الحدث:
نفذ الطيران "الإسرائيلي" عملية دقيقة اغتال فيها القيادي العسكري البارز في "حزب الله"، هيثم الطبطبائي، باستهداف شقة سكنية في الشارع العريض بالضاحية الجنوبية لبيروت، وقد أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، استشهاد 5 أشخاص وإصابة 28 آخرين في حصيلة نهائية للغارة.
الرأي:
تعد عملية اغتيال "الطبطبائي" هي الأولى من نوعها التي تستهدف شخصية رفيعة المستوى من "حزب الله" عقب اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، والخامسة من حيث مكان الاستهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت منذ الاتفاق إذ قامت "إسرائيل" باستهداف مبانٍ في عدة مواقع بالضاحية في أشهر آذار ونيسان وحزيران من العام الجاري، بذريعة استخدامها كمستودعات لتخزين الأسلحة والصواريخ أو مصانع لإنتاج المسيّرات.
وتعتبر هذه العملية "ضربة موجعة" لحزب الله بالنظر إلى طبيعة ودور "الطبطبائي" الذي تولّى مسؤوليات مركزية في إدارة الملفات القتالية في لبنان وسوريا واليمن، وإعادة بناء قدرات "حزب الله"، كما يعد "إنجازًا عملياتيًا" لـ"إسرائيل" التي حاولت اغتياله أكثر من مرة، والولايات المتحدة التي صنّفته وزارة خارجيتها "إرهابيًا عالميًا" ورصد برنامج "مكافآت من أجل العدالة" مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات عنه.
وعليه، يمكن التأكيد على أن "إسرائيل"، وبضوء أخضر أمريكي، تواصل استراتيجيتها تجاه "حزب الله" والتي تقوم على ضمان منعه من إعادة بناء قدراته العسكرية. ولذا، فإن اغتيال "الطبطائي" وبرغم مستواه القيادي البارز، يندرج في إطار هذه السياسة التي تشمل اغتيال كوادر الحزب العسكرية من جميع التخصصات والمستويات، واستهداف بنيته التحتية العسكرية واللوجستية، وهذا ما يعززه ما كشفه موقع "n12" العبري بأن ما تعرف بـ"وحدة الشبح" تمكنت في غضون 8 أسابيع من تحديد مكان أكثر من 10 كوادر قيادية في الحزب والقضاء عليهم. وبالتالي، من المرجح أن "إسرائيل" -ومتى توفرت لديها المعلومة اللازمة- ستواصل تنفيذ أي عملية اغتيال أو استهداف لمواقع في عموم الجغرافيا اللبنانية.
من جهة أخرى، تمثل العملية فرصة لاستطلاع طبيعة رد "حزب الله" في ظل الأجواء "الإسرائيلية" التي تتحدث عن تصعيد عسكري مرتقب وأيام قتالية تنتظر لبنان، وبالتالي تقييم مدى قطع الحزب شوطا في مسار إعادة بناء قدراته وترميم خسائره الواسعة. وسيكون من المتوقع أن تفهم "إسرائيل" أن الحزب مازال غير جاهز للدخول في مواجهة إذا تجنب القيام برد هجومي يكافئ وزن القيادة المستهدفة، وهو على الأرجح ما نميل لتوقعه في ظل المؤشرات الراهنة، خاصة وأن العملية تفتح من جديد ملف انكشاف "حزب الله" أمنيًا، وتثير الشكوك حول مدى تمكّنه من تجاوز عمليات الاختراق في صفوفه وضمن بيئته.
وباستقراء مواقف الحزب في أعقاب العملية من خلال تأكيد التزامه بالتنسيق الكامل مع الدولة والجيش اللبناني، يبدو أن الحزب سيقف خلف الدولة منتهجًا سياسة ضبط النفس ولن يبادر إلى أي رد على هذه العملية إذ لا مصلحة له على كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية والسياسية والشعبية أن يعطي "إسرائيل" أي ذريعة لتوسيع نطاق هجماتها على لبنان وبنيته التحتية المدنية.