استنتاجات الموجز:
المظاهرات الرافضة لاتفاقيات التطبيع مع الاحتلال فاجأت صانع القرار والدوائر الأمنية من حيث الحضور والانتشار ما قد يدفع لتهدئة عجلة الهرولة
بدأ الإسلاميون يصرحون بأن التيار المحافظ بدأ تفريغ مخرجات لجنة الإصلاح ما قد يدفعهم للإحجام عن أي مشاركة سياسية وسط حالة غضب شعبي كبيرة من زج الحكومة تعديلات دستورية خطيرة لإقرارها
أثارت ردة فعل الشارع الأردني الرافض للتطبيع صدمة لدى صانع القرار، الذي لم يتوقع حالة الحراك والتظاهر التي خرجت بعد توقيع اتفاقية الماء والكهرباء مع الاحتلال "الإسرائيلي" بتمويل إماراتي. فقد أشعلت الاتفاقية سريعًا شبكات التواصل الاجتماعي لتتحول بعد ذلك إلى تظاهرات في الشوارع والجامعات.
وسرعان ما عاد "هاشتاغ" "#التطبيع_خيانة" ليتصدر قوائم الوسوم الأوسع انتشارًا والأكثر تداولًا على شبكات التواصل الاجتماعي، في الأردن وفي العديد من الدول العربية التي شارك أبناؤها في الحملة المنددة بالتطبيع مع الاحتلال، وبإبرام مزيد من الاتفاقات بين الدول العربية و"إسرائيل"، كما أطلق نشطاء "هاشتاج" "#ماء_العدو_احتلال" للتعبير عن رفض الاتفاقية مع تل أبيب.
في الشأن ذاته، شارك الكثير من النشطاء والمغردين والمدونين في التعبير عن رفضهم الاتفاقية، التي أطلق عليها إعلاميًا "الماء مقابل الكهرباء"، فيما اعتبر بعض النشطاء أن دولة الإمارات استطاعت التسلل إلى دول عربية أخرى من بينها الأردن، لدفعها نحو مزيد من الخطوات التطبيعية مع دولة الاحتلال التي تعتبر المستفيد الوحيد من هذه الاتفاقيات.
في السياق أيضًا، أشعلت اتفاقية التطبيع طلاب الجامعات، ما دفع لخروج عدة تظاهرات في أكثر من جامعة حكومية وخاصة بصورة فاجأت صانع القرار الأمني؛ حيث حظيت دعوات التظاهر بمشاركة كبيرة وفاعلة من طرف الطلاب. وتأتي التظاهرات في وقت كان الجميع يعتقد فيه أنه تمت محاصرة العمل الطلابي، أو أنه أصبح في حضن السلطة من خلال تراكم المراقبة على مدار سنوات. لكن الظهور شكّل علامة فارقة أدت إلى طرح سؤال، حول احتمالية انتشار موجة الاعتراض الحالية وسط صفوف الطلاب.
في سياق محلي مناهض للتطبيع أيضًا، خطفت رافعة مقاومة التطبيع في الأردن الطفل الذي يحمل اسم "سوكه" في مدينة الزرقاء، وهو أحد أبناء قبيلة "بني حسن"، حيث أصبح رمزًا فجأة لمقاومة التطبيع في الأردن ونجمًا كبيرًا على منصات التواصل، حيث ذاع صيته بعدما صورته كاميرا قريبة له وهو يتبول على علم الاحتلال، في حادثة نادرة وغير مسبوقة قوامها إعادة إنتاج جماهيرية وفعالية مشهد مقاومة التطبيع، وعلى نطاق واسع في الحالة المحلية.
ولم يقتصر الأمر على مشهد التبول على صور قادة الاحتلال، بل امتد ليطال شريط فيديو له برفقة شقيقه الأكبر وأحد أعمامه، أمام مقر محافظة المدينة بعد ادعاء عائلته بصدور أمر لاستدعاء الطفل والتحقيق معه. بالمقابل، نشر الإعلامي "الإسرائيلي"، إيدي كوهين، تغريدة تحدث فيها عن الطفل الذي أساء لعلم الكيان متوعدًا الأردنيين جميعًا بأن تبول عليهم "إسرائيل" لاحقًا، بحسب عم الطفل. ووفقًا لرواية العائلة، تسبب المشهد بأزمة بين الأردن والاحتلال؛ حيث ضغطت حكومة تل أبيب بشدة ما دفع وزير الداخلية، مازن الفراية، لإصدار تصريح ينفي فيه الواقعة ويطالب المواطنين بتدقيق الروايات.
من جهة أخرى، وعلى وقع شعار "الشعب يريد إسقاط التطبيع"، شارك آلاف الأردنيين، الجمعة، بمسيرة حاشدة احتجاجًا ورفضًا لجميع اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني. ونددت المسيرة التي دعت إليها الحركة الإسلامية وائتلاف الأحزاب اليسارية والقومية وحراكات وهيئات شعبية وشبابية، باتفاقية التعاون بين الأردن و"إسرائيل"، مطالبين بتوقيفها على الفور، كما طالبوا بإلغاء كل مشاريع التطبيع مع العدو ابتداء من اتفاقية وادي عربة مرورًا بإلغاز وانتهاء بالكهرباء والماء.
في السياق ذاته، عمّت احتجاجات عقب صلاة الجمعة عدة مدن ومحافظات أردنية (الزرقاء والكرك ومعان والعقبة)، رفضًا لاتفاقية التطبيع مع الاحتلال التي اعتبروها ارتهانًا للقرار السياسي الأردني، مطالبين بإبطال الاتفاقية على وجه السرعة، وعدم التورط في المشاريع التطبيعية التي تقودها الإمارات برعاية صهيوأمريكية.
في التفسير السياسي لهذه الهبة الشعبية بوجه التطبيع، يبدو أن المناخ الشعبي الأردني كان يحتفظ بحجم كبير من الاحتقان، وأن تلك الاتفاقية التي أُعلنت بظروف غامضة وبأداء متعثر وبخطاب تنقصه الشفافية وفي وقت متأخر، وبعد إعلانات الصحافة "الإسرائيلية" عنها، لامست العصب الحيوي لحالة الاحتقان التي بدأت تنذر بالاقتراب من "انفجار اجتماعي" عمليًا سبق أن حذر منه نخبة من كبار السياسيين، خصوصًا وإن الظروف الاقتصادية صعبة جدًا والمعيشية معقدة، عشية عودة الموجة الثالثة والقاسية من فيروس "كورونا".
داخليًا، وفي إطار حالة الرفض الشعبي للتعديلات الدستورية، كشف أمين عام "حزب جبهة العمل الإسلامي"، مراد العضايلة، عن متغيرات كثيرة حصلت بعد مشاركتهم في منظومة الإصلاح السياسي. وقال "العضايلة" إن الجميع يفهم في الأردن أن البساط سُحب اليوم وبسرعة عجيبة من تحت أرجل وثيقة الاصلاح الملكية، والتي كانت تضم بعض الإيجابيات وكان يمكن البناء عليها لاحقًا في المشهد السياسي الداخلي.
وأردف "العضايلة" بالقول إنه الحركة الإسلامية تفاجأت من صدمة التعديلات الدستورية، التي أضيفت من الحكومة على توصيات اللجنة الملكية للإصلاح دون علم أعضاء اللجنة. وزاد "العضايلة" في مقابلة صحيفة: "نقولها مباشرة إننا لا نشتم أي رائحة لحكومة برلمانية، ويكفي أن نتجه إلى برلمان منتخب بنزاهة ولا نريد حكومات برلمانية".
بالمقابل، قرر رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، سمير الرفاعي، الاشتباك علنًا مع الرافضين لمخرجات منظومة الإصلاح الملكية، من خلال توجيه رسائل للدولة العميقة التي يسعة شخوصها إلى تحجيم مخرجات الوثيقة وتقليص مساحة الأمل والتفاؤل فيها. فقد أعلنها "الرفاعي" بوضوح قائلًا إن الاعتقالات التي تمت لعدد من طلبة الجامعات الرافضين للتطبيع مرفوضة، بل زاد إنها تعاكس الرؤية الملكية وتقدم للمجتمع رسائل مضادة للديمقراطية. وتعتبر رسالة موجهة من "الرفاعي" إلى الجهات الأمنية التنفيذية على الأرجح، خصوصًا وإن مفهوم ومنطوق تمكين الشباب تعرض لضربة قوية فعلًا بسبب تداعيات تلك الاعتقالات.
في سياق العلاقة مع السلطة الفلسطينية، قال وزير الخارجية، أيمن الصفدي، خلال زيارة إلى رام الله ولقاء رئيس السلطة، محمود عباس، إن الوضع الراهن في الأراض المحلتة لا يمكن أن يستمر، موضحًا أنه جاء بتكليف من الملك لنقل رسالة، ومشيرًا إلى أنه بحث مع "عباس" سبل إيجاد الدعم الاقتصادي اللازم للسلطة الفلسطينية، إلى جانب بحث الملف الأمني وأهمية التهدئة مع الاحتلال .
اقتصاديًا، قال وزير الطاقة، صالح الخرابشة، إن العمل جار على جمع البيانات الخاصة بمناطق استكشاف النفط في الأردن، وإنه سيتم التعاقد مع شركة متخصصة لمعالجة وتحليل هذه البيانات لكل منطقة من المناطق الاستشكافية. وتوقع "الخرابشة" أن يشهد العامان المقبلان نشاطًا قويًا لأعمال الاستكشاف عن النفط والغاز في أغلب مناطق المملكة. من جهة أخرى، فرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية خلال الشهرين الماضيين، اللذين سجلا زيادات حادة في أسعار سلع رئيسة، أرجعه وكلاء إلى الغلاء عالميًا. واتفق مسؤولون وتجار أردنيون على أن السوق المحلية باتت في مواجهة حقيقية مع انعكاسات أسعار السلع عالميًا، مطالبين الحكومة بالتدخل .
في سياق اقتصادي عربي، اتفق الأردن ومصر على تعزيز الربط الكهربائي بين البلدين ورفع الطاقة المتبادلة بينها من 550 ميغاواوط إلى 1000 ميغاواط، أو 2000 ميغاواط مستقبلًا، كما ستتم خلال شهرين إحالة عطاءات تنفيذ الربط الكهربائي الأردني مع العراق.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا