التوترات في البحر الأحمر ستزعزع اقتصادات أوروبا وأسواقها ولكن تأثيرها سينحصر في المدى القصير

التوترات في البحر الأحمر ستزعزع اقتصادات أوروبا وأسواقها ولكن تأثيرها سينحصر في المدى القصير
الساعة : 16:00
30 يناير 2024

لا شك أن استمرار التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر يتسبب في اضطرابات كبيرة في طرق التجارة، وهو ما يُتوقع أن يزيد من المخاطر السلبية على توقعات النمو الاقتصادي للعديد من الأسواق الأوروبية. كما إن سلاسل التوريد المترابطة داخل القارة وخارجها ستزيد من احتمال توسع التأثير على الإنتاج الصناعي الأوروبي والاستهلاك، نتيجة اضطرابات الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس. إضافةً لذلك، فإن اقتصادات أوروبا معرضة لانقطاع تجارة الطاقة عبر المضيق، ما قد يؤدي لنقص الإمدادات وتقلب الأسعار. كما إن التراجع التجاري مع الاقتصادات الآسيوية، خصوصًا في ظل التبعيات المعقدة لسلسلة التوريد، يشكل خطرًا كبيرًا.

في ظل هذه المعطيات، يُعتقد أن تستمر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على المدى القريب، رغم أنها لا تزال على نطاق ضيق نسبيًا، لكنها أدت إلى ارتفاع تكاليف تأمين نقل البضائع وتسببت أيضًا في تحويل التجارة بشكل مباشر من بعض شركات الشحن الكبرى، بما فيها "ميرسك" و"إم إس سي" و"هاباغ لويد". ومع ذلك، فإن استمرار الهجمات على البحر الأحمر سيتوقف غالبًا على طول أمد الحرب في غزة؛ حيث إن الهدف منها هو تصعيد الضغوط الدولية على "إسرائيل"، وبالتالي فمن المتوقع أن يقتصر التأثير الاقتصادي لتلك الهجمات على المدى القصير.

وبالنظر إلى هذا الوضع، فيمكن القول إن المخاطر الاقتصادية التي تواجه أوروبا والناجمة عن التوترات في البحر الأحمر، ستظهر في المقام الأول من خلال ضغوط التضخم وتعطل سلاسل التوريد. وسيعتمد مدى ذلك التأثير إلى حد كبير على أمد الأعمال العدائية الحالية في البحر الأحمر، وإذا تم التوصل لحل الأزمة بسرعة فقد تظل التداعيات الاقتصادية تحت السيطرة.

من ناحية أخرى، ونتيجةً للتوترات المتصاعدة في البحر الأحمر، فقد يواجه المستهلكون الأوروبيون تكاليف أعلى للسلع المستوردة من آسيا، بسبب الاضطرابات في طرق الشحن والزيادات المحتملة في أقساط التأمين للعبور عبر مناطق التوتر. إضافةً لذلك، فقد ترتفع أسعار الواردات بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، ما سيؤدي لزيادة تكاليف الإنتاج في ظل الزيادة الحادة في أسعار الشحن؛ حيث أعلنت بعض شركات النقل عن ارتفاع الرسوم الإضافية من 500 إلى 2700 دولار لكل حاوية. وسيرتفع هذا مع ارتفاع تكاليف التأمين على عبور البحر الأحمر، وهو ما سيدفع بدوره وسائل الشحن لإعادة توجيه مسارها حول أفريقيا بدلًا من المرور عبر قناة السويس. ومع ارتفاع مخاطر الصراع، سيكون هذا أكثر أهمية بالنسبة للسفن الأكثر تكلفة، مثل ناقلات الغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، وفي نهاية المطاف ناقلات النفط وناقلات البضائع منخفضة التكلفة.

فيتش سوليوشنز