استنتاجات الموجز:
- الهجوم الأمريكي على الحدود العراقية السورية يخدم عدة أهداف "إسرائيلية"
- ترقب "إسرائيلي" للتوتر التركي اليوناني شرق المتوسط واستعداد "إسرائيلي" لهجوم بحري تعد له "حماس"
- تقدير أمني "إسرائيل" بأن التلوث البحري مصدره هجوم معادٍ وتراجع الثقة بالجيش يقلق القيادة العسكرية
حفل الأسبوع الأخير من شباط/ فبراير بتطورات أمنية وعسكرية عديدة، لعل أهمها الترحيب "الإسرائيلي" بالهجوم الأمريكي على قواعد مسلحة قرب الحدود السورية العراقية، في أول هجوم عسكري تشنه الإدارة الأمريكية الجديدة، فضلًا عن المراقبة "الإسرائيلية" الحثيثة للتوتر المتصاعد بين تركيا واليونان، وأثره على مستقبل الاستقرار الأمني شرق المتوسط. هذا، بجانب تزايد التحذيرات "الإسرائيلية" من إمكانية تنفيذ "حماس" عملية بحرية ضد الأهداف العسكرية في قلب البحر، تزامنًا مع قلق "إسرائيلي" من تزايد التقديرات الأمنية بخصوص الخلفية المعادية للتلوث النفطي، الحاصل على طول السواحل، وكل ذلك ألقى بظلاله السلبية على تراجع الثقة "الإسرائيلية" بالجيش، ما أثار انزعاج قيادته العسكرية.
تابعت الأوساط الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" الهجوم الأمريكي على الحدود السورية العراقية، واعتبرته يحمل جملة أهداف أساسية؛ أولها أنه وسيلة من إدارة "بايدن" لإبلاغ الفاعلين الإقليميين بأن الولايات المتحدة تحاول تحقيق أهدافها بالوسائل الدبلوماسية، لكن الخيار العسكري يبقى مطروحًا على الطاولة. وثاني الأهداف الأمريكية، وفق ما يتداوله الضباط "الإسرائيليون"، أنه يسعى لإعادة تأهيل الردع العسكري الأمريكي في المنطقة، وهدف ثالث يتعلق بأن إيذاء الأمريكيين سيقابل برد فوري سيؤذي الجناة بمجرد تحديدهم، أما الهدف الرابع فموجه للإيرانيين في سياق المشروع النووي، والصواريخ الباليستية طويلة المدى.
وأوضحت الأوساط العسكرية أن الهدف الخامس مفاده أنه إذا حاولت إيران اقتحام النادي النووي، فيمكن لـ"إسرائيل" الاعتماد على المساعدة الأمريكية، من خلال مشاركتها العملياتية في الهجوم على منشآتها النووية. يذكر أن القاعدة العسكرية التي استهدفتها الطائرات الأمريكية تعمل كمحطة عبور مهمة للغاية، على الممر البري بين طهران ودمشق ووادي لبنان، وتضم مليشيات موالية لإيران من أفغانستان والعراق وباكستان، وتقع على بعد مئات الكيلومترات من الحدود "الإسرائيلية".
في الوقت ذاته، تراقب "إسرائيل" التوتر القائم بين تركيا واليونان وقبرص، خشية أن يؤثر على فرص حصولها على امتيازاتها في حقول الغاز القبرصية، خاصة خزان غاز أفروديت، وهو حقل مشترك بين "إسرائيل" وقبرص، ويقع على بعد 160كلم جنوب ليماسول، و30 كم شمال غرب خزان ليفياثان للغاز، وعلى التماس المباشر في مياههما الاقتصادية.
يشار إلى أن خزان أفروديت هو الوحيد المكتشف حتى الآن في المياه الاقتصادية لقبرص، وتبلغ حصة "إسرائيل" 10%، لأن معظمه يقع في المياه القبرصية. هذا، تزامنًا مع تهديدات تركية بإلحاق الضرر بمعدات البحث بمنطقة أفروديت، بدعوى أنها أصول تركية، ما يمثل تهديدًا غير مباشر لـ"إسرائيل"، التي تبدي تدخلًا منخفضًا، وتترك العمل للاتحاد الأوروبي. هذا، مع العلم أن حقل أفروديت ليس سوى مكون واحد في نسيج الغاز الإقليمي، بجانب مشروع خط أنابيب الغاز "إيست ميد"، الذي وقعته "إسرائيل" وقبرص واليونان لنقل الغاز من شرق البحر المتوسط عبر جزيرة كريت واليونان وإيطاليا إلى القارة الأوروبية، ثم تقرر توسيع المنتدى من أجل زيادة إمكاناته الاقتصادية.
وتحول هذا المنتدى بأعضائه، "إسرائيل" واليونان وقبرص ومصر، إلى مصدر تهديد كبير لتركيا، التي تظل خارج لعبة الغاز الإقليمية، وتجعل من اللجنة الرباعية للغاز بين "إسرائيل" ومصر وقبرص واليونان مركزًا مهمًا للطاقة للاقتصاد الأوروبي، فيما أعربت الولايات المتحدة زمن "ترامب" وفرنسا عن دعمها لهذا المشروع.
في البحر المتوسط أيضًا، أكدت محافل عسكرية "إسرائيلية" أن وحدة الكوماندوز البحرية التابعة لحركة "حماس" تواصل صقل قدراتها، وتسليح مقاتليها المهرة بأفضل المعدات، وصولًا لاستهدافها منصات الغاز، وتسلل قوات الكوماندوز عبر نفق سري لاستهداف الجيش "الإسرائيلي". كم يراقب كل من سلاح البحرية وشعبة المخابرات ن كثب المنظومة البحرية التي أنشأتها وطورتها "حماس"، حيث يتكون ذراعها البحري من عدة عشرات من مقاتلي الكوماندوز، مع القدرة القتالية للغوص باستخدام الغواصات والسفن السريعة والصغيرة، مع البنية التحتية التدريبية المنشأة بالقرب من الساحل. وتستثمر "حماس" الكثير من الموارد في تحديد وتجنيد وتدريب القوى العاملة المخصصة لهذه الوحدة القتالية المتقدمة.
يذكر أن هذه المعدات مجهزة لشن حرب بحرية تهتم "حماس" من خلالها بإلحاق الضرر بالأهداف العسكرية على الساحل "الإسرائيلي"، أو السفن البحرية أو منصة الغاز الواقعة على بعد 21كلم من ساحل غزة، والبرنامج النهائي لها هو الدخول إلى "إسرائيل" عن طريق البحر. وتزعم المحافل العسكرية "الإسرائيلية" أن "حماس" تستثمر الكثير من الجهود في تهريب أسلحة متطورة لقطاع غزة، من أنظمة الغوص الحديثة إلى الأسلحة المخصصة. وفي السنوات الأخيرة، أقيمت منشآت تدريب ومخازن ذخيرة على طول الساحل في القطاع لأنشطتها البحرية الخاصة، فيما هاجمت "إسرائيل" مجموعات القوة البحرية للحركة، كما أطلقت صواريخ عليها في السنوات الأخيرة.
في السياق، هناك تطور بحري ثالث يخص "إسرائيل" يتعلق بالمخاوف من أسباب وتبعات التلوث النفطي، الذي انتشر على الساحل خلال الأيام الماضية، باعتباره ناجمًا عن هجوم عدائي بيئي، لاسيما بعد فرض رقابة صارمة على مجريات التحقيق في القضية، لمنع الخطاب الإسرائيلي العام حول فرضية أنه قد يكون عملًا هجوميًا متعمدًا. وتبحث التحقيقات البيئية والأمنية في كيفية وصول التلوث النفطي لشواطئ "إسرائيل"، بعد أن شهدت الأيام الماضية تلوث 160كلم من الشريط الساحلي في "إسرائيل" بالقطران، والسبب إلقاء النفط بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية لـ"إسرائيل"، قرب بضعة مئات من الأميال من الشاطئ.
والاستخلاص الخطير لهذه الحادثة هو أن "إسرائيل" ليس لديها معلومات استخباراتية جيدة في مياهها الاقتصادية، ولا توجد لها سيطرة على مياهها الممتدة من الساحل إلى البحر لمسافة 200 ميل بحري، أي 370كلم. بصورة إجمالية، قدمت أوساط أمنية وعسكرية ما اعتبرته خارطة التحديات الأمنية، وأهمها المخاوف من العودة للاتفاق النووي مع إيران. والتقدير السائد في شعبة الاستخبارات يتحدث عن احتمال وجود تهديد خطير وجودي لـ"إسرائيل" إذا استمرت إيران ببرامجها.
كما أن هناك تهديدًا ثانيًا أوردته استخبارات الجيش عن الانشغال بالتواجد الإيراني المنتشر في جميع أنحاء المنطقة، ووقف نقل الأسلحة الاستراتيجية التي تعرض إسرائيل للخطر جوًا وبحرًا وبرًا إلى سوريا ولبنان وأماكن أخرى. وتهديد ثالث يتعلق بالساحة الفلسطينية على جبهتيها، القطاع والضفة، ما يتطلب من "إسرائيل" عدم تناسي النشاط العملياتي المكثف. والتهديد الرابع الذي يشكل مصدر قلق للغاية في "إسرائيل" هو بشأن تراجع الثقة في الجيش، حيث يتعرض لانتقادات علنية، بسبب بعض الأحداث الاستثنائية، خاصةً بعد أن أشار استطلاع معهد الديمقراطية "الإسرائيلي" إلى انخفاض ثقة الجمهور في الجيش من 90% إلى 81%.