استنتاجات الموجز:
توتر المشهد الاجتماعي بتونس مؤشر على الانهيار السياسي والاقتصادي حيث باتت معالجة الأزمة حاجة ملحة لحماية الطبقات الاجتماعية من الإفلاس
الأحزاب الجزائرية تطالب بمكافحة جدية للفساد وسط تحذيرات من نشوء "عصابة جديدة" ودعوات لـ"مصالحة اقتصادية" مع المتورطين في نهب المال العام
أصبح المغرب بحاجة لمعارضة قوية لخلق التوازن لمواجهة قرارات حكومة "رجال الأعمال" التي رفضت "الضريبة على الثروة" وكرست "تضريب الموظفين والعمال"
تحوّلت أزمة "القرارات الإستثنائية" في تونس من أزمة حكم إلى أزمات اجتماعية واقتصادية حادة عمّقتها الأزمة السياسية المستعصية، وسط أنباء أن الدولة باتت في حالة إفلاس غير معلن وانهيار اقتصادي وشيك، قد يجعلها عاجزة عن تغطية موازنتها وسداد ديونها الخارجية. يتزامن ذلك مع بروز سلسلة مواقف رافضة للوضع الاجتماعي والسياسي الذي يفرضه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، على البلاد خاصةً بعد التعاطي الأمني مع المحتجين على مكب النفايات بولاية صفاقس.
في التفاصيل، شارك الآلاف في الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها حملة "مواطنون ضد الانقلاب" أمام البرلمان، للمطالبة بانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة وإنهاء الحالة الاستثنائية وإجراء حوار يعيد البلاد إلى الشرعية الدستورية. من جهتها، منعت قوات الأمن عددًا من المتظاهرين من الوصول لساحة البرلمان بحسب تعليمات الرئاسة. وقد أثار ذلك جدلًا بين الأوساط السياسية والشعبية، معتبرةً أنه "اعتداء على حرية المواطنين وحقوقهم في التنقل والتظاهر"، ومؤكدةً على أن "التحركات مسترسلة حتى يجبر الانقلاب على الذهاب لصناديق الاقتراع".
رغم ذلك، اعتبرت أحزاب المعارضة، في بيان مشترك لها، أن "التظاهرة ناجحة بجميع المعايير، رغم عملية العسكرة والحواجز التي وضعت في طريق المواطنين"، مطالبين بـ"العودة للشرعية الدستورية في ظل ديمقراطية تمثيلية تكفل الفصل بين السلطات". كم تعهدت الأحزاب بـ"العمل مع المنظمات الاجتماعية والأحزاب والتواصل مع المواطنين للتصدي لنظام الحكم الفردي والدفاع عن الحريات".
بدورها، دعت "حركة النهضة" إلى توحيد الجهود والوقوف في وجه الديكتاتورية وحماية قيم الثورة والنظام". هذا، بينما يبقى موقف الاتحاد العام للشغل فاصلًا، والذي يحدد طبيعة الساحة الاجتماعية والاقتصادية، فيما تكون بداية مشاوراته مع الحكومة مؤشرًا على طبيعة المرحلة القادمة. وفي هذا السياق، صرح الأمين العام المساعد للاتحاد، سامي الطاهري، أن "المنظمة تنظر في مآل الاتفاقيات الممضاة مع الحكومات السابقة، وترفض تحميل المواطن عبئًا برفع الدعم وترفيع الأسعار، وأن الاتحاد لن يقبل أن يتحمل المواطن أعباء سياسات فاشلة".
قضائيًا، نبّه القضاة إلى "الخطر الذي يهدد السلطة القضائية بعد رفع الغطاء الدستوري وضرب ضمانات استقلالها والتحريض على قُضاتها"، داعين إلى "توحيد الصّفّ والتجنيد لحمايتها حماية للحريات والدولة والنظام الديمقراطي". كما طالب القضاة "سعيّد" بالتوقف عن "ازدراء القضاء في محاكمات إعلامية وبخطاب يستجلب التعدّي اللفظي والمادي".
في الشأن الأمني، حقق القضاء العسكري مع عدد من المدنيين بتهمة انتقادهم لرئيس الدولة والتآمر الخارجي، أبرزهم الصحفي، عامر عياد، والنائبين، عبد اللطيف العلوي وياسين العياري، والناشط، سليم الجبالي. كما اعتقلت قوات الأمن عددًا من المتظاهرين لحيازتهم أسلحة بيضاء، وجرى احتجازهم لدى النيابة العامة بتهمة “مسك وحيازة سلاح أبيض وتوزيع أموال” و”الاشتباه في مسك واستهلاك مادة مخدرة".
في الشأن الجزائري، لم يغب ملف مكافحة الفساد وملاحقة المتورطين في نهب المال العام وتخليص البلاد عن خطابات الأحزاب، خلال الحملات الدعائية للانتخابات البلدية والولائية المقررة في الـ27 من الشهر الجاري. في السياق، حذر رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، من إمكانية نشوء مرحلة فساد جديدة في حال لم يتم توفير الشروط لمحاربته، معتبرًا أنه "لا يمكن إنهاء عهد الفساد دون قضاء مستقل وإعلام حر، وشخصيات وطنية قادرة على النهوض بالبلاد". كما دعى "مقري" إلى "تحرير المبادرة السياسية والاقتصادية وخلق مناخ للتنافس، لتجفيف منابع الفساد". من جهته، طالب رئيس "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، بتعزيز آليات محاربة الفساد عبر القطيعة مع الممارسات السابقة، مؤكدًا أن التوجه نحو بناء الدولة يفرض "محاربة الفساد السياسي والإداري المالي ".
بالمقابل، دعا رئيس "جبهة المستقبل"، عبد العزيز بلعيد، إلى معالجة قضايا الفساد ضمن سياقها السياسي، ما يعني إقدام الدولة على عقد مصالحة اقتصادية مع المتورطين في نهب المال العام مقابل استعادة الأموال المنهوبة، وذلك بدافع تحقيق استقرار أمني وازدهار اقتصادي. لكن السلطات من جانبها عبّرت عن عدم استعدادها للمصالحة؛ إذ أعلن وزير العدل، عبد الرشيد طبي، أن تسوية ملفات الفساد لن تكون بالإفراج عن المسجونين، مشددًا على أن "التسوية تكون بتوقيف المتابعات الجزائية مقابل استرجاع الأموال المنهوبة".
في سياقٍ منفصل، أعلن تكتل قوى "البديل الديمقراطي" إنشاء هيئة للدفاع عن الحريات السياسية والمدنية، ومواجهة ما تعتبره "مدًّا قمعيًا وتضييقًا على الحريات والاعتقالات بحق الناشطين". في هذا الإطار، صرح المتحدث باسم "التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية"، مراد بياتور، عن اتفاق قيادات قوى التكتل على ضرورة رفض التضييق الممنهج على العمل السياسي، مطالبًا القوى السياسية بالعمل على إلغاء القوانين الردعية، خاصة "المادة 87" إذ تنص على أن أية مطالبات إلى تغيير النظام السياسي عمل إرهابي.
في الأثناء، أجرى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تغييرًا حكوميًا جزئيًا مس ثلاث وزارات، حيث عيّن "محمد عبد الحفيظ هني" وزيرًا للفلاحة والتنمية الريفية، خلفًا لـ"ـعبد الحميد حمداني"، و"محمد بوسليماني" وزيرًا للاتصال، خلفًا لـ"عمار بلحيمر"، و"يوسف شرفة" وزيرًا للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي خلفًا لـ"عبد الرحمن لحفاية".
دبلوماسيًا، ورغم حالة القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس، برّر وزير الخارجية، رمضان لعمامرة، سبب مشاركته في مؤتمر باريس حول الأزمة الليبية لارتباط تنظيم المؤتمر بأكثر من طرف دولي، وبإلحاح الليبيين وحرصهم على حضور المؤتمر لإنجاز المسار الانتخابي في ليبيا.
على الصعيد الخارجي، كشفت مصادر دبلوماسية أن السلطات قررت تعليق اللقاءات التي كانت مقررة مع باريس وتجميد الاتصالات الدبلوماسية، وكذلك عدم الرد على المراسلات بين السفارات حتى إشعار آخر، وتجميد جميع الأنشطة في قطاعات التعاون السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
أمنيًا، أعلنت قوات الأمن اعتقال 21 شخصًا بتهمة الانتماء لتنظيم “الرشاد” الإرهابي بعدما فككت الخلية التابعة للتنظيم، كما أصدرت المحكمة الجزائية قررًا بسجن 18 منهم، فيما وضع الباقون تحت الرقابة القضائية.
مغربيًا، ورغم مصادقة مجلس النواب بالأغلبية على مشروع الموازنة العامة، إلا أنه أثار ردود فعل حول طريقة مناقشة المشروع والموافقة عليه؛ فقد أظهرت أن البلاد بحاجة لمعارضة قوية لخلق التوازن لمواجهة قرارات الحكومة. هذا، فيما اعتبرت بعض الأوساط السياسية أن الحكومة أصرت على خطى سابقاتها من خلال رفض فرض ضريبة على الثروة، واتجهت إلى تكريس التوجه الضريبي القائم على تضريب الموظفين والعمال، والمعتمد على الضريبة على القيمة المضافة التي يؤديها المواطنون في تعاملاتهم.
بموازاة ذلك، دعا أمين عام “العدالة والتنمية”، عبد الإله بن كيران، أعضاء حزبه “للهدوء في ممارسة المعارضة”، بهدف التميز وعدم الانضمام إلى “الجوقة” التي انقلبت من مؤيدة لمنتقدة، معتبرًا ذلك “توجيهًا ليكون الحزب متميزًا عن الممارسات من خلال معارضة وطنية معقولة، لخدمة الوطن وتحصين الديموقراطية”، وذلك بعدما جرى الحديث عن تقارب بين الاشتراكيين والإسلاميين لتشكيل ائتلاف المعارضة.
دبلوماسيًا، أعلن وزير الخارجية، ناصر بوريطة، أن بلاده تتجه "نحو إنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء"، مؤكدًا أن مغربية الصحراء حقيقة ثابتة وأن بلاده لن تنخرط في مفاوضات اقتصادية وتجارية لا تشمل كل أراضيها. كما أكدت الدبلوماسية المغربية أن "تدبير قضية الصحراء يتم تحت سيادة المغرب، وفي إطار الحكم الذاتي، عبر التأييد الدولي من خلال القنصليات والإعلانات الرسمية للدول".
عسكريًا، أعلنت وزارة الدفاع "الإسرائيلية" أن وزير الدفاع، بيني غانتس، يقوم بزيارة رسمية للرباط ليوقع اتفاقات تعاون أمني بين البلدين، تتضمن تعزيزات وتدريبات لوجستية للجيش المغربي.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا