استنتاجات الموجز:
"تبون" يعمد لإتباع سياسة "فرّق تسُد" في الانتخابات البلدية والولائية المقبلة لأسباب يصفُها بـ"الشُبهات الأمنية"، وسط عدم نجاح أي من الأحزاب السياسية لتغطية كامل البلديات
"قضاة تونس" يشددون على تمسكهم باستقلال "السلطة القضائية" وسط تحذيرات من "تصاعد وتيرة الإجراءات الرامية لتكريس الحكم الفردي"
انتقادات "النقابات" المقربة من الحكومة في المغرب بعد الارتفاع السريع للأسعار وانحسار للطبقة الوسطى
دخلت الجزائر منعطفًا آخر من الاشتباك السياسي وظهر جليًا عدم التوافق بين القوى السياسية والسلطة، التي تُسرّع الخطى للدخول في أجواء الانتخابات البلدية والولائية المقررة في الـ27 من اشهر الجاري، بعدما قرر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذهاب إليها بمن توافرت فيه شروط الترشّح من الأحزاب وبمن شارك من الناخبين، وسط مخاوف للعزوف الشعبي بسبب تردي الأوضاع المعيشية.
وتبدو هذه الخطوةً تكتِيكًا سياسيًا ينقل به "تبون" المعركة التي يواجهها مع الأحزاب إلى داخل الأحزاب نفسها؛ حيث لم ينجح أي من الأحزاب في تغطية كامل البلديات البالغ مجموعها 1541 بلدية بقوائم لمرشحيهم، بسبب الصعوبات السياسية التي واجهتها الأحزاب خلال جمع التواقيع.
في السياق، كشفت بيانات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عن الإحصاء الرسمي لمجموع القوائم، والتي تنطلق حملاتها الانتخابية في الخامس من الشهر الجاري، حيث بلغ مجموعها 5848 قائمة، بينها 4860 قائمة تمثل 40 حزبًا سياسيًا، فيما قدّم المستقلون 988 قائمة مرشحة تتنافس في البلديات. وقد تصدر حزب "جبهة التحرير" قائمة الأحزاب الأكثر مشاركة في البلديات بـ1242 قائمة، الذي يغيب للمرة الأولى عما يقارب 300 بلدية، يليه "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي ينافس في 1073 قائمة، ثم جبهة المستقبل (782)، و"حركة البناء الوطني" (510 بلديات). وتمّ قبول قوائم حزب "صوت الشعب" في 170 بلدية، وجبهة القوى الاشتراكية في 131، ثم حزب "الفجر الجديد" الذي ينافس في 77 بلدية و"جبهة الجزائر الجديدة" في 50 بلدية فقط.
دبلوماسيًا، وفي إحياء ذكرى اندلاع ثورة التحرير، أعلن "تبون" إلغاء استخدام اللغة الفرنسية في الإدارات والقطاعات الحكومية والمراسلات والوثائق، وإحلال اللغة العربية تكريسًا للمبادئ العامة، وتطبيقًا للباب الأول من الدستور. ويأتي إعلانه ضمن الخطوات السياسية للرد على تصريحات "ماكرون" المسيئة للجزائر، فيما بدأت بعض الوزرات الترتيبات العملية بإصدار تعميمات باستخدام اللغة الوطنية، خاصةً وزارتا الدفاع والعدل، واتجهت وزارة الدفاع لاستخدام اللغة الإنجليزية.
في السياق ذاته، ورغم نشر السلطات الخارجية مجموع اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية، رمضان لعمامرة، مع نظرائه الأوروبيين والأفارقة ومع الهيئات الدولية في الاجتماع الوزاري الثاني بين الاتحادين الأفريقي والأوروبي، تجاهلت السلطات إعلان لقاء "لعمامرة" بنظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، مؤكدةً أن اللقاء غير رسمي، في وقت لا يزال التصعيد تجاه باريس سيّد الموقف.
في شأنٍ دبلوماسي آخر، أكد وزير الطاقة، محمد عرقاب، خلال اجتماع الدول الأعضاء في اللجنة الأفريقية للطاقة، أن أنبوب الغاز الجزائري-النيجيري، الذي يربط أوروبا بأفريقيا يعد أمرًا حيويًا لفوائده الاقتصادية واجتماعية، كذلك لدولتي نيجيريا والنيجر، موضحًا أن الاتفاق يُنهي الطموح المغربي بعدما توسطت الأخيرة مدريد لإعادة تفعيل الاتفاق وقد أصرت بلاده انتهاء العمل به مع نهاية تشرين الأول/ أكتوبر.
أمنيًا، أصدر "تبون" عفوًا بحق ثلاثة آلاف مسجون بمناسبة ذكرى الـ67 لاندلاع حرب التحرير، مستثنيًا الأشخاص المتهمين بجرائم الإرهاب والخيانة والتجسس والتجمهر المسلح والتحريض عليه والاغتصاب، والسرقة والفساد والاتجار بالبشر والمخدرات وجرائم خطاب التمييز والكراهية وجرائم التعدي على مؤسسات الدولة.
أما في الشأن التونسي، فقد أعلن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، عن إعداد قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، مكلفًا وزيرة العدل، ليلى جفال، بإعداده، بعدما تكررت دعواته للقضاء ليتحمل "مسؤوليته التاريخية"، ومنتقدًا "تباطئهم في إصدار الأحكام، وتفضيل النافذين على المواطنين"، كما دعا "المواطنين الصادقين” إلى تطهير البلاد من العبث.
وقد أثار الإعلان مخاوف السلطة القضائية من استئثار "سعيّد" بها؛ حيث شدد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة على تمسكه بـ"استقلال القضاء وبأصنافه، وهياكلها وفق الدستور"، مؤكدًا على "التمسك بفصل السلطات"، ومحذرًا من "التدخلات في المسارات المهنية للقضاة". هذا، فيما أثارت دعوة "سعيّد" أيضًا من سماهم “المواطنين الصادقين” جدلًا دفع الطبقة السياسية لاتهامه بالتحريض لحرب أهلية.
في شأنٍ منفصل، أكدت رئاسة البرلمان أنّ "حقوق النواب مضمونة بالدستور وليست مجالًا لسياسة التشفي والإقصاء"، مؤكدةً أن "عزيمة النواب لن تزيد إلا إصرارًا على التمسك بحقوقهم"، ومعبرةً عن "قلقها للتداعيات الخطيرة للقرار الرئاسية فيما يخص القضاء". ومن جانبها، عبرت "حركة النهضة" عن تنديدها بـ"تصاعد وتيرة الإجراءات الرامية إلى تكريس الحكم الفردي المطلق، ومساعي تطويع القضاء والإصرار على نشر خطابات تقسيم المواطنين". بدوره، دعا الاتحاد العام للشغل إلى "إنهاء حالة الغموض وتصحيح المسار بما يوفّر لاستقرار، مستنكرًا ما تتعرّض إليه النقابيات من تشويه."
ميدانيًا، تظاهر عشرات النشطاء ومنتسبو “الاتحاد العام للطلبة” للمطالبة بـ”رفع القيود عن حرية التعبير والرأي”، على خلفية محاكمة الناشط الطلابي، عثمان العريضي، على خلفية مشاركته في تظاهرة بوقفة احتجاجية ضد القمع البوليسي.
أمنيًا، أثار اعتداء قاضٍ على أحد الموظفين والتسبب بإصابات بليغة بعد تعنيفه لرفضه الامتثال لمهمة خارج اختصاصه، موجة استنكار دفعت العاملين في المحاكم المدينة للإضراب، فيما أكدت وزارة العدل أنها بدأت التحقيق في الحادثة لاتخاذ الإجراءات القانونية.
مغربيًا، لم يتوقف انتقاد ارتفاع الأسعار على مستوى المواد الغذائية عند حدود النقابات المحسوبة على المعارضة، بل انتقدت النقابات المواليه للحكومة خاصةً "هيئة الديمقراطية للشغل" القريبة من حزب "الأصالة والمعاصرة". وقد استنكرت النقابات استمرار الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الأساسية والسلع والخدمات، دون مبررات اقتصادية، و"تفاقم الوضع الاجتماعي وتجميد الأجور، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والهشاشة". وتأتي انتقادات النقابات عقب تصريحات الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، حين حمل مسؤولية ارتفاع الأسعار لحكومة "العثماني".
من جهته، اعتبر أمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، أن حكومة "عزيز أخنوش" تبدو بمظهرٍ سياسي حزبي، لكن بعمقٍ تكنوقراطي، منبهًا لخطورة جمعها بين السلطة والمال، ومنتقدًا الواقع السياسي والديمقراطي باعتبارها ديمقراطية شكلية تفتقد إلى المضمون والعمق السياسيين.
في سياقٍ غير ذي صلة، انتخب "حزب العدالة والتنمية" زعيمه السابق، عبد الإله بن كيران، أمينًا عامًا في المؤتمر الاستثنائي، فيما شكلت عودة "بنكيران" إلى قيادة الحزب عاملًا مهمًا في إنقاذ الحزب ووقف خطر الانهيار الشامل وإعادة بناء الحزب وهيئاته، وتجاوز الأزمة الداخلية التي يعيشها منذ هزيمته المدوية في الانتخابات العامة.
دبلوماسيًا، وفيما يخص القرار الذي اتخذته الجزائر بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز “المغرب العربي – أوروبا"، يعتبر تأثيره ضئيلًا على أداء نظام الكهرباء، والذي انتهى الاتفاق بعد 25 سنة من العمل به. وقد تم اتخاذ الترتيبات لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء، حيث يتم دراسة خيارات أخرى لبدائل المستدامة.
وفيما يخص قضية الصحراء، أقر مجلس الأمن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لـ"تنظيم استفتاء تقرير المصير"، وقد وصفت "جبهة البوليساريو" القرار بـ"انتكاسة خطيرة” لها آثار على السلم، مؤكدةً أن القرار يمثل عودة مؤسفة لسياسة “ترك الأمور على حالها”، لكونه “يتجاهل حالة الحرب منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 بسبب خرق المغرب لوقف إطلاق النار والاتفاقيات العسكرية، مشددةً أنها تواصل كفاحها لتحرير الصحراء."
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا