استنتاجات الموجز:
- جيش الاحتلال ينهي جدار غزة تحت الأرض وسط مخاوف "إسرائيلية" من فوز "حماس" في الانتخابات
- تحضيرات "إسرائيلية" لمواجهة "قصيرة" مع "حزب الله" ومواجهة إيران تثير خلافات بين الموساد والجيش
حفل الأسبوع الأول من آذار/ مارس بتطورات أمنية وعسكرية متلاحقة بدأت بالأوضاع الميدانية في غزة؛ حيث أعلن جيش الاحتلال الانتهاء من بناء الجدار التحت-أرضي لمواجهة أنفاق "حماس" الحدودية، وسط تسريبات أولية عن خطة عسكرية جديدة، فيما تزايدت المخاوف "الإسرائيلية" من فوز مرتقب للحركة في الانتخابات الفلسطينية، مع تنامي شعبيتها في الضفة وانقسامات "فتح" الداخلية. هذا، بموازاة بدء الحديث عن عد تنازلي لمواجهة عسكرية مع "حزب الله"، الذي تنفس الصعداء مع أفول "ترامب" وتفاقم الأزمات "الإسرائيلية" الداخلية، في حين تسبب النزاع المتصاعد مع إيران بنشوب خلافات متصاعدة بين رئيسي الموساد والجيش، بسبب التباين حول الطريقة المثلى لمواجهة إيران من جهة، وتنافسهما على المكانة الشعبية من جهة أخرى.
فبعد أربع سنوات من العمل، أعلن جيش الاحتلال الانتهاء من بناء الجدار القائم تحت الأرض بطول 60كلم على حدود غزة، وهو مصمم لتوفير الحماية من تهديد أنفاق "حماس". وبجانب ذلك، تم الانتهاء مما نسبته 81% من السياج العلوي على الحدود، فيما أجرى لواء غزة عددًا من التدريبات التي تتضمن فحص المفاهيم الجديدة. وكشف الجيش عن وجود خطة عسكرية جديدة للقتال أمام الحركة، تتضمن استخدام أسلحة جديدة ومفاجئة لمحاربة مقاتليها، لإلحاق ضرر بقدراتها المرتبطة بوسائل القيادة والسيطرة وعالم الأنفاق والصواريخ.
في هذا الإطار، يتركز التغيير الرئيسي في تدمير المباني الشاهقة في غزة، التي تضم البنية التحتية لـ"حماس"، لأنه بحسب مزاعم الجيش فإن معظم الأسلحة في غزة تم تخزينها بتلك المباني، وسيطلب منه هدمها، وعليه ستكون الجولة القادمة مدمرة. هذا، مع العلم أن إعلان الانتهاء من بناء الجدار تحت قدم الوسائل والاستراتيجية الجديدة التي ستميز الجولة القادمة من القتال في غزة، لكن الجيش سيركز خلال تلك المواجهة على البنايات الكبيرة التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية لتخزين وسائلها القتالية. بدورهم، شدد قادة الجيش على توحيد الخطط الدفاعية في مختلف الساحات شمالًا وجنوبًا، وتحت منطق واحد وعالم من المفاهيم، لتسهيل تدريب القوات، ورفع مستوى الكفاءة للأحداث المتطرفة.
على صعيد الضفة، لا تزال المخاوف الأمنية في تل أبيب متواصلة بشأن ما ستفزره الانتخابات الفلسطينية، في ظل خشية من غياب "عباس" مقابل تكثيف تواجد "حماس" في الشارع الفلسطيني، لأن الشقوق تتفتح في أوساط السلطة الفلسطينية قبل الانتخابات الرئاسية، كما أن المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" تتخذ خطوات لمحاولة منع "حماس" من رفع رأسها في صناديق الاقتراع، وتستعد للسيطرة على ألسنة اللهب.
استبق الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية الانتخابات، بحملة أمنية ضد نشطاء حماس في الضفة الغربية، وباتوا لا يستطيعون تعليق صورة أو علم يحمل شعار الحركة، وفي حين أن السلطة لا تزال تعيش في ارتباك تجاه التحضير للحملة الانتخابية، فإن حماس تواصل اكتساب المزيد من القوة في الشارع الفلسطيني. من جهته، يستعد الجيش لكل السيناريوهات المحتملة، في ظل تشقق "فتح" وما قد يترتب عليه من فوز "حماس" بأغلبية الأصوات، وبالتالي فإن الأرض التي تجري عليها الانتخابات غير مستقرة على الإطلاق.
لذلك، فإن تل أبيب وأجهزتها الأمنية ترصد نقاط الضعف التي تعكس وضع "فتح"، فيما بعث كبار أعضاء قادة الجيش والمنظومة الأمنية رسائل لنظرائهم في السلطة الفلسطينية، خوفًا من سيطرة "حماس" على مراكز السلطة، والتي ستسفر عن واقع تزيد فيه من قوتها، وتوسع سيطرتها على المؤسسات، ما يتطلب نوعًا مختلفًا من الانتشار الأمني الذي استمر في العقود الأخيرة.
بموازاة ذلك، تحدثت محافل "إسرائيلية" عن "تسخين تدريجي" من "حزب الله"؛ فمع دخول إدارة "بايدن" وتفاقم الأزمة في لبنان وانشغال "إسرائيل" بشؤونها الداخلية، قد يشعر الحزب بالراحة ويخاطر بالتصعيد لاستعادة الردع. وقد عثر "الإسرائيليون" على "مؤشرات استعداد الحزب للمجازفة مع إسرائيل"، وهذا ليس انقلابًا متعمدًا، فهو لا يزال مهتمًا بتجنب الحرب، لكنه يحاول إقامة معادلة الردع معها، ويعبر هذا السلوك عن تغيير لديه في إشارة لضبط النفس الذي فرضه في الأشهر الأخيرة خلال فترة "ترامب"، لمنع رد فعل غير عادي ضده.
وفي الآونة الأخيرة، حصل تصعيد في استعداد الحزب للمجازفة بإمكانية المواجهة مع "إسرائيل"، وانعكس بمحاولة الإضرار بالطيران "الإسرائيلي" في أجواء لبنان، بعد فترة طويلة من التجنب منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حتى أطلق في 3 شباط/ فبراير صاروخًا ضد طائرات دون طيار، وتباهى متحدثوه بإطلاق النار كدليل على العزم على منع النشاط "الإسرائيلي" في لبنان، والإبقاء على معادلة الردع أمامه، ويبدو أن تصعيده منسق مع إيران.
في السياق، جاء تقدير "الحزب" بأن "إسرائيل" منشغلة بشؤونها الداخلية بسبب أزمة الانتخابات، وباتت محفوفة بالمخاطر، بجانب الفرصة التي أتاحها تغيير الإدارة الأمريكية، بعد أن التزم بضبط النفس تجاه الهجمات "الإسرائيلية" الأخيرة واسعة النطاق على قواعده العسكرية في سوريا، لإحباط عمليات نقل الأسلحة من إيران وإلحاق الضرر ببنيتها التحتية في مرتفعات الجولان. في الوقت ذاته، بات الجدل الجوهري حول ردع إيران ممزوجًا بالمعارك على الموارد والأبعاد الشخصية بين رئيس هيئة أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس جهاز "الموساد"، يوسي كوهين، ما يطرح أسئلة كثيرة حول دورهما ومنشأ الخلاف بينهما الآن.
صحيح أن الخلافات بين "الموساد" والجيش بشأن القضايا التشغيلية والاستراتيجية موجودة دائمًا وستظل في المستقبل، لكن الآونة الأخيرة شهدت ظهور هذا الجدل بوسائل الإعلام نتيجة مهاجمة سفينة "إسرائيلية" في الخليج العربي. وفيما طالب "كوهين" برد جريء، أيد "كوخافي" ردًا أكثر اعتدالًا، لكن من المستحيل استبعاد احتمال أن يكون مثل هذا الخلاف، الذي وجد طريقه لوسائل التواصل الاجتماعي، لا يخفي خلفه صراعًا على السلطة مستمر منذ فترة طويلة داخل أقطاب المؤسسة الأمنية؛ إنه صراع على القيادة وتحديد السياسة العملياتية.
كما يتلقى الجيش و"الشاباك" المعلومات والاستخبارات من وحدات الجمع والتقييم التابعة للاستخبارات العسكرية "أمان" والوحدة 8200، ووحدات الذكاء المرئي، ومن دونها فإن "الموساد" يتلمس عمله في الظلام، مع أنه هو المسؤول الوحيد في الوجهات البعيدة كإيران عن جمع المعلومات الاستخبارية ومكافحة العمليات المعادية.
على هذه الخلفية، يجب فحص "ثني الأيدي" خلف الكواليس بين رئيسي "الموساد" الأركان؛ صحيح أن عمليات "الموساد" مهمة للغاية، لكن الجيش تمكن من ردع الإيرانيين أكثر منه في تأخير تقدم البرنامج النووي الإيراني، ويبقى الفرق أن الظهور الإعلامي لـ"كوهين" أصبح بارزًا أكثر بكثير من أسلافه في هذا المنصب.