استنتاجات الموجز:
تسارع تطبيعي محموم ومفاجىء للدولة بغطاء وتمويل إماراتي لإقامة مشاريع استراتيجية تبادلية بين الاحتلال والمملكة ينبىء بعلاقات استراتيجية غير مسبوقة مع تل أبيب وأبو ظبي
يبدو أن التيار المحافظ تمكّن وبغطاء مع الملك من سحب الدسم مبكرًا من مضمون توصيات لجنة الإصلاح من خلال نزع صلاحيات أي حكومة حزبية مستقبلية من إدارة الملفات الأمنية والسياسة الخارجية للدولة
يستمر الجدل والنقاش الساخن والرفض من شرائح برلمانية وحزبية وشخصيات مستقلة وفعاليات شعبية، حول الحزمة المفاجأة والمباغتة التي تم الإعلان عنها من التعديلات الدستورية التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس النواب لإقرارها، ضمن حزمة مخرجات وتوصيات وثيقة تحديث المنظومة السياسية الملكية في البلاد .
ولعل أكثر من لفت الانتباه وأثار الجدل تلك التعديلات التي نقلت جزءًا كبيرًا من صلاحيات الحكومات المقبلة، ونالت من ولايتها العامة خارج منطوق الدستور، والتي زجت بها الحكومة زجًا ضمن ديباجة توصيات لجنة الإصلاح الملكية، دون أن تُطرح في اللجنة أو يعرف بها الأعضاء الذين شاركوا في صياغة بنود وثيقة الإصلاح .
من جهته، وصف رئيس كتلة الإسلاميين في البرلمان والقانوني المخضرم، صالح العرموطي، بعض التعديلات المقترحة على الدستور والتي قدمتها الحكومة مع وثيقة الإصلاح، بأنها "تغير وتبدل في شكل وهوية وملامح النظام الدستوري والسياسي الأردني"، واعتبر بعضها الآخر "خطيرًا أو ينطوي على مخاطر، ويلحق ضررًا كبيرًا بمصالح الدولة الاستراتيجية".
ويدور الحديث هنا بشكل خاص حول تشكيل مجلس الأمن الوطني، الذي سيناط به رسم وتسيير المنظومة الأمنية والعسكرية الكاملة بالمملكة بعيدًا عن الحكومة، إلى جانب تحديد شكل ومضمون ومسار السياسة الخارجية للدولة، والذي يترأسه جلالة الملك شخصيًا ويضم كلًا من رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والخارجية ورئيس الأركان ومدير المخابرات العامة، إضافةً إلى شخصين يختارهما الملك.
بموازاة هذا الجدل السياسي وفي ملف التطبيع الشائك، عاش الأردنيون صدمة الإعلان عن توقيع اتفاقية أولية تطبيعية ضخمة في مجال الطاقة، هي الأولى منذ توقيع اتفاقية الغاز مع "الإسرائيليين"، وعبر العباءة الإماراتية وبالترتيب مع الاحتلال. وهي اتفاقية صرح وزير المياه، محمد النجار، بأن التفاوض عليها حصل خلال 24 ساعة فقط، وكانت فكرتها "إماراتية" بالمقام الأساسي.
وقد فاجأت الاتفاقية التي أثارت غضبًا عارمًا وصدمة كبيرة، الأردنيين الذين ظنوا أن العلاقة مع حكومة الاحتلال فاترة في ظل التجاوزات الخطيرة في القدس والأقصى. ولعل ما أثار الأردنيين أكثر هو تزامن الاتفاقية مع وقت نقاش التعديلات الدستورية الساخنة، إلى جانب الغياب الكلي للمعلومات والتفصيلات وندرة الشروحات؛ فقد نفت الحكومة الأردنية الاتفاقية لكنها أعلنت رسميا في دبي.
من جهتهم، دعا 70 نائبًا أردنيًا من أصل 130 إلى انعقاد طارئ لمجلس النواب، لمناقشة اتفاق إعلان النوايا الذي وقعه الأردن مع الاحتلال، بهدف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه. وجاء في المذكرة: "نحن النواب الموقعين أدناه؛ نطالب بعقد جلسة مناقشة عامة حول اتفاق النوايا الذي وقعته الحكومة، ممثلة بوزير المياه مع العدو الصهيوني والإمارات بشكل مستعجل".
في السياق ذاته، سادت موجة غضب واسعة بين نشطاء أردنيين عبر مواقع التواصل، بعد تداول مقطع مسجل لعميد شؤون الطلبة بجامعة الزيتونة، خلدون الحباشنة، وهو يهدد طلابًا بفصلهم من الجامعة خلال تظاهرة لهم ضد التطبيع. من جانبهم، دشن النشطاء وسم "التطبيع خيانة"، للتنديد بالاتفاقية والذي شهد أكثر من عشرة آلاف تغريدة، إضافةً لدعوات للتظاهر يوم الجمعة. كما تصدر وسم "#أقيلوا_خلدون_الحباشنه" مواقع التواصل الاجتماعي، للتنديد بتهديداته والمطالبة بإقالته، معتبرين أن إصدار تهديد للطلبة الرافضين للتطبيع، هو تطبيع أيضًا وخيانة للقضية الفلسطينية.
في الأثناء، وصل العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إلى الإمارات غداة توقيع الاتفاق الأردني الإماراتي مع الاحتلال، ومن أبرز الملفات التي بُحثت: أبعاد الاتفاقية وتفصيلاتها وارتباطها بالعلاقة الثنائية بين الاردن والاحتلال ودور الإمارات في تعزيز تلك الشراكة.
في السياق أيضًا، وعقب التوقيع على الاتفاقية "الكهرباء الأردنية لقاء الماء من الاحتلال بتمويل إماراتي"، قالت وزيرة الطاقة والبنى التحتية "الإسرائيلية"، كارين الهرار، إن من مصلحة بلادها أن يكون الأردن مستقرًا، بدعوى أن أطول الحدود المشتركة مع الاحتلال هي للمملكة، مضيفةً: "إن أمن الأردن هو أمننا”.
في سياق صحي محلي، أكدت وزارة الصحة أن الأردن دخل في الموجة الثالثة لفيروس "كورونا"، وأضافت أنّ الأسابيع الماضية شهدت ارتفاعًا في عدد حالات الإصابة من أسبوع لآخر بعدد يبلغ (3000-2000)، بينما شهد الأسبوع الماضي شهد زيادة عن الأسبوع الذي سبقه بعدد إصابات يبلغ 5000. لكن الوزراة طمأنت أن نسب إشغال أسرّة المستشفيات ما زالت جيدة إذ لم تتجاوز 30%، مؤكدةً على أهمية وصول الأردن إلى تطعيم خمسة ملايين شخص بحلول نهاية العام الجاري، للوصول إلى بر الأمان.
في السياق الوبائي أيضًا وعلى صعيد الإجراءات، أعلن الأردن عن إجراءات حكومية ستفرض قريبًا على القطاع السياحي، لضمان عدم ارتفاع عدد الإصابات. وأكدت وزارة السياحة أن برامجها للسياحة الداخلية ستكون محصورة بمن تلقى اللقاح، إضافةً إلى أنه لن يُسمح لغير متلقي اللقاح بالدخول إلى المنشآت السياحية.
أمنيًا، استهدف مسلحون بعبوة ناسفة إحدى النقاط الأمنية على الجانب السوري من معبر نصيب الحدودي السوري الأردني، في محافظة درعا جنوبي سوريا. وقال قائد شرطة محافظة درعا، العميد ضرار الدندل، إن انفجار العبوة التي زرعها مجهولون قرب إحدى النقاط الأمنية لم يسفر عن أي إصابات بشرية.
بموازاة ذلك، وعلى الجانب الاقتصادي، قال نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع، ضيف الله أبو عاقولة، إن نسبة حركة الشاحنات من الأردن إلى سوريا ارتفعت أكثر من 850% العام الحالي من حجم العمل خلال السنوات السابقة. وبيّن "أبو عاقولة" أن أعداد الشاحنات التي تدخل من المملكة إلى سوريا حاليًا تتراوح بين 100 إلى 120 شاحنة يوميًا، فيما كانت قبل ذلك لا تتجاوز 15 إلى 20 شاحنة. كما لفت "أبو عاقولة" إلى وجود بعض المعيقات في عملية نقل البضائع إلى سوريا، أهمها رفض بعض السائقين الوصول إلى مناطق معينة داخل سوريا، ما يحتم ضرورة إدخال شاحنات فارغة سورية إلى داخل حدود معبر جابر لتفريغ الحمولات فيها، إلا أن ذلك يواجه معضلة ارتفاع رسوم التصاريح.
وبحسب آخر أرقام دائرة الإحصاءات العامة في الأردن، فقد بلغ إجمالي حجم المستوردات من سوريا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 29.5 مليون دينار، مقارنةً مع 20.2 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. كما زادت الصادرات الوطنية إلى سوريا إلى 36.8 مليون دينار من 22.7 مليون دينار خلال فترة المقارنة نفسها.
لقراء وتحميل الموجز / اضغط هنا