استنتاجات الموجز:
محاولة "سعيد" تعطيل "دستور 2014" بتونس أمرٌ خطير سيولد اضطرابات كبيرة على المستوى الأمني والاقتصادي
النصف الأول من عهدة "تبون" في الجزائر لم يكن كافيًا لإبراز توجهات جدية نحو الإصلاح الاقتصادي ومعالجة المشكلات الاجتماعية
تصاعد دعوات الأحزاب للحكومة المغربية لتجاوز الغموض الذي يلف موقفها وأن تعبّر عن نواياها وخطط عملها فيما يخص محاربة الفساد
على وقع تصعيد جديد يقوم به رئيس الجمهورية التونسي لحسم معركته بتغيير نظام البلاد لنظام رئاسي، انتقل "سعيّد" في ظرف زمني وجيز من التأكيد على أن الدستور لم يعد صالحًا، إلى تصريحه بأنه لا شرعية ولا مشروعية للتشريعات والأعمال الصادرة عن البرلمان، ثم الدعوة إلى "الحوار والوحدة الوطنية وتجاوز الخلافات".
في التفاصيل، اعتبر "سعيّد" أن "المشكل في البلاد دستوري نتيجة دستور 2014 الذي ثبت أنه لم يعد صالحًا، ولا يمكن مواصلة العمل به، ولا مشروعية له. فقد أكد "سعيّد"، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، أن "البلاد لن تتقدم إلا في ظل قبول الآخر"، مشيرًا إلى أن "الحسابات السياسية الضيقة لا تدوم، ولن يبقى إلا من يطبق برنامجًا يخرج البلاد من وضعها الحالي"، كما شدد على أن "الاختلاف في الآراء لا يعني انعدام التعايش".
يذكر أن الرئيس التونسي أعلن في وقتٍ سابق عن تنظيم استفتاء للإصلاحات السياسية المزمع اتخاذها في الـ25 من تموز/ يوليو، وانتخابات تشريعية في الـ17 من كانون الأول/ ديسمبر 2022، مضيفًا أن البرلمان سيبقى مجمدًا لحين الانتخابات الجديدة. كما شدد "سعيّد" على تنظيم استشارة إلكترونية مفتوحة للمواطنين، بينما أعلن عن محاكمة كل من أجرم في حق البلاد واسترداد الأموال، عملًا بقانون الصلح الجزائي مع رجال الأعمال المتهمين بتمويل الاستثمار بالمناطق الأكثر فقرًا.
بدورها، حذرت حملة "المبادرة الديمقراطية" من "سلطة الاستثناء من المساس بدستور البلاد، باعتباره العقد السياسي والاجتماعي الضامن للاستقرار، والمجسّد للسيادة والمشروعية الشعبية". بالمقابل، أثار التحوّل بمضمون خطاب "سعيّد" وأسلوبه وانتقاله من التصعيد إلى الهدوء الواضح، ومن مهاجمة معارضيه إلى الدعوة للوحدة، تساؤلات عن الأسباب، برغم الاستبشار النسبي لدى البعض بإمكانية اقتناعه بطاولة الحوار. كما ذهبت الأوساط السياسية الأخرى إلى قراءات معاكسة لوجود انزعاج، خصوصًا أمام حال العزلة التي تعيشها البلاد، وتضييق الخناق اقتصاديًا وسياسيًا، وقد نقل السفير الفرنسي،أندريه باران، الانزعاج الأوروبي في لقائه الثالث مع رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي.
ميدانيًا، أقدم سجين سياسي سابق يُدعى "سامي السيفي" على حرق نفسه في مقر "النهضة"، ليسفر عن وفاة شخص وإصابة 18 آخرين، فيما أكد القيادي في الحركة، محمد القوماني، أن أسباب الحريق لا تزال مجهولة. وقد أثارت مشاهد لكبار المسؤولين بالحركة وهم يلقون بأنفسهم من النوافذ هربًا من النيران، منهم رئيس الحكومة الأسبق، علي العريض، استنكارًا شعبيًا واسعًا.
دبلوماسيًا، كشفت مصادر أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، سيقوم بزيارة لتونس في الأيام المقبلة، مشيرةً إلى أنها تهدف لمواصلة التشاور السياسي وتعميق التعاون الاستراتيجي بين البلدين. وفي هذا الإطار، أتت زيارة رئيس الوزراء الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، إلى تونس الأسبوع الماضي بالتحضيرية.
في الشأن الجزائري، وبعد مرور عامين على حكم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اتّسم المشهد الداخلي بتحولات عدة، لكنها لا تزال بعيدة عن تحقيق التغيير الحقيقي، لا سيما الحريات وتظاهرات الحراك الشعبي. فمن جهتها، عبّرت الأحزاب السياسية عن قلقها من استمرار التضييق على الحريات، ومنع التجمعات، وحملات الاعتقال بحق الناشطين، مطالبةً السلطات بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، والحدّ من الملاحقات القضائية التي شملت سبعة آلاف ناشط منذ تسلمه الحكم. هذا، إضافةً إلى التراجعات الحاصلة على الصعيدين السياسي والاجتماعي-الاقتصادي، في ظل تخوف من أن تراجع الحقوق وحشر الجماهير في الزاوية وتوسيع القوانين المصادرة للحريات، والتي كان آخرها منع المسيرات السلمية للمطالبة بتحسين شروط المعيشة، قد يفتح الباب أمام أشكال الانحراف، وانعدام تلأمن وتفشي الجريمة.
في سياقٍ منفصل، أكد وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، خلال مشاركته في جلسة وزارية لمجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، ضرورة وضع حـد للتحديات التدفقات غير المشروعة للأموال والأسلحة لأفريقيا، باعتبارهما يساهمان بتغذية حالة عدم الاستقرار، داعيًا إلى تبني مبدأ الحلول الأفريقية لمشاكل القارة، كهدف استراتيجي لتعزيز القدرة للاعتماد على الذات.
إلى ذلك، استقبل رئيس مجلس الأمة الجزائري، صالح فوجيل، سفير دولة قطر لدى الجزائر، عبد العزيز علي أحمد نعمه النعمة، وناقش الطرفان العلاقات الجزائرية-القطرية والعمل لتعزيزها ودفعها لمستويات مواءمة مع مساعي وتوجيهات البلدين. من جانبه، أكد السفير القطري على استعداد بلاده لدعم أكبر لعلاقاتها البينية مع الجزائر، وترقية التعاون البرلماني بين البلدين.
دبلوماسيًا، سجّل "تبون" نقطة سياسية لصالحه، قد تكون الخطوة الأولى لإنهاء الأزمة السياسية مع فرنسا، حيث طرحت زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، تساؤلات إذا كانت الزياره كافية لإنهاء الأزمة وخفض منسوب التوتر، وعن حجم استجابة باريس للشروط الجزائرية لإعادة العلاقات، في أعقاب إلغاء زيارة رئيس الحكومة الفرنسية، جان كاستيكس. وقد تم تحديد جدول زمني يمتد إلى شهر كانون الثاني/ يناير المقبل، يمكن فيه قياس مدى التزام باريس ببعض الاشتراطات، خصوصًا المتعلقة بوقف حملات الإعلام الفرنسي ضد الجزائر، ووقف تصريحات المسؤولين الفرنسيين المسيئة للجزائر، ومراجعة ملف المهاجرين المطلوب ترحيلهم من باريس.
مغربيًا، عمدت الحكومة المغربية في تصريحها الأخير لسحب مشروع القانون المتعلق بتغییر مجموعة القانون الجنائي، والمتضمن لمقتضیات تجریم الإثراء غیر المشروع. وقد أثار القانون العديد من ردود الفعل حول دوافعه واعتباره محاولة من طرف الحكومة، لإقصاء جریمة الإثراء غیر المشروع من التعدیلات المرتقبة في مشروع القانون الجنائي. فمن جانبها، اعتبرت أحزاب المعارضة أن تجريم الإثراء غير المشروع ضرورة ملحة، باعتبار هذا النوع من الإثراء سببًا للفساد المزمن الذي تشهده البلاد، وأن إقرار القانون يجب أن یتم وفقًا للمبادئ الدستور والاتفاقیات الدولیة.
في سياقٍ متصل، وتعليقًا على التصريح الحكومي، استغرب أمين عام حزب “التقدم والاشتراكية”، محمد نبيل بن عبد الله، من حالة الارتباك التي تعيشها الحكومة ومن الإجراءات المعزولة عن احتياجات المواطن، داعيًا إلى أن تفي بوعودها خاصةً الزيادة في الأجور وبناء الدولة الاجتماعية، وتلك المدرجة ضمن وثائقها الانتخابية، لكنها غير مضمنة بالتصريح الحكومي ولا في قانون المالية الذي صادق عليها البرلمان، محذرًا من تدهور للحالة الاجتماعية.
دبلوماسيًا، عقد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، والوزيرة البريطانية للشؤون الخارجية، ليز تراس، الدورة الثالثة للحوار الاستراتيجي بين المغرب وبريطانبا، حيث جددا التأكيد على الرؤية المشتركة لإرساء شراكة استراتيجية بين البلدين، من خلال تعزيز الحوار السياسي وتعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني، والنهوض بالعلاقات الثقافية. كما اعتمد الجانبان إعلانًا سياسيًا؛ حيث تم الاتفاق على إنشاء مجلس ولجنة مشتركة لاتفاقية الشراكة الجديدة، إضافةً إلى تشكيل لجنة فرعية للتجارة والاستثمار والخدمات والفلاحة والصيد البحري والصحة النباتية والجمارك.
كما شارك "بوريطة" إلى جانب نظيريه الأمريكي، أنتوني بلينكن، و"الإسرائيلي"، يائير لابيد، في اجتماع ثلاثي للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للبيان المشترك الموقع بين الولايات المتحدة والمغرب و"إسرائيل"، مجددين العمل بالوثيقة على أن الدول الثلاث تعمل لتعزيز علاقاتها في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة والسياحة والتكنولوجيا وغيرها، بينما لم تحدد واشنطن موقفها من الاعتراف بمغربية الصحراء حتى الآن.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا