يبدو أن القوات اليمنية المناهضة للحوثيين بعيدة حتى عن كيفية التعامل مع هجماتهم ضد سفن الشحن الدولي، وذلك نظرًا لأن الولايات المتحدة تنسق مع حلفائها بالخليج لبلورة استجابة فعالة للتصعيد البحري. فقبل الإعلان عن عملية "حارس الازدهار" التي تقودها الولايات المتحدة في الـ18 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، انتقد المتحدث العسكري باسم الجيش اليمني الإطلاق المرتقب لهذه المهمة التي تقودها أمريكا في البحر الأحمر، على الأغلب حتى لا يفسح المجال تمامًا للحوثيين، بينما كان"المجلس الانتقالي الجنوبي" منفتحًا على هذا الخيار أيضًا.
إن الانقسامات في المعسكر المناهض للحوثيين ترجع في المقام الأول لسببين؛ أولهما يرتبط بالخوف من أن فرقة العمل متعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر (والتي ستكون تحت مظلة "فرقة العمل المشتركة 153" التي تم إطلاقها عام 2022 ولم تفعّل حتى الآن)، يمكن أن تؤدي لانهيار محادثات وقف إطلاق النار الثنائية وبالتالي إعادة القتال. أما السبب الثاني فيعتمد على عدم التوافق الحالي بين مقاربات السعودية والإمارات حول كيفية التعامل مع الحوثيين، والتي يمكن أن تنعكس جزئيًا على القوات التي تدعهما كل منهما في اليمن.
إن كلًا من الرياض وأبو ظبي تشعران بقلق عميق من التصعيد في البحر الأحمر، لكن السعوديين يفضلون مواصلة المحادثات الدبلوماسية مع الحوثيين الذين يحاولون احتواء التهديد، في حين يميل الإماراتيون لمقاربة أكثر حزمًا بهدف إضعاف القدرات العسكرية للجماعة المدعومة من إيران. ونظرًا لأن المملكة فهمت أنها فشلت في تحقيق انتصار عسكري ضد الحوثيين، فقد استثمرت كثيرًا في التقارب مع إيران، معتقدةً أن هذا قد يمهد لها الطريق للتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين. على عكس ذلك، تبدو الإمارات محبطة للغاية من "ازدواجية تعامل" الحوثيين؛ حيث يستمرون في عقد المفاوضات ويواصلون التصعيد العسكري في الوقت ذاته.
ومع تطور سيناريو البحر الأحمر بصورة متسارعة، يبدو واضحًا أن أي خيار متاح سيقلل من احتمال وقف إطلاق النار، أو على الأقل تجديد الهدنة في اليمن. وستزيد فرقة العمل متعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة قبالة اليمن التوترات مع الحوثيين وإيران، وتعرّض الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية والسعودية ودول الخليج لمخاطر الانتقام. وهذا من شأنه أن يفسر جزئيًا سبب عدم ظهور العرب، خصوصًا دول الخليج باستثناء البحرين الذي تستضيف الأسطول الخامس، في القائمة الرسمية للبلدان التي انضمت إلى عملية "حارس الازدهار".
بالمقابل، فإن عدم وجود عمل حازم من قبل الولايات المتحدة ضد الهجمات البحرية سيزيد من جرأة الحوثيين، الذين يراهنون على قلق كل من واشنطن والرياض وبالتالي يلجؤون للخيار العسكري لرفع مستوى التهديد لأغراض سياسية. في كل الأحوال، يعتبر التعامل مع الخطر البحري الحوثي مسألة مثيرة للقلق لدى المعسكر المنقسم المناهض للحوثيين، كما إنه يضعف آمال الاستقرار في اليمن.
آي إس ݒي آي