استنتاجات الموجز:
خسائر بشرية ومادية غربًا إثر نزاعات مسلحة والسلطات تحرّك قوات مشتركة لفرض هيبة الدولة خوفًا من انتقال النزاع للعاصمة
استمرار الاحتجاجات رفضًا للاتفاق السياسي بين "البرهان" و"حمدوك" اللذين يعملان في تناغم تام واتهامات للأخير بشرعنة الانقلاب
مناورات للجيش للحفاظ على الجاهزية والاستعداد وقائده يتوعد البعثات الدبلوماسية التي تثير الفتن بالحسم
اشتعل الصراع في محلية جبل مون بعد حادثة نهب للمواشي تلاها احتشاد قبلي مسلح، انتهى بمقتل العشرات وفرار الآلاف إلى دولة تشاد المجاورة. وصدرت تحذيرات من خطورة ابتعاث الجهات الرسمية قوات قوامها عناصر تنتمي لمكونات الصراع في دارفور، وخشية تمدّد الصراع من الإقليم غربًا إلى العاصمة الخرطوم. وفي حادثة أخرى، حاصرت مجموعات مسلحة معسكر "مورني" بولاية غرب دارفور ثلاثة أيام، احتجاجًا على مقتل أحد عناصرها بالقرب من المعسكر.
وقبل أيام، سقط 48 قتيلًا في منطقة "كرينك" بولاية غرب دارفور، في تجدد الصراع بين الأهالي ومليشيات مسلحة، حسب ما أفادت لجنة أطباء السودان المركزية. وقضى أشخاص عدة في أحدث هجوم على نازحي معسكر زمزم (بالقرب من مدينة الفاشر)، في حادثة إطلاق رصاص عشوائي. يحدث كل هذا في ظل ارتفاع كبير في وتيرة الشكاوى من تفشي جرائم القتل والسلب والنهب، داخل المدن والقرى وعلى الطرق بين الولايات.
بدورها، دفعت السلطات في الخرطوم بقوات مشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع والمخابرات العامة والحركات المسلحة إلى الإقليم، في محاولة لتدارك الأوضاع. وتأسّف حاكم الإقليم، مني أركو مناوي، بعد تنقله من الخرطوم إلى مدينة نيالا (حاضرة ولاية جنوب دارفور)، على ضحايا أحداث العنف بالإقليم، متهمًا أيادٍ، لم يسمّ أصحابها، بالتورط في الأحداث، لتحقيق مصالحهم على حساب استقرار الإقليم. وتُعزى زيادة الصراعات المسلحة في الإقليم إلى انتشار السلاح الذي أدى استخدامه بكثافة في خلافات الرعاة والمزارعين، إلى حد انحراف الخلاف من بعده الاقتصادي والاجتماعي إلى منحى عرقي لفرض الهيمنة والنفوذ.
على صعيد استمرار تداعيات الاتفاق السياسي، تظاهر آلاف السودانيين وسط العاصمة ومدن أخرى للتنديد "بالانقلاب العسكري"، الذي نفذه قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، منذ نحو شهرين، وللمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وتنحي الجيش عن العملية السياسية، كما طالبوا بالقصاص لقتلى الثورة السودانية. وجاءت هذه المظاهرات بدعوة من لجان مقاومة الخرطوم، التي قالت إن هذه المواكب ستتوجه إلى القصر الرئاسي بالعاصمة، فيما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في محيط القصر الرئاسي. من جهتها، أبدت الولايات المتحدة ترحيبها بالتزام الحكومة السودانية بحماية المتظاهرين الرافضين لإجراءات "البرهان".
ورغم توقيع "البرهان" و"حمدوك" اتفاقًا سياسيًا في الـ21 من الشهر الماضي، يتضمن عودة الأخير لمنصبه وتشكيل حكومة كفاءات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي، إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق بوصفه محاولة لشرعنة الانقلاب، متعهدةً بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
من جانبه، قال "البرهان" إن القوات المسلحة مصممة على استكمال الفترة الانتقالية، وصولًا لانتخابات حرة ونزيهة. جاء ذلك في كلمة ألقاها في ختام مناورات عسكرية بمنطقه المعاقيل بولاية نهر النيل (شمالي السودان)، حيث أضاف أنه ملتزم بالاتفاق الذي توصل إليه الشهر الماضي مع رئيس الوزراء حتى الوصول إلى حكومة منتخبة. كما أكد دعمه لـ"حمدوك"، قائلًا: "بدأنا مرحلة جديدة نعمل فيها بصدق وإخلاص لاستكمال الفترة الانتقالية".
كما أشار قائد الجيش إلى أن التحضير للانتخابات يحتاج إلى إشاعة جو من الحرية والأمن، وتحدث عن قيام بعض البعثات الدبلوماسية لدى الخرطوم بإثارة الفتن ضد الجيش السوداني، متعهدًا باتخاذ إجراءات بحقها. وذكر "البرهان" أيضًا أن السلطات قادرة على تقديم كل من أجرم بحق الشعب السوداني للعدالة. وفي موضوع آخر، وصف "البرهان" التدريبات العسكرية في ولاية نهر النيل بأنها إجراء روتيني ولا تستهدف أحدًا.
من جهته، دعا رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في لقاء مع سفراء الاتحاد الأوروبي بالخرطوم، إلى مزيد من الخطوات والإجراءات لبناء الثقة بين مختلف مكونات الفترة الانتقالية في السودان. وأورد بيان عن مجلس الوزراء أن "حمدوك" توافق مع السفراء الأوروبيين على أهمية تحقيق إجماع وطني بشأن مهام الفترة الانتقالية، كما أشاد بدعم الاتحاد الأوروبي لإنجاح التحول المدني الديمقراطي والاستقرار الاقتصادي في البلاد.
عل صعيد النزاع شرق السودان، ناقش اجتماع رفيع عُقد بين مجلس السيادة وفريق الوساطة وأطراف مسار الشرق، التوصل إلى رؤية لكيفية إدارة شرق السودان من خلال مسار الشرق المختلف عليه. ومن شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية شرق السودان، الذي يشهد استقطابًا قبليًا حادًا بين المكونات الرافضة لمسار الشرق والمؤيدة له.
داخليًا، أعلن المدير العام لجهاز المخابرات، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، عزم الجهاز على تقديم مبادرات وطنية للمساهمة في تجاوز التحديات التي تمر بها البلاد حاليًا، في كافة القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية. ويعد ظهور "مفضل" الأول رسميًا بعد تعيينه في المنصب الأسبوع قبل الماضي، في سياق تعيينات وإحالات أقرها القائد العام للجيش طالت قيادات الأجهزة الأمنية، لكن تفاصيلها لم تذع في قرارات رسمية.
في ملف النزاع الإثيوبي، نفت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها اتهامات إثيوبية للخرطوم، بدعم وإيواء وتدريب عناصر من جبهة تيغراي التي تقاتل قوات الحكومة الإثيوبية. وقالت الخارجية إنها تابعت "بمزيد من الدهشة والاستغراب" الخبر الذي نشرته وكالة "فانا" الإذاعية الحكومية الإثيوبية، في التاسع من الهشر الجاري، والذي اتهمت فيه السودان بدعم جبهة تحرير تيغراي. ودعت الخارجية السودانية أديس أبابا للكف عن اتهام السودان بلا دليل، باتخاذ مواقف وممارسات عدائية.
على صعيد أصداء الوضع السوداني دوليًا، أقرت لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس بإجماع كل أعضائها، فرض عقوبات على المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في السودان. وصوّتت اللجنة لإقرار مشروعين لفرض العقوبات؛ الأول يُدين الانقلاب العسكري في البلاد ويدعم الشعب السوداني، والآخر بعنوان "قانون ديمقراطية السودان" ويشمل عقوبات ملزمة على المسؤولين عن زعزعة العملية الانتقالية بقيادة مدنية في البلاد. ومع ذلك، يسمح مشروع القانون للرئيس الأمريكي إلغاء هذه العقوبات حال رأي في ذلك مصلحة الولايات المتحدة، ويطلب منه إبلاغ الكونغرس بالتنازل.
اقتصاديًا، أكد تقرير لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن ثلث السودانيين سيحتاجون للمساعدة في العام القادم، بينهم ثلاثة ملايين نازح، وأن السودان يعيش أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عشر سنوات. داخليًا، أثار إعلان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية عن السعر التأشيري لقنطار القطن مخاوف آلاف صغار المزارعين من خسائر محتملة؛ ففي الوقت الذي توسعت فيه المساحات المزروعة في المشاريع المروية والمطرية هذا الموسم، ارتفعت تكاليف الإنتاج وأسعار المدخلات إلى أكثر من الضعف مقارنةً بالعام الماضي. وأكدت المالية أن السعر يأتي بغرض تشجيع المنتجين للإقبال على عملية جمع القطن وإنجاح الموسم الزراعي الحالي، إلى جانب تشجيع المزارعين على التوسع في المساحات المزروعة بالقطن.
اقتصاديًا أيضًا، واصل الجنيه السوداني استقراره مقابل العملات الصعبة هذا الأسبوع؛ حيث جرى تداول أسعار الدولار الأمريكي في السوق السوداء عند مبلغ 453 جنيهًا في المتوسط، فيما ارتفع بشكل طفيف لدى البنوك إلى 450 جنيهًا.
لقراءة تحميل الموجز / اضغط هنا