ستؤدي سياسات "إسرائيل" اليمينية المتطرفة على الأغلب إلى تقويض الجهود التي تتوسط فيها الولايات المتحدة لتوسيع "اتفاقات أبراهام" لتشمل السعودية على المدى القريب، وستتسبب في اتخاذ الدول العربية والإسلامية الصديقة بشكل متزايد إجراءات دبلوماسية واقتصادية، تدل على معارضتها للضغط "الإسرائيلي" لفرض حل الدولة الواحدة.
وفي هذا السياق، من غير المرجح أن تحقق الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل" تقدمًا على المدى القريب؛ حيث تطالب الرياض بمطالب لن ترغب واشنطن في تلبيتها. وسيشهد الرأي العام والرسمي في المملكة تشددًا ضد التطبيع طالما استمر تصاعد العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة، وطالما تضاءل تهديد إيران للمملكة.
فمقابل التطبيع، تريد المملكة مساعدة من قبل الولايات المتحدة لتطوير برنامج نووي مدني، لكن المسؤولين "الإسرائيليين" والأمريكيين يعارضون مثل هذا البرنامج دون ضمانات مناسبة بأن لا يؤدي إلى برنامج نووي سعودي، وهو ما رفضته الرياض. بدورهما، قام كل من مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكين، بزيارات عديدة مؤخرًا إلى المملكة ناقشا خلالها ملف التطبيع، ورغم ذلك فقد قلّل المسؤولون الأمريكيون و"الإسرائيليون" من احتمالات انضمام الرياض إلى "اتفاقات أبراهام" قريبًا، بسبب رفض المملكة لسياسات "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين، فضلًا عن مطالبها النووية والدفاعية. إضافةً لذلك، فقد أدى توقيع المملكة على اتفاق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بوساطة صينية إلى تقويض أحد أكبر دوافع الرياض للتطبيع مع "إسرائيل"؛ ألا وهو الخوف المتبادل من إيران.
على نطاق أوسع، قد تقوم حكومات أخرى في المنطقة بتقليص العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل"، وقد تتراجع عن الاستثمار وتدعم مقاطعة المستهلكين المعادية لـ"إسرائيل"، وتحدّ من السياحة "الإسرائيلية"، خصوصًا إذا توسع نطاق العنف في الضفة الغربية أو تطور إلى حرب كبرى أخرى بين "إسرائيل" والفلسطينيين في غزة. فمع قيام "إسرائيل" بتوسيع المستوطنات وتنفيذ عمليات القمع العسكرية في الضفة، وبينما يرد المسلحون والمدنيون الفلسطينيون بعنف، يُرجح أن تتجه الدول العربية والإسلامية إلى تدابير رمزية لمعارضة السياسات "الإسرائيلية"، مثل سحب سفرائها أو طرد الدبلوماسيين "الإسرائيليين". فبدوره، يستخدم الأردن هذا التكتيك بشكل روتيني لموازنة الضغط الشعبي لاتخاذ خطوات أقوى ضد "إسرائيل"، لكن قد تحذو حذوه كل من مصر والمغرب والإمارات والبحرين، جراء تفاقم العنف بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين والتصور العام بتورط "إسرائيل" في إراقة دماء الفلسطينيين.
وقد تعمد بعض شركات الاستثمار المدعومة من الدول، مثل تلك الموجودة في الإمارات، إلى تقليل استثماراتها في "إسرائيل" أيضًا، كما يمكن أن تتوسع المقاطعات الرسمية وغير الرسمية للسلع والخدمات والشركات والسياح "الإسرائيليين" في جميع أنحاء المنطقة. وسيتوقف مدى تعميق العزلة الدبلوماسية والاقتصادية ضد "إسرائيل" على مستوى العنف في الضفة وغزة، مع تعزيز الاتجاهات نحو العزلة الإقليمية للدولة إذا اقترب الوضع من اندلاع انتفاضة واسعة النطاق أو حرب كبرى مع "حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة.
ستراتفور