استنتاجات الموجز:
- تقديم التماس بحظر "حزب الشعوب الديمقراطي" يفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة وارتدادات قد تغير الخارطة السياسية في تركيا
- الإقالات المتكررة لرئيس البنك المركزي تزامنًا مع انسحاب تركيا من "اتفاقية إسطنبول" المعنية بحماية المرأة من العنف تتسبب في فقد الليرة 17% من قيمتها
بدأت في تركيا الخطوات العملية لحظر "حزب الشعوب الديمقراطي" (الكردي)، ثالث أكبر كتلة برلمانية، عبر تقديم مدع عام تركي التماسًا إلى المحكمة الدستورية العليا، طلب فيه حظر الحزب، مقدمًا سلسلة طويلة من المبررات الدستورية تتمحور جميعها حول اتهامه بدعم الإرهاب و”محاولة المساس بالدستور ووحدة الأراضي والأمة التركية”. وهذه الخطوة ستفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة وارتدادات ضخمة قد تغير تركيبة الخريطة السياسية في البلاد، وتؤثر على علاقات تركيا مع الكثير من الأطراف الدولية، لا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وجاءت هذه الخطوة عقب الطلب المتكرر من قبل زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت بهتشلي، واتهامات الرئيس، رجب طيب أردوغان، لحزب "الشعوب الديمقراطي" بأنه يمثل " الوجه السياسي لتنظيم حزب العمال الكردستاني بي كي كي"، حيث شنت قوى الأمن التركية حملات واسعة شملت اعتقال الآلاف من أنصار الحزب، وتجريد عشرات رؤساء البلديات التابعين له من مناصبهم، إلى جانب إسقاط عضوية البرلمان عن عدد من نوابه، كان آخرهم النائب "فاروق جارجالي أوغلو".
وما بين قبول الدعوى وصدور قرار بإغلاق الحزب أو رفضها بشكل مطلق، توجد مجموعة من السيناريوهات الوسطية التي تتعلق بإمكانية صدور قرار بحرمان الحزب، بشكل كلي أو جزئي، من حصته من الدعم الذي تحصل عليه الأحزاب من خزينة الدولة، أو صدور قرارات قضائية بحق مجموعة من قادة الحزب ونوابه، الذين يوجد بحقهم اتهامات وأدلة كافية، دون المساس بالهيكل العام للحزب.
في شأن منفصل، انقسم الشارع التركي بين مؤيد ومعارض لقرار انسحاب الرئيس "أردوغان" من "اتفاقية إسطنبول" المعنية بحماية المرأة من العنف، وذلك عقب سنوات من الجدل الداخلي المتصاعد بين المحافظين الذين عارضوا الاتفاقية، بحجة "دعمها المثلية الجنسية ومساهمتها في تفكيك الأسرة والمجتمع"، وبين معظم أحزاب المعارضة وممثلي الجمعيات الحقوقية الذين دافعوا عنها بقوة، معتبرين أن الانسحاب منها سيفتح الباب أمام المزيد من العنف ضد المرأة، والذي تزايد بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
في التفاصيل، جاء في مرسوم رئاسي وقّع عليه "أردوغان": “الجمهورية التركية قررت من جانبها الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة، والعنف الأسري، ومكافحتهما، والتي وقعت في 11 أيار/ مايو 2011، وتمت المصادقة عليها في 10 شباط/ فبراير 2012 بقرار من مجلس الوزراء”، ليضع بذلك حدًا لجدل استمر لسنوات تصاعد في الأشهر الأخيرة بشكل كبير، لكنه فتح الباب واسعًا أمام مزيد من الجدل على الصعيدين الداخلي والدولي، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي.
من جهتها، اتهمت المعارضة "أردوغان" بأنه اتخذ هذا القرار “لأهداف انتخابية بحتة”، وذلك من خلال إرضاء حليفه "بهتشيلي" الذي يعارض الاتفاقية بقوة، ولإرضاء الكثير من الجماعات الدينية التي تتصدر معارضة الاتفاقي، وتعتبر من أبرز الخزانات الانتخابية لحزب "العدالة والتنمية" وتساعد أصواتها في حسم الكثير من الانتخابات في البلاد. كما تساهم هذه الخطوة في دعم مساعي "أردوغان" لاجتذاب مزيد من الأحزاب المحافظة الصغيرة لتحالفه الانتخابي وعلى رأسها "حزب السعادة".
اقتصاديا، تخيم حالة من الضبابية على الاقتصاد التركي عقب إقالة الرئيس "أردوغان" محافظ البنك المركزي، ناجي إقبال، وهو ثالث محافظ يقيله خلال عامين بعد أشهر قليلة من تعيينه. وقام "أردوغان" بتعيين النائب السابق في حزبه، صهاب كافجي أوغلو، خلفًا لـ"إقبال"، وذلك بسبب رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة وصلت إلى 19% الأسبوع الماضي. ووصف مراقبون خطوة "أردوغان" المفاجئة بأنها تهدد بإغراق تركيا في المزيد من الاضطرابات الاقتصادية، حيث ظهرت نتيجتها بتعرض الليرة لتراجع كبير أمام العملات التركية وفقدانها 17% من قيمتها.
ومنذ تعيين "إقبال" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، رفع محافظ البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة كبيرة في محاولة لمحاربة التضخم، حيث رفع المركزي التركي سعر الفائدة إلى 15% مقابل 10.25%، وأتبع ذلك بقرار آخر أدى إلى رفع سعر الفائدة إلى 17% في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حتى وصلت إلى 19%.
خارجيًا، وفي أبرز تطور إيجابي بين تركيا واليونان بعد سنوات من التصعيد السياسي والعسكري الذي وصل ذروته في الأشهر الأخيرة، كشف وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، أنه سيلتقي نظيره اليوناني الذي سيزور تركيا في الـ14 من الشهر المقبل، لافتًا إلى إمكانية التحضير للقاء بين الرئيس "أردوغان" ورئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وذلك تزامنًا مع اختتام جلسة مباحثات استكشافية بين البلدين عُقدت في أثينا.
خارجيًا أيضًا، وجّه "أردوغان" انتقاد لتصريحات الرئيس الأمريكي، جون بايدن، الأخيرة التي وصف فيها نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بـ”القاتل” “لا تليق برئيس دولة”، مبينًا أن "استخدام هكذا تعبير من رئيس دولة ضد رئيس دولة بمثل روسيا لا يمكن القبول به بتاتًا"، مبينًا أن "بوتين قام بما يجب رده بإجابة ذكية وأنيقة للغاية".
إلى ذلك، طالبت السلطات التركية من قنوات المعارضة المصرية التي تبث من إسطنبول التوقف عن مهاجمة النظام المصري. وأرجع العديد من المحللين هذه الخطوة إلى حصول تقدم في المفاوضات بين الجانبين، فيما أثارت هذه الخطوة تخوفات لدى المعارضة المصرية من أن تقوم تركيا بتسليمهم إلى النظام المصري في حال تطبيع العلاقات.
حول تطورات جائحة "كورونا"، سجلت تركيا 95 وفاة و21 ألفًا و61 إصابة، لترتفع حصيلة الإصابات إلى مليونين و992 ألفًا و694، والوفيات إلى 29 ألفًا و959، فيما بلغ إجمالي المتعافين مليونين و807 آلاف و572، إثر شفاء 18 ألفا و815 حالة.
أمنيًا، ألقت السلطات التركية، القبض على مشتبهين اثنين بولاية هطاي (جنوب)، كانا يخططان لعمليات تفجير في الولايات الكبرى، وذلك بعد أن كشفت تحريات مديرية الأمن عن اختباء عناصر ينتمون لـ “بي كى كى/ ك ج ك / ب ي د / ي ب ك” في بيت ريفي بقضاء “قيريق هان” التابع لولاية هطاي. وأسفرت العملية عن القبض على مشتبهين يحملان الجنسية السورية، أحدهما أصيب بجروح والآخر بحالة جيدة.
عسكريًا، حيد الجيش التركي 14 عنصرًا من تنظيم "بي كى كى/ ي ب ك"، في منطقتي عمليتي "نبع السلام" و"درع الفرات" شمال سوريا، أثناء محاولتهم استهداف منطقة "نبع السلام".