراطي"، أكبر الأحزاب الممثلة للأكراد بـ"لا"، وهو أمر اعتيادي حيث صوت الحزب طوال السنوات الماضية ضد عمليات الجيش التركي في سوريا والعراق، باعتبار أنها تستهدف بدرجة أساسية التنظيمات المسلحة الكردية وعلى رأسها "العمال الكردستاني" شمال العراق، و"وحدات حماية الشعب" و”قسد” شمال سوريا.
ولأول مرة منذ سنوات طويلة صوت "حزب الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة التركية بـ”لا” على مذكرة، طلبت من خلالها الرئاسة التركية تفويضًا لتمديد الإذن القائم للجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية في سوريا والعراق. واعتُبرت هذه خطوة غير مسبوقة من " الشعب الجمهوري"، حيث جاءت بمثابة محاولة من الحزب لمغازلة الناخبين الأكراد، وتعزيز فرص ضم "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي لتحالف المعارضة، الذي يسعى لإسقاط "أردوغان" في الانتخابات الرئاسية المقبلة والتي تعتبر أصوات الأكراد “حاسمة” فيها.
أمنيًا، ألقت قوات الشرطة في مدينة إسطنبول القبض على مشتبهين اثنين يعتقد أنهما كانا يعتزمان القيام بعمل مسلح، يستهدف دور عبادة ومؤسسات حكومية نيابة عن تنظيم "داعش". ونقلت الشرطة المشتبهين "ديار. ك." و"أردال. س." إلى المحكمة بعد انتهاء تحقيقها معهما، حيث أمرت النيابة بحبسهما على ذمة التحقيق. كما كشفت وزارة الداخلية عن قيامها بترحيل ثمانية آلاف و585 أجنبيًا من 102 جنسية منذ عام 2011 حتى الآن، وذلك لانضمامهم إلى تنضيمات تصنفها إرهابية مثل "ب ي د/ بي كى كى" و"داعش"، في مناطق القتال بسوريا والعراق.
وأوضحت الوزارة أن 1075 شخصًا من هؤلاء يحملون جنسية إحدى دول الاتحاد الأوروبي، و44 من الولايات المتحدة، فيما رحلّت 126 إرهابيًا إلى 12 دولة أوروبية عام 2019، و95 إلى ثمان دول أوروبية العام الماضي، و61 إلى ثمان دول أوروبية خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام الجاري. هذا، بينما أوقفت فرق مكافحة الإرهاب أربعة أجانب في عملية أمنية ضد تنظيم "داعش" بولاية سيرت جنوب شرقي البلاد.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا