استنتاجات الموجز:
اتفاق سياسي بين "حمدوك" و"البرهان" يعيده رئيسًا لحكومة تكنوقراط له حرية تشكيلها وتشكيل مجلس تشريعي جامع للقاعدة السياسية السودانية
ترحيب دولي بالاتفاق وعودة المساعدات مشروطة باستمرار الانتقال الديمقراطي وسط تباين المواقف محليًا بين مؤيد ومعارض
توقعات بدوران عجلة البلاد بعد تشكيل الحكومة رغم الاحتجاجات المتفرقة ومعارضة بعض الكيانات السياسية التي تجاهلها الاتفاق
شهد القصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم، الأحد، توقيع الاتفاق السياسي لتجاوز الأزمة في البلاد بين رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء المعزول، عبد الله حمدوك، الذي عاد رئيسًا للوزراء مرة أخرى بعد إلغاء قرار عزله.
ونص الاتفاق على أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين هي الضامن لأمن السودان، كما تضمن الاتفاق، الذي حضر مراسم توقيعه عدد من القيادات السياسية والعسكرية، 14 بندًا، أبرزها إلغاء قرار إعفاء "حمدوك" من رئاسة الحكومة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإشراف مجلس السيادة على الفترة الانتقالية.
بدوره، باشر "حمدوك" مهامه من مكتبه بالخرطوم، ودعا السودانيين إلى التوافق وحقن الدماء، فيما قال مصدر في الحكومة المعزولة إن نحو 14 وزيرًا قدموا استقالتهم لرئيس الوزراء بعد استئنافه لمهامه من جديد. وأضاف المصدر أن وزيري الإعلام والاتصالات لم يتمكنا من حضور الاجتماع، في حين امتنع وزير التجارة عن تقديم استقالته، بينما لا يزال كل من وزيري الصناعة وشؤون مجلس الوزراء قيد الاعتقال.
من جهتهم، لم يوضح الوزراء المستقيلون سبب تقديم استقالاتهم، لكنها تأتي بعد بيان أعربوا فيه عن رفضهم اتفاق الأحد، معتبرين أنه يشرعن للحكم الانقلابي العسكري، بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة والإعلام.
على الصعيد الخارجي وفي إطار ردود الفعل الدولية على هذا الاتفاق، وزعت بريطانيا مشروع بيان صحفي على أعضاء مجلس الأمن يرحب بالاتفاق السياسي بين "حمدوك" و"البرهان"، ويدعو إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين منذ الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
من جانبه، حثّ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، جميع الأطراف بالسودان على إجراء مزيد من المحادثات لإكمال المهام الانتقالية بقيادة مدنية. وأشاد الوزير بالاتفاق السوداني ودعا لرفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين. كما أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، بالاتفاق باعتباره خطوة مهمة في العودة إلى الوضع الدستوري.
على الصعيد ذاته، رحبت دول الترويكا والاتحاد الأوروبي وسويسرا وكندا بالاتفاق السياسي والإفراج عن رئيس الوزراء. كما رحبت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الحكم الانتقالي بما وصفته بالتوافق، بشأن حل الأزمة الدستورية والسياسية التي كانت تهدّد استقرار البلاد.
بالمقابل، ورغم الترحيب الإقليمي والدولي بالاتفاق من قبل دول ومنظمات، فقد رفضه على المستوى الداخلي وزراء معزولون وأحزاب سياسية وائتلافات، أبرزهم "حركة تحرير السودان" بقيادة "عبد الواحد نور"، و"قوى الحرية والتغيير: (مجموعة المجلس المركزي، وتجمع المهنيين السودانيين، والحزب الشيوعي السوداني)، كما شهدت مدن سودانية احتجاجات رافضة له.
فمن جهته، أعلن تحالف "قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي" أنه غير معني بأي اتفاق مع "الطغمة الغاشمة"، معلنًا العمل بكل الطرق السلمية لإسقاطها. كما أعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه للاتفاق ووصفه بـ"اتفاق الخيانة".
بالمقابل، أيّد رئيس "حزب الأمة القومي"، فضل الله برمة ناصر، الاتفاق السياسي، فيما قال الأمين العام المكلف لـ"حزب المؤتمر الشعبي"، محمد بدر الدين، إن الاتفاق السياسي مقبول، لأنه تحدث عن توسيع قاعدة المشاركة ونبذ الإقصاء السياسي. أما القيادي في "حركة العدل والمساواة السودانية" و"جبهة الميثاق الوطني"، محمد زكريا، فقال لقناة "الجزيرة" إن الاتفاق خطوة تاريخية ستسهم في وقف الاحتقان السياسي.
من جهة أخرى، قال قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، إن "الأطراف السياسية الموقعة على الاتفاق السياسي تعهدت بضرورة العمل معًا لاستكمال مسار التصحيح الديمقراطي، وإنجاح الفترة الانتقالية وصولًا إلى حكومة منتخبة من الشعب"، وذلك خلال لقائه التنويري بضباط في الشرطة السودانية في الخرطوم.
من ناحيته، وخلال مخاطبته ضباطًا في الجيش وقوات الدعم السريع، قال "البرهان" إن "الاتفاق السياسي، الذي تم توقيعه الأحد، يمهد لفترة انتقالية ذات أهداف محددة، تتمثل في بسط الأمن ومعالجة قضايا معايش الناس واستكمال مطلوبات السلام مع الاستعداد للانتخابات في يوليو 2023".
في الأثناء، بدأت السلطات السودانية الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين المحتجزين لديها منذ الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. بالمقابل، خرجت مظاهرة في مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان)، رفضًا للاتفاق السياسي وللمطالبة بعودة السلطة المدنية والقصاص للقتلى.
وكانت قوى سياسية دعت إلى مظاهرات ظهر الأحد في الخرطوم والولايات، احتجاجًا على قرارات قائد الجيش، وللمطالبة بتكوين الدولة المدنية. وأظهرت مقاطع فيديو محتجين يرددون هتافات مناوئة لرئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، عقب توقيع الاتفاق السياسي مع "البرهان".
وعلى خلفية هذه التظاهرات، قالت لجنة أطباء السودان إن متظاهرًا قتل برصاص الجيش خلال احتجاجات في مدينة أم درمان، مضيفةً في بيان: "بهذا يرتفع عدد القتلى منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى 41". وفي وقت سابق، قالت لجنة أطباء السودان المركزية إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع، لتفريق المحتجين إثر اقترابهم من القصر الرئاسي.
في غضون ذلك، عادت خدمة الإنترنت في السودان تدريجيًا إلى جميع شركات الاتصالات، بعد انقطاعها منذ الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حين حل "البرهان" مجلس الوزراء وأعلن حالة الطوارئ.
اقتصاديًا، ارتفع سعر لتر البنزين إلى 362 جنيهًا بدلًا عن 320 جنيهًا، كما زاد سعر لتر الديزل بالمقدار نفسه من 305 جنيهات إلى 347، وذلك ضمن عملية الإلغاء التدريجي لدعم الوقود التي تهدف الآن إلى التماهي مع تقلبات أسعار النفط العالمية.
اقتصاديًا أيضًا، حافظ الجنيه السوداني على استقراره مقابل العملات الصعبة، وجرى تداول أسعار الدولار الأمريكي في السوق السوداء عند مبلغ 440 جنيهًا في المتوسط. هذا، بينما حدّد البنك المركزي سعر الدولار التأشيري بمبلغ 438 جنيهًا، فيما تراجع سعر صرف العملة للعملة الأمريكية لدى البنوك 436 جنيهًا.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا