استنتاجات الموجز:
تصاعد حدّة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بتونس وسط غياب الآفاق لتجاوزها تزامنًا مع إعلان "سعيّد" عن تغييرات قادمة على النظام السياسي
"حملة الانتخابات المحلية" بالجزائر تدخل أسبوعها الأخير على وقع تباينات في اهتمامات الأحزاب وتراجع قضايا الحريات والديمقراطية
"السياسة الضريبية" و"إقرار الموازنة" و"موجات الاحتجاجات مع انسداد الأفق السياسي" بالمغرب تزيد من المخاوف حول الوضع الأمني
بينما يعتبر استمرار "القرارات الاستثنائية" بشكلها الحالي في تونس غير مقبول دوليًا، تأتي الجهود الرّامية لإعادة هيكلة النظام في إطار دستوري، في ظل محاولات تبدو جادة لإنهاء حالة الفوضى بالبلاد؛ حيث بدا اتصال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لمناقشة الأسباب التي أدت لاتخاذ الإجراءات، بمثابة إنذار لإنشاء إصلاحات لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، والخروج من الوضع الاستثنائي إلى العادي.
في هذا الإطار، تلقّى الرئيس الجمهورية، قيس سعيّد، اتصالًا هاتفيًا من "بلينكن"، تمت خلاله مناقشة أسباب الإجراءات التي دعت للالتجاء إلى "الفصل 80"، وبحث سُبل تطوير العلاقات بين البلدين في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد. في هذا الإطار، أشار "سعيّد" إلى أن "الحقيقة عكس ما يتم ترويجها، والدستور لم يُعلّق، بل تم تجميد عضوية النواب بعد أن تحوّل البرلمان لحلبة صراع وتعطّلت أعماله نتيجة للعنف المادي واللفظي". من جهته، عبّر "بلينكن" عن رغبة بلاده في تنفيذ إصلاحات بأسرع وقت، مؤكدًا على تشكيل حكومة جديدة تضمن الحقوق والحريات، والعمل تخفيف وطأة الوضع الاقتصادي، وانتهاج عملية إصلاح تشرك جميع الأطراف لمعالجة التحدّيات السياسية والاجتماعية وللاستجابة لتطلّعات شعبها لاستمرار التقدّم الديمقراطي".
بموازاة ذلك، أعلن "سعيّد" أنه يتم العمل على ترتيب جدول زمني لتنظيم إدخال إصلاحات على النظام السياسي، مشيرًا إلى "الحاجة لمشاريع مراسيم تتعلق بالصلح الجزائي ومشروع مرسوم يتعلق باختصار الآجال للبتّ في الجرائم والتجاوزات الانتخابية". وأكد "سعيّد" أن "القضاء قضاء الدولة ولا سلطان عليه، ولا يمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل وقضاة فوق الشبهات". وقد فتحت هذه التصريحات أبواب الجدل السياسي وسط مخاوف الأوساط من فرض نظام حكم وتعديل دستوري بشكل فردي، عبر استفتاء مجهول المعالم لا سيما بعد ذهابه نحو استفتاء "إلكتروني" لتمرير التعديلات.
اقتصاديًا، خفّضت وكالة التصنيف المالي اليابانية "رايتنغ أند انفستمنت" الترقيم السيادي لتونس والمصرف المركزي إلى "ب-إيجابي"، مع آفاق سلبية، مضيفةً أنها "قد تخفض التصنيف بدرجة أكبر في حال طالت عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي". واعتبرت الوكالة أن الوضع الراهن "يدعو للاحتراز، خصوصًا في ما يتعلق بقدرت تونس على سداد الديون"، بعدما بلغ حجم عجز ميزانية الدولة 10 مليارات دينار (3.5 مليارات دولار).
في السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، أن الصندوق تلقى طلبًا للمساعدة من الحكومة التونسية، مشيرًا إلى المباحثات التقنية جارية "لتحديد الأولويات الاقتصادية"، دون تقديم جدول زمني، ومشددًا على أن المباحثات تهدف إلى "بحث إطلاق برنامج تمويل جديدة وإصلاحات لا بد من تنفيذها لتجاوز الأزمة." بدورها، أعلنت وزارة المالية أن الحكومة جمعت 1.8 مليار دينار "تعادل 630 مليون دولار"، في اكتتاب وطني في مكافحتها لتمويل عجز الموازنة، علمًا أن العجز يصل إلى 8.3%، إضافةً لارتفاع معدل البطالة إلى 18.4%.
أمنيًا، اتسعت رقعة الاحتجاجات في صفوف العاطلين؛ حيث اقتحم المتظاهرون مقرات المحافظات بعد إعلان "سعيّد" التخلي عن القانون 38، الذي ينص على تشغيل 10 آلاف عاطل عن العمل ممن طالت بطالتهم في القطاع الحكومي. بدوره، يتجه وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، لإصدار برقية تشمل إحالة 20 شخصية من كبار القيادات الأمنية إلى التقاعد الوجوبي، وذلك بعدما أشارت الوزارة إلى أن المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي نظر في ملفات الإحالة التقاعد دون تقديم تفاصيل.
في الشأن الجزائري، لم تأخذ قضايا الحريات والمطالب الديمقراطية والاعتقالات والملاحقات ضد الناشطين وإغلاق المجال الإعلامي حيّزًا في الحملات الانتخابية المحلية المقبلة، والتي اقتصرت على خطابات أحزاب المعارضة، أبرزها حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، الذي لا يأمل تحقيق تغيير سياسي إزاء "الأزمة متعددة الجوانب"، واصفًا حديث رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، للمجلة الألمانية "دير شبيغل" بأنه حقق مطالب الحراك بأنه "أمر مجانب للحقيقة". كما أبدت قيادات أحزاب الموالاة، مثل "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، تجاهلًا تامًا لقضايا الحريات في حملاتها.
في الأثناء، اتهم رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، بـ"الكذب" على خلفية تصريحاته حول قانون الموازنة وفرض ضرائب على المزارعين، حيث صرح أن كتلة حزبه هي الوحيدة التي رفضت القانون وحرصت على الدفاع عن الفلاح، لأنه أساس صلاح المنظومة الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي، معتبرًا أن فرض الضرائب خدمة تقدم لفرنسا، كونها تضر بالقطاع الزراعي. كما حذر "مقري" من التلاعب الإداري من قبل السلطة بالانتخابات، لأنه "يكلف البلاد خمس سنوات من العطب السياسي والاقتصادي"، ومن مخاطر الوضع الاقتصادي، تزامنًا مع تزايد ظاهرة الهجرة السرية للشباب.
في سياقٍ منفصل، أدى أعضاء المحكمة الدستورية اليمين الدستوري أمام رئيس المحكمة العليا، بعد استكمال مجموع أعضائها الـ12، ليعلن رسميًا إنشاء أول محكمة دستورية لتحل محل المجلس الدستوري، فيما عيّن "تبون" أربعة من الأعضاء.
في شأنٍ آخر، أطلقت السلطات قافلة تجارية تضم 28 شاحنة متوجهة إلى موريتانيا والسنغال عبر الصحراء، فيما وجه وزير التجارة، كمال رزيق، رسالة إلى الأطراف الإقليمية بأن بلاده لن تتخلى عن أفريقيا ودورها التصديري نحو دول الجوار، مؤكدًا أن تنظيم القافلة رسالة "بأن بلاده ترفع وتيرة صادراتها نحو أفريقيا مهما وقع"، ومشددًا أن حادث القصف لن يوقف عبور القوافل التجارية.
أمنيًا، وبعد أقل من أسبوعين من محاكمة المدير العام السابق للأمن العام، عبد الغني هامل، في قضية سوء استغلال الوظيفة والثراء غير المشروع، مَثُل "هامل" برفقة أربعة من أبنائه وزوجته أمام مجلس القضاء في قضية فساد والاستيلاء على أملاك عقارية منقولة، بلغت 35 بين شقق وفيلات وأراضٍ في خمس ولايات. كما يُلاحق في القضية ذاتها وزير الإسكان السابق، عبد الغني زعلان، ووزير الصحة السابق، عبد المالك بوضياف، والحاكم السابق لولاية تيبازة، موسى غلاي، ومدير عام ديوان الأملاك العقارية، محمد رحايمية.
أمنيًا أيضًا، أعلنت وزارة الدفاع عن تفكيك “شبكة دولية” منظمة لتهريب المهاجرين غير النظاميين، امتد نشاطها إلى دول مغاربية وأوروبية، وتمكنت من تحديد هوية 27 شخصًا من عناصر الشبكة بينهم سبعة أفراد ينشطون خارج البلاد، حيث جرى توقيف 14 شخصًا، وتم إصدار 13 أمرًا بالقبض، منها سبعة أوامر دولية بحق باقي عناصر الشبكة.
مغربيًا، أثار قرار وزارة التربية والتعليم بتخفيض سنّ توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية إلى 30 سنة، احتجاجات في صفوف المترشحين والنقابات التعليمية والأحزاب ضد "القرارات التصفوية والإقصائية غير الدستورية في حق المواطنين"، والذي يفاقم أزمة البطالة. بدوره، وجّه أمين عام "الاتحاد الاشتراكي"، إدريس لشكر، انتقادات إلى حكومة "أخنوش" التي تعاني من "الارتباك" وتسعى إلى "التغول" وتعلن رفضها لأي مقاربة تشاركية، محذرًا من توتر اجتماعي نتيجة الإجراءات الضريبية والسياسات الجديدة.
بموازاة ذلك، أثارت تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بخصوص التهرب الضريبي غضب المحامين حيث توعدوا بالمزيد من الاحتجاجات. فقد صعّد "وهبي" في موقفه معلقًا على غضب المحامين "بالضغط على الجرح أكثر"، ومعلنًا أن لا يمكنه السكوت والتواطؤ في عدم أدائهم الضرائب.
في سياقٍ منفصل، وفيما يشبه الرد على الانتقادات التي وجهها حزب "العدالة والتنمية" إلى الانتخابات الجزئية المقبلة وإعلان مقاطعته لها، أوضحت وزارة الداخلية أن قانون الانتخابات ينص على إجراء اقتراع لملء المقاعد التي بقيت شاغرة "لأي سبب من الأسباب" عقب الإعلان عن النتائج، وذلك بمدة ثلاثة أشهر الموالية لتاريخ الاستحقاق. كما أسفرت عملية الترشيح عن إيداع 56 تصريحًا فرديًا بالترشيح مقدمًا بتزكية من 16 هيئة سياسية، منها 12 ترشيحًا نسويًا وتندرج في إطار التطبيق الحرفي للمقتضيات المنصوص عليها في المادة 139 من القانون التنظيمي.
في ملف الصحراء الغربية، قدم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، في اجتماع عقده في واشنطن، دعمًا للخطة “الجادّة والجديرة بالثقة” التي وضعها المغرب للصحراء، مؤكدًا على اعتبار الخطة مقاربة تلبّي تطلّعات شعب الصحراء. في الأثناء، تقدم الاتحاد الأوروبي بطعن في قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء العمل باتفاقيتي الزراعة والصيد البحري، اللتين تربطان الاتحاد بالمغرب، بدعوة أنهما تشملان منتجات آتية من الصحراء، وعدم قبول سكان المنطقة بالاتفاقيتين قبل انقضاء المهلة القانونية.
على صعيد التطبيع، يُجري وفد من الإعلاميين وممثلي المجتمع المدني زيارة إلى "إسرائيل"، بدعوة من وزارة الخارجية "الإسرائيلية" في زيارة لتعزيز التعاون الثقافي والإعلامي والاجتماعي بين البلدين
قضائيًا، تنظر محكمة الاستئناف في قضية القيادي في حزب “العدالة والتنمية”، عبد العالي حامي الدين، المتهم بفرضية المشاركة في مقتل طالب ينتمي لفصيل يساري في جامعة فاس عام 1993 يعرف بفصيل “القاعديين”. وشهدت القضية انقسامًا داخل الأوساط الحقوقية والسياسية، باعتبار إعادة محاكمته تكتسي “طابعًا سياسيًا".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا