أولاً. معطيات ومعلومات نوعية:
الملف اللبناني:
· تلقَّى لبنان، بوسائل مباشرة، تأكيدات من الإدارة الأميركية الجديدة أن لا عودة إلى المعارك مجددًا في لبنان. (صحيفة اللواء السياسي، لبنان)
· أكدت مصادر جنوبية أن ما يحصل اليوم مشابه لما حصل بعد وقف حرب تموز عام 2006، حيث خرق الجيش "الإسرائيلي" الاتفاق في حينه مرات عدة، إلا أن الخروق هذه المرة تبدو أعنف كما كانت الحرب أعنف، وموضوع الستين يومًا مشابه للفترة التي بقي فيها الجيش عام 2006 تقريبًا. (موقع لبنان الكبير)
· كشفت مصادر مطلعة أن هناك تنافسًا بين ثلاث جهات في إيران حول الوضع في لبنان والمنطقة، على الشكل التالي:
- الرئيس مسعود بزشكيان عبر دخول وزير الخارجية عباس عراقجي، والذي يمثل التيار الإصلاحي، على الملف مكلفاً منه.
- رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف الذي يمثل الحرس الثوري، وهو الذي كان مرشحاً منافساً لبزشكيان.
- كبير مستشاري مرشد الجمهورية علي لاريجاني، الذي جاء إلى بيروت بتكليف من المرشد، مع الإشارة إلى أن الرجل أصبح محسوباً على الوسطيين بعدما كان من المتشددين.
وفي هذا السياق، تفيد المعطيات من طهران بأن بزشكيان يسعى إلى تكليف لاريجاني في التفاوض مع الغرب والأميركيين حول الملف النووي، ما يبدو وكأنه مسعى جديداً للتقارب بين طرفين في مواجهة الطرف الثالث (قاليباف ومن يمثل). (صحيفة المدن، لبنان)
· كشفت معلومات أن جزءًا من الخرق الذي تعرض له "حزب الله" يتعلق باختراق ما يعرف بوحدة "الأمكنة أو الأماكن"، وهي من أكثر الوحدات سرّيّة وحساسيّة في الحزب، ومن مهامها بناء وتخطيط وصيانة وتحديد المراكز والمكاتب والعقارات الآمنة لقيادة الحزب في أيّام السّلم، والمقرّات الاحتياطيّة لهم في أيّام الحربِ، والمنشآت القياديّة والعسكريّة السّريّة. (موقع أساس ميديا، لبنان)
· أشار المحلل السياسي جورج علم، إلى أن هناك ثلاثة أسماء بارزة لرئاسة الجمهورية: قائد الجيش العماد جوزيف عون، سليم إده، وسمير عساف، الذي يبدو أنه يحظى بدعم فرنسي كبير. (موقع ليبانون ديبايت)
· كشفت مصادر فرنسية دبلوماسية أن الموفد الرئاسي الفرنسي طرح أمام الفرقاء السياسيين خطة من أربعة بنود وهي: انتخاب رئيس للجمهورية، تعزيز تسليح الجيش اللبناني، إعادة الإعمار، وضرورة إجراء حوار دستوري لإعادة تفعيل اتفاق الطائف للوصول إلى صيغة فعّالة للنظام اللبناني. (صحيفة نداء الوطن، لبنان)
· أفادت معلومات أنّ الجيش اللبناني نشر منذ وقف إطلاق النار سريتين تابعتين لفوج المغاوير في القطاعين الشرقي والغربي، كما عزّز اللواءين الخامس والسابع وفوج التدخل الخامس بوحدات من فوج التدخل الثاني في كلّ من مرجعيون والقطاع الغربي، ليصبح ما لا يقلّ عن 5000 عسكري منتشراً في الجنوب. وأشارت المعلومات إلى أنه ومنذ يومين وبتوقيع وزير الدفاع موريس سليم، بدأ الجيش تنفيذ المرحلة الأولى من خطّته ببدء تطويع 1500 جندي، وتدريب العناصر ومن ثم التحاقهم برفاقهم وتوزيعهم على قطعات الجيش ومراكزه التي بدأت بدورها تتعزز. (صحيفة المدن، لبنان)
· أفادت معلومات بأن الجيش اللبناني كثّف مراقبته العسكرية والمخابراتية لمنطقة الحدود الشمالية مع سوريا استباقاً لأي تسلّل أو تمدّد للنيران السورية المتجدّدة إلى داخل الأراضي اللبنانية. (صحيفة المدن، لبنان)
· تُقدّر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن العدوان، والتي طالت القطاعات الحيوية، بما يتراوح ما بين 15 و20 مليار دولار، وفقًا للتقديرات الأولية التي أعلنها وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام. (موقع ليبانون فايلز)
· كشفت مصادر متابعة أن "حزب الله" سيقوم بدفع تكاليف الإيجارات لكل عائلة تدمر منزلها، إضافة إلى مبلغ مقطوع كبدل أثاث على أن يتم اختيار طريقة إعادة الاعمار، فإما عن طريق الحزب أو أن المتضرر يحصل على مبلغ من المال ويعيد إعمار منزله بنفسه. (موقع لبنان 24)
· كشفت المعطيات المتداولة من منظمة الهجرة الدولية، عن انتقال 579 ألف نازح إلى أماكن سكنهم الأصلية، أي 64% من عدد النازحين المسجّلين في مراكز الإيواء، وذلك عقب إعلان وقف إطلاق النار. وقد شهدت الأيام الأولى لبدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، إقفال 613 مركز إيواء من أصل 1009 مركز، أي ما نسبته 61% منها، وبقي 396 مركز إيواء مفتوحًا، حيث يُرجَّح أنّ هؤلاء إما تدمرت بيوتهم أو لا تزال قوات الاحتلال "الإسرائيلي" تتواجد في قراهم، ما يمنعهم من العودة في الوقت الراهن. (صحيفة الأخبار، لبنان)
· أفادت مصادر مطلعة على أجواء الحزب "التقدمي الإشتراكي" بأن الرئيس السابق للحزب، وليد جنبلاط، أصرّ بـ"ضراوة" على التجديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون مُدّة عام إضافي لاعتبارين، الأول وهو أن جنبلاط يريد تماسك قيادة الجيش في ظلّ المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان لاسيما بعد وقف إطلاق النار مع "إسرائيل"، وضرورة تطبيق القرار 1701 بحذافيره. أما الاعتبار الثاني، فيرتبط بأن "جنبلاط" لا يريدُ "تحميل" رئيس الأركان "وزرَ" القيادة الحالية في حال أُحيل قائد الجيش إلى التقاعد، باعتبار أنّ المرحلة تحتاج قائداً فعلياً للمؤسسة العسكرية. (موقع لبنان 24)
· ارتفعت حركة الركاب القادمين عبر مطار بيروت الدولي بنسبة 84%، فخلال شهر تشرين الثاني، وقبل وقف الحرب، لم يتجاوز معدّل عدد القادمين يومياً عبر المطار مستوى 2300 راكب. أما في الأيام الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، فقد تجاوز عدد القادمين يومياً الـ 4200 راكب. (صحيفة الأخبار، لبنان)
· كشفت مصادر مطّلعة أن ممثل الولايات المتحدة في اللجنة الخماسية المشرفة على اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال جيفرز قد جاء مع فريق عمل يضم حوالي 12 مساعدًا سيتخذون من السفارة الأميركية في عوكر مقرًا لهم، لافتة إلى أن "جيفرز" لن يكون موجودًا بصورة دائمة، بسبب انشغالاته في مهامه بالقيادة الوسطى للجيش الأمريكي وسيرسل عنه مندوبًا في بعض الأحيان. (صحفية الأخبار، لبنان)
الكيان "الإسرائيلي":
· ذكرت وسائل إعلام عبرية أن السلطات في "إسرائيل" أعادت فتح المجال الجوي المدني في المناطق الشمالية بعد إغلاقه لأشهر خشية من قصف "حزب الله".(موقع جنوبية، لبنان)
· أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "معاريف" أن نحو 57% من المستوطنين يعتقدون أن وقف إطلاق النار في لبنان لن يصمد، فيما رأى 25% فقط أنه سيصمد. ووافق 85% من ناخبي أحزاب المعارضة على أنه يجب السعي إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة في موازاة صفقة تبادل أسرى، بينما اعتبر 65% من ناخبي أحزاب الائتلاف أنه تنبغي مواصلة "الضغط العسكري" في القطاع. (موقع عرب 48)
· أفاد المراسل العسكري في صحيفة "معاريف"، آفي أشكنازي، بأن الجيش "الإسرائيلي" يوجه رسائل إلى دمشق، لتجنب مساعدة "حزب الله" على التعافي وإعادة التسلح"، مضيفا أن التقديرات "الإسرائيلية" تؤكد أن نصف قوة حزب الله تأثرت خلال القتال. (موقع عربي 21)
ثانياً. تحليلات وقراءات:
· رأى المحلل السياسي، منير الربيع، أن لبنان سيشهد الكثير من التجاذبات الداخلية والخارجية حول آليات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، إذ ففي حال أراد "الإسرائيليون" والأميركيون المضي قدمًا في ضغوطهم الكثيفة على لبنان ودول المنطقة، لا سيما الدول التي تتمتع فيها إيران بنفوذ كبير، وبقي العنوان هو تقويض نفوذ إيران، فلا بد من انتظار الكثير من الضغوط لاحقاً في مجالات مختلفة، أمنية وعسكرية، سياسية، واقتصادية، وصولاً إلى تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية عدم تطبيق الاتفاق. أما في حال تمكنت العلاقات الإيرانية الأميركية من تحقيق تقدم على مستوى التفاهمات حول الملف النووي وملفات المنطقة، فيمكن لهذا الاتفاق أن يبقى قائمًا بتفسيرات ملتوية لآليات تطبيقه، وتتكرر بموجبه تجربة ما بعد العام 2006. (صحيفة المدن، لبنان)
· أجرى المحلل السياسي، منير الربيع، قراءة هادئة لنص اتفاق وقف إطلاق النار:
- في المقدمة يشير بوضوح إلى القرار 1701 والذي يستند أيضاً على قرارات دولية أخرى، والمقصود بها القرار 1559، وإن لم يتم ذكره بالإسم. لكن المقدمة تشير إلى ضرورة نزع كل الأسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية، وأن ينحصر وجود السلاح بيد القوى الشرعية والتي تمت تسميتها بالإسم، وهي الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة، الجمارك، والبلديات. في البنود الأخرى من نص الاتفاق، حيث السجال يستمر ويتفاعل، فإن البند الأول يشير إلى عدم سماح الدولة اللبنانية لأي جهة، حزب الله أو غيره بتنفيذ أي عملية ضد إسرائيل. هذا ما سيدفع خصوم حزب الله للخروج والحديث عن عدم جدوى الاستمرار في حيازة السلاح، طالما أنه لن يكون مخصصاً لمحاربة إسرائيل. في المقابل فإن الحزب سيردّ بأن السلاح هو لحماية لبنان من أي اعتداءات ولتحرير الأرض.
- وفي بند آخر يتم التحدث عن ضرورة ضبط الحدود والمعابر والسيطرة عليها من قبل القوى الشرعية، لمنع دخول السلاح إلا المخصص للدولة اللبنانية. هنا تتضارب التفسيرات، خصوصاً أن معارضي الحزب يفسّرون هذا البند بأنه فرض رقابة من قبل الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي على كل الحدود البرية والبحرية والجوية، بينما حزب الله يضعه في خانة القرار 1701 والذي لم تلتزم به إسرائيل.
- كما أن أحد البنود يشير إلى عدم السماح بوجود أي سلاح أو مصانع أسلحة على كل الأراضي اللبنانية، إلا تلك التي تنتجها الدولة اللبنانية، وهنا يفسّر خصوم الحزب هذا البند باعتباره يحمل إشارة واضحة إلى ضرورة مكافحة وجود أسلحة حزب الله في كل شمال نهر الليطاني، وعلى كل الأراضي اللبنانية. والأمر نفسه ينطبق على الصيغة التي اعتمدت حول ضرورة تفكيك البنى التحتية ومخازن الأسلحة والصواريخ العائدة للحزب، إنطلاقاً من جنوب نهر الليطاني. فالحزب يعتبر أن الاتفاق يذكر فقط جنوب النهر، ولا يأتي على ذكر المناطق الأخرى، بينما المعارضون يعتبرون أن "عبارة" انطلاقاً من نهر الليطاني تعني البدء بتفكيك الأسلحة في جنوب النهر، أي الانطلاق من هناك والاتجاه نحو شمال الليطاني. (صحيفة المدن، لبنان)
· رأى المحلل الصهيوني في صحيفة " يسرائيل هيوم"، مئير بن شابات، أن حجم الأذى والإحراج سيكون موازياً لحجم الرغبة القوية لـ"حزب الله" في التمركز مجدداً في المناطق التي انسحب منها، ومن أجل ترميم منظومته، ومهاجمة "إسرائيل" من جديد، وهو ما سيدفع "حزب الله" إلى ممارسة نشاطه تحت غطاء مدني، وبحماية السكان والمساعي الإنسانية، وعبر خطوات صغيرة، ومن دون استفزازات، وفي الأوقات التي تريد "إسرائيل" المحافظة فيها على الهدوء (افتتاح الموسم السياحي، وبداية العام الدراسي، واتفاقات التطبيع، أو التركيز على إيران، وغيرها). ولفت "بن شابات" إلى أن الخوف من عودة اشتعال الوضع بسبب الأثمان السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن ضغوط واعتبارات تتعلق بجدول الأعمال القومي، يمكن أن تدفع بمعظمها صنّاع القرار إلى تفضيل المحافظة على الهدوء على مصلحة منع تسلّح "حزب الله. (مركز الناطور للدراسات)
· اعتبرت أوساط سياسية لبنانية أنّ التحديات الكبرى بالنسبة لـ"حزب الله"، ستكون على المستوى الداخلي؛ حيث سيكون عليه مواجهة مجموعة من الضغوط، تبدأ من إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية، ولا تنتهي عند الضغوط التي ستمارس من خلال فتح ملف السلاح على نطاق واسع، بل تشمل أيضًا ملف إعادة الإعمار وإيواء المواطنين الذين دمرت منازلهم، لا سيما أن المسؤولية ستلقى على عاتقه بالدرجة الأولى. ورأت الأوساط أنّ المرجح هو عدم العودة إلى المواجهة المباشرة بين "حزب الله" و"إسرائيل" في وقتٍ قريب، أي على شكل العدوان "الإسرائيلي" الذي شهده لبنان على مدى أكثر من شهرين، مُشيرةً إلى أنّ هذا المعركة ستأخذ أشكالًا مختلفة لن تتأخر في الظهور، عنوانها الأساسي تحويل سلاح الحزب إلى مشكلة داخلية ينبغي البحث عن كيفية معالجتها، على قاعدة أن النظريات التي قدمت له سقطت، وبعد الاتفاق فقد مبررات وجوده. (موقع النشرة، لبنان)
· رأى محللون وسياسيون أنّ "حزب الله" وتبعًا لسياسة "بلع الموس"، سيعضّ على الجرح وسيقضم كلّ مندرجات الترتيبات الأمنيّة الجديدة ليتراجع تكتيكيًّا إلى خلف الليطاني، كما تقتضي الضوابط الدولية. ومن خلفه، ستعود إيران قليلًا إلى الوراء، لتهضم مرحلة وصول "ترامب" والشروط المفروضة عليها لكي تعود إلى طاولة المفاوضات الدولية. لكنّ الأمر قد يتغيّر بعد مرور عواصف التغيير، لتعود قواعد تسليح "الحزب" إلى حالها حتى لو واجه محاولات تضييق كثيرة بفعل سطوة الترتيبات الأمنية، سواء جنوب الليطاني أو عبر الحدود الشرقية البرّية. ولفت المحللون إلى أنه ووسط هذه الضبابية، التي يستحيل بسببها تحديد إحداثيات اليوم التالي، على المدى البعيد، وليس القريب، تبقى علاقة "الحزب" بالمؤسّسة العسكرية، أي الجيش اللبناني، هي الأكثر رصدًا ومتابعة، بفعل الانتشار المكثّف الذي سينفّذه الجيش جنوب الليطاني، الذي سيصير بحكم الأمر الواقع بقعة تماسّ بين الجانبين. وهو ما يجعل المرحلة المقبلة الأكثر حساسية ودقّة بين الجانبين؛ حيث يسود الاعتقاد أنّ انتشار الجيش الموسّع والمكثّف جنوب الليطاني سيخلق نوعاً من "Buffer Zone" تكون بمنزلة حدّ فاصل بين "إسرائيل" و"الحزب"، وهذا ما يقود إلى الاستنتاج أنّ "الحزب" يتهيّب المرحلة المقبلة الملتبسة بإجراءاتها. (موقع أساس ميديا، لبنان)
· رأى المحلل السياسي اللبناني، ابراهيم حيدر، أنّ اتفاق وقف إطلاق النار سيغيّر الكثير من المعادلات القائمة، وسينسحب الأمر على "حزب الله" تحديدًا ودوره وموقعه، حيث إن الوقائع التي أحدثتها الحرب والضغوط المرتبطة بها، دفعت الحزب إلى ضبط سقف حركته والتهيئة للانتقال إلى مسار سياسي جديد، وهو ما يعني أنّه سيتوقف عن العمل العسكري، وبالتالي سيتخلى عن "وحدة الجبهات"، عبر الارتداد إلى الداخل اللبناني. (صحيفة النهار، لبنان)
· اعتبر الكاتب اللبناني، عبدالله قمح، أن المفاوض اللبناني وقع بخطأ تقني في صيغة اتفاقية وقف إطلاق النار المُشار إليها بما بات يعرف بـ1701 معززًا، من خلال قبوله بإجراء تعديل على خط حدود قطاع جنوب الليطاني؛ بحيث لم يعد قائمًا اعتماد مجرى النهر، خطًا يفصل بين منطقتي شمال النهر وجنوبه وفقًا لما اتفق عليه قبيل صدور القرار 1701 عام 2006، وقد أدى التعديل الجديد إلى إدخال قرى أخرى، هي "يحمر والشقيف أرنون" بصورة أساسية، واللتين كانتا لغاية 26 تشرين الثاني 2024 خارج منطقة عمليات "اليونيفيل" وتقعان خارج جنوب الليطاني، لتتحولا يوم 27 تشرين الثاني 2024 إلى مناطق تقع ضمن الخط بما يشملها من مناطق متاخمة ومحاذية لها، وأرضٍ وسفوح وهضاب محيطة وصولًا ربما إلى قلعة "الشقيف أرنون"، وبالتالي لم تعد حدود "نهر الخردلي" حدودًا لقطاع جنوب الليطاني. وأوضح "قمح" أنّ هذا التعديل استدعى عدة عوامل، من منظور عسكري وآخر سياسي - تقني، على الشكل التالي:
- تدعي "إسرائيل" (وربما تمتلك أدلة) وجود منشآت مهمة تتبع للمقاومة ضمن هذه المنطقة تريد تفكيكها، وذلك بحسب اتفاقية وقف إطلاق النار المادة 7 الفقرتين (أ و ب)، تقع هذه المهمة على الجيش اللبناني.
- بضم هذه المنطقة إلى جنوب الليطاني، يكون العدو قد صلّح خطأً وقع فيه عام 2006 واختبر مساوئه طيلة السنوات اللاحقة، ثم جعلها تحت سلطة قوات "اليونيفيل"، وأيضًا "لجنة الشكاوى"، ويرأسها ضابط أمريكي، وأخضعها للمناطق المشمولة بالكشف والتفكيك المفترضين.
- تعد المنطقة المضمومة أقرب نقطة إلى خط الحدود مع فلسطين المحتلة (تحديدًا إصبع الجليل) وتبعد عنه مسافة 3.8 كيلومترًا. في المقابل، تبلغ المسافة بين الناقورة (الجليل الغربي) وحدود جنوب الليطاني عند مصب النهر 29 كيلومترًا. وفي أدبيات العدو، يعتبر منطقة "الشقيف" كأكثر نقطة مشرفة وتمتاز بمزايا عسكرية سواء لقصف الداخل المحتل أو لتغطية تقدم القوات.
- إن المنطقة المضمومة هي عمليًا المنطقة التي وصلها العدو متسللًا خلال مرحلة عملياته العسكرية مدعيًا أنه بلغ نقطة جنوب النهر، وفيها قام بالتقاط الصور لجنوده. وبالتالي فإن نجاح العدو بالوصول إليها يؤكد أهميتها، وهو مكمن استغراب، قبول لبنان ضمها إلى قطاع جنوب الليطاني. (موقع ليبانون ديبايت)
· اعتبر مدير الأبحاث في"مركز صوفان" للأبحاث والاستشارات الاستخبارية والأمنية الأمريكي، كولن كلارك، أن "حزب الله" يمرّ بعد عام من الحرب مع "إسرائيل" بنوع مختلف من التطوّر، وقد يصبح أكثر محليّةً، ويعمل بنفوذ إيراني أقلّ، وهو ما من شأنه تغيير التوازن الأمنيّ الإقليمي المستمرّ منذ أمد طويل، مرجحًا أن يستفيد الحزب من موجة جديدة من المجنّدين الشباب بسبب ارتفاع عدد الضحايا والدمار والمعاناة بين المدنيين، بالإضافة إلى استمرار استعداد جزء كبير من مقاتليه للقتال مرّة أخرى. (موقع أساس ميديا، لبنان)
ثالثاً. استنتاجات مركز "صدارة"
· بصورة عامة لا تمثل الخروقات الحالية تهديدًا للهدنة، فقد تمت الإشارة في استنتاجاتنا السابقة إلى أن الهدنة هشّة ونصوصها المكتوبة "ملتبسة" في أجزاء منها، بما يسمح بانهيارها إذا توفرت رغبة الأطراف في ذلك. لكنّ مصلحة الجانبين، وضغوط الوسطاء، هي ما جعل من وقف إطلاق النار وبالتالي استمراره أمراً ممكنًا، وهي ما تحميه فعليًا وليس بنود الهدنة ومدى وضوحها. لذلك؛ من المرجّح أن نشهد خروقات بين الحين والآخر دون أن يعني هذا انهيارًا للهدنة التي مازلنا نرجّح أن تصمد وتتحول لتهدئة مستمرة، خصوصًا وأن التطورات في سوريا ستزيد الضغط على "حزب الله" وتجعله أكثر تمسكًا بتفادي تكرار المواجهة مع "إسرائيل" حاليًا.
· لا يمكن الجزم حتى الآن بنهج "حزب الله" السياسي في الداخل اللبناني، ولا بطبيعة دوره الإقليمي ضمن "محور المقاومة" في المرحلة المقبلة، حيث سيتحدد ذلك بناءً على عوامل مازالت قيد التشكّل، وتتفاعل مع غيرها من العوامل الإقليمية المتقلبة. ويمكن الإشارة إلى عوامل رئيسية ستساهم في تشكيل توجهات الحزب ونمط أدائه السياسي والعسكري محليًا وإقليميًا:
- أولًا: طبيعة العلاقة بين إيران والإدارة الأمريكية الجديدة، وإلى أي مدى سيتمكّن الجانبان من صياغة تفاهمات تقود إلى تهدئة إقليمية، أو الاتجاه نحو مزيد من التصعيد.
- ثانيًا: ليس من الواضح بعد توجهات قيادة "حزب الله" الجديدة، في ظل غياب المعرفة بالهيكل القيادي الجديد، على المستويين السياسي والعسكري. ومن المؤكد أن تغييرًا قياديًا بهذا المستوى الشامل الذي فرض على الحزب ستكون له تداعيات على توجهات و"مزاج" الحزب محليًا وإقليميًا، لأن التغيير لا يقتصر على موقع الأمين العام، ولكن على مجمل النخبة القيادية تقريبًا.
- ثالثًا: تضيف التطورات في سوريا مزيدًا من التعقيد في حسابات الحزب؛ فبينما تُمثّل الساحة السورية مسألة بالغة الحساسية، فإن تعرضه للتهديد فيها يزيد من الضغط على قيادته الجديدة، وهو ما قد يدفعها للانكفاء محليا، أو على العكس، السعي لإثبات أن الحزب لم يفقد فاعليته، ومن ثم المغامرة مجددًا بحلقة جديدة من التورط في سوريا.