استنتاجات الموجز:
جهود الإدارة الأمريكية في الملف الفلسطيني لا تزال ي محصورةً في محاولة الحفاظ على حالة الهدوء دون وجود مبادرات سياسية حقيقية
مخاوف فلسطينية من انعكاسات غلاء الأسعار على الظروف المعيشية في ظل توجه حكومة رام الله لاتخاذ إجراءات تقشفية
كشفت قناة "i24NEWS" العبرية عن وجود مبادرة أمريكية لإقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية تضم ممثلين عن حركة "حماس". ونقلت القناة عن مصادر مطلعة قولها إن الإدارة الأمريكية تجهز مبادرة لإقامة حكومة وحدة فلسطينية، على أمل أن تساهم في إنهاء الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس". وأضافت القناة أن الإدارة الأمريكية تسعى لإخراج السلطة الفلسطينية من أزمتها الاقتصادية وخلق حالة من الهدوء في المنطقة، من خلال تشكيل هذه الحكومة، كما تسعى واشنطن للتوصل إلى تهدئة في غزة والضفة.
بالمقابل، صدرت مواقف من السلطة الفلسطينية تؤكد عدم تجاوبها مع أي مبادرة أمريكية، ما لم يكن هناك أي قرار بشأن فتح القنصلية في القدس، في محاولة للتغطية على مخاوف السلطة الحقيقية المرتبطة بإمكانية خلق مناخ سياسي عام قد يُفضي لاستبدال رئيس السلطة، محمود عباس. بدوره، دعا رئيس الوزراء، محمد اشتية، الكونغرس الأمريكي إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وتعديل القوانين والأنظمة التي تستهدف السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وتربطهما بالإرهاب.
وقال "اشتية" أثناء استقباله وفدًا من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على رأسه السيناتور "بن كاردن"، في مكتبه بمدينة رام الله، إنه يجب أن تنفذ الإدارة الأمريكية تعهداتها خلال حملتها الانتخابية، وعلى رأسها إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، وحماية وضع المدينة المقدسة.
من جهتها، أقرت إدارة "بايدن" بأنها لا تقوم حاليًا بجهود لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين و“الإسرائيليين“، غير أنها تركز الآن على العمل والمساعدة من أجل ”إبقاء حل الدولتين على قيد الحياة“. وأقر الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، بأن المفاوضات نحو حل الدولتين ”ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي، (لأن) مهمتنا الآن وتركيزنا هو تحسين مستوى المعيشة، بينما نحافظ على هذا الاحتمال."
أما حكومة الاحتلال فقد صعّدت معارضتها العلنية لخطة إدارة "بايدن" لإعادة فتح قنصلية أمريكية للفلسطينيين في القدس، قائلة إن هذه البعثة يجب أن تكون في الضفة الغربية المحتلة. ويأتى التصعيد "الإسرائيلي" بمسألة القنصلية الأمريكية في ظل علاقة معقدة بين إدارة "بايدن" وحكومة الاحتلال الحالية؛ حيث أعلنت وزارة التجارة الأمريكية أنها أضافت مجموعة "NSO" "الإسرائيلية" إلى لائحة الشركات المحظورة، "لأنها تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي".
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قالت إنها رصدت برنامج تجسس طورته شركة "NSO" على هواتف ثلاثة مسؤولين بارزين، فيما قرر الرئيس التنفيذي المعيّن للمجموعة التنحي عن منصبه، وذلك عقب كشف مجموعات حقوقية فلسطينية أن سلطات الاحتلال استخدمت برنامج "بيجاسوس" التابع للشركة، لاختراق هواتف ذكية لعدد من النشطاء الفلسطينيين، ما يُشكل فضيحة جديدة للشركة المطورة للبرنامج.
في السياق ذاته، كشفت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية عن مراقبة جنود جيش الاحتلال للفلسطينيين في مدينة الخليل، عبر نظام تعرّف على الوجوه من خلال شبكة الكاميرات وهواتف ذكية بحوزة الجنود. وقالت الصحيفة إن جيش الاحتلال طوّر خلال العامين الأخيرين تطبيقًا هاتفيًا يمكّن الجنود من تشخيص وجوه الفلسطينيين، لمعرفة ما إذا كان يجب اعتقالهم. وتُعرف هذا التقنية بتسمية ”ذئب أزرق“، ويستخدمها جيش العدو في حملات الاعتقال في الضفة الغربية المحتلة؛ حيث تبيّن أن الجنود يتنافسون في ما بينهم حول من التقط صورًا أكثر للفلسطينيين مقابل جوائز.
في قطاع غزة، أعلن جيش الاحتلال أنه أسقط طائرة مسيّرة تابعة لـ"كتائب القسام"، بعدما دخلت الأجواء قادمة من القطاع، متحدّثاً عن أن ”القبّة الحديدية اعترضت الطائرة التي جاءت من ناحية البحر“. وتزامَن إطلاق الطائرة مع إجراء حركة ”حماس“ تجربة صاروخية شملت إطلاق خمسة صواريخ دفعة واحدة تجاه البحر، في إطار العمل على تطوير قدرة الصواريخ الفلسطينية ودقّتها. ومنذ سنوات، تتنامى قوّة الطائرات المسيّرة في غزة، فيما تسعى دولة الاحتلال لمنع تطوّرها بعدّة وسائل، أبرزها استهدافها فور ظهورها على الرادارات العسكرية، على أمل منع استفادة المهندسين الفلسطينيين من تجارب إطلاقها.
في الضفة المحتلة، تصاعدت ردود الفعل الفلسطينية على المستويات الرسمية والفصائلية والشعبية، على قتل الاحتلال الطفل "محمد أمجد دعدس" (15 عامًا)، حيث أُصيب برصاص قوات الاحتلال في بطنه ببلدة دير الحطب قرب نابلس، وأُدخل إلى المستشفى وقلبه متوقف ولم يكن بالإمكان إنقاذه.
في ملف الأسرى، أنهى الأسير الفلسطيني، مقداد القواسمة، إضرابه عن الطعام الذي استمر 113 يومًا بعدما وافقت سلطات الاحتلال على عدم تمديد اعتقاله دون محاكمة إلى ما بعد شباط/ فبراير، فيما يواصل خمسة أسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام داخل سجون الاحتلال. وجرى التوصل إلى إطلاق سراح "القواسمة" بعد جولات حوار شاقة وطويلة خاضتها الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس".
وفي تطور لافت، قالت "حركة الجهاد الإسلامي" إن الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية شنت حملة اعتقالات، طالت عددًا من قادتها وأسرى محررين من كوادرها في نابلس. وذكرت الحركة أن الاعتقالات طالت أيضًا عددًا من نشطاء المقاومة الشعبية في بلدة بيتا، داعيةً لـ”وقفة وطنية جادة ومسؤولة ضد الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني”. وكانت إدارة جامعة النجاح أغلقت أبوابها في وجه القيادي المحرر، خضر عدنان، ومنعته من دخول الجامعة للمشاركة في فعالية طلابية لإسناد المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.
في الشأن الاقتصادي، تبرز مخاطر تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل مخاوف من انعكاساتها المباشرة على حياة المواطنين الفلسطينيين، إضافةً لتأثيراتها المرتبطة بالاستقرار السياسي؛ حيث أعلن البنك الدولي أنّ الاقتصاد الفلسطيني سجّل مؤخّرًا "بوادر انتعاش" لكنّه مع ذلك يواجه "تحديات خطرة"، تطال خصوصًا التوظيف والتمويل العام "غير المستقرّ للغاية".
في هذا الإطار، بدا واضحًا أن الحكومة الفلسطينية تتجه إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، ستطال موظفيها العاملين في المجالين الأمني والمدني، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تتعرض لها، وذلك بعد أن ناقشت أزمتها المالية الخانقة في اجتماع استثنائي، استباقًا لمؤتمر المانحين المقرر بعد أيام في العاصمة النرويجية أوسلو. وتقول الحكومة إنها تواجه أزمة مالية خانقة لأسباب عدة؛ أولها استمرار حكومة الاحتلال في فرض استقطاعات من أموال الضرائب الفلسطينية، وثانيها بسبب توقف الدول الأوروبية والعربية المانحة عن تقديم المساعدات المالية، التي اعتادت تقديمها منذ تأسيس السلطة الفلسطينية.
في الشأن ذاته، لا يزال غلاء أسعار السلع وفي مقدمتها المواد الغذائية الأساسية يؤرق الفلسطينيين، الذين يترقبون رغم الإجراءات الحكومية موجة غلاء كبيرة، خاصةً وأن بعض هذه السلع رفع ثمنها بطرق غير رسمية.
في غزة أيضًا، التي تعاني أصلًا بشكل كبير من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، قررت لجنة متابعة العمل الحكومي سلسلة قرارات تهدف لدعم السلع الأساسية في مواجهة موجة الغلاء العالمية. ومن بين هذه القرارات إعفاء السلع الأساسية المستوردة من معبر رفح التجاري من كافة الرسوم الجمركية والضرائب وأذونات الاستيراد. وذُكر أن الوزارة ستتحمل الزيادة في أسعار الغاز المورد عبر معبر رفح والبالغة نسبتها 16% للطن الواحد، حيث تبقى تكلفة أسطوانة الغاز للمواطن كما هي دون أي زيادة.
على جانب آخر، أثارت عملية إغلاق بعض البنوك العاملة في قطاع غزة الحسابات البنكية لمؤسسات مجتمع مدني، موجة غضب لدى القائمين على تلك المؤسسات وموظفيها والمستفيدين من خدماتها، فيما نفت سلطة النقد الفلسطينية، وهي بمثابة ”البنك المركزي“، أن تكون لها علاقة بقرارات الإغلاق.
إلى ذلك، كشفت مصادر أمنية في تل أبيب أن التدريبات التي سيقوم بها جيش الاحتلال وغيره من أجهزة الأمنفي الضفة الغربية، ستحاكي سيناريوهات عدة بينها ”مواجهة فوضى عارمة تنتشر في المنطقة في أعقاب غياب مفاجئ للرئيس محمود عباس، والصراعات التي ستدور بين المتنافسين على وراثته."
وقالت المصادر إن المناورات تأتي في ظل القلق "الإسرائيلي" من الصراعات الداخلية الفلسطينية التي يمكن أن تستغلها بعض الأطراف، لتوجيه الأنظار بواسطة جر ”إسرائيل“ إلى المعركة واستفزازها بعمليات نوعية كبيرة ضد الجيش ومواقعه، أو ضد المستوطنات أو بمظاهرات كبيرة. لذلك احتاج الأمر وضع خطط لمواجهة كل الاحتمالات بما في ذلك الاضطرار إلى تنفيذ عمليات اجتياح.