استنتاجات الموجز:
لا تزال الإدارة الأمريكية تعوّل على إجراءات "تعزيز الثقة" في مقاربتها للملف الفلسطيني دون تقديم مقترحات سياسية
تصاعد ملحوظ في العمليات الفردية داخل الضفة الغربية في ظل تغول المستوطنيين واتساع نطاق اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين
تشير الزيارات التي قام بها اثنان من المسؤولين الأمريكيين خلال الأيام الماضية إلى مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله، ولقاء رئيس السلطة، محمود عباس، إلى محاولات أمريكية لإبقاء حالة التواصل مع السلطة في ظل غياب الأفق السياسي أمام السلطة. في التفاصيل، التقى "عباس" بالضيف الأمريكي الثاني، وهو مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، بعد أن استقبل مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، يائيل لمبرت.
وقدّم "عباس" لـ”سوليفان“ "خارطة طريق" لعودة المفاوضات الفلسطينية-"الإسرائيلية"، نصت على "إحياء الاتفاقات الموقعة بين الجانبي، وتطويرها، لتتناسب مع التطورات التي جرت منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 حتى اليوم." وقال مسؤولون شاركوا في اللقاء إن "سوليفان" أبلغ "عباس" أن الإدارة الأمريكية، "ستواصل العمل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في المرحلة المقبلة، في اتجاه واحد لتعزيز علاقة التعاون بين الجانبين، بما يضمن تحسين ظروف حياة الفلسطينيين وتعبيد الطريق نحو إعادة إحياء العملية السياسية، بعد تعزيز الثقة بين قيادتي الطرفين“.
ونقل المسؤولون أيضًا عن "سوليفان" قوله إن الحكومة "الإسرائيلية" الحالية "غير متوافقة على أسس الحل السياسي، ما يجعل مصير أي عملية سياسية في مهب الريح"، مشيرًا إلى أن الجانب الأمريكي "يعمل في هذه المرحلة على خلق أسس تعاون بين الجانبين لوضعهما على طريق العودة إلى الممارسات السياسية“. هذا، فيما تشير الدلائل على أن إدارة "بايدن" أوقفت فعليًا جهودها لإعادة فتح قنصلية للشؤون الفلسطينية في القدس.
داخليًا، بدأت قيادة السلطة في العمل فعليًا لانعقاد المجلس المركزي، المقرر حسبت الترتيبات أن يلتئم بعد منتصف الشهر القادم، وذلك بعدما استدعت إلى رام الله قيادة حركة "فتح" في قطاع غزة، للقاء "عباس". وفي هذا السياق، كان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، أعلن أن المجلس المركزي سينعقد في رام الله في الفترة ما بين 20-23 كانون الثاني/ يناير المقبل.
وتزامُنًا مع إضاءة تقارير عبرية "الضوء الأحمر“، تحذيرًا من احتمال ارتفاع وتيرة عمليّات المقاومة، بعد عملية ”حومش" نهاية الأسبوع الماضي، شهدت الضفة الغربية المحتلّة سلسلة حوادث إطلاق نار باتّجاه أهدافٍ "إسرائيلية" خلال اليومَين الماضيين. جاء ذلك في ظلّ استمرار تفجُّر أزمات داخلية جديدة مع السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية. ورغم عدم تَسبُّبها بوقوع إصابات في صفوف "الإسرائيليين"، إلّا أن تلك الحوادث سَجّلت مؤخرًا رقمًا قياسيًا ببلوغها خمْسًا؛ أطلق خلالها مقاومون النار ثلاث مرّات باتّجاه البؤرة الاستيطانية المقامَة على جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس.
كما تعرّضت قوّة لجيش العدو لإطلاق نار قرب بلدة عصيرة القبلية جنوب نابلس، وفي محيط مستوطنة ”بسجوت" قرب البيرة، الأمر الذي اعتُبر الحدث الأبرز؛ حيث جرى تبادلٌ لإطلاق النار بين مقاومين وجنود العدو، انتهى باستشهاد المقاوِم،، محمد عيسى عباس، من مخيّم الأمعري.
من جانب آخر، هاجم مستوطنون العديد من المنازل في قرية برقة شمال نابلس، فيما تصدى الأهالي لتلك الهجمات، وسط اعتداءات أخرى على الفلسطينيين المارين في شارع نابلس جنين. وتأتي اقتحامات المستوطنين لمستوطنة "حومش" المخلاة بعد أيام من مقتل مستوطن وإصابة اثنين آخرين، بعملية إطلاق نار على مدخل المستوطنة، تبعتها سلسلة اعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم، خاصة في قرية برقة.
كما استشهد الشاب، حكمت عبد العزيز موسى (22 عامًا)، بعد استهداف قوات الاحتلال مركبته التي كان يقودها بالقرب من حاجز "دوتان" العسكري، ما أدى لاحتراق المركبة وهو داخلها. وكانت وسائل إعلام عبرية زعمت أن سائق المركبة حاول تنفيذ عملية دهس بالقرب من برج عسكري قريب من الحاجز، فأطلق الجنود النار باتجاهه ما أدى إلى اشتعال النار في المركبة.
على الجانب الآخر، تُثير حادثة وفاة الشاب "أمير اللداوي" من مخيم عقبة جبر جنوب أريحا شرقي الضفة، متأثرًا بجراحه عقب انقلاب سيارته خلال ملاحقة عناصر من جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني له ولأصدقائه، خلال مشاركتهم في استقبال الأسير المحرر من سجون الاحتلال والقيادي في "حماس"، شاكر عمارة، الأسبوع الماضي، ردود فعل غاضبة وتنديدًا فصائليًا وشعبيًا وحقوقيًا واسعًا، وسط مطالبات بفتح تحقيق جدي وإدانة المتورطين بالتسبب في مقتله.
وتأتي حادثة وفاة "أمير" في ظل ملاحقات تنفذها الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمواكب استقبال الأسرى المحررين، خاصة المحسوبين على "حماس"، والاعتداء على المشاركين فيها ومصادرة الرايات الخضراء. وسبق أن أطلق الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع داخل القاعة التي جرى فيها استقبال أسير محرر، أمضى 19 عامًا في سجون الاحتلال في مدينة طولكرم قبل نحو أسبوعين.
في قطاع غزة، تشير المعطيات إلى أن الاحتلال رفض مقترحًا من "حماس" حول صفقة التبادل، جرى الاتفاق عليه قبل شهرين مع الجانب المصري. وكان الاقتراح يشترط الإفراج عن مسنّين وسيدات من الأسرى الفلسطينيين كمرحلة أولى، مقابل منح الاحتلال معلومات عن جنود (أسرى لدى حماس) من خلال تسجيل فيديو. وأفادت وسائل إعلام عبرية بفشل جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت بوساطة مصرية بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية، بشأن اتفاق طويل الأمد لوقف النار في قطاع غزة وصفقة لتبادل الأسرى.
في هذا الإطار، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست“ إن المفاوضات وصلت "إلى طريق مسدود"، مشيرةً إلى أن وزارة الدفاع تعمل على مقترح جديد في محاولة للإبقاء على المحادثات حية. وكان وفد أمني مصري وصل القطاع، حيث عقد لقاءين منفصلين بقيادات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لبحث تعزيز التهدئة ونزع فتيل أي تصعيد محتمل.
بدورها، أبلغت الفصائل المصريين رفضها استمرار المماطلة في عملية إعادة إعمار غزة، بينما حمل المصريون طلبًا "إسرائيليًا" إلى المقاومة بالامتناع عن التصعيد في الضفّة، محذّرين من أن استمرار العمليات هناك سيؤدّي إلى عودة الاحتلال إلى سياسة الاغتيالات في غزة والخارج، خصوصًا ضدّ مَن تكون لهم صلة بالعمليات في الضفّة.
وجاءت الزيارة المصرية لغزة بعد سلسلة من اللقاءات السياسية التي عقدتها الفصائل لتباحُث الأوضاع في القطاع، وكان آخرها لقاء”حماس“ و“الجهاد الإسلامي“، اللتَين حذّرتا في بيان مشترك، من أن صبر المقاومة آخذ في النفاد، جرّاء مماطلة الاحتلال في رفع الحصار، وكذلك ممارساته في القدس والضفة. وكانت قيادات عسكرية في "كتائب القسام“ و"سرايا القدس" شاركت في اجتماع للمستويَين السياسي والعسكري، وقدّمت عرضًا لتطوّر قدرات المقاومة ولسيناريوات التصعيد.
من جهة أخرى، لا تكاد تتوقف المناورات التي تجريها المقاومة في غزة من جهة، وجيش الاحتلال من جهة أخرى، والتي تحاكي سيناريوهات إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة، رغم أنه لم يمر على المعركة الأخيرة سوى عدة أشهر، وانتهت بوقف إطلاق نار دون شروط واضحة ومحددة، ما أعاد المخاوف لدى مختلف الأطراف من إمكانية تفجر الأوضاع مجددًا.
في ملف الأسرى، أكدت مؤسسات حقوقية مختصة بشؤون الأسرى الفلسطينيين أن حالة من التوتر الشديد سادت سجون الاحتلال كافة، وسط إغلاق لجميع الأقسام. وأكد مكتب إعلام الأسرى انقطاع التواصل مع أسرى قسم 12 بسجن نفحة، لافتًا إلى أن "مصير أكثر من 80 أسيرًا لا يزال مجهولًا". من جانبها؛ أكدت الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" أنها أعدت نفسها لمعركة طويلة ومفتوحة مع إدارة سجون الاحتلال.
في الملف ذاته، نفّذ أحد أسرى "حماس" عملية طعن في سجن نفحة بالنقب، ما أدى إلى إصابة ضابط إسرائيلي (سجان) بجروح طفيفة. وكانت إدارة سجن الدامون (شمال) اعتدت على الأسيرات بالضرب، ومنعتهن من الاستحمام لثلاثة أيام بعد قطع الكهرباء، ونقلتهن من الغرف تعسفيًا، وفق مصادر من داخل سجون الاحتلال، ومؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.
بدوره، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، صالح العاروري، إن الحركة نقلت رسالة واضحة جدًا للاحتلال من خلال الوسطاء، بأن الضغط على الأسرى والأسيرات داخل السجون قد يفجر الوضع بأكمله. ولم تتوقف تداعيات اعتداء قوات الاحتلال على الأسيرات، بعد إلغاء الاحتلال العقوبات التي فرضها عليهن، حيث تصاعدت ردود الفعل والتهديدات في وقت فرضت فيه قوات الاحتلال عقوبات على الأسرى بعد عملية الطعن.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا