استنتاجات الموجز:
إجراء الانتخابات في موعدها بات أمرًا مستبعدًا في ظل الرفض الكبير في المناطق الرافضة لـ"حفتر"
ترشح "سيف الإسلام القذافي" يسبب الرفض الأوسع لإجراء الانتخابات من أساسها
استمرار الخلاف الدولي حول الانتخابات وعدم حسم الموقف تجاهها يشير لإمكان تأجيلها وتعديل القوانين
لا زالت مشكلة الانتخابات تتفاقم في ليبيا؛ فبعد موجة الجدل القانوني الدائر حول قانون الانتخابات وطريقة اعتماده وعدم توافق الأطراف المعنية حوله، أثار ترشح "سيف الإسلام القذافي" موجة غضب عارمة؛ حيث نجل الراحل "معمر القذافي"، الأحد، بأوراق ترشحه لمقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في سبها. وأثار هذا الترشح لغطًا واسعًا وعلامات استفهام كبيرة حول تعاطي المفوضية مع الحدث؛ فرغم وجود من تقدم بأوراق ترشحه قبل "القذافي"، إلا أن المفوضية أعلنت عبر صفحتها على "فيسبوك" ترشح الأخير محتفيةً بهذا الحدث.
في الوقت نفسه، نشرت صفحة المفوضية خبرًا مفاده عدم قبول أوراق ترشح "القذافي" ثمّ حُذف ونشرت المفوضية أنه اختراق للصفحة. من جهتهم، تساءل مراقبون عن كفاءة المفوضية من الناحية الفنية، لإدارة العملية الانتخابية وحمايتها من التلاعت واختراق البيانات مع عدم قدرتها على حماية صفحتها على "فيسبوك" من ذلك.
كما أثار ترشح "سيف الإسلام" غضبًا على المستوى الدولي خصوصًا لكونه مطلوبًا لمحكمة الجنايات الدولية؛ فقد صرح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، سامويل وربيرغ بأن الولايات المتحدة "ليس لديها موقف من سيف الإسلام القذافي أو أي مرشح آخر، والأمر راجع للشعب الليبي في اختيار من يمثله"، مضيفًا أن بلاده "تدعم المؤسسات التي تعمل على تنظيم الانتخابات في مواعيدها"، لكنه استدرك بأنه "بحسب إرادة الشعب الليبي سيف الإسلام مطلوب للمحاكم، وليبيا تواجه تحديات كبيرة داخلية ودولية تتطلب أن يتسلّم الحكم فيها شخص قادر على القيام بدور دولي لا يستطيعه سيف الإسلام." في هذا السياق، يبين الموقف الأمريكي التحفظ على ترشح "سيف الإسلام"، فيما تذهب التوقعات إلى رفض ترشحه للنفوذ الأمريكي وتأثيره على رئيس المفوضية.
على جانب آخر، أعلن "خليفة حفتر"، الثلاثاء، ترشحه للرئاسة وتقدم بأوراقه لمفوضية الانتخابات فرع بنغازي، قائلًا إن ترشحه "لا يأتي طمعًا في السلطة بل رغبة في قيادة مسيرة الليبيين في هذه الظروف الصعبة والقاسية".
وتعليقًا على ذلك، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن "حفتر الذي يعتزم الترشح للرئاسة والمدعوم من روسيا يحاول السيطرة على البلاد بأكملها سياسيا، بعد حملة عسكرية فاشلة لإخضاع العاصمة طرابلس، انتهت بهدنة توسطت فيها الأمم المتحدة العام الماضي." ورجّحت الصحيفة أن يؤدي دخول "حفتر" السباق الانتخابي إلى زيادة الاستقطاب في البلاد، قائلةً إنه "بينما يحظى ببعض الدعم في المنطقة الشرقية، فإن العديد من الليبيين بما في ذلك سكان طرابلس الذين عانوا من قصف قواته لأكثر من عام يرفضونه."
كما أشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن بعض المسؤولين الغربيين يخشون من أن الخلاف بين الفصائل الليبية المتناحرة، حول توقيت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والأساس القانوني والقواعد، قد يهدد بخرق اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي.
في سياق الانتخابات أيضًا، وجّه مفتي البلاد، الشيخ الصادق الغرياني، في كلمة له عبر برنامجه الأسبوعي في قناة "التناصح"، إلى رفض الانتخابات وعدم السماح بإجرائها في ظل "مشاركة المجرمين والقتلة من أمثال حفتر". وحث "الغرياني" الثوار على التظاهر والتلويح بالسلاح والتصعيد تجاه العملية الانتخابية بالرفض القاطع، حتى يتم إقرار الدستور أو قاعدة دستورية.
في السياق أيضًا، وعلى المستوى الشعبي، أغلق المحتجون عدة فروع لمفوضية الانتخابات في مدن المنطقة الغربية، على رأسها الزاوية و غريان وزليتن وغيرها من المدن، محتجين على ما وصفوه بانحياز المفوضية لطرف معين وعدم نزاهتها.
وتأتي هذه التطورات والأحداث كلها بعد مؤتمر باريس، الذي لم يشهد توافقًا بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة حول مسألة الانتخابات؛ حيث جاء الموقف الألماني والبريطاني مخالفًا للأمريكي والفرنسي حول موعد الانتخابات وإجراء العملية في وقتها، خصوصًا مع هذا الخلاف بين الأطراف وضرورة التوافق حول العملية الانتخابية برمتها، عوضًا عن رفض النتائج من قبل طرف معين قبل حتى أن تبدأ الانتخابات. ويرجح هذا استحالة إجراء الانتخابات في موعدها، وفق هذه الظروف وهذا الخلاف الدولي وهذا الغضب الشعبي في عدة مناطق من البلاد.
في سياق آخر، كشف موقع "أفريكا إنتليجنس" الاستخباراتي الفرنسي أن الإمارات فشلت في إقناع حليفها، خليفة حفتر، في تأمين اتفاق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بعد أسابيع من الاتصالات الدبلوماسية المكثفة. وقال الموقع إن الإمارات تخشى خسارة كل مكاسبها في ليبيا حيث يضعف "حفتر"، الذي رفض أي تقارب مع "الدبيبة".
وأشار الموقع إلى أن المفاوضات التي بدأت منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في أبوظبي بين مبعوثي "حفتر" و"الدبيبة"، انتهت في بالفشل. وأضاف الموقع أيضًا أن "حفتر" “قاوم” ضغوط الإمارات للتوصل إلى أي صفقة مع "الدبيبة"، بما في ذلك احتمال تأجيل أو إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر إجراؤها في الـ24 من كانون الأول/ ديسمبر القادم.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا