هجوم أزمير واحتجاجات حزب الشعب الجمهوري تعكس تحديات أمنية مستمرة لكن تأثيرها سيظل محدودًا

الساعة : 14:38
10 سبتمبر 2025
هجوم أزمير واحتجاجات حزب الشعب الجمهوري تعكس تحديات أمنية مستمرة لكن تأثيرها سيظل محدودًا

الحدث

شهدت تركيا تطورين متزامنين على صعيدي الأمن والسياسة، يعكسان حجم التحديات التي تواجهها البلاد. فعلى الصعيد الأمني، قُتل شرطيان وأصيب آخر في هجوم مسلح استهدف مخفرًا للشرطة في ولاية إزمير، نفذه شاب يبلغ من العمر 16 عامًا متأثرًا بأفكار تنظيم "داعش"، وقد تمكنت القوات الأمنية من إلقاء القبض عليه بعد إصابته، في حادثة أثارت المخاوف من موجة تجنيد جديدة للتنظيم تستهدف فئة المراهقين داخل تركيا. بالمقابل، شهدت إسطنبول أزمة سياسية بعد حكم القضاء بعزل رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض في المدينة، وتعيين نائب رئيس الحزب السابق جورسيل تكين رئيسًا مؤقتًا. وقد رُفض القرار من جانب قيادة الحزب، ما أدى إلى مواجهات مع الشرطة تخللتها اعتقالات، إلى جانب إجراءات أمنية مشددة، وتقييد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

الرأي

يسلط الهجوم في إزمير الضوء على التحدي الذي يمثله تنظيم "داعش" من خلال قدرته على التأثير الأيديولوجي في شريحة عمرية مثل المراهقين، كما أن استهداف مركز الشرطة يستهدف رمزية الدولة عبر الهجوم على مقر أمني. ومن المرجح أن يدفع الحادث السلطات لتعزيز مراقبة المحتوى المتطرف على الإنترنت، وتشديد الرقابة على الأوساط المجتمعية التي يُحتمل أن تكون هدفًا لعمليات التجنيد. من جهة أخرى، يفتح الحادث الباب على احتمال وقوف جهات أخرى، مثل بعض المجموعات الكردية المتمردة، عبر التلاعب بالشاب وإيهامه بأنهم من تنظيم داعش، ودفعه لتنفيذ الهجوم لإرباك الوضع الأمني بالبلاد.

بموازاة ذلك، تعكس الأزمة في إسطنبول استمرار مناخ الاستقطاب السياسي واحتمالات تصاعده، وسط اتهامات من المعارضة للحكومة بتحويل مؤسسات الدولة إلى أداة صراع حزبي، فيما يرى حزب الشعب الجمهوري أن استهدافه بهذا الشكل يأتي ضمن جهود لإقصائه عن السلطة من خلال أدوات قضائية، وعبر تعزيز تقسيمه داخلياً بين جناح يقبل بالأمر الواقع ويشارك في العملية السياسية بشروط الحكومة، وجناح آخر يتبنى خيار التصعيد، ما يضعف قدرته على خوض الانتخابات المقبلة بصف موحد.

فإسطنبول تمثل مركز الثقل الاقتصادي والسياسي والإعلامي لتركيا، وإضعاف حزب الشعب الجمهوري فيها يمثل ضربة استباقية للمعارضة، تُسهم في إعادة رسم الخريطة السياسية قبل أي استحقاق انتخابي. إلا أن هذا المسار محفوف بالمخاطر وأبرزها انتقال التنافس من صناديق الانتخابات إلى الشارع تدريجياً ما قد يؤدي لأزمات أوسع قد تستغلها أطراف منزعجة من تزايد النفوذ التركي بعد التغيير الذي حدث في سوريا، من أجل إدخال البلاد في دوامة أزمات داخلية.