الموجز السوري 12 نوفمبر 2021

الموجز السوري 12 نوفمبر 2021

الساعة : 21:45
12 نوفمبر 2021
الموجز السوري 12 نوفمبر 2021

استنتاجات الموجز:

محاولات عربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وإعادته للجامعة العربية انطلاقًا من احتمال إبعاد "الأسد" عن إيران وسط غض طرف أمريكي

خطوات التطبيع العربي مع النظام والصمت الغربي دليل على أنّ المعارضة بكافة أطيافها الخاسر الأكبر رغم محاولاتها لملمة شتاتها وإعادة تصويب بوصلة عملها السياسي

تحركات سياسية غير معلنة لتجنيب الشمال الشرقي عمليات عسكرية تركية مع سعي روسيا لتوسيع نفوذها واستغلال التوتر القائم للتوسط بين تركيا و"قسد"

في ظل محاولات تبدو جادة وحثيثة لإعادة ترميم النظام السوري عربيًّا وإعادته إلى جامعة الدول العربية، تتوالى الخطوات من دول عربية باتجاه التطبيع مع النظام في الآونة الأخيرة؛ حيث بدت زيارة وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، إلى دمشق، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات، ولقاؤه رئيس النظام، بشار الأسد، بمثابة مرحلة جديدة من العلاقات بين النظام والدول العربية، انطلاقًا من احتمال إبعاد "الأسد" عن إيران.

ورغم احتفاء إعلام النظام بالزيارة والاندفاعة الإماراتية، والتي وصفها ببداية انفتاح عربي على النظام، يبدو أن الموقف العربي تجاه النظام متباين؛ إذ ما تزال عدة دول عربية ترفض تعويم النظام مرة أخرى، مثل السعودية وقطر، بينما يبدو الموقف الجزائري داعمًا للخطوة الإماراتية، فيما الموقف المصري غير محسوم حتى الآن، رغم اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ووزير خارجية النظام، فيصل مقداد.

وفي جديد المواقف العربية الداعية للتقارب مع النظام، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إنه آن الأوان لعودة سوريا للجامعة العربية دون التدخل في سياساتها ومن يحكمها. بدوره، برّر وزير الخارجية الأردني تطبيع بلاده مع النظام بأنها أجرت محادثات مع واشنطن حول جهود التقارب معه، بعد عدم رؤية أي استراتيجية فعالة لحل الصراع السوري.

وتشي المعطيات السياسية بأن موقف بعض الدول العربية المندفع اتجاه النظام يصطدم برفض إعلامي من الولايات المتحدة، التي أعلنت رفضها أي محاولة للتطبيع مع "الأسد"، معربةً عن "قلقها" من زيارة "بن زايد" لدمشق.

وفي خضم موجة التطبيع هذه، تبدو المعارضة السورية بكافة أطيافها الخاسر الأكبر؛ إذ تحاول لملمة شتات نفسها، تحديدًا الكتل الوازنة في الداخل والخارج، الباحثة عن صيغ تضمن عدم انفجار "هيئة التفاوض" التي تضم أغلب التيارات السياسية. وباشرت قيادة "الائتلاف الوطني السوري" المعارض في إسطنبول اجتماعات مع وفد من "هيئة التنسيق الوطنية"، التي يُنظر إليها باعتبارها تمثل معارضة الداخل في مناطق سيطرة النظام لـ"بحث العملية السياسية وتقييمها والخيارات المتاحة"، وزيادة مستوى التعاون بين القوى السياسية والثورية السورية.

وتأتي اجتماعات إسطنبول ضمن برنامج "الائتلاف الوطني" في تكثيف اللقاءات مع القوى السياسية والاجتماعية والثورية السورية وتعزيزها، ومن مبدأ التشاركية والتشاور في مستجدات الأوضاع السياسية". ويرأس وفد "هيئة التنسيق الوطنية" رئيسه، حسن عبد العظيم، بينما يرأس وفد "الائتلاف" رئيسه، سالم المسلط، إلى جانب رئيس "هيئة التفاوض"، أنس العبدة، ورئيس "اللجنة الدستورية" المشترك، هادي البحرة.

بموازاة ذلك، وعلى الصعيد الميداني، لا يزال الوضع في الشمال الشرقي والغربي من سوريا مفتوحًا على كل الاحتمالات، مع استمرار تدفق التعزيزات التركية إلى مناطق نفوذها؛ إذ يشي ما يجري بأن هناك تحركات غير معلنة هدفها تجنيب المنطقة عمليات عسكرية، وسط مساعٍ روسية لتوسيع وترسيخ نفوذها واستغلال التوتر القائم لزيادة الضغط على تركيا في إدلب من جهة، ومحاولة التوسط بينها وبين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من جهة أخرى، وأخذ زمام التحرك السياسي لإقناع تركيا بعدم التوغل مجددًا في سوريا، والتقليل من احتمالات تنفيذ عملية تركية شرق الفرات أو غربه، فيما تحاول "قسد" الاستفادة من السعى الروسي لتجنّب عملية عسكرية تركية محتملة ضدّها.

ومن المقرر أن يجري وفد من "مجلس سورية الديمقراطية - مسد"، الجناح السياسي لـ"قسد" برئاسة القيادية في حزب "الاتحاد الديمقراطي"، إلهام أحمد، مشاورات في موسكو، يبدو أن الهدف منها التوصل إلى تفاهمات مشتركة بين الطرفين، مقابل موقف روسي ضاغط على تركيا لعدم القيام بعمل عسكري ضد "قسد" في الشمال السوري. وتدل المعطيات السياسية الحالية على أن الروس والأتراك في طور نسج تفاهمات جديدة بشأن المنطقة، ربما قد تتبلور خلال اجتماع خبراء عسكريين من الجانبين في أنقرة، فيما يبدو واضحًا أن الجانب التركي يبحث عن مكاسب ميدانية مهمة في غربي الفرات أو شرقه.

وفي أثناء المحاولات لمنع أي تصعيد عسكري، تسود حالة من الهدوء شبه التام في محاور التماس بين "قسد" ومناطق النفوذ التركي، تزامنًا مع تحليق مكثف للطيران التركي وتعزيزات ميدانية في عدة محاور. هذا، وكانت طائرة تركية مسيرة قد قصفت موقعًا لـ"قسد"، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصرها، في حين لم يقع أي رد من الأخيرة على محاور التماس.

إلى ذلك، يعيش الشمال الغربي السوري على وقع تصعيد عسكري من قبل النظام وروسيا، خاصةً في محافظة إدلب وريفه الجنوبي؛ حيث شنّت الطائرات الحربية الروسية غارات على مناطق في إدلب، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. كما ارتكبت الطائرات الروسية مجرزة راح ضحيتها خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال وامرأة، إثر استهدافهم بثلاث غارات جوية قرب تجمع مخيمات "معرة مصرين" شمالي إدلب.

بالمقابل، شنت الفصائل المعارضة في إدلب قصفًا مكثفًا طاول مواقع ومقرات عسكرية لقوات النظام والمجموعات الإيرانية المرتبطة بروسيا وإيران، في كل من أرياف حلب وإدلب واللاذقية، قُتل على إثر ذلك ثلاثة عناصر يتبعون لقوات النظام، ويأتي هذا القصف ردًا على غارات النظام والمجزرة التي ارتكبتها روسيا.

على صعيد آخر، عاودت الطائرات الحربية الروسية التحليق في أجواء البادية السورية؛ حيث تتناوب ثلاث طائرات حربية على استهداف مناطق انتشار تنظيم "داعش" في "بادية آثريا" ومثلث حلب - حماة - الرقة، إضافةً لبادية "تدمر" بريف حمص الشرقي بغارات مكثفة. كما دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها وعناصر التنظيم في بادية تدمر، أدت لمقتل وجرح عشرة من قوات النظام.

علاوة على ذلك، قُتل سجين من عناصر "داعش" في سجن غويران بمدينة الحسكة خلال استعصاء لسجناء التنظيم ومحاولة عدد منهم الهروب من السجن، وإبلاغ عدد من العائلات السورية بمغادرة مخيم "الهول".

في غضون ذلك، وبعد أيام من انتهاء التسويات في محافظة درعا، تجري قوات النظام انسحابات وتغييرات في خريطة السيطرة لقواتها العسكرية والأمنية في المحافظة، تقضي بإحلال عناصر الفروع الأمنية مكان قوات الجيش، مع تقاسم النفوذ بين هذه الفروع ليتولى الأمن العسكري مسؤولية الريف الغربي، والمخابرات الجوية الريف الشرقي، وأمن الدولة الريف الشمالي.

وفي هذا الإطار، أخلت المخابرات الجوية حواجزها ومقراتها الأمنية من "مدينة داعل" بريف درعا الأوسط ومحيطها بشكل كامل. كما انسحب عناصر حاجز نوى - تسيل، وجميعها تتبع للمخابرات الجوية، فيما انسحب أيضًا جميع عناصر الحواجز في محيط بلدة "كفرشمس" شمال درعا، التابعة لفرع الأمن السياسي.

من جهته، يتجه النظام إلى التفرغ للتعامل مع الملف الأمني في محافظة السويداء، بعدما انتهى من إجراء "تسويات" في محافظة درعا المتاخمة؛ حيث النظام الكثير من مجموعاته العسكرية والأمنية إلى مواقع داخل السويداء ذات الغالبية الدرزية من السُكان، وهو الأمر الذي يكسبها خصوصية تفرض مقاربة مختلفة. كما انسحبت أرتال تتبع لـ"الفرقة 15" من درعا، وعادت إلى مواقعها ومقارها في عموم السويداء.

وبعدما اتخذ النظام قرارًا يتعلق بالملف الأمني للسويداء، ستشهد المحافظة تحركات أمنية جديدة؛ إذ يتجه النظام نحو نشر دوريات مشتركة لأجهزة الاستخبارات، وقوى الأمن الداخلي والدفاع الوطني، في مناطق متفرقة، مع وجود قوة مؤازرة للجيش في الثكنات، تحسبًا لأي طارئ وللتدخل السريع.