قام أمير قطر، تميم بن حمد، بزيارة إلى العراق في الـ15 من حزيران/ يونيو الماضي لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وأبرم اتفاقيات استثمار بقيمة عشرة مليارات دولار في إطار زمني غير محدد يمتد إلى عدة سنوات. وقد كان التركيز الرئيس خلال الزيارة على دور قطر في تعزيز توليد الطاقة في العراق وتنويع إمدادات الغاز، حيث وقّعت ثلاث شركات قطرية اتفاقيات مع هيئة الاستثمار الوطنية العراقية لبناء محطتين لتوليد الكهرباء ومذكرة تفاهم لزيادة صادرات الغاز القطري إلى العراق. كما تم الاتفاق في نيسان/ أبريل الماضي على أن تشتري شركة قطر للطاقة حصة بقيمة 25% في مشروع العراق المتكامل لنمو الغاز، الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، والذي من المتوقع أن يعزز إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي على المدى الطويل.
في هذا الإطار، من المتوقع أن يؤدي تزايد الدعم القطري لإنتاج الطاقة المحلية في العراق إلى تقليل اعتماده على إيران لتلبية احتياجاته من الطاقة؛ حيث يعتمد عليها حاليًا لتلبية 40% من احتياجاته من الطاقة. وتعتبر هذه نقطة ضعف رئيسية لبغداد، نظرًا للحاجة إلى تأمين إعفاءات من العقوبات من الولايات المتحدة لاستيراد الطاقة الإيرانية، والتي يمكن رفضها حال زيادة التوتر في العلاقات بين واشنطن وطهران. كما عانى العراق سابقًا للوفاء بمطالب السداد؛ حيث انخفضت الإيرادات وسط تقلبات أسعار النفط، ما أدى لتعليق إيران الصادرات عدة مرات منذ عام 2020 بسبب الديون غير المسددة، وهو ما تسبب في زيادة خطر زعزعة الاستقرار السياسي وانقطاع التيار الكهربائي. ورغم التوقع بأن يفي العراق بالتزاماته في السداد على المدى المتوسط، إلا أن الخطر سيزداد لاحقًا خلال الفترة القادمة إذا انخفضت أسعار النفط بشكل حاد وتفاقم العجز المالي.
بالمقابل، ورغم أن الاستثمارات القطرية تشكّل تهديدًا للهيمنة الإيرانية على واردات الطاقة العراقية، إلا أنه لا يُتوقع أن تُظهر إيران معارضة قوية بشأن هذه المسألة، نظرًا لوضع قطر كحليف طويل الأمد لطهران وقدرة إيران المحدودة على مواكبة هذا المستوى من الاستثمار. لكنّ إيران ستستمر في ممارسة نفوذ سياسي كبير في العراق من خلال الميليشيات والأحزاب السياسية المتحالفة التي لن تتحداها قطر؛ حيث سيظل دورها في العراق اقتصاديًا بشكل أساسي.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت