استنتاجات الموجز:
الأزمة مع دول الخليج مرشحة للاستمرار والتصعيد في ظل تصلب "حزب الله" في موقفه من "قرداحي"
المعركة القضائية حول "البيطار" دليل واضح على إصرار الثنائي الشيعي على تنحية الأخير من خلال زيادة الضغط على المستوى القضائي.
مروحة لقاءات قائد الجيش في واشنطن مؤشر واضح على الاهتمام الأمريكي بالحفاظ على المؤسسة العسكرية ودورها
عاد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، إلى القاهرة بعد زيارة خاطفة التقى خلالها الرؤساء الثلاثة، مستطلعًا مواقفهم حول الأزمة بين لبنان ودول الخليج. وفي هذا الصدد، كشفت مصادر مطلعة أن "زكي" ركّز في لقاءاته على أن استقالة وزير الإعلام، جورج قرداحي، ستكون بوابة لحل الأزمة وهو ما تقاطع مع معلومات بأن قطر والكويت أبلغتا رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، بأنه لا يمكن إقناع الرياض بأي حوار قبل قيام لبنان بـ"مبادرة حسن نية". ومع موقف تصعيدي من رئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، الذي أكّد بأن المخرج الآني للأزمة "إقالة قرداحي ثمّ الاعتذار من الخليج وليس العكس كما يريد البعض".
بالمقابل، اصطدم "ميقاتي" بمواقف متصلبة؛ كان أولها من رئيس تيار "المردة"، سليمان فرنجيّة، الراعي السياسي لـ"قرداحي"، الذي اعتبر أن أي محاولة لإقالة الأخير بالقوة ستعني خروج "المردة" من الحكومة نهائيًا، وعدم دخولها في أي تحالف انتخابي مع أي طرف يوافق على الإقالة. أما الموقف الثاني فكان من "حزب الله" الذي كرر أمينه العام، حسن نصر الله، ونائبه، نعيم قاسم، رفض استقالة أو إقالة "قرداحي" على اعتبار الأمر تدخلًا في الشؤون اللبنانية.
عل الجانب الآخر من الأزمة، استمر التصعيد الخليجي تجاه لبنان؛ حيث غادرت طواقم دبلوماسية وإدارية من السفارة السعودية في بيروت. كما أعلنت الداخلية الكويتية التشدد في إصدار كل أنواع التأشيرات لأبناء الجالية اللبنانية حتى إشعار آخر، تزامنًا مع اعتقال جهاز أمن الدولة الكويتي أربعة أشخاص كويتيين بتهمة تبييض الأموال لصالح "حزب الله"، وتجنيد الشباب للعمل مع الحزب في سوريا واليمن.
على صعيد آخر، تدور في قصر العدل ببيروت رحى معركة قضائية حامية الوطيس محورها المحقق العدلي في انفجار المرفأ، طارق البيطار؛ فقد كفّ رئيس محكمة الاستئناف، القاضي حبيب رزق الله، يد القاضي "حبيب مزهر" عن ملف تنحية القاضي "نسيب إيليا" المقدم من الوزير السابق، يوسف فنيانونس، بعدما تقدّم محامون من جمعية "متّحدون" ونقابة محاميي بيروت بطلب رد "مزهر".
وفي خطوة تزيد المشهد تعقيدًا، تقدّم الوزيران "زعيتر" و"خليل" بشكوى أمام التفتيش القضائي بحق القضاة: ناجي عيد، روزين غنطوس، جانيت حنا، جوزيف عجاقة، ونويل كرباج، كونهم لم يقبلوا طلب الردّ المقدّم ضد "البيطار"، ولم يبلّغوا الأخير بالطلب لكف يده عن الملف.
بالتوازي مع ذلك، رفض مدير عام الأمن الداخلي، عماد عثمان، تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها "البيطار" بحقّ النائب "خليل"، فيما أصدرت النيابة العامّة التمييزية مطالعتها في الطلب المقدّم من النائبين "زعيتر"و"خليل"، لتعيين المرجع المختصّ لردّ "البيطار"، حيث طلبت من"الهيئة العامّة لمحكمة التمييز" اعتبار أنّ المحقّق العدلي خاضع لأحكام الردّ والتنحّي الخاصّة بالقضاة، وتحديد "المجلس العدلي" مرجعًا مختصًا للنظر في طلب ردّ المحقّق العدلي أو تنحّيه، الأمر الذي يعرقل دعاوى تنحيته المنظورة حاليًا أمام القضاء.
في الملف الانتخابي، وبينما يستعد "التيار الوطني الحر" للطعن في قانون الانتخابات النيابية بعدما بات القانون نافذًا، أكد رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، التزامه بإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، وهو ما تقاطع مع موقف مماثل للبطريرك الماروني، بشارة الراعي. بدوره، أعلن وزير الداخلية، بسام مولوي، جهوزية وزارته لإجراء الانتخابات ومباشرتها إنجاز القوائم الانتخابية، مطالبًا خلال لقائه وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع الشرق الأوسط، برقابة دولية لإعطاء الثقة للمواطنين وللمجتمع الدولي.
اقتصاديًا، أشار رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، إلى تقدم المفاوضات التقنية مع صندوق النقد الدولي، في حين أعلن "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة زيادة المساعدات والتقديمات المالية والغذائية التي يقدمها البرنامج للبنان، من خلال توسيعها لتطال نحو مليون وستمائة ألف شخص في الأشهر القليلة المقبلة. كما أعلنت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان، نجاة رشدي، عن تسليم أكثر من 2.23 مليون لتر من الديزل إلى 445 منشأة، من بينها 295 محطة ضخ للمياه و150 منشأة صحية خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة.
في الأثناء، تلقّت القاهرة رسالة أمريكية رسمية تستثنيها من قانون قيصر، وتسمح لها بتوريد الغاز الطبيعي إلى لبنان عبر سوريا دون التعرض لعقوباته. وقد بحث وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، مع وفدين من البنك الدولي الإجراءات التنفيذية لتصدير الغاز المصري إلى لبنان. من جهتها، أنهت الفرق الفنية السورية صيانة 30 من أصل 83 برجًا متضررًا على شبكة الربط الثماني التي ستنقل الكهرباء من الأردن إلى لبنان، بينما أنهى وزير الطاقة، وليد فياض، زيارته للعراق باتفاق يضمن للبنان الحصول على "الفيول أويل" اللازم لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء، وزيادة عدد ساعات التغذية اليومية.
في الشأن الأمني، أرخت محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقي، مصطفى الكاظمي، بظلالها على المشهد الأمني في لبنان؛ حيث تخوفت أكثر من مرجعيّة أمنيّة من عودة الاغتيالات، بهدف زرع الفوضى في الداخل. وهو ما تزامن مع تعزيز التدابير الأمنية حول بعض السفارات العربية والخليجية تحديدًا، بالتعاون مع أجهزة الأمن فيها.
في غضون ذلك، كلّف قائد الجيش مدير المخابرات، طوني قهوجي، بالدخول في مسعى وساطة للمصالحة بين "حزب الله" والعشائر العربية في خلدة، بمباركة دار الفتوى ومشاركة عدد من الأحزاب. جاء ذلك بعدما شهدت المنطقة تحركات شعبية وقطع طرق، احتجاجًا على القرار الظني الذي صدر عن المحكمة العسكرية بحق أبناء البلدة في ملف أحداث خلدة، والذي اعتبروه متحيزًا لصالح "حزب الله".
عسكريًا، أنهى قائد الجيش، جوزف عون، زيارته إلى واشنطن والتي أجرى خلالها مروحة لقاءات موسعة، تمحورت حول دعم الجيش ودوره في المرحلة المقبلة والتحدّيات التي يواجهها. وشملت اللقاءات عسكريّين وتقنيّين معنيّين مباشرة بالتعاون العسكري بين البنتاغون والجيش، ووزارة الخارجية الأمريكية، وأعضاء ومسؤولين في مجلس الأمن القومي، ولجنة الموازنة في الحزب الجمهوري، ونوابًا أمريكيين من أصل لبناني. على جانب آخر، قام السفير البريطاني، إيان كولارد، بتفقد فوج الحدود البرية الثاني في البقاع، الذي تم تجهيزه بمساعدة بريطانية، في حين تسلم الجيش هبة فرنسية مخصصة لتطوير وتجهيز غرفة عمليات لفوج التدخل الخامس، كما قدّمت السفارة التركية ثلاثة آلاف طردٍ غذائي لقوى الأمن الداخلي.
في ملف الترسيم، برز تصريح لافت للوسيط الأمريكي، آموس هوكشتاين، بأنه سينسحب من مهمته إذا لم يتمّ التوصل إلى اتفاق بين لبنان و"إسرائيل" في غضون الأشهر القادمة، قُبيل الانتخابات النيابية اللبنانية.