مرصد التنبؤات الغربية 19 يوليو 2023

الساعة : 12:13
19 يوليو 2023
مرصد التنبؤات الغربية 19 يوليو 2023
الأردن سيزيد من الانفتاح على سوريا لتحقيق مصالحه خصوصًا في الجانبين الأمني والاقتصادي

من المتوقع أن يواصل الأردن دعم إعادة اندماج رئيس النظام السوري، بشار الأسد، سياسيًا واقتصاديًا في المنطقة لأغراض أمنية بشكل أساسي، رغم أن عمّان كانت في المراحل الأولى من الصراع السوري تدعم الفصائل التي تسعى للإطاحة بـ"الأسد"، إلا أنها اتخذت منذ عام 2018 موقفًا أكثر تصالحية، بلغ ذروته مع التصويت الأخير في السابع من أيار/ مايو لصالح إعادة انضمام سوريا إلى جامعة الدول العربية. بشكل عام، ستستمر عمّان على الأرجح في تبني نهج سياسي براغماتي تجاه سوريا، يستند إلى تقييمها بأن "الأسد" سيحتفظ برئاسة سوريا، رغم أن الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي للأردن والمانح الأجنبي، لم ترفع عنه العقوبات بعد.

ويمكن القول إن الدافع الرئيسي للأردن وراء تطبيع علاقاته مع سوريا هو الحفاظ على علاقات العمل مع الجيران؛ فعلى مدار معظم تاريخه كان الأردن يتبنى سياسة خارجية إقليمية تفضل إقامة علاقات دبلوماسية مع أكبر عدد ممكن من اللاعبين، بدلًا من تبني مواقف متشددة. والآن بعد أن ظهر "الأسد" باعتباره السلطة الوحيدة ذات السيادة في سوريا، يُعتقد أن يسعى الأردن إلى تطبيع العلاقات مع سوريا بما يتماشى مع السوابق التاريخية في جميع أنحاء المنطقة.

من جهة أخرى، سيسعى الأردن أيضًا إلى تحسين العلاقات مع سوريا وإنهاء الصراع السوري بشكل أسرع، لأن ذلك سيتيح لعمّان استهداف إنتاج وتجارة الكبتاغون، وسيعمل على تخفيف الضغوط المحلية الناجمة عن تواجد عدد كبير من اللاجئين على الأراضي الأردنية. ومن المؤكد أن تسعى عمّان في نهاية المطاف إلى إعادة هؤلاء المواطنين السوريين، وبالتالي فإن تحسين العلاقات مع دمشق سيكون ضروريًا لتحقيق هذا الهدف.

أخيرًا، يُعتقد أن تتحرك عمّان أيضًا لمواصلة علاقات تجارية أقوى مع سوريا، خاصة عبر المعبر الحدودي بالقرب من درعا. لكن من المرجح أن يعطي الأردن أولوية على المدى القصير للملف الأمني، خصوصًا تجارة الكبتاغون عبر الحدود السورية، ما سيمنع التدفق الحر للبضائع بين البلدين.

فيتش سوليوشنز

اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين تركيا والإمارات ستشكّل إطاراً للعلاقات الاقتصادية الدبلوماسية بين البلدين

دخلت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين تركيا والإمارات "CEPA" حيز التنفيذ في الأول من تموز/ يوليو الجاري، بعد التصديق عليها في الـ31 من أيار/ مايو الماضي، حيث تأمل التوقعات الرسمية أن تزداد التجارة الثنائية غير النفطية إلى أكثر من 40 مليار دولار في غضون خمس سنوات. ومن المرجح أن تشكّل الاتفاقية إطارًا للعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الثنائية بين البلدين؛ حيث تركز التجارة بينهما حاليًا على السلع الأساسية، لكن الأمن الغذائي والطاقة سيكونان من أولويات تركيا.

ويُتوقع أن تستخدم تركيا "CEPA" لتطوير توليد الطاقة من خلال التعاون في مصادر الطاقة المتجددة، حيث تهدف أنقرة لزيادة حصتها من الطاقة المتجددة إلى 32% بحلول عام 2030. وفي هذا الإطار، تتمتع الشركات الإماراتية، لا سيما تلك التي يديرها صندوق الثروة السيادي بأبو ظبي "مبادلة"، بخبرة إقليمية في تطوير التقنيات الخضراء والمتجددة، وبالتالي من المرجح أن يكون هذا أحد المجالات المحورية الأولية للتنمية الثنائية.

من المرجح أيضًا أن تعطي تركيا أولوية للاستثمار الإماراتي في قطاعها الزراعي، لتسريع إعادة الإعمار وإعادة تأهيل الأراضي التي تضررت جراء زلزال شباط/ فبراير الماضي، إضافةً لتنويع وارداتها الغذائية من روسيا. كما يُرجح أن يكون قطاع البناء التركي، بما يشمله من مزودي الخدمات والعمالة ومصدّري المواد والمعدات، من أوائل المستفيدين من الاتفاقية نظرًا لخبرته وللطلب الإماراتي في هذا المجال.

ومن المتوقع أيضًا أن تستهدف تركيا تحقيق مبيعات في قطاعها الدفاعي كجزء من جهودها لتطوير صناعتها الدفاعية المحلية وتصنيعها منذ عام 2018، وذلك من خلال مبيعات الطائرات بدون طيار من طراز Bayraktar's Baykar TB2 وAnka. ومن نافلة القول إن الاتفاقية ستسهل دخول العملة الصعبة إلى تركيا، خصوصًا من صناديق الثروة السيادية الخليجية إلى جانب الذهب، لدعم الليرة والحماية من التضخم ودعم قطاعها المصرفي.

آي إتش إس ماركت

"أردوغان" سيستعين بوزراء تكنوقراط ويتبني استراتيجية اقتصادية تجمع بين التقليدية والشعبوية

ستتبنى تركيا استراتيجية اقتصادية "أرثوذكسية" جزئيًا مع التكنوقراط الذين تم تعيينهم حديثًا، لكنها ستحتفظ كذلك ببعض العناصر الشعبوية في سياساتها الاقتصادية والخارجية. ففي حزيران/ يونيو الماضي، قام الرئيس التركي الذي أعيد انتخابه، رجب طيب أردوغان، بتعيين مجلس وزراء جديد يضم وزراء تكنوقراط قدامى، مثل "محمد شيمشك" لقيادة اقتصاد البلاد، ما يشير إلى أن "أردوغان" سيدعم المزيد من الإجراءات التقليدية لمكافحة التضخم، والحفاظ على احتياطيات العملات الأجنبية، وتشجيع تدفقات العملات الأجنبية، وتحسين الأداء الاقتصادي للدولة على المدى القريب.

لكن بالمقابل، ستواصل الحكومة التركية بعض السياسات الاقتصادية الشعبوية، مثل زيادة الأجور والإعانات السخية، للحفاظ على الدعم السياسي ولدعم مبادئ الحزب. ومع عدم وجود انتخابات تتطلب من أنقرة الفوز على القوميين، سيكون لدى الحكومة التركية حافز أقل لمنع انضمام السويد إلى حلف "الناتو"، لكن وسط الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة للسماح بالمضي قدمًا في محاولة السويد، ستوافق تركيا على الأغلب على طلب ستوكهولم بحلول موعد قمة "الناتو" في تموز/ يوليو. لكن أنقرة قد تعود أيضًا إلى سياساتها الخارجية المتشددة، مثل التنقيب عن البترول شرق المتوسط والعمليات العسكرية في سوريا والعراق؛ حيث تهدف بذلك لتأكيد وضعها الإقليمي لأنها لا تواجه مخاطر انتخابية آنية في الداخل.

ستراتفور

تحسّن العلاقات الخليجية سيخلق استقرارًا اقتصاديًا وسياسة خارجية أوثق بين دول مجلس التعاون

من المتوقع أن تستمر العلاقات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي في التحسن، مدعومةً بشكل أساس بتراجع التوترات الإقليمية؛ ففي الـ12 من نيسان/ أبريل الماضي اتفقت البحرين وقطر على استعادة العلاقات السياسية بعد ست سنوات من الانقطاع إثر حصار قطر عام 2017. وفي الشهر ذاته، تُوّجت جهود مماثلة من قبل كل من قطر والإمارات بإعادة فتح سفارتيهما في البلدين، ما يدل على التطبيع الكامل للعلاقات بين جميع دول المجلس. وعلى نطاق إقليمي أوسع، تأتي هذه الجهود داخل دول مجلس التعاون في وقت تتراجع فيه التوترات الإقليمية، وهو اتجاه يُعتقد أنه سيستمر خلال الأشهر المقبلة، وأن يقلل بشكل كبير من احتمال حدوث اهتزاز في السياسة الخارجية لدول المجلس.

من ناحية أخرى، وتأكيدًا على هذا التوجه الإقليمي للتهدئة، لا يُرجح أن تكون العلاقات الجيدة تاريخيًا بين كل من قطر وعمان وبين إيران مصدرًا للتوتر بالنسبة للسعودية؛ نظرًا للاتفاق السعودي الإيراني الأخير الذي تم في نيسان/ أبريل بوساطة صينية. وبالتالي، ومع انحسار التوترات مع إيران، يُتوقع أن تستمر العلاقات الدبلوماسية بين دول المجلس في التحسن في المستقبل القريب، وهو ما يبشر بمرحلة من الاستقرار الاقتصادي.

وعلى صعيد العلاقات البينية بين دول المجلس، من المرجح أن تخفف قطر من موقفها بشأن بعض القضايا التي ليس لها أولوية، لإيجاد أرضية مشتركة مع أعضاء المجلس الآخرين، وإن كانت ستستمر في اتباع سياسة خارجية مستقلة. وفي هذا الإطار، يُعتقد أن تتجه قطر لبناء موقف أكثر تصالحية تجاه الملفات الخلافية مع دول المجلس الأخرى؛ فعلى سبيل المثال ستواصل قطر تقليص الدعم لجماعة "الإخوان المسلمون" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصًا في مصر. وفي ظل تحسن العلاقات بين قطر ومصر مؤخرًا، طلبت السلطات القطرية من عدد من المواطنين المصريين الداعمين للإخوان مغادرة البلاد، في تحول صريح عن سياستها السابقة. وبالمثل، رغم أن قطر عارضت إعادة دمج سوريا في جامعة الدول العربية، التي كانت تتبناها كل من السعودية والإمارات، إلا أنها لم تعرقل التصويت لعودة سوريا إلى الجامعة.

ومن هنا، فإن تحسن العلاقات بين دول المجلس يمكن أن يزيل عقبات الدعم المالي من دول المجلس الرئيسية الأخرى؛ حيث يُتوقع أن تتلقى عمان دعمًا ماليًا من السعودية والإمارات إذا واجهت صعوبات مالية. وبالنسبة للبحرين، فإنها ستشهد على الأغلب مزيدًا من الفوائد الاقتصادية المباشرة من تحسن العلاقات مع قطر؛ وذلك من خلال التجارة والتدفقات المالية والسياحة، في ظل استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين. كما يمكن أن تتحقق أخيرًا الخطط الطموحة لبناء جسر بين البلدين، والذي إذا تم تشييده، فإنه سيرفع التوقعات الاقتصادية للبحرين.

وفي السياق الاقتصادي أيضًا، من المتوقع أن تؤدي العلاقات الأفضل إلى مزيد من التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجالات الاستثمار والضرائب والتجارة، وهذا ملحوظ فيما يتعلق بضرائب القيمة المضافة التي يُتوقع أن تشهد مزيدًا من التقارب في تنفيذها في السنوات القادمة. كما إن هذا التعاون المتزايد يمكن أن يمهد المسرح لإنشاء اتحاد نقدي بين الدول الأعضاء على المدى الطويل مع تعمق التكامل الاقتصادي.

فيتش سوليوشنز

المحادثات الحالية بين أمريكا وإيران ستقلل المخاطر الجيوسياسية في المنطقة لكنها لن تفضي إلى اتفاق

إن المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة الأخيرة تتماشى مع التوقع بأن التوترات بشأن برنامج إيران النووي ستظل تحت السيطرة؛ فبعد سلسلة من المصالحات بين إيران والدول المجاورة التي تهدف لتخفيف المخاطر الأمنية من قبل إيران، وبوادر حسن النية من الجانبين الإيراني والأمريكي (لهجة المرشد الأعلى المخففة، إفراج أمريكا عن حوالي 2.7 مليار دولار) يمكن النظر إلى المحادثات غير المباشرة، التي تتم عبر وسطاء مثل عُمان، على أنها اتفاق تبادل صفقات؛ فمن المرجح أن تفرج إيران عن السجناء الأمريكيين وتوافق على السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول المستمر إلى مواقعها النووية المختلفة، لمراقبة مستويات التخصيب لديها. بالمقابل، ستفرج الولايات المتحدة عن بعض الأصول المجمدة، على الأرجح مباشرةً إلى الدائنين الإيرانيين (مثل السبعة مليارات دولار في بنوك كوريا الجنوبية). ويمكن أيضًا أن تسمح واشنطن (بشكل غير رسمي) بحجم أكبر من صادرات النفط الإيراني وأن تكون أكثر تقبلًا للاستثمار والمعاملات التجارية بين إيران ودول الشرق الأوسط؛ حيث لا يتطلب هذا النوع من الاتفاقات غير الرسمية موافقة الكونغرس، كما إن له مصلحة وطنية (نقل المواطنين الأمريكيين المحتجزين حاليًا كسجناء سياسيين في إيران).

وسيساهم هذا أيضًا في تقليل المخاطر الأمنية خصوصًا البحرية منها في المنطقة، وهذا يمثل مصلحة رئيسية للولايات المتحدة. وبالنسبة لإيران، فإن هذا من شأنه أن يعزز المعنويات ويوفر بعض الدعم للعملة في السوق الموازية، وبالتالي يخفف قليلًا من حجم ضغوط التضخم.

كما إن التحسن الطفيف في العلاقة بين واشنطن وطهران سيساهم في تحسين البيئة الجيوسياسية في الشرق الأوسط؛ حيث سيؤدي تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران على الأرجح إلى تحسن تدريجي في حجم التجارة والاستثمار بينهما. وبعد تصريحات في هذا الإطار من وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في الـ14 من حزيران/ يونيو الماضي، ستوافق البحرين غالبًا على إعادة فتح سفارتها في طهران خلال الأشهر المقبلة، حيث ستكون آخر دولة في مجلس التعاون تعيد العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

رغم ذلك، ما زال من الصعب تحقيق اتفاق رسمي، مثل العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" المعروفة باسم "اتفاق إيران النووي" في البيئة السياسية العالمية الحالية؛ وعلى الصعيد العالمي الأوسع، ستستمر إيران في اتباع سياستها الخارجية المستقلة حتى لو كان هذا على خلاف ما تريده الولايات المتحدة.

فيتش سوليوشنز

سياسات اليمين "الإسرائيلي" المتطرف ستعوق توسّع "اتفاقات أبراهام" وقد تؤدي لفرض عزلة إقليمية على "إسرائيل"

ستؤدي سياسات "إسرائيل" اليمينية المتطرفة على الأغلب إلى تقويض الجهود التي تتوسط فيها الولايات المتحدة  لتوسيع "اتفاقات أبراهام" لتشمل السعودية على المدى القريب، وستتسبب في اتخاذ الدول العربية والإسلامية الصديقة بشكل متزايد إجراءات دبلوماسية واقتصادية، تدل على معارضتها للضغط "الإسرائيلي" لفرض حل الدولة الواحدة.

وفي هذا السياق، من غير المرجح أن تحقق الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل" تقدمًا على المدى القريب؛ حيث تطالب الرياض بمطالب لن ترغب واشنطن في تلبيتها. وسيشهد الرأي العام والرسمي في المملكة تشددًا ضد التطبيع طالما استمر تصاعد العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة، وطالما تضاءل تهديد إيران للمملكة.

فمقابل التطبيع، تريد المملكة مساعدة من قبل الولايات المتحدة لتطوير برنامج نووي مدني، لكن المسؤولين "الإسرائيليين" والأمريكيين يعارضون مثل هذا البرنامج دون ضمانات مناسبة بأن لا يؤدي إلى برنامج نووي سعودي، وهو ما رفضته الرياض. بدورهما، قام كل من مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكين، بزيارات عديدة مؤخرًا إلى المملكة ناقشا خلالها ملف التطبيع، ورغم ذلك فقد قلّل المسؤولون الأمريكيون و"الإسرائيليون" من احتمالات انضمام الرياض إلى "اتفاقات أبراهام" قريبًا، بسبب رفض المملكة لسياسات "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين، فضلًا عن مطالبها النووية والدفاعية. إضافةً لذلك، فقد أدى توقيع المملكة على اتفاق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بوساطة صينية إلى تقويض أحد أكبر دوافع الرياض للتطبيع مع "إسرائيل"؛ ألا وهو الخوف المتبادل من إيران.

على نطاق أوسع، قد تقوم حكومات أخرى في المنطقة بتقليص العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل"، وقد تتراجع عن الاستثمار وتدعم مقاطعة المستهلكين المعادية لـ"إسرائيل"، وتحدّ من السياحة "الإسرائيلية"، خصوصًا إذا توسع نطاق العنف في الضفة الغربية أو تطور إلى حرب كبرى أخرى بين "إسرائيل" والفلسطينيين في غزة. فمع قيام "إسرائيل" بتوسيع المستوطنات وتنفيذ عمليات القمع العسكرية في الضفة، وبينما يرد المسلحون والمدنيون الفلسطينيون بعنف، يُرجح أن تتجه الدول العربية والإسلامية إلى تدابير رمزية لمعارضة السياسات "الإسرائيلية"، مثل سحب سفرائها أو طرد الدبلوماسيين "الإسرائيليين". فبدوره، يستخدم الأردن هذا التكتيك بشكل روتيني لموازنة الضغط الشعبي لاتخاذ خطوات أقوى ضد "إسرائيل"، لكن قد تحذو حذوه كل من مصر والمغرب والإمارات والبحرين، جراء تفاقم العنف بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين والتصور العام بتورط "إسرائيل" في إراقة دماء الفلسطينيين.

وقد تعمد بعض شركات الاستثمار المدعومة من الدول، مثل تلك الموجودة في الإمارات، إلى تقليل استثماراتها في "إسرائيل" أيضًا، كما يمكن أن تتوسع المقاطعات الرسمية وغير الرسمية للسلع والخدمات والشركات والسياح "الإسرائيليين" في جميع أنحاء المنطقة. وسيتوقف مدى تعميق العزلة الدبلوماسية والاقتصادية ضد "إسرائيل" على مستوى العنف في الضفة وغزة، مع تعزيز الاتجاهات نحو العزلة الإقليمية للدولة إذا اقترب الوضع من اندلاع انتفاضة واسعة النطاق أو حرب كبرى مع "حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة.

ستراتفور

مبشرات الاستقرار السياسي في العراق ستؤتي ثمارها على المدى المنظور لكنها لن تستمر لفترة طويلة

إن سلسلة الأحداث المحلية والدولية الجارية من المتوقع أن تدخِل العراق في فترة من الاستقرار السياسي على المدى القصير، لكن مهددات الاستقرار طويلة الأمد ستستمر؛ ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أدى التعيين السريع لحكومة "السوداني"، ذات العلاقات القوية مع الفصائل الشيعية العراقية ومع إيران، إلى كسر الجمود السياسي الذي استمر لمدة عام تقريبًا، والذي شهدت البلاد خلاله سلسلة من العنف.

إن الاعتقاد بأن تعيين "السوداني" سيسمح للبلاد برؤية بعض التحسن في صنع السياسات والبيئة الأمنية على المدى القصير ما زال مستمرًا حتى الآن، بل يُتوقع الآن مزيد من التحسن في البيئة السياسية للبلاد، وهو ما سينعكس إيجابًا على النشاط الاقتصادي. فعلى الصعيد المحلي، يُبشّر التحسن الأخير في السياسة العراقية بالخير بالنسبة للاستقرار الاجتماعي والبيئة الأمنية في البلاد على المدى القصير، وإن كان الوضع لن يستمر كذلك على المدى الطويل. ففي أيار/ مايو الماضي أقرت الحكومة ميزانية مدتها ثلاث سنوات، والتي خصصت زيادة مطردة في الإنفاق. وسينعكس هذا إيجابًا على الاقتصاد غير النفطي؛ حيث سيدعم الإنفاق الحكومي الأجور وأعمال البنية التحتية، وسيحدّ من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية على المدى القصير، لكنه سيُضعف الوضع المالي للعراق بشكل كبير على المدى المتوسط والبعيد.

علاوةً على ذلك، فقد وافق البرلمان في آذار/ مارس على قانون الإصلاح الانتخابي، الذي يصب في مصلحة الحركات السياسية الكبيرة (بما فيها المعارضة) على حساب الأحزاب الصغيرة. وعلى المدى القصير، يُرجح أن يُرضي هذا التيار الصدري (حزب المعارضة الرئيسي)، وهو ما سيتجلى في انخفاض مخاطر الاحتجاجات العنيفة المناهضة للحكومة. ومع ذلك، فعلى المدى الطويل سيؤدي ذلك إلى تمديد النظام الحالي للأفضليات الانتخابية القائمة على الطائفية، ما سيبقي المخاطر على الاستقرار السياسي طويل الأجل في البلاد عالية، وهو ما ينعكس من خلال ضعف النظام السياسي في العراق في مؤشر المخاطر السياسية طويل الأجل.

على جانب آخر، سيؤدي تحسن العلاقات بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى مزيد من الاستقرار السياسي على المدى القصير، لكن قد تظهر توترات على السطح خلال الأشهر المقبلة؛ فرغم أن الولايات المتحدة وإيران انخرطتا مجددًا في محادثات غير مباشرة قد تقود الطرفين إلى تخفيف المنافسة الجيوسياسية في العراق، إلا أن التوترات قد تطفو على السطح بشكل مفاجئ، إثر تداعيات سلبية على سعر الصرف العراقي.

فيتش سوليوشنز

زيادة استثمار قطر في قطاع الطاقة بالعراق سيقلل اعتماد بغداد على إيران في هذا المجال

قام أمير قطر، تميم بن حمد، بزيارة إلى العراق في الـ15 من حزيران/ يونيو الماضي لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وأبرم اتفاقيات استثمار بقيمة عشرة مليارات دولار في إطار زمني غير محدد يمتد إلى عدة سنوات. وقد كان التركيز الرئيس خلال الزيارة على دور قطر في تعزيز توليد الطاقة في العراق وتنويع إمدادات الغاز، حيث وقّعت ثلاث شركات قطرية اتفاقيات مع هيئة الاستثمار الوطنية العراقية لبناء محطتين لتوليد الكهرباء ومذكرة تفاهم لزيادة صادرات الغاز القطري إلى العراق. كما تم الاتفاق في نيسان/ أبريل الماضي على أن تشتري شركة قطر للطاقة حصة بقيمة 25% في مشروع العراق المتكامل لنمو الغاز، الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، والذي من المتوقع أن يعزز إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي على المدى الطويل.

في هذا الإطار، من المتوقع أن يؤدي تزايد الدعم القطري لإنتاج الطاقة المحلية في العراق إلى تقليل اعتماده على إيران لتلبية احتياجاته من الطاقة؛ حيث يعتمد عليها حاليًا لتلبية 40% من احتياجاته من الطاقة. وتعتبر هذه نقطة ضعف رئيسية لبغداد، نظرًا للحاجة إلى تأمين إعفاءات من العقوبات من الولايات المتحدة لاستيراد الطاقة الإيرانية، والتي يمكن رفضها حال زيادة التوتر في العلاقات بين واشنطن وطهران. كما عانى العراق سابقًا للوفاء بمطالب السداد؛ حيث انخفضت الإيرادات وسط تقلبات أسعار النفط، ما أدى لتعليق إيران الصادرات عدة مرات منذ عام 2020 بسبب الديون غير المسددة، وهو ما تسبب في زيادة خطر زعزعة الاستقرار السياسي وانقطاع التيار الكهربائي. ورغم التوقع بأن يفي العراق بالتزاماته في السداد على المدى المتوسط، إلا أن الخطر سيزداد لاحقًا خلال الفترة القادمة إذا انخفضت أسعار النفط بشكل حاد وتفاقم العجز المالي.

بالمقابل، ورغم أن الاستثمارات القطرية تشكّل تهديدًا للهيمنة الإيرانية على واردات الطاقة العراقية، إلا أنه لا يُتوقع أن تُظهر إيران معارضة قوية بشأن هذه المسألة، نظرًا لوضع قطر كحليف طويل الأمد لطهران وقدرة إيران المحدودة على مواكبة هذا المستوى من الاستثمار. لكنّ إيران ستستمر في ممارسة نفوذ سياسي كبير في العراق من خلال الميليشيات والأحزاب السياسية المتحالفة التي لن تتحداها قطر؛ حيث سيظل دورها في العراق اقتصاديًا بشكل أساسي.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت