استنتاجات الموجز:
انسحاب السعودية من عدد من المواقع في اليمن تزامنًا مع انسحاب وكلاء الإمارات في البيضاء والحديدة يثير القلق حول مصداقية ما سُرِّب عن رغبة التحالف في إنهاء الحرب وتسليم شمال اليمن للحوثيين وتمكين الانتقالي من جنوبه
تعزيز جبهة مأرب بقوة مدربة ومسلحة سيُمكن قوات الشرعية من ردع الحوثيين واستعادة عدد من المديريات التي سيطروا عليها خلال الأسابيع الماضية
سيطر المشهد العسكري في محافظتي مأرب والحديدة على مشهد الأخبار في الملف اليمني خلال الأيام الماضية؛ حيث تكبدت جماعة الحوثي خسائر فادحة في العتاد والأرواح خلال المعارك الدائرة على امتداد الجبهات، من جبهة "ذنه" غربًا وحتى جبهة "الفليحة" جنوبًا. وقالت مصادر ميدانية إن قوات الجيش الوطني المسنودة بالمقاومة الشعبية تمكنت من كسر أنساق الحوثيين المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة، مضيفةً أن المعارك في هذه الأثناء على أشدها جنوب مأرب.
يأتي ذلك عقب دفع وزارة الدفاع التابعة للشرعية بكتيبة "شهداء مأرب"، وهي إحدى كتائب ألوية قوات اليمن التي عملت الحكومة على تشكيلها وهيكلتها وتنظيمها ضمن القوات العسكرية، بدعم تدريبي لوجستي من قيادة التحالف، وذلك لتعزيز جبهة مأرب والانخراط في جبهات القتال إلى جانب الجيش الوطني والمقاومة.
من جهته، نفّذ تحالف دعم الشرعية في اليمن، فجر اليوم هذا الخميس، غارات جوية على مواقع وتجمعات تابعة لجماعة الحوثي في محافظات ذمار وصعدة والجوف، إضافةً إلى العاصمة صنعاء. وقال سكان وشهود عيان إن الغارات تركزت على مناطق دار الرئاسة ومعسكر الحفا وقاعدة الديملي الجوية، فيما ذكرت وسائل إعلام سعودية أن الغارات استهدفت مواقع حيوية في صنعاء، منها موقع يعتقد أنه لخبراء في الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني.
على صعيد ميداني آخر، أكدت مصادر عسكرية إخلاء لواء الواجب 808 التابع للقوات السعودية بشكل مفاجئ، عددًا من المواقع العسكرية التي كان يتمركز فيها بمحافظة سقطرى؛ حيث سحب قواته وعددًا من مدرعاته وآلياته العسكرية من مواقع في منطقة موري ومطار سقطرى، مشيرةً إلى أن قوات تابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" تسلمت المواقع التي انسحبت منها القوات السعودية، فيما لم تعرف بعد وجهة القوات السعودية المنسحبة من الجزيرة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة انسحابات للقوات السعودية من اليمن خلال الأسابيع والأيام الماضية، بدأتها من المهرة ثم شبوة مرورًا بعدن وانتهاءً بحضرموت وجزيرة سقطرى. ورغم تصريحات وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، بأن الوضع في اليمن وصل إلى طريق مسدود دبلوماسيًا وعسكريًا، إلا أنه نفى المعلومات المتداولة حول انسحاب قوات المملكة من اليمن.
في السياق، تلقى القادة العسكريون في ألوية العمالقة والمقاومة التهامية المنضوية تحت لواء القوات المشتركة التي تدعمها الإمارات، أوامر بالانسحاب من مواقعهم في الساحل الغربي لليمن، ما أحدث حالة من الإرباك والفوضى في صفوف الجنود، الذين قاتلوا بشراسة على مدار ثلاث سنوات للسيطرة على الحديدة. كما تراجعت القوات المشتركة من الساحل الغربي عشرات الكلومترات، ما أتاح للحوثيين السيطرة على منطقة "كيلو 16" ومديرية "الدريهمي" و"التحيتا" ومناطق "الفازة" و"الجبلية" و"الطور" و"الجاح" بالكامل، بعد انسحاب القوات المشتركة. وأشارت المصادر العسكرية إلى أن العشرات من جنود قوات الزرانيق والمقاومة التهامية، المنتمين لمناطق الساحل الغربي، قُتلوا وأُسروا خلال المعارك بعد أن رفضوا الانسحاب.
من جانبه، أكد الفريق الحكومي بلجنة تنسيق إعادة الانتشار بموجب اتفاق استوكهولم أن ما جرى في الساحل الغربي من إعادة انتشار للقوات، يتم دون معرفته ودون أي تنسيق مسبق معه، موضحًا أن إجراءات إعادة الانتشار يُفترض أن تتم كما هو المعتاد بالتنسيق والتفاهم مع بعثة الأمم المتحدة "أونمها" في الحديدة، عبر الفريق الحكومي والتي لم تكن في الصورة كما أشار الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة.
في غضون ذلك، كشفت مصادر محلية بمحافظة الحديدة عن بدء إنشاء سياج شائك وترسيم حدود جنوب المدينة، وذلك لعزل ما تبقى منها تحت سيطرة القوات المشتركة عن المناطق التي انسحبت منها مؤخرًا وسيطرت عليها جماعة الحوثي، مؤكدةً أن المشرف العسكري الإماراتي في الساحل، ويدعى "أبو أحمد"، نزل ميدانيًا بنفسه لترسيم حدود التقسيم الجديدة. وأشارت المصادر إلى أن المشرف الإماراتي حذر القيادات العسكرية التهامية وهدد من تجاوز السياج الحديدي والرملي الذي تم وضعه، وأن أي قوة ستتقدم سيتم قصفها باعتبارها خارجة عن شرعية التحالف.
ميدانيًا أيضًا، لقي مدير أمن مديرية زبيد بمدينة الحديدة التابع للحوثيين، علي أحمد جحاف، مصرعه مع كافة أفراد سرية التدخل السريع التي كان يقودها في معارك مع قوات الألوية التهامية، ومن تبقى من قوات العمالقة في المحافظة؛ حيث حاولت القوات الحوثية التقدم باتجاه مشارف منطقة الحيمة في الأطراف الشمالية لمديرية الخوخة، في محاولة للسيطرة على الميناء العسكري الموجود فيها. وجاء ذلك عقب الانسحاب المفاجئ الذي نفذته القوات المدعومة من الإمارات بشكل مفاجئ، إلا أن قوات الألوية التهامية مسنودةً بمن تبقى من قوات العمالقة، تمكنت من صد هجمات الحوثيين وإفشال محاولة السيطرة على تلك المناطق.
سياسيًا، عقد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، لقاء برئيس "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتيًا، عيدروس الزُبيدي، والوفد المرافق له في الرياض عقب وصوله إليها، استجابةً للدعوة التي وُجّهت له من المملكة. وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي سعودي حول اللقاء، قال مصدر في الحكومة الشرعية إن اللقاء ناقش أهمية البدء في تطبيق ما تبقى من اتفاق الرياض، ودعم جهود الحكومة وتحقيق الأمن والاستقرار. وكان من المقرر أن يلتقي"الزبيدي" بنائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، قبل أن يرفض الأخير لقاءه ويرسل بدلًا عن ذلك السفير السعودي لدى اليمن.
على صعيد منفصل، شهدت مدينة الحبيلين بمديرية ردفان في محافظة لحج تظاهرة حاشدة، احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانهيار العملة؛ حيث جابت التظاهرة الشارع العام في المديرية رغم التشديد العسكري والدوريات عسكرية المنتشرة، وإغلاق معظم الشوارع لمنع وصول المحتجين إلى نقاط التجمع. وقالت مصادر محلية إن قوات تابعة لـ"الانتقالي" اعتدت بشكل مفرط على المتظاهرين السلميين، وقامت باعتقال عدد منهم أبرزهم الإعلامي "رائد الغزالي"، إضافةً إلى "سام الداعري" و"عبدالدايم الوحدي" و"وهيب الذيباني" وآخرين.
خارجيًا، يستعد عدد من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي لتقديم مشروع قانون، لإعادة تطبيق العقوبات على جماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي تم رفعها من قبل إدارة "بايدن" في شباط/ فبراير الماضي. فقد وزع السناتور الجمهوري، تيد كروز، تدابير جزاءات على مكاتب مجلس الشيوخ الأخرى، ومن المتوقع أن يتبناه مجلس الشيوخ هذا الأسبوع.
كما سيدفع السناتور الجمهوري، أندرو كلايد، لتشريع مماثل في مجلس النواب الأمريكي، لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. ومن المرجح أن تحظى هذه الإجراءات بتأييد الحزب الجمهوري على نطاق واسع، في ضوء مداهمة السفارة الأمريكية بصنعاء، والتي أثارت غضب قادة السياسة الخارجية الجمهوريين في كلا المجلسين.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا