استنتاجات الموجز:
تطبيع العلاقات التركية الإماراتية يمهد الطريق لتطبيع مماثل مع كل من السعودية ومصر والبحرين
المعارضة التركية تعمل على استغلال التراجع الاقتصادي لتحريك الشارع ضد حكومة "أردوغان" والضغط لجر البلاد إلى انتخابات مبكرة
فتح تطبيع العلاقات بين أنقرة وأبوظبي الباب أمام تحسين العلاقات بين تركيا والسعودية ومصر والبحرين؛ حيث جرى اتصال هاتفي بين نائب وزير الخارجية التركي، ياووز سليم كيران، ونظيره السعودي، وليد الخريجي، في أحدث خطوة على مسار التقارب المتوقع بين البلدين، والذي يواجه صعوبات رغم التقدم الكبير الذي تحقق في مسار تحسين العلاقات مع الإمارات والجزئي مع مصر.
وفي لقاء تلفزيوني، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حرص بلاده على الارتقاء بالعلاقات مع السعودية ومصر، وقال: “سنعمل على الارتقاء بالعلاقات مع السعودية إلى مكانة أفضل”. وعن العلاقة مع مصر قال: “العلاقات متواصلة على مستوى الوزراء، ويمكن أن تحدث تطورات مختلفة للغاية بهذا الخصوص أيضًا"، معتبرًا أن “الخطوة التي تم اتخاذها من إدارة أبو ظبي تاريخية".
في السياق ذاته، شدد "أردوغان" على أن أنقرة عازمة على تحسين علاقاتها مع كافة دول الخليج، وكشف أن هناك مباحثات ستجرى مع البحرين، وأن مسؤولين بحرينيين سيزورون أنقرة بوقت لاحق، لعقد لقاءات ومباحثات لتعزيز التعاون، مضيفًا: “هناك إمكانيات جدية للغاية للتعاون بيننا وبين دول الخليج، فاقتصاداتنا متكاملة، وآمل أن نرى مشاريع تعاون جديدة تقوم على المنفعة المتبادلة كفرص للاستثمارات المشتركة”.
في هذا الإطار أيضًا، افتتح "أردوغان" أكبر مصهر للزنك في ولاية سيرت بالشراكة مع دولة قطر، ويعتبر المصنع الأكبر في سيرت والمنطقة المحيطة، حيث بلغت قيمة المشروع 102 مليون دولار، وسيلبي حوالي نصف احتياجات تركيا من الزنك، ما يقلل الاعتماد على الخارج.
داخليًا، أصدر "أردوغان" قرارًا بتعيين "نهاد كوك" مديرًا لدار الإفتاء بمحافظة باطمان التركية، فيما أقال مدير الزراعة والغابات بمحافظة نوشهر، أوكان يلماز، كما عيّن "آدم باسار" مديرًا عامًا للتجارة الداخلية بوزارة التجارة التركية، وعيّن "سوافي أونال" مديرًا عامًا للخدمات القانونية بوزارة العدل التركية. بدورها، جددت المعارضة التركية دعوتها إلى إجراء انتخابات مبكرة على الفور، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ووجّهت دعوات للمواطنين للنزول إلى الشارع لخلق حالة ضغط على الحكومة.
اقتصاديًا، ورغم أن استراتيجية "أردوغان" لخفض الفائدة أدت، في السنوات القليلة الأخيرة فقط، إلى الإطاحة بوزيري مالية وثلاثة رؤساء للبنك المركزي تباعًا، إلا أنه لا زال يُصر على مواصلة خطته لتحقيق مزيد من الخفض في أسعار الفائدة، على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى خفض التضخم، وهو الطرح الذي يختلف معه فيه معظم السياسيين والاقتصاديين الأتراك حتى من وزراء حكومته.
يذكر أن التضخم في تركيا سجل خلال الأيام الأخيرة مستويات غير مسبوقة منذ ثلاث سنوات، متخطيًا نسبة 21% مقارنةً مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وهي نسبة أعلى بأربع مرات من الهدف الذي حددته الحكومة بالأساس، ما يجعل كلفة المعيشة باهظة على قطاع كبير من الشعب التركي. وعلى وقع تدهور قيمة العملة الوطنية، ما يُزيد من وطأة الانكماش الاقتصادي في البلد، شككت المعارضة وكذلك العديد من المراقبين في صحة البيانات الرسمية، متهمين مكتب الإحصاءات الوطني بالتقليل من قيمتها الفعلية. فمن جهته، قال زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كليتشدار أوغلو، منتقدًا هذه الهيئة: “لم تعد مؤسسة دولة بل مجرّد تابع للقصر الجمهوري".
وقد أدى تدهور قيمة الليرة التركية إلى ارتفاع كبير في الأسعار؛ حيث تراجعت الليرة بأكثر من 45% مقابل الدولار منذ مطلع العام، وبحوالي 30% منذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أدى لارتفاع كلفة الواردات، فيما قارب سعر الصرف 13.87 ليرة تركية للدولار، وبلغت نسبة التضخم في تشرين الأول/ أكتوبر 19.89% مقارنةً مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
قضائيًا، كشفت لائحة اتهام أعدتها النيابة العامة التركية حول قضية شبكة التجسس التي تعمل لصالح دولة الاحتلال، أن بعض المتهمين أرسلوا مشاهد التقطوها بواسطة كاميرات مخفية في نظارات إلى موظف في جهاز المخابرات "الإسرائيلية"، وأن الشبكة المكونة من 16 شخصًا قامت بعمليات تجسس على رعايا أجانب، فلسطينيين وسوريين ومنظمات مجتمع مدني، لصالح المخابرات "الإسرائيلية" مقابل أموال.
وطالب الادعاء العام التركي بالسجن لمدد تراوح بين 15 - 20 عامًا على المتهمين، لارتكابهم جريمة التجسس الدولي نيابة عن المخابرات "الإسرائيلية" عبر مراقبة عمل منظمات أجنبية في تركيا، وحياة أجانب وارتباطاتهم الخارجية وخاصة الفلسطينيين. كما اتهمت النيابة هؤلاء الأشخاص بـ”توفير معلومات عن أمن الدولة”، و”التجسس السياسي أو العسكري”، و”إفشاء معلومات عن مصالح الدولة الأمنية والسياسية”، و”الكشف عن معلومات سرية ينبغي كتمانها".
أمنيًا، أحبطت قوات الأمن التركية محاولة تفجير موكب الرئيس "أردوغان" في مدينة سيرت، وذلك من خلال تفكيك عبوة ناسفة مثبتة تحت سيارة أحد ضباط الشرطة ضمن الفريق المكلف بتأمين زيارة الرئيس إلى المدينة. بدورها، فتحت الشرطة عقب ذلك تحقيقًا موسعًا في الحادثة من قبل الفرق المختص، فيما تتواصل جهود فرق الأمن حتى الآن عبر فحص الكاميرات والبصمات بالمنطقة التي وقع فيها الحادث، لمعرفة الجهة المسؤولة عن محاولة التفجير.
أمنيًا أيضًا، أفرجت حكومة أبوظبي عن رجل الأعمال التركي، محمد علي أوزتورك، المعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك بعد تطبيع العلاقات التركية الإماراتية. ولم يعلن رسميًا عن الآلية التي أُفرج بموجبها عن "أوزتورك"، لكن مصادر تركية توقعت أنه أفرج عنه في إطار العفو الذي أصدره رئيس الإمارات، خليفة بن زايد، وشمل الإفراج عن 870 معتقلًا ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا مختلفة، وذلك بمناسبة عيد الاتحاد الذي تحتفل فيه الإمارات في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر كل عام.
في السياق ذاته، أطلقت قوات الأمن التركية عملية أمنية جديدة تحمل اسم “عملية أرن الشتوية - 11″، ضد تنظيم “بي كى كى” في ولايتي ديار بكر وموش، وذلك بمشاركة حوالي 1300 عنصرًا أمنيًا و84 فريقًا من قوات الدرك والقوات الخاصة والحراس الأمنيين. كما حيدت قوات الاستخبارات التركية القياديين البارزين في تنظيم "بي كي كي"، يناس أرمغان الذي يحمل الاسم الحركي “غلهات”، ونوزت دورموش ويحمل الاسم الحركي “مرهاس”، في عملية أمنية شمال العراق، وكانا قد خططا ونفذا العديد من الأعمال الإرهابية ضد قوات الأمن التركية، خلال أحداث حفر الأوكار عام 2015 في منطقة جيزره بولاية شرناق.
في شأن أمنى آخر، لقى ستة أشخاص مصرعهم وأصيب 44 آخرين نتيجة العاصفة التي ضربت مدن إسطنبول وزونغولداك وكوجالي، فيما حظرت قوات الأمن استخدام الدراجات النارية، وعلقت خدمات البريد لحين انتهاء العاصفة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا