إن سلسلة الأحداث المحلية والدولية الجارية من المتوقع أن تدخِل العراق في فترة من الاستقرار السياسي على المدى القصير، لكن مهددات الاستقرار طويلة الأمد ستستمر؛ ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أدى التعيين السريع لحكومة "السوداني"، ذات العلاقات القوية مع الفصائل الشيعية العراقية ومع إيران، إلى كسر الجمود السياسي الذي استمر لمدة عام تقريبًا، والذي شهدت البلاد خلاله سلسلة من العنف.
إن الاعتقاد بأن تعيين "السوداني" سيسمح للبلاد برؤية بعض التحسن في صنع السياسات والبيئة الأمنية على المدى القصير ما زال مستمرًا حتى الآن، بل يُتوقع الآن مزيد من التحسن في البيئة السياسية للبلاد، وهو ما سينعكس إيجابًا على النشاط الاقتصادي. فعلى الصعيد المحلي، يُبشّر التحسن الأخير في السياسة العراقية بالخير بالنسبة للاستقرار الاجتماعي والبيئة الأمنية في البلاد على المدى القصير، وإن كان الوضع لن يستمر كذلك على المدى الطويل. ففي أيار/ مايو الماضي أقرت الحكومة ميزانية مدتها ثلاث سنوات، والتي خصصت زيادة مطردة في الإنفاق. وسينعكس هذا إيجابًا على الاقتصاد غير النفطي؛ حيث سيدعم الإنفاق الحكومي الأجور وأعمال البنية التحتية، وسيحدّ من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية على المدى القصير، لكنه سيُضعف الوضع المالي للعراق بشكل كبير على المدى المتوسط والبعيد.
علاوةً على ذلك، فقد وافق البرلمان في آذار/ مارس على قانون الإصلاح الانتخابي، الذي يصب في مصلحة الحركات السياسية الكبيرة (بما فيها المعارضة) على حساب الأحزاب الصغيرة. وعلى المدى القصير، يُرجح أن يُرضي هذا التيار الصدري (حزب المعارضة الرئيسي)، وهو ما سيتجلى في انخفاض مخاطر الاحتجاجات العنيفة المناهضة للحكومة. ومع ذلك، فعلى المدى الطويل سيؤدي ذلك إلى تمديد النظام الحالي للأفضليات الانتخابية القائمة على الطائفية، ما سيبقي المخاطر على الاستقرار السياسي طويل الأجل في البلاد عالية، وهو ما ينعكس من خلال ضعف النظام السياسي في العراق في مؤشر المخاطر السياسية طويل الأجل.
على جانب آخر، سيؤدي تحسن العلاقات بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى مزيد من الاستقرار السياسي على المدى القصير، لكن قد تظهر توترات على السطح خلال الأشهر المقبلة؛ فرغم أن الولايات المتحدة وإيران انخرطتا مجددًا في محادثات غير مباشرة قد تقود الطرفين إلى تخفيف المنافسة الجيوسياسية في العراق، إلا أن التوترات قد تطفو على السطح بشكل مفاجئ، إثر تداعيات سلبية على سعر الصرف العراقي.
فيتش سوليوشنز