استنتاجات الموجز:
مجلس سيادي جديد تُجدّد فيه الثقة لأعضاء المكون العسكري وقادة الحركات المسلحة مقابل إقصاء أعضاء المكون المدني السابقين
"السيادي" الجديد يعلن عن حكومة كفاءات قريبًا ووعود بقيادة مثلى للبلاد خلال الفترة الانتقالية
التباين في ردود الفعل الدولية على الأحداث بين مؤيد ومعارض ومعتدل يظهر تنافس المحاور والتحالفات وتلويح أمريكي بوقف التمويل
تعهد مجلس السيادة السوداني الجديد، الأحد، بتشكيل حكومة خلال أيام، في حين قالت مصادر إنها لن تكون برئاسة "حمدوك"، في ظل توتر يشهده الشارع السوداني على إجراءات قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان. وقد عقد المجلس أول اجتماع له بكامل أعضائه، عقب الإعلان عن تشكيلته الجديدة الخميس الماضي، فيما وتعهد الأعضاء من جانبهم “بتقديم نموذج أمثل في إدارة شؤون البلاد بصورة ترضي الشعب السوداني، وتشكيل حكومة مدنية في الأيام القليلة القادمة”.
في الشأن ذاته، قالت مصادر إن الأكاديمي، هنود أبيا كدوف، يتصدر المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، لكن الأخير صرح قبل أيام بعدم رغبته في تولي المنصب، دون تفاصيل. وكان "البرهان" أصدر، الخميس، مرسومًا دستوريًا بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائبًا له، إلى جانب 11 عضوًا آخرين، في حين أرجأ تعيين ممثل لإقليم شرق السودان لإجراء مزيد من المشاورات.
في السياق أيضًا، قال مصدر إن "البرهان" أمر بحجز حسابات اللجان التسييرية للنقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل. هذا، بينما خلّف إعلان المجلس بشكله الجديد ردود فعل واسعة في الشارع السوداني والقوى السياسية، التي يبدو أنها فوجئت بالقرار بعد أن كانت تنظر التوصل إلى تسوية تضمن عودة "حمدوك" إلى منصبه.
ففي إطار مقاومة إجراءات "البرهان"، اتفق 26 حزبًا ومنظمة مدنية وحركة مسلحة في السودان على تشكيل جبهة للتواصل مع قوى الثورة من أجل استعادة السلطة. ودعت الجبهة إلى مواصلة التصعيد ضد إجراءات "البرهان" حتى عودة الحكم المدني برئاسة رئيس الوزراء المعزول، عبد الله حمدوك. وحمّلت الجبهةُ، في بيان لها، من وصفتهم بالانقلابيين مسؤولية سقوط ضحايا ومصابين في مظاهرات الـ13 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وطالبت بتقديم المتورطين للعدالة. كما شدد بيان الجبهة على أن الجهات الموقعة "ستظل في حالة تصعيد ثوري لمقاومة الانقلاب حتى عودة السلطة المدنية كاملة غير منقوصة."
على المستوى الشعبي، خرج الآلاف في أحياء الخرطوم وعدد من ولايات السودان الأخرى، السبت، مواصلين الاحتجاجات على إجراءات "البرهان" ما أسفر عن مقتل ستة متظاهرين وإصابة آخرين، وفق ما أعلنته "لجنة أطباء السودان". من جهتها، قالت الشرطة السودانية إنها اعتمدت "الحد الأدنى من القوة ولم تستخدم السلاح الناري في تعاملها مع المتظاهرين"، وفق ما نقله التلفزيون المحلي الرسمي عنها.
كما خرجت المظاهرات في كل من الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وكذا في ودمدني في جنوب شرقي الخرطوم وكسلا في شرق السودان، وخرجت مظاهرات أيضًا في مدن بورتسودان ودنقلا وكريمة وعطبرة. بدورها، أغلقت قوات الأمن الجسور بين الخرطوم ومدينتي أم درمان والخرطوم بحري، كما أغلقت الطرق بأسلاك شائكة. ونقلت وكالة "رويترز" عن شهود قولهم إن قوات الأمن أغلقت أيضًا مواقع استراتيجية، منها القصر الرئاسي ومقر الحكومة والمطار.
دوليًا، أعربت السفارة الأمركية في الخرطوم عن أسفها للخسائر في الأرواح وإصابة عشرات المتظاهرين خلال المظاهرات، وقالت في تغريدة إن المتظاهرين خرجوا من أجل الحرية والديمقراطية، كما أدانت الاستخدام المفرط للقوة. وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، إن الاتحاد يدين بأقوى العبارات أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين في السودان. كما دعا رئيس المفوضية الأفريقية، موسى فكي، السلطات العسكرية السودانية للانخراط دون مزيد من التأخير في عملية سياسية تؤدي إلى عودة النظام الدستوري، تماشيًا مع المرسوم الدستوري المتفق عليه في آب/ أغسطس 2019 واتفاقية جوبا للسلام في السودان في تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
على الصعيد الدولي أيضًا، وفي تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، انقسمت الرؤى حول النتائج المتوقعة للعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على السودان عقب استيلاء قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على السلطة في الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسط مخاوف من أن الدولة قد تصبح عرضة لضغوط من محاور إقليمية ودولية. وجاء في التقرير أن من يؤيدون هذه العقوبات يقولون إنها ربما تساعد في هزيمة الجنرالات، في حين أعرب بعضٌ آخر عن استعداده لقبولها ببعض الشروط، بينما شكك قسم آخر في جدواها معتبرًا أنها تدخّل خارجي في شؤون البلاد. ونسب التقرير إلى بعض المحللين تحذيرهم من أن مثل هذه العقوبات قد تخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد، مثل العراق وليبيا واليمن وغيرها، وتترك السودان تحت رحمة لاعبين إقليميين ودوليين متنافسين.
داخليًا، أصدر "البرهان" قرارًا بتشكيل لجنة لمراجعة واستلام الأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين، حسبما أعلن التلفزيون السوداني. وكانت اللجنة مكلفة بتفكيك نظام الرئيس السابق، عمر البشير، الذي أطيح في نيسان/ أبريل 2019، بعد احتجاجات شعبية عارمة. يذكر أن النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو ”حميدتي”، أعلن لاحقًا اعتذاره عن عدم توليه رئاسة اللجنة.
أمنيًا، وبعد أن قضت محكمة الخرطوم الجزائية بعودة الإنترنت في الحال، وجّه جهاز تنظيم الاتصالات في السودان الشركات بعدم إعادة الإنترنت للمشتركين، واعتبر أن حالة الطوارئ أقوى من حكم القضاء بإعادة الإنترنت. كما أكد الجهاز تواجد قوات عسكرية وأمنية في مقر رئاسة بعض شركات الاتصالات، لمنع تنفيذ أوامر المحكمة بإعادة الإنترنت.
اقتصاديًا، حافظ الجنيه السوداني على استقراره مقابل العملات الأجنبية؛ حيث جرى تداول أسعار الدولار الأمريكي في السوق الأسود عند مبلغ 440 جنيهًا في المتوسط. بدوره، حدّد البنك المركزي سعر الدولار التأشيري بمبلغ 438 جنيهًا، فيما بلغ أعلى سعر صرف العملة للعملة الأمريكية لدى البنوك 448 جنيهًا، وأدّنى سعر له 338 جنيهًا.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا