لقد أصبح الترحيل الجماعي للفلسطينيين، من وجهة نظر الأردن، احتمالًا واقعيًا وليس مجرد فكرة نظرية؛ فإذا كانت "إسرائيل" لا تريد دولة فلسطينية أو وجود عدد كبير من الفلسطينيين، فإن البديل الوحيد هو السعي لترحيل أكبر عدد ممكن منهم. وكان الوضع التقليدي السائد سابقًا يعني ضمنًا أن المجتمع الدولي لم يعد يتسامح مع النزوح، لكن حالتي سوريا وأوكرانيا تشيران إلى خلاف ذلك؛ فقد فرّ أكثر من ستة ملايين سوري وعدد قريب من ذلك من الأوكرانيين من بلدانهم، دون أن يتمكن المجتمع الدولي من منع أزمات اللاجئين.
حتى الآن، تنطبق ظروف الحرب على غزة فقط (دون الضفة)، لكن الأردن يشعر بالقلق من أن غزة قد تشكّل سابقة لتصعيد مماثل في الضفة الغربية، حيث تقوم مجموعات المستوطنين بمداهمة القرى الفلسطينية يوميًا بدعم من الجيش "الإسرائيلي"، ما يؤدي إلى طرد الفلسطينيين منها. وهذا يخلق الانطباع بأن المتطرفين في الحكومة "الإسرائيلية" يرون في حرب غزة الحالية فرصة للتطهير العرقي في الضفة.
بالمقابل، من غير المرجح أن يستسلم الأردن للضغوط لقبول الفلسطينيين إذا تصاعد القتال في الضفة، كما يحظى هذا الموقف بدعم جميع مكونات المجتمع الأردني تقريبًا، سواءً من شرق الأردن أو من ذوي الأصول الفلسطينية، إضافةً إلى فلسطينيي الضفة الذين يرغبون في إقامة دولة على أراضيهم.
إن إغلاق الحدود الأردنية في وجه الفلسطينيين، رغم أنه يبدو ظاهريًا غير مراعٍ لمعاناة الفلسطينيين، يحظى بدعم محلي وعربي واسع النطاق. كما يُنظر إلى هذه الخطوة في المنطقة باعتبارها محاولة لعرقلة رغبة "إسرائيل" في التخلص من "مشكلة" الأغلبية الفلسطينية، وبالتالي فهي تعتبر خطوة قومية. وهذا الموقف يؤيده أيضًا الفلسطينيون أنفسهم، على الرغم من معاناتهم الحالية والمحتملة على يد الاحتلال، ولا يرجح أن يتغير الخط الأحمر الذي يحظى بمثل هذا الدعم المحلي والفلسطيني والعربي الواسع، حتى إن طال أمد الحرب مع "حماس".
كارنيجي إندومنت فور إنترناشيونال بيس