استنتاجات الموجز:
عملية "أبو شخيدم" تثبت هشاشة منظومة أمن الاحتلال في القدس وتثير مخاوفه من عمليات أخرى
الاحتلال يواصل سعيه لـ"نزع الشرعية" عن المقاومة عبر تحريض حكومات أخرى على وصم "حماس" بالإرهاب
تلويح السلطة بتنفيذ عملية أمنية في مدينة جنين يُسهم في تهاوي شعبية "فتح" أكثر في الشارع الفلسطيني
أثارت عملية القدس، التي أسفرت عن مصرع "إسرائيلي" وإصابة أربعة آخرين عدا عن استشهاد منفذها "فادي أبو شخيدم"، مخاوف في دولة الاحتلال من تحولها إلى نقطة فارقة في الأوضاع الأمنية في القدس المحتلة، وامتدادها المحتمل إلى الضفة الغربية. ورغم أن رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينت، اكتفى بعد وقوع العملية بإيعاز لقوات الأمن بالتأهب واليقظة لمنع وقوع عمليات أخرى، إلا أن جهات أمنية أبدت مخاوف من عمليات جديدة تحاكي عملية "أبو شخيدم".
وخلال الأسبوع الأخير، شهدت القدس عمليّتَين مفاجئتَين؛ إحداهما كانت طعنًا والأخرى بالرصاص، فيما لا يكاد يخلو أيّ اقتحام ليلي لجيش العدو من مواجهات شعبية، بالحجارة والزجاجات الحارقة على امتداد الضفة وشرق القدس.
على صعيد تداعيات تلك العمليات والمواجهات، حذّر عدد من محللي الشؤون العسكرية في الصحف العبرية من احتمالات اشتعال الأوضاع في القدس والضفة، لا سيما في حال اتجهت حكومة "بينيت" إلى تبني اقتراحات وزير الاتصالات، يوعاز هندل، بإعادة نصب البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى. وإزاء ذلك، كان لافتًا توقيت الحملة الإعلامية التي قادها جهاز ”الشاباك“ للحديث عن ”إنجاز كبير“، تَمثّل في اعتقال العشرات من فلسطينيّي الضفة الذين قال إنهم يشكّلون بنية تحتية لحركة ”حماس“. وبحسب مزاعم الاحتلال، فقد سُمح بالنشر عن القبض على شبكة واسعة للحركة تضم أكثر من 50 ناشطًا، والعثور على أسلحة وأحزمة ناسفة كانت الشبكة تعتزم استخدامها في عمليات بالضفة.
بالتوازي مع الضخ الإعلامي والتحريض الكبير من قبل الاحتلال ضد المقاومة، سرعان ما بادرت السلطة الفلسطيني لإعلان نيّتها تعزيز عملها في مخيّم اللاجئين في جنين؛ حيث يشتكى الاحتلال من أن القبضة الفلسطينية هناك لا تزال هزيلة، ما يتيح انتشار السلاح وتصنيعه محليًا ووصوله لاحقًا بسهولة نسبية إلى مَن يريد تنفيذ عمليات وإن كانت منفردة.
في التفاصيل، أفادت مصادر في السلطة بأن رئيسها، محمود عباس، أقرّ خطّة عُرضت عليه من قِبَل الأجهزة الأمنية، وبإشراف "ماجد فرج"، لإيقاف مسار تنامي قوّة المقاومة في جنين. ومنذ مطلع الشهر الجاري وبعد أيام من زيارة سرّية أجراها رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار، إلى رام الله، والتقى خلالها "عباس"، بدأت أجهزة السلطة، بتنسيق مع الاحتلال، تحريك قوّاتها في جنين كجزء من الاستعداد لإعادة السلطة إلى المدينة. ودخلت القوّات الفلسطينية في الـ20 من الشهر الحالي للمرّة الأولى وبشكل علني منذ سنوات إلى المخيّم، وهو ما قاد إلى مواجهة نارية بين الأمن والشبّان الذين رشقوا الدوريات الأمنية التابعة للسلطة بالحجارة.
على الجانب الآخر، استهل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، محادثاته مع نظيره "عباس"، في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، بالتأكيد على ثبات موقف موسكو من ضرورة تسوية القضية الفلسطينية وفقًا لمقاربات مجلس الأمن، مع مراعاة مصالح جميع سكان المنطقة على قاعدة الدولتين المستقلتين. وتضمن اللقاء على أجندته المصالحة الداخلية الفلسطينية، وتفعيل دور الرباعية الدولية، والخطوات التي كشفها عباس في خطابه حول الدولة الواحدة، وأهمية إطلاق مؤتمر دولي للسلام على أساس حل الدولتين.
بالتوازي مع ذلك، لم تكد تمضي أيام على انتهاء مداولات قمة غلاسكو للمناخ التي طلب على هامشها رئيس وزاء الاحتلال، نفتالي بينت، من نظيره البريطاني، بوريس جونسون، حظر حركة "حماس"، حتى أعلنت وزيرة الداخلية في حكومة الأخير، بريتي باتيل، أنها اتخذت إجراءات لحظر الحركة. وتبرّر "باتيل" الخطوة بوصفها رسالة تطمّئن اليهود في بريطانيا بأنّهم آمنون ضد "معاداة السامية"، فيما تبدو الوزيرة أكثر طموحًا سياسيًا في البعد الداخلي البريطاني، وتعتقد وهي تحضّر لمستقبلها السياسي، أنّها بحاجةٍ لاسترضاء اللوبي الصهيوني في بريطانيا.
بالمقابل ورغم القرار البريطاني، وصل سفراء دول الاتحاد الأوروبي لى قطاع غزة الخاضع لسيطرة الحركة، في زيارة استغرقت يومين. ورغم عدم الإعلان عن لقاءات مع قيادة "حماس"، إلا أن الوفد سيخضع لحراسة أمنية يوفرها جهاز الشرطة الذي تديره الحركة. من جهته، أكد رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، أن اعتبار "حماس" منظمة “إرهابية” يعد “اعتداءً جديدًا” على الشعب الفلسطيني وحقوقه، مشيرًا إلى أن الحركة بدأت التحرك الواسع لمواجهة القرار والعمل على عزله وإدانته.
كما أعلنت جميع الفصائل الفلسطينية إطلاق مؤتمر وطني وفعاليات ضد بريطانيا وقرارها، وحذّرت من تداعياته داعيةً بريطانيا للتراجع عنه. بدورها، أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانًا أدانت فيه القرار البريطاني، واعتبرته ”اعتداءً غير مبرر على الشعب الفلسطيني".
على قطاع غزة، زعمت تقارير عبرية أن حكومة الاحتلال تتجه للموافقة على المزيد من “التسهيلات الاقتصادية لقطاع غزة والضفة الغربية"، بما في ذلك دعم الخطة المصرية الهادفة لتوسيع معبر رفح. من جانبها، أعلنت "حماس" أنّ رئيسها في غزة، يحيى السنوار، وعددًا من قيادات الحركة التقوا برئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع، السفير محمد العمادي، لمناقشة سبل التخفيف عن القطاع وإعادة إعمار ما دمره العدوان "الإسرائيلي" الأخير. يذكر أن "العمادي" يعمل على إخراج الاتفاق مع مصر و“إسرائيل“، حول رواتب موظفي الحكومة في غزة إلى حيز التنفيذ بعدما أصبح الاتفاق جاهزًا.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها، تدخلت وزارة العمل في غزة بشكل مباشر في ملفّ العمل في الداخل المحتلّ، إذ بقي هذا الملفّ طيلة السنوات الماضية حكرًا على وزارة الشؤون المدنية. وبحسب وهو الناطق باسم المكتب الإعلامي الحكومي، سلامة معروف، فمن المقرّر أن تسمح ”إسرائيل“ لعشرين ألف عاملٍ من القطاع بالعمل في الداخل المحتلّ، فيما ستتولّى وزارة العمل استقبال طلبات الراغبين في الحصول على تصاريح عبر موقعها الإلكتروني، ضمن شروط معيّنة.
في خلفيات هذا الحدث، كشفت مصادر مطّلعة أن اتفاقًا تمّ توقيعه بوساطة مصرية - قطرية مع الاحتلال، يقضي برفع عدد العمال من غزة من سبهة إلى 20 ألفًا، على أن يساهم هؤلاء في إدخال سيولة نقدية إلى القطاع تصل إلى 80 مليون دولار، بما فيها المنحة القطرية الشهرية.
في شأن عسكري ماصل، بدأ جيش الاحتلال إجراء تمرين عسكري واسع يشمل اندلاع تصعيد على جبهتي غزة والضفة في آن واحد. بالمقابل، أجرت المقاومة في قطاع غزة تجربة على إطلاق صواريخ جديدة باتجاه بحر غزة، فيما كشف مسؤول عسكري ”إسرائيلي“ رفيع أنهم يعملون حاليًا لإيجاد حل لصواريخ المقاومة، لكنه قال إن القدرة على ذلك تحتاج وقتًا.
أمنيًا، نفذ عشرات المستوطنين سلسلة متفرقة ومتكررة من الهجمات وعمليات العنف والعربدة، في في مناطق وشوارع مختلفة بالضفة المحتلة خلال الأيام الماضية، أصابوا فيها عددًا من المواطنين العزل وحطموا زجاج عدد من المركبات. وبينما انخفضت حصيلة الهجمات على المزارعين مع اقتراب نهاية موسم قطف الزيتون، تصاعدت الهجمات على الطرق والمفارق الرئيسية، بشكل يومي ومنسق ومحمي من قوات الاحتلال وشرطته. وتركزت هجمات المستوطنين الذين كانوا دعوا في وقت سابق الى مسيرات بالقرب من مفارق الطرق المؤدية الى المستوطنات، في مدن الخليل ونابلس وبيت لحم.
وفي مدينة القدس، صادقت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في المدينة على المخطط الاستيطاني الضخم، فوق أرض مطار فلسطين الدولي (قلنديا). واتضح أن المخطط الاستيطاني يشمل بناء نحو 11 ألف وحدة استيطانية سكنية كما يشمل أيضًا فنادق ومرافق وحدائق عامة ومناطق صناعية، تقام على 1.243 دونم، وينتظر مصادقة الحكومة عليه حتى يخرج إلى حيز التنفيذ.
كما أوصت لجنة التربية والتعليم في الكنيست وزارة التربية والتعليم بإدراج المسجد الأقصى ضمن برنامج رحلات المدارس اليهودية، ودمج مواد تعليمية في البرنامج التعليمي لدروس التاريخ اليهودي والهيكل المقدس لليهود؛ وذلك لأول مرة منذ احتلال القدس عام 1967.
إلى ذلك، ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام داخل سجون الاحتلال إلى ثلاثة، بعد انضمام الأسير "نضال مازن بلوط" من الخليل جنوب الضفة، إلى الأسيرين، هشام أبو هواش ولؤي الأشقر، في إضرابهما.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا