استنتاجات الموجز:
ما زالت السلطة الجزائرية تنظر للانتخابات على أنها "عملية تقنية" مساعِدة على الحكم وليست "قاعدة توزيعية" لتناوب السلطة
إلغاء وزارة الحكم المحلي والتعيينات الجديدة في تونس على أساس الولاءات تعمّدٌ واضح لتغيير الدستور بالتدرج
توسيع المغرب نطاق اتفاقيته العسكرية والأمنية مع "إسرائيل" مع انسداد الأفق السياسي يزيد من المخاوف حول الوضع الأمني
ما زالت الانتخابات البلدية والولائية في الجزائر تسيطر على المشهد السياسي، خصوصًا بعدما شهدت البلاد حالة من الارتباك والانسداد السياسي. وظهرت مفاعيل تلك الحالة في تراجع حضور الأحزاب ونقمة الشارع ومخاوف من استمرار العزوف الكبير للناخبين، لا سيما في ظل أزمة اجتماعية وغلاء الأسعار وتراجع مؤشرات الأمل في التغيير السياسي بعد الحراك الشعبي.
وبينما تنافس 40 حزبًا سياسيًا في الانتخابات المزدوجة، أبرزها سبعة أحزاب هي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" (موالاة) و"حركة البناء الوطني" و"جبهة المستقبل" و"صوت الشعب" (من الحزام الحكومي)، و"حركة مجتمع السلم" و"جبهة القوى الاشتراكية" من كتلة المعارضة، برز حضور لافت للقوائم المستقلة من الشباب، بعد تشجيع من السلطات والقانون الانتخابي الذي يضمن تمويلًا للحملة الانتخابية للمرشحين الشباب الأقل من 40 سنة؛ حيث قدم المستقلون 988 قائمة مرشحة تنافس في البلديات، و88 قائمة مستقلة تنافس في المجالس الولائية.
في الإطار ذاته، ورغم طبيعة الانتخابات المحلية وقرب المرشحين من الناخبين اجتماعيًا، أظهرت النتائج استمرار مقاطعة ثلثي الناخبين؛ حيث لم يتحرك مؤشر التصويت صعودًا، مقارنةً بمستوى الاقتراع في الاستحقاقات السابقة. يذكر أنه اقترع 14 مليون ناخب من مجموع 23 مليونًا، ليتوقف مؤشر التصويت بنسبة 35.97%، بحسب ما أعلنه رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، معتبرًا وجود "تحسن في نسبة التصويت" مقارنة مع الانتخابات التشريعية. كما أشار "شرفي" إلى أن أربع ولايات سجلت أدنى نسب تصويت، وهي العاصمة وبجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل وولاية وهران غربي البلاد، بنسبة تقارب 6%.
وعلى غرار الانتخابات الماضية،احتجت مجموعات معارضة للانتخابات بمنطقة القبائل أمام مراكز انتخابية، وتعرضت لمكاتب الاقتراع وبعثرت أوراق التصويت والمواد الانتخابية، رفضًا للمسار الانتخابي. جاء ذلك بعدما شهدت المدينة مظاهرة مناوئة للانتخابات تطالب بعدم إجراء انتخابات، بسبب استمرار التضييق على الحريات وحملة الاعتقالات التي طالت الناشطين، وقد تصدت قوات الأمن للمتظاهرين ما تسبب في مواجهات مع المحتجين.
دبلوماسيًا، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن بلاده ترغب في استضافة القمة العربية المقررة في آذار/ مارس المقبل، مجدِّدًا الدعوة لإدخال إصلاحات على الجامعة مع الدعوة لعودة النظام السوري إليها.
بموازاة ذلك، بحث وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، ونظيره الصيني، وانغ يي، خلال جلسة عمل على هامش مشاركتهما في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي، القضايا الإقليمية والدولية. وأكد الوزيران على ضرورة تكثيف التشاور بخصوص المستجدات على الساحة السياسية الجهوية والدولية، إضافةً إلى مناقشة الشراكة الاستراتيجية وضرورة تعزيز بُعدها الجهوي والقاري، وتعجيل وتيرة إنجاز المشاريع الهيكلية الكبرى المسجلة في أجندة التعاون بين البلدين.
أمنيًا، بحث قائد الأركان، سعيد شنقريحة، على هامش مشاركته في فعاليات معرض الدفاع "EDEX-2021" بالقاهرة، مع نظيره المصري، أسامة عسكر، الوضع في شمال أفريقيا وسبل دعم السلم بالمنطقة، إضافةً إلى سبل المساهمة في دعم جهود السلم والأمن، وتعزيز التعاون بين جيشي البلدين. كما تطرق الجانبان إلى الوضع السائد شمال أفريقيا وفضاء الساحل الصحراوي، والتهديدات التي من شأنها زعزعة الاستقرار.
في الشأن التونسي، عيّن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، عددًا من المحافظين، أبرزهم "سعيد بن زايد" في وظيفة محافظ مدنين، و"عز الدين شلبي" بمهام محافظ بن عروس، و"فوزي مراد" بمهام محافظ صفاقس و"نادر الحمدوني" بمهام محافظ قفصة. وقد أثارت التعيينات موجة انتقادات بسبب علاقتهم بالتنسيقيات الداعمة له، منتقدين انتهاج سياسة الولاء والمحاباة على حساب الكفاءة والخبرة.
من جهته، اعتبر القيادي في حزب "قلب تونس"، رفيق عمارة، أن "سعيّد "يَنْهى الأحزاب والسياسيين عن شيء ويبيحه لنفسه، بتعيين الموالين له من المنسقين، وذلك "لتنفيذ مشروعه الغامض". كما أكد القيادي بحزب "النهضة"، رفيق عبد السلام، أن "التعيينات قائمة على الولاء الشخصي، جازمًا أن كلّ من تم تعيينهم هم ممن انخرطوا في الحملة الانتخابية لـ"سعيّد".
في سياقٍ متصل، ألغى "سعيّد" وزارة الحكم المحلي وألحق صلاحياتها بوزارة الداخلية، بما في ذلك ما يتعلق بالبلديات المنتخبة. وتوالت ردود الفعل الرافضة للقرار الذي أثار مخاوف الأوساط السياسية التي اعتبرت إلغاء الوزارة نكوصًا إلى صور "المركزية الشديدة للسلطة والاستبداد"، معتبرين أن "سعيّد" يعمد لإقصاء الأحزاب من البلديات كما أقصاها من البرلمان، متجهًا نحو إلغاء الفصل السابع من الدستور.
قضائيًا، أوضح القضاء أنه يحقق مع خلية أمنية مكونة من سبعة أشخاص، تنصتت على شخصيات وطنية وحزبية في البلاد من سياسيين ورجال أعمال وإعلاميين. هذا، فيما أكد الأمين العام للتيار الديمقراطي، غازي الشواشي، أنه كان ضحية، مع عدد من الوزراء، لعمليات تنصت من قيادات وسطى وموظفين بوزارة الداخلية عندما كان وزيرًا في حكومة "الفخفاخ"، مضيفًا أن "البوليس السياسي عاد لمراقبة المعارضين تمامًا مثل فترة بن علي".
إلى ذلك، تتعمد المحكمة الإدارية تأخير البت في الطعون وطلبات وقف تنفيذ وإبطال قرارات "سعيّد" الأخيرة، ما أثار حفيظة الطاعنين الذين اعتبروا أنه جرى تجاوز أجل الشهر المحدد في القانون، وسط هواجس من تسليط ضغوط سياسية على القضاء الإداري.
في شأن أمني، تعرض الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، للتهديد بالقتل في مكان عام؛ حيث كان في أحد مقاهي العاصمة برفقة أصدقائه، ودخل شخص حاملًا قرآنًا، وأقسم عليه بأنه يتولى قتله وعائلته قريبًا". وقد سبق أن حاول تفجير نفسه أمام منزل "الطبوبي" في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فيما أكدت قوات الأمن إيقاف الشخص وإحالته للمحاكمة.
مغربيًا، شنّ أمين عام حزب “الأصالة والمعاصرة”، عبد اللطيف وهبي، هجومًا على أحزاب يسارية تتهم الثلاثي الحكومي بالهيمنة والتغول، معتبرًا الحكومة “ليست ناديًا للأصدقاء، بل أداة بمصداقية شعبية”، ومؤكدًا أنه يشكل تحالفًا وفق شرعية منحتها صناديق الاقتراع. كما ألمح "وهبي" إلى أنه نجح في تشييد حزب ديمقراطي والدخول في حكومة ببرنامج اقتصادي واجتماعي شعاره الدولة الاجتماعية.
ميدانيًا، منعت قوات الأمن وقفة احتجاجية دعت إليها "مجموعة العمل من أجل فلسطين" أمام مبنى البرلمان، ولجأت قوات الأمن فور تجمع المحتجين إلى توجيه إنذارات طالبتهم بالانصراف بدعوى "عدم قانونية الوقفة"، قبل أن تلجأ إلى تفريقهم باستعمال القوة بعد محاصرتهم. من جهته، تعهد الملك، محمد السادس، بمواصلة جهوده لعودة الفلسطينيين و"الإسرائيليين" إلى طاولة المفاوضات، داعيًا لإعادة بناء الثقة بين الطرفين من أجل التوصل إلى تسوية القضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين.
في شأن متصل لكن على الصعيد العسكري، وقّع المغرب مع "إسرائيل" مذكرة دفاعية للتفاهم الأمني بين الجانبين، وذلك خلال زيارة وزير الأمن "الإسرائيلي"، بني غانتس، إلى الرباط. وأعلنت وزارة الدفاع "الإسرائيلية" أن المذكرة تفتح الطريق أمام مبيعات عسكرية محتملة وتعاون، موضحةً أن الجانبين اتفقا على "إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الأمني، وخططا لإنشاء لجنة مشتركة لتعميق التعاون عبر مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والبحوث والتدريب العسكري المشترك."
عسكريًا أيضًا، كشفت " مصادر عسكرية عن توقيع اتفاقيات لشراء أسلحة متطورة من الجانب "الإسرائيلي"، منها طائرات دون طيار ونظام دفاع جوي متقدم، إضافةً إلى العديد من الأسلحة والأنظمة الأخرى مثل تحديث أنظمة طائرات "F5" ، مشيرةً إلى أنّ "إسرائيل" كانت ترفض سابقًا الاستجابة للمطالب المغربية.
قضائيًا، ما زال قرار وزير التعليم، شكيب بنموسى، القاضي بتحديد سن التوظيف في التعليم في 30 عامًا، يثير ردود فعل مختلفة. من جهتها، أعلنت منظمة “الشبيبة الاشتراكية” أنها وضعت شكوى لدى المحكمة الإدارية من أجل الطعن في القرار، لمخالفته الصريحة للدستور ولقانون الوظيفة العمومية الذي ينص على أن سن التقدم للمباريات أقصاه 45 سنة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا