استنتاجات الموجز:
تأهب أمني في أوساط الاحتلال تخوفًا من تصاعد وتيرة العمليات الفردية في الضفة والقدس
تلويح المقاومة الفلسطينية بالتصعيد في غزة سيدفع الوسطاء والاحتلال لتكثيف جهودهم لاحتواء الحالة عبر مزيد من التسهيلات
ترحيب فلسطيني بدخول الجزائر على خط المصالحة رغم استبعاد أن يقود لاختراق حقيقي على صعيد تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين
التقى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وزير الخارجية في حكومة الاحتلال ورئيس الوزراء بالتناوب، يئير لبيد، في زيارة سياسية أمنية قام بها الأخير إلى القاهرة. وكشفت مصادر مصرية أن القاهرة كانت جهزت سلفًا مجموعة من المطالب التي سيحملها "لبيد" إلى حكومته، إثر إعلام الجانب المصري بها قبل تفعيل الزيارة. وأوضحت المصادر أن "المطالب المصرية تضمنت حوافز إسرائيلية لعملية الوساطة التي تقودها القاهرة، على صعيد تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وكذلك صفقة تبادل الأسرى، بعدما أبدت تل أبيب تراجعها بشأن تفاهمات سابقة خاصة بصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وذلك بعدما رفضت تقديم أي تسهيلات بشأن الخطوة الأولية للبدء في الصفقة".
في الشأن ذاته، تابعت المصادر بأن "السيسي" أطلع "لبيد" على الموقف النهائي لفصائل غزة بشأن عملية التهدئة، واستمرارها من عدمه، مستطردةً بأن "مصر أكدت للقيادة الإسرائيلية عدم جدوى الطرح المقدم بشأن التهدئة مقابل الاقتصاد فقط، وترى ضرورة الدفع الإسرائيلي بمزيد من الحوافز المشجعة، والتقدم خطوة في صفقة التبادل". ومن المقرر أن يحمل "لبيد" مخرجات الزيارة إلى حكومة بلاده، وإبداء الرأي بها قبل تحديد موقف الزيارة المرتقبة لرئيس المخابرات المصرية إلى الأراضي المحتلة نهاية الشهر الجاري.
على الجانب الآخر، يواصل رئيس السلطة، محمود عباس، جولته الخارجية؛ حيث وصل مؤخرًا إلى تونس، وكان في استقباله الرئيس التونسي، قيس سعيّد. ولا تخلو زيارة "عباس" لتونس قادمًا من الجزائر، ومستثنيًا المغرب من جولته في المغرب العربي، من رسائل دبلوماسية، مع تزايد خطر توسع حلقة التطبيع في المنطقة، بينما لم يحدّد بيان الرئاسة التونسية مدة الزيارة ولا موضوعها بدقة.
وخلال زيارته إلى الجزائر، التقى "عبّاس" الرئيس "عبد المجيد تبون"، استعدادًا لاحتضان القمة العربية التي ستكون القضية الفلسطينية في مقدمة ملفاتها، إلى جانب استقبال الجزائر لمؤتمر جامع للفصائل قبلها. وأثار إعلان "تبون" اعتزام بلاده استضافة مؤتمر “جامع” لكافة الفصائل الفلسطينية في بلاده، ردود فعل إيجابية لدى مختلف قادة الفصائل، الذين رحبوا بالخطوة التي يؤمل منها أن تقرب وجهات النظر على الأقل لإنهاء الانقسام.
في الضفة المحتلة، تتصاعد أخبار استهداف حركة "حماس" من قبل جهاز "الشاباك" وجيش الاحتلال؛ حيث يظهر من الأخبار التي ترد مع كل فجر أعداد الاعتقالات اليومية في صفوف نشطاء من الحركة، كان آخرها حملة الاعتقالات الكبيرة لنشطاء في الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية. أما التسريبات التي تتناقلها مختلف وسائل الإعلام العبرية فهي كثيرة؛ منها القناة الرسمية ”كان“ التي نشرت أخبارًا تفيد بأن”الشاباك“ نجح بتفكيك بنية تنظيمية تابعة للحركة في الخليل، تديرها قيادتها الموجودة في تركيا.
وقد ترافقت هذه الحالة مع كشف الاحتلال عن تفاصيل كمين نفذه مقاوم قسامي، نتجت عنه إصابة جنديين من وحدة المستعربين في قرية برقين بقضاء جنين شمال الضفة، بتاريخ 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، أثناء عملية عسكرية لاعتقال أحد نشطاء "حماس". ويؤثر ما ينشره الإعلام العبري على سلوك الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ حيث قامت بحملة اعتقالات لعناصر ونشطاء من "حماس" في مدينة قلقيلية، وهو ما صعد من تبادل الاتهامات بين الطرفين، فيما جاءت حملة الاعتقالات لمنع حفل استقبال للأسير المحرر، مصطفى خدرج.
في السياق ذاته، وفي أعقاب عملية الدهس الأخيرة التي نفّذها الشابّ الفلسطيني، محمد يونس، في طولكرم، وأدّت إلى إصابة ضابط في جيش الاحتلال بجروح خطيرة، أعربت مصادر أمنية وعسكرية "إسرائيلية" عن قلقها من تصاعد العمليات الفردية في الضفة والقدس. من جهتها، عدّدت وسائل الإعلام العبرية خمس حوادث ”خطيرة“ شهدها الأسبوعان الماضيان، دون أن تكون لدى أجهزة أمن الاحتلال أيّ إشارات أو معالجات مسبقة لها. وقد دفعت هذه الحوادث المستوى العسكري في الكيان إلى التحذير من فقدان القدرة على إيقاف هذه الموجة.
على صعيد متصل، لا يزال العدوان "الإسرائيلي" متواصلًا بحق أهالي القدس المحتلة، حيث يعمد الاحتلال إلى محاولة تكريس هيمنته في المدينة، لا سيّما في حيّ الشيخ الجراح إثر عملية نفّذتها إحدى الطالبات (15 عامًا)، وأسفرت عن إصابة مستوطنة بجروح، مجسّدةً مقاومة الأهالي وصمودهم بشأن ما يُسمى ”إخلاء“ منازلهم لمصلحة المستوطنين بشكل خاص. كما أعلنت شرطة الاحتلال أن اثنين من عناصرها أُصيبا دهسًا في مدينة أم الفحم.
إزاء ذلك، أوعز وزير الأمن في حكومة الاحتلال، بيني غانتس، برفع مستوى التأهّب في جميع المعابر والحواجز العسكرية في الضفة وفتح تحقيق في العمليات الأخيرة، في وقت تَدرُس فيه شعبة العمليات في جيش العدو تعزيز تواجد قوّاتها على الطرق والمحاور المركزية ومناطق التماس، طالبةً إلى الجنود إبداء أعلى درجات اليقظة.
بالمقابل، تتصاعد حالة الفلتان الأمني في الضفة والقدس، لتمتدّ أخيرًا إلى قلْب الجامعات الفلسطينية، وكان آخر هذه الأحداث الخلاف الذي تطور أمام حرم الجامعة العربية - الأمريكية في جنين إلى هجوم بالسكاكين، أدّى لمقتل الطالب "مهران خليلية" وإصابة ثلاثة آخرين، في حادثةٍ ولّدت صدمةً لدى الرأي العام الفلسطيني. وإثر الغضب الشعبي الواسع الذي أثارته الحادثة خاصة في بلدة جبع جنوب جنين التي ينحدّر منها "خليلية"، تجمهر عشرات الشبّان وأغلقوا الشارع الرئيس الواصل بين نابلس وجنين، والذي يمرّ بمحاذاة جبع، وخاضوا مواجهات عنيفة مع أمن السلطة، وسط مطالبات شعبية بالقصاص من القاتل.
من جانب آخر، أقرت حكومة "اشتية" قرارات اقتصادية جديدة تنم عن مدى الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، بسبب الخصومات التي تفرضها حكومة الاحتلال على أموال الضرائب. ولعدم قيام الدول المانحة بدفع ما عليها من التزامات، قررت وزارة المالية أن تدفع ما نسبته 75% من قيمة رواتب الموظفين الحكوميين. وتشتكي السلطة من عدم حصولها على أموال الدعم الخارجية، سواء من الدول الغربية أو العربية منذ العام الماضي. وقد وعد الاتحاد الأوروبي باستئناف الدعم خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، إلى بروكسل قبل عدة أسابيع، غير أن تلك الأموال لم تصل بعد. كما لم يضع مؤتمر المانحين الذي عقد منتصف الشهر الماضي في بروكسل حلا لهذه الأزمة، رغم استعراض الجانب الفلسطيني مخاطر الوضع الاقتصادي الذي تمر به السلطة في هذا الوقت.
في غزة، ستكون الأيام القادمة حاسمة أمام تحديد مصير تفاهمات الهدوء القائمة حاليًا في القطاع، بعدما أبدت "حماس" وفصائل المقاومة امتعاضها من تأخر عمليات الإعمار، وإعاقتها بشكل متعمد من قبل الاحتلال. وسيحدد الأسبوع القادم إن كانت الفصائل ستذهب إلى ”التصعيد الميداني” المتدرج أم ستواصل الحفاظ على الهدوء، بناءً على ما سيحدث عمليًا على الأرض. وبحسب معلومات، فإن الفصائل وفي مقدمتها "حماس" ستنتظر ردود الوسطاء، الذين تدخلوا منذ بدايات الأسبوع الجاري، بناءً على إشارات الغضب التي أبدتها الفصائل.
بدوره، كشف مصدر قيادي في "حماس" أن القيادتين السياسية والعسكرية للحركة تدرسان “خيارات التصعيد” مع الاحتلال، في ظل استمرار الحصار على القطاع، والتباطؤ في إعادة الإعمار، وتفاقم الأزمات الإنسانية. وانتقد القيادي سياسات مصر تجاه غزة، وذكر أن استمرار الاعتداءات "الإسرائيلية" على المسجد الأقصى ومصادرة الأراضي وتشديد الإجراءات ضد الأسرى، يمثل “صاعقًا سيفجر الأوضاع من جديد". يشار إلى أن الاحتلال أعلن عن اكتمال بناء الجدار الأسمنتي الذي يمتد في باطن الأرض على طول حدود غزة، بعد عمل استمر ثلاث سنوات، سعيًا لمنع وصول المقاومين الفلسطينيين عبر الأنفاق، إلى داخل الحدود لشن هجمات مسلحة، على غرار ما حدث في حرب 2014.
إلى ذلك، بُتوقع أن تطلق سلطات الاحتلال سراح الشيخ "رائد صلاح"، رئيس الحركة الإسلامية (الشق الشمالي) المحظورة، يوم الإثنين المقبل، وتجري استعدادات لاستقباله ببرنامج سياسي واحتفالي، كما أفاد بيان لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48.
في ملف الاستيطان، أجّلت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، قرار المصادقة على مخطط إقامة حي استيطاني كبير على أرض مطار قلنديا ومنطقة "عطروت"، استجابةً لموقف وزارتي حماية البيئة والصحة.