الحدث:
اندلعت، مساء الثلاثاء الماضي، اشتباكات مسلّحة بين أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ومقاومين من "كتيبة طوباس" بمدينة طوباس شمال الضفة الغربية، وذلك عقب اعتقال أجهزة أمن السلطة للمطارَد من الاحتلال، أحمد أبو العايدة، والذي يعد قائد "كتيبة طوباس" في "سرايا القدس". وأفادت مصادر فلسطينية بأن عددًا كبيرًا من الأهالي والشبان اعتصموا في شوارع المدينة احتجاجًا على اعتقال "أبو العايدة"، وأعقب ذلك مواجهات عنيفة لم تشهدها طوباس من قبل، تخللها إشعال للإطارات المطاطية ومواجهات بالحجارة بين الشبان الغاضبين وأجهزة أمن السلطة. كما أفادت المصادر باندلاع اشتباكات ومواجهات في مدينة جنين أيضًا على خلفية الاعتقال، فيما دعت الكتيبة في بيانٍ مقتضب للنفير العام وفك الحصار عن "أبو العايدة" لتخليصه من أيدي أجهزة أمن السلطة بعد اختطافه.
الرأي:
ليست هذه المحاولة الأولى لاعتقال قائد "كتيبة طوباس" من قبل أجهزة أمن السلطة؛ حيث سبقتها محاولات عديدة خلال الأشهر الأخيرة، فيما نجحت هذه المرة بعد أن نصبت الأجهزة كمينًا محكمًا لـ"أبو العايدة" وتم اعتقاله ثم نقله إلى أحد مقرات الأجهزة الأمنية. ولم تتوفر بعد ذلك أي معلومات عن مصيره، لكن يعتقد أن أجهزة السلطة سعت لنقله إلى أحد سجونها خارج محافظة طوباس، فقد سبق أن اعتقلته أجهزة أمن السلطة لنحو ستة أشهر في سجن أريحا وسط ظروف صحية صعبة قبل الإفراج عنه في كانون الثاني/ يناير الماضي، كما جرى اعتقاله سابقًا من قبل الاحتلال وأصيب في إحدى المواجهات مع جنود الاحتلال في الأشهر الماضية.
يشكل اعتقال "أبو العايدة" في ظل التطورات الجارية صدمة شديدة للشارع الفلسطيني؛ فبمجرد انتشار خبر اختطافه خرج المئات إلى شوارع طوباس، واندلعت مواجهات هي الأعنف حتى الآن بين أجهزة أمن السلطة من جانب والمقاومين والأهالي من جانب أخر. لكن أجهزة السلطة واجهت الأهالي بالقمع والاعتداء وإطلاق الرصاص نحوهم، ما أدى لتدحرج الأمور بعد الاعتداء على النساء وأمهات الشهداء وتوسع نطاق الاشتباكات لبلدات عدة مثل: عقابا وطمون ومخيم الفارعة والطريق الواصلة بين عقابا وجنين وإغلاق للطرقات. كما سارعت "كتائب شهداء الأقصى" في طوباس لإصدار بيان أدانت فيه اعتقال قائد "كتيبة طوباس" وطالبت السلطة بالإفراج الفوري عنه، للحفاظ على السلم الأهلي ووقف سياسة ملاحقة المقاومين والاعتقال السياسي.
من جهتها، تعتمد أجهزة أمن السلطة على استراتيجية ملاحقة المقاومين واعتقالهم في حال رفضهم وقف أعمال المقاومة ضد الاحتلال وتسليم السلاح؛ حيث تركز الأجهزة حاليًا على مخيمات شمال الضفة وتحاول تفكيك مجموعات المقاومة هناك. وقد سبق أن مارست السلطة السياسة نفسها مع قائد "كتيبة طولكرم"، محمد جابر (أبو شجاع)، وذلك قبل اغتياله من قبل الاحتلال في مخيم نور شمس بطولكرم نهاية آب/ أغسطس الماضي.
ومن خلال اتباع هذا النهج، يمكن القول إن تصعيد أجهزة أمن السلطة من وتيرة اعتقال وملاحقة المقاومين، بموازاة الحرب "الإسرائيلية" المتواصلة والاغتيالات الجوية للمقاومين في الضفة، سيدفع إلى مزيد من التوترات والصدام بين الأجهزة الأمنية من جهة والشارع الفلسطيني وفصائل المقاومة من جهةٍ أخرى. ومن المرجح أن تتصاعد المواجهات والتوترات الداخلية في ظل سعي السلطة لإظهار جديتها في ملاحقة المقاومين، وإظهار قدرتها على تحقيق ذلك وتحقيق الأمن للاحتلال وفقًا للرؤية الأمريكية، التي ترغب في منح السلطة دورًا أساسيًا في المرحلة التالية للحرب إلى جانب بعض التسهيلات المالية والاقتصادية.